الذكرى الـ59 لاستشهاد الزبيري.. الرمز الخالد في ذاكرة اليمن

الذكرى الـ59 لاستشهاد الزبيري.. الرمز الخالد في ذاكرة اليمن

الذكرى الـ59 لاستشهاد الزبيري.

.

الرمز الخالد في ذاكرة اليمن الأربعاء 03 أبريل 2024 04:03 ص الصحوة نت - خاص | أمة الغفور السريحي   في الذكرى الـ 59 لاستشهاد أبو الأحرار وأديب اليمن الكبير الشهيد محمد محمود الزبيري، ذلك الرجل الذي حفر اسمهُ بِحروفٍ من ذهبٍ في صفحات التاريخ اليمني، لم يكن أبو الأحرار رمزًا عاديًا من رموز الحركة اليمنية الإصلاحية التاريخية، بل كان رمزا وطنيا عظيما بين رموزها.

ولد الزبيري عام 1910 م ونشأ في بلد يغلب الجهل والفقر يتيم الأب في بيت عريق عُرف بعلمها وفضلها فَتلقّى تعليمهُ الأولي في الكتاتيب، ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف، عاد الزبيري إلى اليمن عام 1937 يحمل في قلبه تغيير الواقع.

فقد كان مفكرًا وكاتبًا وسياسيًّا ناضل من أجل حرية اليمن واستقلاله، وترك إرثًا غنيًا من الأفكار والإنجازات التي لا زال تلهم الأجيال حتى اليوم.

يصفه باحثون بأنه "معجزة الزمن أبت إلا أن تخرق العادة وتجعل منه أكثر كفاحًا وشهرة بين أقرانه الأحرار، حتى استحق كنية أبو الأحرار".

مسيرته النضالية الباحث خالد الفرح، يقول إن "مسيرة الشهيد الزبيري النضالية محطة إلهام لأجيال اليمن الجديدة للمضي قدما في مقاومة المشروع الإمامي بنسخته الحوثية.

  ويضيف في تصريح لـ"الصحوة نت" أن الزبيري كان "مفكراً مبدعا وشاعرا كبيراً ومناضلاً جسوراً، تشكلت تجربته الشعرية بين (اليمن- باكستان- مصر) وكان الطابع الوطني المحلي هو الغالب في قصائد الزبيري في صنعاء وتعز وعدن".

ويشدد الفرح، على أن الزبيري "مناضل لا يمكن تقسيم تجربته إلى فترات ومراحل أو توزيع حياته النضالية إلى مفاهيم ومصطلحات لأن نضاله وتجربته قد استوعبت ذلك كله".

مستشهداً بما قاله البردوني، عن الزبيري، بأنه "كرس شعره وحسه للوطنية فكان الوطن ذاته وموضوعه لأنه وهب حياته كلها للقضية الوطنية.

" ويصف الفرح، الشهيد الزبيري بأنه كان "الشاعر المتصوف الزاهد في الحياة ومناصبها، ولكنه عند التضحية يريد أن يكون دوره الأول، وعند اقتسام المغانم والمناصب يأبى إلا أن يكون الأخير مع انه كان الناطق الأول باسم القضية الوطنية والرجل الذي تهتز لكلماته جبال اليمن".

  حارس الذات الحضارية والهوية الجامعة وبرأي الباحث الفرح، فإن الزبيري كان "ثالث ثلاثة دافعوا عن الذات الحضارية والهوية الجامعة لأبناء اليمن وأمام نفس السلالة وكانوا علماء وشعراء وهم لسان اليمن الحسن بن احمد الهمداني ونشوان بن سعيد الحميري ثالثهما أبو الأحرار الزبيري".

معتبراً أن الزبيري "كان صانع أحداث ومواقف لم يساوم في قضية وطنية بل ثبت على مبادئه ولو فتشنا عبر التاريخ اليمني قديمه وحديثه فلن نجد الصورة الزاهية المكتملة الجوانب كالصورة الناصعة التي تتجلى في شخصية الزبيري عليه رحمة الله".

