إعادة تأهيل ضريح "سيدي عبد الرحمان" يجدد طرح ملف "السياحة الدينية"

بعد أن جرت تنقية محيطه خلال يناير الماضي، من المنتظر أن يتم الشروع في إعادة تأهيل موقع ضريح “سيدي عبد الرحمان” الواقع بمنطقة عين الذياب بمدينة الدار البيضاء، وذلك تحت إشراف سلطات المدينة، في وقت كان يعرف سالفا مجموعة من “الممارسات غير القانونية”.

وتم تنفيذ عملية التنقية وقتها تطبيقا لأوامر صادرة عن والي جهة الدار البيضاء سطات، محمد امهيدية، إذ طالت عملية الهدم ما يزيد عن ثلاثين منزلا جرى بناؤها بطريقة غير قانونية بالقطعة الأرضية التي يتواجد عليها الضريح، مقابل مياه المحيط.

وفي هذا الصدد جرى التفاعل مع المعطيات الأولية التي تخص إعادة تأهيل الضريح بشكل متفاوت بين أطراف أكدت “أهمية هذه الخطوة” وأطراف أخرى تعاملت معها بـ”نوع من السخرية”، مشيرة إلى أن “الاهتمام بالأضرحة بات متجاوزا”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ولا تكاد تمر أي خطوة تتعلق بتدبير الأضرحة بالمملكة دون إثارة طبيعة التعامل المغربي مع هذه المرافق، إذ عادة ما يحتدم النقاش حول الميزانيات التي ترصدها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لتدبير المنشآت الضرائحية بالبلاد، وبلغت برسم السنة المالية 2024 أزيد من 8 ملايير سنتيم، ستخصص لعمليات ترميم هذه المرافق.

تعليقا على الموضوع قال خالد التوزاني، باحث في الفكر الديني، إن “المغرب كان دائما ينظر إلى الأضرحة باعتبارها رأسمالا رمزيا وتراثا ماديا ومدخلا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال ربط المغاربة بتاريخهم وتنشيط الفضاء والعرض السياحي، فهذه الأضرحة في نهاية المطاف جزء من الفسيفساء المعمارية الوطنية”.

وأورد التوزاني، في تصريح لهسبريس، أن “الخريطة الضرائحية بالمملكة ترتبط أساسا بذاكرة المدن والحواضر، وتعبر كذلك عن توقير وتعظيم متواصل لرموز البلاد من مقاومين وأولياء صالحين كانوا في وقت سابق مساهمين بشكل من الأشكال في توحيد البلاد ونشر الثقافة الإيمانية”، لافتا إلى أن “هؤلاء يلزم تعظيمهم وتوقيرهم بالشكل الذي يجب”.

وبيّن المتحدث ذاته أن “المغرب عمل على إصدار نصوص قانونية تخص توقير الشخصيات المجتمعية والوطنية”، مشيرا إلى أن “هذا لا يمنع من شجب بعض الممارسات غير الشرعية والقانونية التي تعرفها بعض المنشآت الضرائحية بالبلاد، وهو ما يجب العمل على نبذه ومحاربته”.

كما أورد التوزاني أن “الانتصار لرفض تواجد هذه المنشآت على الصعيد الوطني أمر بدوره يظل غير مقبول، لكونه يحاول فصل المغاربة عن تاريخهم وعن جانب روحي مهم يساهم في نبذ التطرف والعنف وإشاعة الوسطية والروحانية”.

وذكر الباحث في الفكر الديني أن “إيلاء الضرائح القيمة التي تستحقها هو بمثابة قطع أشواط في سبيل التأسيس لسياحة دينية وروحية، وهو أمر يوجد لدى المسيحيين واليهود كذلك، ونرى كيف يعتنون بمنشآتهم الدينية التي تبقى في نظرهم جزءا لا يتجزأ من هويتهم ومعتقداتهم”، خالصا إلى أن “المغاربة يحترمون الصلحاء”.

من جهته، قال أحمد البوكيلي، الأستاذ الباحث في الفكر الإسلامي والحوار بين الحضارات بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “مفهوم الضريح عند المغاربة يعني توقير وتعظيم الأولياء الصالحين الذين سعوا في فترات سابقة إلى توحيد الأمة ونشر ثقافة الإيمان والتوحيد، فالضرائح في نهاية المطاف لا علاقة لها بالوثنية وعبادة البشر”.

وأوضح البوكيلي، في تصريح لهسبريس، أنه “لا يمكن تعميم ممارسات معينة على جميع هذه المنشآت ذات الطابع الروحي”، موردا أن “الثقافة التي تنتصر لمواقف ضدا على استمرارية هذه المرافق تظل مشجعة على الابتعاد عن الوسطية والاعتدال والدين السمح”.

وأكد المتحدث ذاته أن “أي مساس بالأضرحة هو مساس بالتاريخ المجتمعي والثقافي للمملكة، فهذه المرافق تبين بالملموس العظمة الحضارية للأمة المغربية التي مازالت تعيش روحانية نظير التزامها التام بالوسطية والاعتدال منهجا في التدين”.

ولم يفوت الأستاذ الباحث في الفكر الإسلامي وحوار الحضارات الفرصة دون الإقرار بـ”ضرورة الرفع من منسوب الاهتمام المؤسساتي بهذه المرافق، إذ سيمكن الأمر من التأسيس لسياحة دينية وروحية يمكن أن تشكل إضافة لجهود القضاء على الفكر المتطرف الرافض لمثل هذه الجوانب”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 4 أسابيع | 3 قراءة)
.