استهدف المصالح والمضايق العربية .. التحالف (الإيراني -الإسرائيلي).. شواهد ووقائع حية

    26 سبتمبر/ تحليل – منصور الغدرة   بدا واضحا للعيان أن الخطاب الإعلامي العدائي المتبادل بين النظام الإيراني من جهة وبين إسرائيل والبيت الأبيض من جهة أخرى، لا يعبر في أغلب الأحيان عن التوجه الصحيح والحقيقي لهذه الدوِل الثلاث، والتي عادة ما تطبخ مراكز صنع القرار في هذه الدول الثلاث، موقفان متناقضان، فما تطبخه أمام وعبر الآلة الإعلامية يختلف اختلافا كبيرا عن المواقف الخفية، وما يُدار تحت الطاولة، مع إيران الذي يعد حليفا  استراتيجيا للكيان الصهيوني والبيت الأبيض في ملفات وقضايا العرب التي صار هؤلاء الكيانات الثلاثة يتجاذبون الثروات العربية، خاصة في العراق الذي صار امتدادا للنفوذ الإيراني، بل باعتبار العراق ولاية إيرانية قادرة  من خلاله تقويض طموحات إسرائيل وامريكا في المنطقة العربية والخليج والشاهد على ذلك ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريجان، بأن العداوة مع العرب لا تنفع ولا تضر، لكنها تضر مع إيران.

وكما ان الخطاب الإعلامي السياسي الأمريكي يختلف عما هو مستقر في ضمير البيت الأبيض، فإن الموقف الإيراني لا يُقرأ بالتصريحات الاعلامية لرئيس الجمهورية الإيرانية لأنها لا تمثل التوجه السياسي للنظام الإيراني المتعدد المحاور والرئيس إحداها.

التعاون الإيراني الإسرائيلي الأمريكي، تقليدي وقديم يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وتتوارثه الانظمة والحكومات المتعاقبة لهذه الدول حتى اللحظة، وترجمته على ارض الواقع في اكثر من منطقة ودولة عربية وإسلامية ومرحلة من مراحل التحالف والتعاون وضمن استراتيجية العلاقة المتجذرة بين إيران وإسرائيل وامريكا وتحقيق منافعهم ومصالحهم المشتركة على مصالح العرب.

وبرز تخادم دول اعضاء الحلف بوضوح في منطقة الشرق الاوسط، كملف الصراع العربي- الإسرائيلي، والخلافات العربية البينية، والحروب العربية الإيرانية، وتدمير الأنظمة للدول العربية من خلال اشعال الحروب الاهلية وإثارة الفتن والصراعات الداخلية كلبنان والعراق وسوريا واليمن وابتزاز دول الخليج، وغزو افغانستان.

.

وكل هذا تم ويتم بالتعاون والتنسيق بين إيران وأمريكا وإسرائيل.

في موضوع التحالف بين إيران وإسرائيل وأمريكا، ونوع وحجم ذاك الدعم الذي تلقته ولاتزال تتلقاه إيران، فهو يعود إلى منتصف القرن الماضي، لكنه بدا واضحا وعلنيا خلال فترة الحكم الملكي للشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان يعتبر من أهم الحلفاء الاستراتيجيين والتقليديين لأمريكا وإسرائيل، وخاصة في الفترة المُمتدة بين1950-1978، والذي كان تسليح الجيش الإيراني كله يأتي من أمريكا وإسرائيل وبالمقابل كان النفط الإيراني يضع تحت تصرف الشركات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية.

إذ كان العراق في تلك الفترة يعيش حالة اللاستقرار السياسي، فاستغل نظام الشاه الوضع واجبره على توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع إيران تخلى بموجبها العراق عن أراضيه المتمثل بشط العرب، وفي السنوات اللاحقة كان الشاه يخطط لغزو العراق، لكن أمريكا حذرته من الإقدام على مثل هذه الخطوة المتهورة، وقالت له: “إذا ما اقدمت على هذا العمل قد تفقد السيطرة على حُكم إيران”، بالتزامن مع اندلاع احتجاجات ومظاهرات في الشارع الإيراني للمطالبة بإسقاط نظام الشاه.