  واعتبر الصحفي حسين الفقية، أن" الزبيري ثائر ملهم، مناضل ومكافح وشاعر وثورة، فهو من الرعيل الأول للحركات التحررية، وهو مهندس ثورة الدستورـ وهو الشاعر الذي ألهب حماس شعب بأكمله وهيئ نفوس الأحرار تنويرا وتوجيها وتعبويا.

  وأضاف حسين الفقية " أن الزبيري " غادر من صنعاء إلى عدن، عقب ثورة 48 ومنها إلى باكستان عندما رفضت أي دولة عربية استقباله، وعاش هناك حياة صعبة وقاسية، ثم عاد مع ثورة سبتمبر، وبعد سنوات على الثورة اغتيل، وهو مسكون بالثورة والجمهورية والمولد الجديد، وقد بذل في سبيل ذلك كل وقته وجهده وحياته وعرقه وأخيرا دمه، رحل في الأول من إبريل بعد حفر نفسه في ذاكرة الأجيال، ملهم الأحرار وزعيم التحرر، وأبو الأحرار الذي اختص وانتزع هذا اللقب دون سواه".

وتابع الفقية في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " الزبيري شاعر ثائر بالمقام الأول، ولديه قصائد ما زلت تصرخ وتستنهض عزم الأحرار والشعوب للتحرر حتى اليوم ومنها قصيدته " صرخة النائمين حين قال: ناشدتك الإحساس يا أقلام   أتزلزل الدنيا ونحن نيام قم يا يراعُ إلى بلادك نادها     إن كان عندك للشعوب كلام إلى إن قال:  ماذا دهى قحطان؟ في لحظاتهم    بؤس وفي كلماتهم آلام؟ جهل وأمراض وظلم فادح     ومخافة ومجاعة وإمام؟ والناس بين مكبل في رجله       قيدٌ وفي فمه البليغ لجام أو خائف، لم يدر ما ينتابه        منهم، أسجن الدهر، أم إعدام؟   لقد اشتعلت الثورة في قلب الزبيري وتوهجت فوصلت إلى قلوب الكثير من أبناء اليمن الأحرار، بشعره وخطاباته ونضاله وكفاحه، وتوهجت الثورة والحرية في قلوب الكثير من أبناء اليمن الاحرار.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل لا يزال وهج الثورة من خلال اشعاره وخطاباته متقدا في اذهان الكثير من أبناء الجيل الحاضر ضد السلالة الخبيثة للإمامة القديمة.

شاعر الوطنية وعن ملامح الثورة في شعر الزبيري، يقول أستاذ الادب والنقد القديم في كلية الآداب جامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم عتيق، إنه "الأديب الزبيري يعد من أبرز الادباء الذين شكل شعرهم وعيا ثوريا وحضاريا لدى الجماهير اليمنية في ظل الثورة على حكم الائمة في اليمن" ويضيف: "وشعره باتفاق النقاد اول تحول في الشعر اليمني المعاصر نحو الأهداف الوطنية والسياسية ونال بحق وجدارة لقب شاعر اليمن وشاعر الوطنية ولا يكابر في ذلك أحد".

ضميرَ اليمن ومن جانبه، يقول الشاعر فؤاد متاش، لـ"الصحوة نت" أن " أبو الأحرار محمد محمود الزبيري ضميرَ اليمن بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فقد نذر نفسَه لوطنِه إنساناً وأرضاً ويُعَدُّ الزبيريُّ أبرزَ شخصيةٍ وطنيةٍ في العصر الحديث وهو رمزٌ عظيمٌ من رموز النضال ضد السلالةِ الكهنوتية".

