اسئلة الصحفي ومبدأ كل شخص بريْ

ابراهيم خليفةمن اسس تحرير الخبر الصحفي، تقوم أكاديميات الإعلام، بتعليم طلابها  كيفية كتابة  الخبر ا أو القصة الخبرية من خلال الإجابة على الأسئلة الخمسة والمعروفة باللغة الانكليزيةThe 5 W’s and H questions، والتي يطلق عليها اسئلة الصحفي Journalistic questions عند كتابة، اي خبر صحفي او قصة خبرية، والتي بدأ العمل به منذ العام 1913 ،وهي: ماذا What ، ويكشف تفاصيل الحدث.

من،WHO  : من هو أو من هم .

متى :When، متى وقع الحدث بالضبط  الساعة الزمنية لوقوع الحدث.

أين : Where ، مكان وقوع الحدث بالتفصيل .

لماذا، Why: لماذا وقع هذا الحدث؟ لتفسير أسباب وملابسات الحدث، واخيرا اضاف لها بعض الباحثين مفردة، كيف How: كيف وقع الحدث، او كيف عرفت ذلك؟ فمهمة الصحفي الأساسية هي إيجاد الاجابات لهذه التساؤلات الخمسة أو الستة والمتلقي بدوره ينشد الاجابات الصحيحة، بدون ذلك تكون اجابة مشوهة المحتوى ومبهمة الهدف، مثيرة للشكوك ومحتملة لأكثر من تأويل أو تفسير ….

.

الغرض من هذه المقدمة هو، ترد يوميا وسائل الإعلام تحت مختلف عناوينها ومهامها  اخبار ونشاطات دوائر الدولة عن حادثة أو حوادث معينة  من جهات حكومية رسمية  عن ما تم إنجازه او تحقيقه سواء تحت اطار الخدمات أو اطر اقتصادية او مكافحة الجريمة وغيرها  فيما يتعلق بالنشاط الإنساني اليومي ، والمتفحص لهذه النشاطات من المتخصصين في مجال الإعلام، يجد فيها ثغرات عديدة، في التحرير وفي المحتوى، ونقص في الاجابة،  طبقا إلى عقيدة كتابة الخبر وفق الأسس الخمسة أو الستة، ونجد أن هناك ازدواجية من قبل الجهة المجيزة لنشر الخبر من جانب المؤسسات الحكومية  حيث ينعكس ذلك في خطاب الوسيلة الإعلامية الناشرة أو الباثة له ، فيما ينزع هذا الأسلوب صفة الحيادية  المفترضة الموجودة في تحرير الخبر، فمثلا نجد في بعض الأخبار تفاصيل معتبرة ، ووافية  واجابه كاملة عن اسئلة الصحفي خاصة فيما يتعلق بالجرائم ، فمثلا،  نقرأ في هذا الخبر الذي نشر عبر أحد المواقع الإخبارية ” أصدرت السلطات القضائية قرارا بحجز أموال وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، على خلفية قضية تتعلق باستغلال منصبه وتلقي رشى من عدد من المستثمرين “.

كما هو واضح من فحوى الخبر، فهو مفهوم ولا التباس فيه.

  لذكر اسم الشخص المتهم، أي تم تحديد الشخص المعني، وفي خبر آخر.

”  أصدر قاضي محكمة تحقيق صلاح الدين، أمر قبضٍ بحقِّ محافظ صلاح الدين” السابق” عن جريمة إحداثهِ الضرر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل فيها، على خلفيَّة إبرام عقد تجهيز حاوياتٍ لمُديريَّة بلديَّات المُحافظة في العام 2020، مُنبّهاً إلى أنَّ التجهيز تمَّ في عامي (2018 – 2019) قبل إبرام العقد.

وكما يلاحظ أن هذا الخبر لا يجيب بالكامل على تساؤلات المتلقي فمن هو” محافظ صلاح الدين” المتهم لوجود العديد من” الشخصيات التي شغلت منصب “المحافظ”، مما يخلق غموض وتساؤلات ويشكك في المصداقية، ويلقي في الضلال الشخص المعني.

تبرر بعض الأطراف عدم ذكر اسم الشخص المتهم تحت مقولة “المتهم برىْ حتى تثبت إدانته”من الناحية المهنية يعد “هذا الخبر” غير مستوفي لشروط كتابة الخبر الصحفي وفق التساؤلات الخمسة او الست لأنه يفتقر للإجابة عن التساؤل من Who؟، أما من الناحية القانونية بشأن حجب ذكر الاسم الصريح للشخص المتهم قبل صدور حكم قضائي بحقه، له ما يبرره، ومع هذا بعض الاسماء صدر بحقها حكم قضائي لكن ايضا لم يذكر الاسم ويبقى الفاعل مجهولا من جانب معرفة الحقيقة.

