أسعار الذهب تلامس مستويات قياسية .. وتجارة "المعدن الأصفر" تعيش أزمة

منذ مطلع العام الجاري يستمر معدن الذهب في اللّمعان، محطماً مستويات قياسية لأسعاره في السوق الدولية، وهو ما استمر طيلة الأسابيع القليلة الماضية، ليتعزز أكثر في تداولات البيع بداية هذا الأسبوع.

ويأتي هذا البريق المتزايد في خضم ترقب المستثمرين بيانات التضخم الأمريكية، المقرر صدورها في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، ما قد يسلط مزيداً من الضوء على “توقيت أول خفض لأسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأمريكي هذه السنة”.

وحسب ما طالعته جريدة هسبريس الإلكترونية فقد ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية إلى 2177 دولارا للأونصة (أوقية) صباح أمس الثلاثاء؛ فيما ارتفعت العقود الآجلة الأمريكية للذهب بنسبة 0,25 في المائة إلى ما مجموعه 2177.

20 دولارا لكل أوقية.

ولامست أسعار “المعدن الأصفر” “مستوى قياسيا جديدا”، الأسبوع الماضي، بعدما أشار صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى توقعاتهم بخفض الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية بحلول نهاية سنة 2024، رغم “قراءات مرتفعة للتضخم” راجت مؤخرا.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} صعود قياسي باقتفاء أثرها، كانت أسعار الذهب الخام لامست “أعلى مستوى لها على الإطلاق” عند 2230 دولارا للأونصة في وقت سابق من مارس الجاري، متجاوزة مستوى سابقا محددا في 2134 دولارا (دجنبر 2023).

ويفسر خبراء متابعون لسوق الذهب العالمي صعود أسعار الذهب بـ”ضعف الدولار الأمريكي، والتوقعات بأن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة خلال وقت لاحق من العام الجاري”، ما يجعل “تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية وانخفاض العائدات الحقيقية الأمريكية المحرك الرئيسي وراء أسعار الذهب عام 2024”.

ويزداد تألق الذهب أكثر في زمن الأزمات الجيوسياسية، إثر ارتفاع قوي أثارته مشتريات البنوك المركزية من هذا الأصل المعدني الثمين، و”تزايد قلق المستثمرين بشأن اشتداد حدة الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا”؛ بشكل يرجح كفة حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي لتصير “محركات إيجابية” للذهب، الذي يُنظر إليه –عادة- على أنه أصل ملاذ آمن نظرا لقدرته على البقاء مخزنا موثوقاً للقيمة.

كما لفت تقرير حديث صادر عن بنك “غولدمان ساكس” إلى أنه “من المتوقع أن تنخفض أسعار الذهب على المدى القريب، قبل أن ترتفع إلى مستويات قياسية جديدة في وقت لاحق من العام الحالي، مع ذروة متوقعة تبلغ 2300 دولار.

قلة المعروض حسن أوداود، تاجر ذهب بالدار البيضاء متخصص في تصنيع وتسويق المصوغات، أكد أن “تطور كلفة الذهب الخام وعدم استقرار سعره عالمياً وسط رُجحان توقعات الارتفاع يدفعان عدداً من التجار ومهنيي الذهب إلى تقليص وتخفيض المعروض من الكميات، خاصة من المادة الخام”، مشيرا إلى أن “ذلك يخلق نوعا من التنافس بين تجار ومهنيي الذهب للاحتفاظ به لأطول وقت قبل بيعه وتسويقه في انتظار جني أرباح أكثر بعد ارتفاع السعر”.

المهني المختص في المادة الخام للمعدن الأصفر أفاد جريدة هسبريس بأن “سعر الغرام الواحد في السوق المغربية انتقل في ظرف أيام قليلة من 480 درهما للغرام إلى 530 درهما لكل غرام من المادة الخام”، مؤكدا أن “الارتفاع العالمي للأسعار طيلة الأشهر الماضية منذ 2024 سينعكس مباشرة على توقعات أن يصل السعر إلى 550 درهماً أو أكثر في الأيام التي تَلِي عيد الفطر”.

كما أكد أوداود، في حديثه مع الجريدة، أن “أوراش صياغة الذهب والحليّ والمجوهرات الذهبية تراجعت متأثرة بطلبيات كثيرة لا يستطيع أصحابها استكمالها في ظل عرض منخفض متقلص بشكل متزايد”، مردفا بأن “بعضها يشهد حالة شبه عطالة، خاصة مع ضُعف إقبال المواطنين على شراء الذهب”.

ومن انعكاسات ارتفاع سعر الذهب عالميا التي رصدها المهني في مجال تسويق المصوغات أن “يقَعَ تهافت على اكتناز الذهب بين مُمتَلِكيه أو المتاجرين فيه، في انتظار جني فوائد أكبر مباشرة بعد ارتفاع الأسعار”، مفسرا ذلك بـ”انعكاس فوري لدينامية ارتفاع الأسعار العالمية للذهب في التداولات اليومية”.

ورغم “الطلب المتراجع خلال هذه الفترة من السنة، خاصة طيلة شهر رمضان وسط ضعف الإقبال في ظل استمرار نقص المعروض من الذهب الخام”، قال أوداود لهسبريس إن “هذه الوتيرة بدأت فعليا منذ أكثر من أسبوعين”، متوقعا أن تبلغ “فترة الذروة ارتفاعات أكثر لسعر الغرام، متأثرة في قادم الأشهر بدينامية الفوائد الأمريكية وكذا سعر الدولار”.

تجارة في أزمة صاغَ خالد كرامي الصنهاجي، رئيس الغرفة النقابية لتجار وصناع الحلي والمجوهرات بفاس، على منوال الرأي نفسه، مُقدّراً أن القطاع يعيش فعليا خلال الأسابيع الأخيرة “أزمة خانقة”، زادَها أن “مجموعة من تجار المجوهرات والذهب أرهقتهم الضرائب المتراكمة”.

وأقرّ الصنهاجي، في توضيحات وشروح حول الموضوع بسطها لـ هسبريس، بـ”تضاعُف الأسعار وارتفاع مهول في المادة الخام، ما انعكس مباشرة على سعر التسويق النهائي الذي تراوح بين 650 و750 درهماً للغرام”، مردفا: “هو سعر يفوق القدرة الشرائية للمواطن المغربي الراغب في اقتناء مجوهرات ذهبية أصيلة”.

رئيس الغرفة النقابية لتجار المجوهرات أكد “أثرا واضحا لامتثال السوق الوطنية للذهب وبيعه لتقلبات السعر بشكل حاد في السوق الدولية، وكذا ديناميات بورصة الذهب العالمي”، معتبرا أن الوضع الراهن يتلخص في “نقص العرض مقابل أن الطلب يشهد بدوره أضعف فتراته”، ومسجلا أن “قيمة المعدن الأصفر أضحت تنحصر فقط في رمزيته، خاصة في علاقة بإقبال حديثي الزواج عليه”.

كما لفت المهني ذاته إلى مشكل “معاناة ورشات/معامل صياغة الذهب بالمغرب من شبه ركود أو تغيير لنشاطها نحو الاشتغال بمعدن الفضة الأرخص مقارنة بالذهب”، مسجلا أن “سعر الغرام من الذهب المباع للعموم يختلف حسب جودة الصياغة، مع احتساب تكاليف المادة الأولية”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 5 قراءة)
.