لا الشاه غزا العراق، ولا امريكا واستخباراتها منعت سقوط نظامه الذي كانت المخابرات الغربية حينذاك تدق آخر مسمار في نعشه على انه صار كرتا محروقا، ويتم تجهيز حليف  بديل عنه عميل جديد له شكل ومنهجية واستراتيجية جديدتين لا يمكن كشفها بسهولة ويسر، تم نقله بطائرة خاصة من فرنسا إلى سدة حكم إيران- الخميني- في 17 يناير 1979، قدم بمظهره الخارجي العمامة والجبة، ومن مبادئه تحريم ومنع ارتداء بدلة وكرفتة النصارى، ظاهره التدين والاسلام، وباطنه الشرك والكفر والمجوسية، ظاهره العداء للغرب وإسرائيل وباطنه المودة والصداقة والاخوة والتعاون والتراحم، فكان هذا هو النظام القائم اليوم منذ وصول الإرهابي الخميني إلى العاصمة طهران يوم الخميس الأول من فبراير شباط 1979، ليعلنها جمهورية إيران اللاإسلامية حتى اللحظة، وهي تعبث بقضايا ومصير الامة العربية والامة الاسلامية، واشعال الحروب وتفريغ تلك العداوة في افتعال حروبها ضد العرب، واشعال الحروب الاهلية واثارة الفتن داخل المجتمع العربي، وتدمير انظمة الدول العربية واحتلالها وكل ذلك حماية لحارس المصالح الغربية دولة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة.

قدوم الخميني بالسلطة الدينية إلى سدة حكم إيران، تعمق أكثر تحالف قادة هذه السلطة الخارجة من مخاض رحم تلك الثورة، مع الكيان الصهيوني وامريكا، وهو ما أكده كثير من الكُتاب الغربيين بقولهم: إن هنالك صفقة وراء التسهيلات الفرنسية للخميني منها استمرار ضخ البترول الإيراني-في الواقع ضخ البترول العربي من الأحواز والجُزر الإماراتية المحتلة- الى الموانئ الأوروبية ومنها إلى إسرائيل- حيث ورثت سلطة الحوزات  برنامج إيران النووي والأسلحة والخبرات وقطع الغيار اللازمة للعتاد العسكري من امريكا التي كانت قد منحتها لحليفها المنتهية صلاحياته، محمد رضا بهلوي.

وقال الكاتب دانا شتاينبرغ- الحرب بين إيران والعراق 1980-1988-التاريخ الدولي، فإن مسؤول كبير من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية سافر في منتصف أكتوبر تشرين الأول سنة 1979 الى طهران يُحذر السياسيين الإيرانيين الجُدد مِن “خُطة غزو العراق” للشاه، وما يثير الاستغراب أن وزارة الخارجية الأمريكية لا تزال متحفظة عن هوية مسؤولها الاستخباري حتى اليوم.

واكد تقرير تليفزيوني لقناة نيوز أتين ”أن أف أو” أنه في الأيام الأولى للحرب العراقية الإيرانية في ال26  من سبتمبر أيلول سنة 1980، استخدمت طهران الطائرات الأمريكية التي بحوزتها في قصف العاصمة العراقية بغداد.

وفي الحرب العراقية الإيرانية وردت إسرائيل إلى إيران كميات كبيرة من الأسلحة وغيرها من العتاد لتطوير السلاح وأسلحة الدمار الشامل لِتضاف الى الترسانة الإيرانية الكبيرة ذات المنشأ الأمريكي والتي خلفتها القوات الملكية للشاه.

وبحسب الجدول المركزي الدولي، فقد استقبلت إيران كميات هائلة من الأسلحة من امريكا والاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية وجمهورية الصين الشعبية ويوغوسلافيا طيلة فترة حرب الخليج الأولى.

