هكذا يستغل الاحتلال رمضان للبطش بفلسطينيي الضفة

رام الله- ساعات يقضيها عبد الهادي عزام يوميا على حاجز المربعة، الذي استحدثته قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الحرب على ، ويقع على الطريق الالتفافية الوحيدة التي يستخدمها الفلسطينيون القادمون من وسط وجنوب الضفة إلى شمالها، وذلك بعد إغلاق حاجز حوارة بالكامل.

واعتاد عزام -الذي يعمل في مدينة ويسكن في – التأخير على الحاجز منذ ذلك الحين، إلا أن أيام رمضان بدت أكثر تأخيرا، فالقوات الإسرائيلية الموجودة على الحاجز تقوم بتفتيش كافة المركبات، إلى جانب وجود قوة إضافية بعد الحاجز بأمتار.

يقول عزام للجزيرة نت إنه لاحظ -بعد تخطي الحاجز المقام على مدخل نابلس وحتى الوصول إلى مدينة رام الله- عشرات النقاط التي توجد بها سيارات عسكرية على أطراف الطريق العام، كما يوجد العديد منها على مداخل التجمعات الفلسطينية والشوارع الفرعية التي يستخدمها الفلسطينيون طرق بديلة عن الطرق التي تم إغلاقها.

ويمثل هذا الوجود العسكري تجسيدا عمليا لإعلان الاحتلال، قبل رمضان المبارك، نيته نشر مزيد من القوات في ، خوفا مما وصفه "تنفيذ الفلسطينيين عمليات إرهابية خلال الشهر" وهو ما ترافق مع حديث إعلامي متواتر في كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، بدأ منذ أكثر من شهر عن خطورة (الوضع في) رمضان.

أزمة سيارات على حاجز المربعة الذي استحدثته قوات الاحتلال على الطريق الرئيسية بين شمال الضفة وجنوبها (الجزيرة) ترويج للاستنفار نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خبر نشر الجيش 23 وحدة في الضفة، ومقارنتها مع وجود 12 وحدة تخوض بها حربا في القطاع، كدليل على التخوف الكبير في الأوساط الأمنية من وقوع أي عمليات ضد أهداف إسرائيلية خلال هذا الشهر في الضفة، وتحديدا في مدينة المحتلة، وعلقت القناة الإسرائيلية 12 بأن "عدد أفراد الشرطة والأمن المنتشر في مدينة القدس والضفة غير مسبوق".

ويقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية والمتابع للإعلام الإسرائيلي خلدون البرغوثي "هناك توجه ممنهج لتصوير رمضان على أنه شهر العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين، من خلال إبراز أرقام وإحصائيات لعمليات وقعت هذا الشهر خلال السنوات السابقة، وربطها هذا العام بالحرب على غزة".

ويضيف في حديثه للجزيرة نت "كل هذه التحليلات يتم تقديمها بلا سياق موضوعي، ولا إشارة إلى الأسباب التي تدفع الفلسطينيين لذلك، من إجراءات احتلالية وتضييق واعتقالات، إلى جانب التضييق على المسجد الأقصى واعتداءات المستوطنين".

وبحسب البرغوثي فقد استبقت الجهات الأمنية، ومن خلفها وسائل الإعلام الإسرائيلية، رمضان بأسابيع للحديث عن تحذيرات في كل نشرات الأخبار والبرامج التحليلية، وتخصيص وقت محدد للحديث عن رمضان، إلى جانب ربط أي حدث به، كما كان بعد عملية إطلاق النار التي وقعت قبل أيام من رمضان، بالقرب من مستوطنة حومش شمال الضفة والتي أصيب خلالها 4 جنود.

وتخلل هذه النشرات ضخ معلومات ممنهجة عن المخاوف من تصاعد الأحداث في الضفة وزيادة العمليات، ليترجم كل ذلك على الأرض من خلال نشر مزيد من القوات وتشديد الإجراءات وتعزيز سلطة الاحتلال.

الباحث بالشؤون الإسرائيلية خلدون البرغوثي: توجه ممنهج لتصوير رمضان على أنه شهر العمليات دون سياق موضوعي (الجزيرة) آلية مدروسة لم يكن هذا التهويل وليد حال رمضان هذا العام، فخلال السنوات الماضية تم تصعيد فكرة تصوير هذا الشهر بهذا الشكل بشكل متدرج ومدروس، من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والحكومات المتعاقبة، وهو ما ترافق مع إجراءات على الأرض، بتقييد حرية العبادة والحركة على مستوى الضفة والقدس.

و"يصب كل ذلك ضمن الرؤية الصهيونية بمحاولة نزع هوية المدينة المقدسة، والتي تتجلى بشهر رمضان" وفق ما يقول مدير تحرير دورية "شؤون فلسطينية" الصادرة عن مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية إبراهيم ربايعة.

ويضيف ربايعة -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الرؤية "اتخذت هذا العام منحنى جديدا، بتصوير الضفة وبما فيها القدس على أنها منطقة توتر قابلة للانفجار في أية لحظة، وبالتالي يجب أن تُعامل أمنيا مثل قطاع غزة".

ويؤكد المتحدث نفسه أن "هذه السياسة، غير المرتبطة بحكومة دون سواها، هي آلية إسرائيلية لتمرير سياسات أمنية، وفرض أمر واقع بالضفة والقدس، تجسيدا لمقاربة تم ترسيخها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وطبقتها الجهات الأمنية الإسرائيلية على الأرض، بأن ما لم يأت بالقوة يحل بمزيد من القوة".

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 1 أشهر | 4 قراءة)
.