ويضيف متاش، مقتبساً مقالة الدكتور عبدالعزيز المقالح، في مقدمته لمجموعة الزبيري الشعرية: "لم يكن الزبيري شاعراً وحسب ولم يكن مناضلاً وحسب بل هو كذلك صحفي وزعيم وطني وروائي وكاتب وشهيد ".

  الوعي الثقافي ولفت الشاعر متاش، إلى "المؤسسات الفكرية والتعليمية التي أسسها الزبيري هو ورفاقه المناضلون لمواجهة الاستبداد والاستعباد والاستعمار.

وأول تلك المؤسسات هي "كتيبة الشباب اليمني" في القاهرة عام ١٩٤٠م لمحاربة الاستبداد في شمال الوطن آنذاك والاحتلال في الجنوب ثم أسس هو والنعمان "حزب الأحرار" عام ١٩٤٤م وبعدها أسس هو والنعمان أيضاً "الجمعية اليمانية الكبرى" عام ١٩٤٦م وقد وضعت الجمعية نشاطاً لنشر الوعي الثقافي والوطني عن طريق المحاضرات، وأصدرت الجمعية "صحيفة صوت اليمن" في يناير عام 1946م وفي عام ١٩٥١م".

وكان الزبيري من أبرز المشاركين في تأسيس" رابطة أبناء الجنوب العربي" للحفاظ على كيان الجنوب من التجزئة أثناء الاحتلال.

ووفقاً للشاعر متاش، فقد "كان لهذه المؤسسة أثرها العميق في صياغة الوعي الثقافي والاجتماعي والفكري والسياسي لدى الخاصة والعامة فقد تكونت لدى المجتمع اليمني في الشمال والجنوب رؤية وطنية عميقة شاملة للتحرر والاستقلال والتغيير والتحوُّل والنهوض.

كاتب ومفكر ووزير وكان الزبيري أبرز من صاغوا المنهج التعليمي باعتبارِه كاتباً مفكراً ووزيراً لوزراة المعارف آنذاك.

ومن الكتابات الشعرية للزبيري مجموعته الكاملة، والتي يصفها متاش، بأنها "الأعمق تأثيراً في الوجدان الثوري الوطني حتى اليوم روايته "مأساة واق الواق" وهي تُعَدُّ أروعَ رواية يمنية ومن أروع الروايات الأدبية العالمية.

كما كان الزبيري يدرك قوة قلمه ولهذا قال: قوّضتُ بالقلم الجبّارِ مملكةً       كانت بأقطابِها مشدودةَ الطَّنَبِ   هاجس مخيف للإمامة ويضيف متاش، بأن الزبيري "كان شاعرًا ثوريًا بلا منازع كما أن لشعره دويٌ هائل بل أصبح هاجس مخيف للإمامة، فقد كان أديباً مثقفاً حُر الرأي والضمير الحي والشاعر القادر على إثارة الجماهير وحول هذا، يقول الدكتور ثابت الأحمدي، أن الزبيري ناضل "على أكثر من جبهة: بالخطابة، بالشعر، بالكتابة، بالصحافة، بالرواية، وناضل في مختلف الجبهات القتالية ضد الإمامة خارج صنعاء حتى استشهد.

مضيفاً أن الزبيري "تعين وزيرا للتربية والتعليم بعد الثورة مباشرة، ولكنه رفض أن يدخل مكتبه قبل أن يعمل على تطهير صنعاء ومحيطها من دنس الإمامة.

ويضيف الباحث الأحمدي، أن الزبيري "ضمير اليمن الثقافي وفقا لتعبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، أفنى حياته كلها من أجل الشعب، وبوسعه أن يثرى لو أنه هادنَ القبح أو تطبع معه كما فعل آخرون؛ لكنه رفض ذلك، وفضل الانتماء لروح الأمة ولضمير الوطن.

.

.

ومن هذا الصدق وهذا الإخلاص استمد بقاءه خالدا في ضمير الأمة إلى اليوم".

اليمن      |      المصدر: الصحوة نت    (منذ: 4 أشهر | 7 قراءة)
.