من الناحية القانونية نرى موقف أو وجهة نظر القانون بشأن المواقف المزدوجة تجاه التوصيفة القانونية، فقد أوضح الخبير القانوني المستشار سالم حواس تصريح صحفي نشر على مواقع أحد الوكالات الخبرية يوضح فيه موقف القانون من مفردة أو، معنى المتهم برئ حتى تثبت ادانته”.

وذكر، ان “القوانين الدولية والاتفاقيات والمعاهدات والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 The Universal Declaration of Human Rights، قوانين أصول المحاكمات الجزائية و الدساتير، ومنها الدستور العراقي ينص في مادته (19) / خامساً على ان: المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة.

“فيما نصت المادة المادة (11) اولاً من القانون العالمي لحقوق الإنسان 1948 …”كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه”.

  واضاف “طالما أن المتهم برئ ولم تثبت عليه الجريمة في مرحلة المداهمة ما قبل التحقيق وما بعده وماقبل المحاكمة لذلك لايجوز التشهير به بواسطة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة التي تصطحبها القوات الأمنية أثناء نشاطاتها اليومية.

إذن هذا الموقف القانوني تجاه المتهمين بقضية ما ، لكن هذه الفقرة  يتم التعامل  معها بانتقائية، أو ازدواجية نحو البعض، ونورد هنا بعض الأمثلة  ، نقرأ مثلا في هذا الخبر” أعلن مصدر أمني،( اليوم) ، إلقاء القبض على متهم بحرق سيارة مواطن في منطقة الكمالية شرقي العاصمة بغداد.

وأخبر المصدر،  أن “مديرية استخبارات ومكافحة إرهاب بغداد الرصافة تمكنت من إلقاء القبض على المتهم (امير سلام عبد غانم ) تولد 2003 يسكن في منطقة العبيدي لقيامه بحرق عجلة نوع سنتافيا عائدة الى المواطن ( علي ثابت محمود ) بتاريخ 2023 /7/24 في منطقة الكمالية”.

: ، وهذا ما يتناقض مع المادة في مادته  (19) / خامسا من الدستور المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة .

لكن في هذا الخبر التالي نجد تناقض ، فقد صدر حكم قانوني ضد هذا الشخص وأصبح ينطبق عليه القانون فيما يتعلق بالتعريف هذا الشخص اسمه وعمله والجهة الداعمة له إن وجدت ، وبيئة الاجتماعية ،وفي خبر آخر نشر في وسائل الإعلام.

.

مفاده.

.

أصدرت محكمة جنايات الكرخ، بتاريخ 20 فبراير 2024، حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات بحق مدان عن جريمة انتحال صفة لعدة وظائف من الوظائف العامة، ورغم صدور الحكم بحق هذه الشخص لم يتم ذكر اسمه أو الجهة التي ينتمي اليها، مما يثير أكثر من تساؤل لدى المتلقي عن الأسباب التي تقف وراء عدم الإفصاح عن اسم هذه الشخصية، والتي كانت تتعكز عليها بعض الجهات بأن الافصاح عن اسماء مرتكبي الحوادث او الجرائم قبل صدور الحكم القضائي يأتي في خانة التشهير.

ونقرأ في هذا الخبر” أن محكمة جنح الرصافة المُختصَّة بقضايا النزاهة أصدرت حكماً غيابيا يقضي بالحبس الشديد لمُدَّة ثلاث سنواتٍ بحقِّ “أمين بغداد الأسبق”؛ جرَّاء المُخالفات المرتكبة التي رافقت توزيع الأراضي وفق قرار مجلس الوزراء المرقم (254لسنة 2013).

والمتلقي يسال من هو” الامين المقصود” كون المنصب شغل من قبل “شخاص عدة ” ، وبالتالي يعتبر كل من شغل المنصب وغادره يعد متهماً بنظر البعض.

وفي هذا الخبر .

.

أعلن جهاز الأمن الوطني، اليوم (الاثنين)، الإطاحة بتاجرٍ “أجنبي الجنسية” بحوزته مليون حبة مخدرة، وضبط أكثر من (٨) كغم من “المارجوانا”، في بغداد.