  إسرائيل تزود إيران بالسلاح وعادة ما يحاول القادة الإسرائيليون الاستفادة من أية حرب تنشب في أية بقعة  من العالم، وفقا لأحد كِبار المُحللين السياسيين والعسكريين في صحيفة يديعوت أحرونوت، المُحقق الصحفي، رونين برغمان، فأن إسرائيل باعت إيران من اسلحة الصناعات العسكرية بما يُعادل 75 مليون دولار أمريكي سنة 1981، وشملت المبيعات 150 مدفعا عديم الارتداد مُضاد للدبابات أم-40 مع 3,600,000 مليون قذيفة، بالإضافة الى صواريخ ( بي جي إم-71 تاو) المضاد للدروع، وقُطع غيار مُحركات الطائرات والدبابات وقذائف (106 ملم،  130 ملم، 203 ملم، 175 ملم).

.

مضيفا: أنه جرى نقل الأسلحة جواً من إسرائيل بواسطة شركة الطيران الأرجنتينية ثم عبر السفُن الى إيران.

من جانبه أكد استاذ العلاقات الدولية، تريتا بارسي، مؤلف كتاب “التحالف المُخادع: التعاملات السرية لإسرائيل وإيران والولايات المتحدة”، أن الدعم الإسرائيلي لإيران يأتي من عدة عناصر، قائلاً: ” بلغت مبيعات الأسلحة لإسرائيلية لإيران حوالي 500 مليون دولار خلال السنوات 1980-1983 ميلادي- أي بعد وصول الخميني من باريس الى طهران بسنة واحدة، وجرت طريقة الدفع بشحن النفط الإيراني الى إسرائيل عن طريق الموانئ الفرنسية”.

وأضاف تريتا بارسي، أيضا مؤسس ورئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي: أن أحمد الحيدري، وهو تاجر أسلحة إيراني عملَ مع الخميني فأن طهران أشترت ما يُقارب من 80% من الأسلحة الإسرائيلية بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية مُباشرة سنة 1980، بالإضافة الى شحنات الأسلحة من الولايات المتحدة إلى إيران في فضيحة إيران كونترا والتي سُهلت من قبل إسرائيل، وكذلك الهجوم الإسرائيلي على مفاعل أوزيراك النووي العراقي في 7 يونيو سنة 1981 بهدف تأخير البرنامج النووي العراقي واحتواء أنتاج مواد لصنع قُنبلة نووية عراقية، كل هذا هو جزء بسيط من التحالف المُخادع بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.

  تعاون في قصف المفاعل ونقلت” ناشيونال إنترست” في تقرير لها عن خطة التنسيق الإسرائيلي الإيراني لقصف وتدمير المفاعل النووي العراقي، قوله: في فجر يوم 30 أيلول/ سبتمبر 1980، حلّقت أربع طائرات أمريكية من طراز “إف-4 إي فانتوم” على ارتفاع منخفض وسط العراق محمّلة بصواريخ جو- جو، وثلاثة آلاف رطل من القنابل.

قبيل دخولها المجال الجوي العراقي، التقت بناقلة من طراز “بوينغ 707” للتزوّد بالوقود جوا، وكانت ترافقها مقاتلتان من طراز “إف-14 توم كات”، خاضت المقاتلة مهمة كانت تحمل اسم “عملية السيف المحروق”.

واضاف التقرير”صعدت طائرات الفانتوم التي كانت تنطلق بسرعة إلى ارتفاع أعلى حتى لا تلتقطها الرادارات العراقية، قبل الانخفاض مجددا بسرعة والتراجع إلى الخلف.

.

لكن في الوقت الذي حافظت فيه طائرتان على مسارهما نحو بغداد، انحرفت الطائرتان المتبقيتان لضرب الهدف الحقيقي: مفاعل أوزيراك النووي للماء الخفيف في العراق.

ويذكر أن عملية أوبرا الإسرائيلية الشهيرة التي نجحت في تدمير مفاعل أوزيراك وقعت بعد تسعة أشهر من هذه الأحداث”، مؤكدا أنه في سنة 1975، نجح العراق في التفاوض مع فرنسا وإبرام صفقة بقيمة 300 مليون دولار لبناء في العراق مفاعل من طراز أوزيريس لأبحاث المياه الخفيفة بقدرة 40 ميغاوات، وشملت الصفقة بناء مفاعلين يحملان اسم «تموز1» و«تموز2» في مركز التويثة النووي الواقع جنوب بغداد، والذي يُعرف حاليا باسم «مفاعل أوزيراك».

