الشيخ أحمد البوني: العلم من أفضل العبادات والإسلام يحتفي بكل فروعه

يقول الشيخ أحمد مزيد البوني، عضو هيئة العلماء في موريتانيا، إن الأمة الإسلامية خصها الله بالعلم، الذي هو من أفضل العبادات، لافتا إلى أنها تحتفي به كله من حيث هو علم نافع للبشرية، سواء كان علم طبيعة أو علما شرعيا.

وتناول البوني، في حلقة اليوم الأحد (2024/4/7) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، فضل طلب العلم ومكانته في الإسلام بصفة عامة والعلم الشرعي بصفة خاصة، وذلك بين مرحلتي التكوين وأساليبه في الماضي والحاضر، والعطاء وآدابه وفنونه.

وساق عضو هيئة علماء موريتانيا الأدلة الشرعية على فضل العلم ومكانته، وفي مقدمة ذلك أن أول ما نزل من القرآن الأمر بالقراءة، كما أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أمر أمته بالاستزادة من العلم والدعاء بذلك، وأقسم الله في كتابه بالقلم، وامتن الله على الأمة المسلمة بالعلم والبيان.

وأشار إلى أن العلم مركزي في حياة الأمة، فجميع أوجه النشاط البشري هي فرع عن العلم، حيث لا يجوز لأحد أن يقدم أو يحجم عن أمر إلا في ضوء العلم، مشددا على أن المقصود هو العلم كله بمختلف فروعه مما فيه نفع للبشرية.

العلم النافع وفي هذا السياق، يؤكد البوني أن الشريعة دعت إلى تعلم أي علم نافع وتعليمه وتطويره والبراعة فيه، وأنه عندما كان المسلمون يمتثلون لتلك الأوامر قديما كانوا سادة الأمم وقادتها، وكان الغربيون يأتون لجامعاتهم لأخذ العلوم الطبيعية، وكانت نشأة الطفرة العملية لديهم نواتها ما تحصلوا عليه من المسلمين.

ويرى الشيخ أحمد البوني أن عزوف المسلمين وتركهم العلم الشرعي، نجم عنه تركهم العلوم الدنيوية، فعندما كان المسلمون يلتزمون مقتضيات العلم الشرعي كانوا يسيرون بالتوازي في طلب باقي العلوم، مشيرا إلى أن هذا التقسيم في الميزان الشرعي هو تقسيم منهجي وإجرائي فقط.

وأوضح أن جميع علماء المسلمين متفقون على أن جميع العلوم الدنيوية طلبها فرض كفاية، فأي تخصص تحتاجه الأمة يجب على المسلمين أن يكون فيهم من يقوم به، وإن كان دنيويا بحتا ليس له صبغة شعائرية، لأنه في النهاية ستؤول مخرجاته عند استخدامها لخدمة الدين ومقاصده العامة والخاصة.

وفي هذا السياق، أشار إلى أن الأمة عامة لو كانت طبقت ذلك في مجال الإعداد الحربي، ما كان العدو المحتل في فلسطين تجرأ على ارتكاب ما يرتكبه من مجازر في قطاع غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية، لكن تفريط المسلمين في ذلك ترتب عليه ما يحدث، وتتحمل جموع الأمة إثم ذلك.

وحول حكم العلم الشرعي، يرى الشيخ البوني أنه من الفروض الكفاية كذلك كالعلوم الدنيوية، لكن أشار إلى وجود مستويات للعلم الشرعي يتعين على آحاد المسلمين الإلمام بها، فما لا يتم الواجب الشرعي إلا به فهو واجب معرفته، ومن ذلك هيئة الصلاة المفروضة، وأحكام الزكاة لصاحب المال وأحكام البيع والشراء للتاجر.

أساليب التكوين وحول الفرق بين أساليب التكوين في الماضي والحاضر، يرى البوني أن جوهر العلوم واحد، إلا التغير في القوالب والأنماط، لافتا إلى أن الوسائط الأساسية لا تزال حاضرة وفي مقدمتها الحواس من سمع وبصر وفؤاد، وكذلك الآليات لا تزال موجودة من حفظ وضبط وفهم واستحضار للمحفوظ.

وأكد عضو هيئة علماء موريتانيا على أن طلب العلم لا بد أن يكون على شيخ، لأنه إذا طُلب من الكتب ربما يُصاب المتعلم بالعجب والغرور، كما يمكن أن يفهم أمورا على غير المراد منها، والشيخ يكون عصمة من كل ذلك.

وأرجع البوني تهوين بعض أصحاب المناهج الجديدة آلية الحفظ، بسبب غلو آخرين في حفظ نصوص شارحة وليست أساسية دون وعي ولا إعمال عقل في تحليلها والبناء عليها، ومن ثم ظنوا أن المشكلة في الحفظ، لكن في حقيقة الأمر الخطأ في الاقتصار على الحفظ دون إعمال باقي آليات التكوين.

وعدد الشيخ البوني ضمن عوائق التكوين ظروف المتعلّم الخاصة من سعة وغنى وضيق، وعدم تفرغه اللازم لطلب العلم، وإهدار الأوقات وشيوع التصحيف والتحريف وكذلك التعالم، وتصدر من ليس أهلا للتعليم، وضعف الهمة بسبب شيوع الترف والمغريات وعوائق علمية بالانشغال بالمفضول عن الفاضل.

وقال إن العالم الحق هو من يحسن توظيف المعلومات وأصول العلم، ومن يتقي الله في علمه فلا يذله ولا يهينه، مشددا على أنه يجب على العالم اتباع الحق وألا يجعل علمه تحت طلب الحكام، ولا العوام والجماهير، لأن العالم يتبع ما دله عليه العلم ويدعو إليه حتى ولو لم يكن معه أحد.

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 4 أسابيع | 6 قراءة)
.