أن “المحكمة، وبعد اطلاعها على الأدلة المُتحصَّلة والإثباتات في القضيَّتين، والأوراق التحقيقيَّة، توصَّلت إلى مُقصريَّة المُتَّهم، فقرَّرت إدانته والحكم عليه غيابياً عن كل قضية من القضيتين بالحبس الشديد لمدة سنتين وفق أحكام المادة (331) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل”.

وكما هو واضح في فحوى هذا الخبر المتوفرة فيه كل أركان الجريمة وصدر بحقه حكم قضائي، لكن مع هذا لم يتم نشر أسم أو جنسيته الشخص المعني.

إذن هنالك تناقض وعدم حيادية في التعامل مع اخبار الجرائم البعض منها يفصح فيها عن المتهم وعمله حتى قبل عرض المتهم على قاضي التحقيق او صدور امر قضائي بحقه كما ينص القانون على ذلك ،  ان ذكر اسم الشخص المتهم أو الذي قيدت ضده جنحة او جريمة يعتبر مخالفة قانونية وفق مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته تحت مبرر عدم التشهير به وبعائلته او سمعته او حزبه، لكن ما يهمنا من ناحية تحرير الخبر الصحفي  ان عدم ذكر اسم الشخص المعني يعد خبرا غير مستوفي لشروط.

إذن الهدف من استعراض بعض النماذج التي يتم فيها ذكر اسم المتهم دون ان يصدر بحقه حكم قضائي لا يتوافق مبدأ المتهم بريء حتى يتم ادانته، بينما في حالات اخرى صدور أمر قضائي بحق بعض المتهمين لكن لم يتم الافصاح عن اسمائهم وانتماءاتهم.

وهناك من يسأل، ما هو الضرر من ذكر اسم المتهم، من ناحية تحرير الخبر الصحفي لأنه يترك تساؤلات لدى الشخص المتعرض للوسيلة الإعلامية بحاجة إلى إجابة فا اذا كان هو نفسه أي الشخص المتهم لم ياخذ ذلك بنظر الحسبان من خلال قيامه بارتكاب أفعال جرمية، لماذا يتوجب على المجتمع ان يكون أكثر حرصا عليه، وماهي المثلمة ان ننسب المعلومة له كأن نقول.

.

يدعي بأن أسمه فلان وينتمي او مدعوم من الجهة الفلانية.

ان ترك الفاعل دون ذكر اسمه هو بمثابة الإساءة للآخرين وكل مواطن يصبح مثار شك وتخوين، والسؤال هو ألا يتوجب إعادة النظر بمفهوم المتهم برئ حتى تثبت إدانته على الأقل من ناحية اسمه وتوصيفهم الوظيفي او السياسي عند تحرير الخبر الصحفي.

من وجهة نظر  المحرر الصحفي  او تحرير الخبر الصحفي ، عدم ذكر اسم الفاعل أو الإجابة على  التساؤل ، يترك  فجوة في المعلومة التي يتلقاها المواطن ويصبح مثار شك في مصداقية الخبر وفي حياديته ، فاذا كان  حجب اسم المتهم تحت  عنوان المتهم  بريء  حتى تثبت ادانته ، نجد ان هناك استثناءات كثيرة، والعكس صحيح ، كما يخشى المتلقي ان حجب اسم الشخص المتهم من نشر في وسائل الإعلام ربما عائدة لأسباب سياسية او حزبيه او طائفية ، ما يهمنا  في هذا السياق ان نجد الاجابة كاملة عن التساؤلات الخمسة او الستة لكي تصل المعلومة كاملة المحتوى للمتلقي دون  ان ترك الاجابة عن السؤال   Who  ،  مبهمة لأن من واجبات وسائل الإعلام نقل الحقيقة   ، انها مجرد وجهة نظر؟ .

.

فالمتلقي يبحث دائما عن الحقيقة، وليس أنصاف  الحقائق  وخاصة الاجابة على التساؤل من قام بالحدث.

ارى أن الاعلان عن اسمه وعمله وانتمائه لا يخل بقاعدة المتهم برى حتى تثبت ادانته، فالاسم هو عنوان الشخص، في بعض الأحيان الإعلان عن اسم المتهم وخلفيته الاجتماعية او الوظيفية قد تكون رادع للآخرين حتى لا يرتكبوا جريمة أو اي عمل يجرمه القانون.

مرتبط نسخ الرابط تم نسخ الرابط

العراق      |      المصدر: وكالة الصحافة المستقلة    (منذ: 1 أشهر | 5 قراءة)
.