وأكد التقرير، كانت طائرات الفانتوم،التي حلّقت في اتجاه المفاعل النووي في سنة 1980 تابعة لسلاح الجو الإيراني.

وقد وثّق كل من توم كوبر وفارزاد بيشوب بشكل معمق هذه الغارة الغامضة والمشؤومة والسياق الذي حدثت فيه في تقرير مذهل نشرته مجلة “أير إنثوسياست” سنة 2004- إنما كانت إيران وإسرائيل في الواقع حليفتين قبل الثورة الإيرانية، وواصلت تل أبيب نقل الأسلحة الحيوية حسين وأشكال أخرى من المساعدات الأمنية إلى طهران خلال ثمانينيات القرن الماضي.

على الرغم من خطاب آية الله المناهض لـ”إسرائيل” بشكل متزايد.

ويعود ذلك أساسا إلى قلقهما المشترك من الحشد العسكري في العراق خلال حكم صدام.

وفي سياق التعاون والتحالف بين إيران وإسرائيل  في تنفيذ عمليات عسكرية  ضد أهداف عربية كاستهدافهما تدمير المفاعل النووي العراقي الذي كان على وشك التشغيل، حيث بدأ سلاح الجو الإيراني بالتخطيط لشن هجوم على مفاعل أوزيراك في وقت مبكر من شهر  يونيو من عام 1980، حيث تفيد التقارير بأنه كان بناء على طلب رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية، كانت إسرائيل تعتبر إحدى الدول القليلة المستعدة لتزويد إيران بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية لقتال العراقيين، وبالتالي كانت هذه الغارة مفيدة للطرفين.

وبحسب التقارير، فإن الأسطول الإيراني الكبير من مقاتلات إف – 4 وإف – 14 الأمريكية المتقدمة أنه مفيد للغاية في حربه ضد القوات العراقية خلال السنوات الأولى من الحرب العراقية الإيرانية،  وأن طائرات الفانتوم التي نشرتها إيران في الغارة تنتمي إلى سرب المقاتلات الـ33 المتمركزة بالقرب من همدان في إيران.

كان ينبغي على الطيارين الإيرانيين الذين كانوا يحلقون بقنابل إيرانية غير موجهة يبلغ وزنها 82.

500 رطل، الانقضاض على الدفاعات الجوية العراقية الهائلة، على الأقل من الناحية النظرية.

وكانت منشأة التويثة تخضع للحماية بفضل عشرات مدافع الدفاع الجوي سريعة الإطلاق من عيار 23 و57 ميليمتر، ونظام سام 6 سوفيتي الصنع، و 3 أنظمة فرنسية من طراز رولان 2 قصيرة المدى والموجهة بالرادار.

إلا أن مقاتلات من طراز فانتوم أسقطت قنابلها على محطة كهرباء عراقية مما أدى إلى انقطاع الكهرباء في بغداد لمدة يومين، في هذه الأثناء، قام العنصر الرئيسي بالتوجه إلى منشأة التويثة للأبحاث النووية وأطلق جميع القنابل الاثني عشر خلال ثوانٍ قبل أن يعود سريعا.

كما أفاد بعض الشهود العيان بأنهم رأوا قنبلتين إيرانيتين ترتدان على قبة المفاعل النووي- حسب كوبرا.

ويذكر أن الهجوم تسبب في اندلاع حريق هائل- كما شوهد في الصورة التي نشرتها الوكالة الفرنسة- وأتلف الأنابيب ومضخات التبريد والمختبرات، كما انسحب المئات من الأخصائيين التقنيين الفرنسيين والإيطاليين من المنشأة إثر الغارة رغم عودة بعضهم بعد ذلك.

اليمن      |      المصدر: 26سبتمبر الحكومية    (منذ: 4 أسابيع | 1 قراءة)
.