المثقفون الجنجويد النظرات والعبر وشوبنهاور

المثقفون الجنجويد النظرات والعبر وشوبنهاور أي نقاش مع أمثال هؤلاء المثقفين السودانيين ؟ من أين نبدأ الكلام ومتى ننهيه ؟ ” المثقفون ” وأعني تحديدا تلك الفئة المشتغلة بالإنتاج الذهني والإبداعي – ونخص كلامنا مشيرين إلى تناقضات بعض الذين إنجرفوا بإتجاه لعاع الدنيا ، من لوامع ذهب ” آل حمدان دقلوا ” وخشخشات ورق الدراهم المجلوب من وراء الحدود على قوادم سنابك خيول الجنجويد .

مثقفون ، نشئنا بتأثيرات منجزاتهم الكتابية الإبداعية ، وهم يبحثون عن قيم الحق بلغة الفنون ، قرأناهم منظرين ونقادا للسرديات الأدبية ، قرأناهم في الفلسفة الجمالية والشعر ووسائل الإعلام والترجمة ، فلاسفة ومؤرخين وأساتذة جامعات ، شعراء مناصرين لحقوق الحيوان ، كتبوا ملاحم بكائية ، لم ينسوا حتى ” القرنتية ” وحقها في العيش محازية شواطئ مقرن النيلين .

نجوم في المسرح والتلفزيون ، حملناهم على أهداب العيون تعظيما لهم وإعجابا بما يطرحون من أفكار تنشد رفاه أهل السودان .

بيد أننا نعيش لحظة سقوطهم في ” ميدان التطبيق العملي ” إذ قلبوا معاني الإنتماء الوطني رأسا على عقب ، على قرار ما فعله بعض السابلة من عوام الناس ، الذين رأيناهم مع المتمردين القدم مع القدم والكتف مع الكتف أعوان خلصاء ومرشدين أوفياء للعربان والمرتزقة في عمليات نهب البنوك والأسواق ، وإحتلال بيوت المواطنين ، وقلع السيارات من أصحابها ، واختطاف الأحرار من أبناء السودان .

أولئك الجماليون ، وفلاسفة أنسنة السياسية والحكم ، صفقوا للجنجويد في إغتصابهم للحرائر ، وممارسة الإستعباد الجنسي بأسم ، إزالة دولة ” 56 ” و ” الجلابة ” وكنس الإسلاميين .

عم يمكن الكلام ، وصفا للحالة ، غير أن يستحضر المرء مقولات الشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم مثال المثقف المنتبه لأصالته ومعنى وجوده فكتب في أكتوبر 1968م مقالا في مجلة الخرطوم تحت عنوان : ” المثقف السوداني في المصطرع الثقافي ” .

ذلك المقال يتقافز كقفزات الأرنب أمامي لوصف الحالة قائلا : ” المثقفون في السودان ” لحم رأس ” وهم يمثلون الفوضى الفكرية التي في رأس السودان ، قنوعون ، سريعوا التأثر بالفكرة القادمة من خارج البلاد .

.

جامعة الخرطوم تمثل إزدواج الشخصية في المثقف السوداني ، فهي دمغة من الدمن الإستعمارية البواقي … قلعة من قلاع الثقافة البريطانية والثقافة البريطانية لا تحتمل ضرة ” .

.

وأضاف قائلا : تقول لي : مثقفوا الخرطوم كالصحراء لا تنبت فيها بذرة ، أخطأت في التشبيه ، للصحراء في ماضي الزمان شاعرا ذا قلم وقدرة ، لكنه استكان للخمول ، للذبول وأذبل شعره ، فرط في خياله ، وما الخيال للصحراء إلا الخضرة .

مثقفوا الخرطوم ، قهوة ، ونومة ، وسهرة وسكرة .

أوفى صلاح أحمد إبراهيم القول في سفر تاريخ الإنتاج الكتابي الإبداعي السوداني .

.

واليوم جاءوا يجهدون أنفسهم متفلسفين ليقنعوننا بأن عربان الشتات ، هم أئمة المدنية الجدد ، ورسل الديمقراطية ، المناضلين من أجل السلام والحرية والعدالة .

يحتاج أولئك – بالطبع – إلى جهد خارق لإقناعنا أن كل ما قرأناه قديما في كتب الفلسفة والمنطق ، والفنون ، هي كلها كانت على خطأ .

وأن آل حمدان دقلو هم أهل الحقيقة والحق .

هنا أيضا أستدعي قول الكاتب الدرامي ” أسامة أنور عكاشة ” صاحب المنجز الإبداعي التلفزيوني مسلسل ” رحلة السيد أبو العلا البشري ” الذي إنتج عام 1985م … قال جريا على لسان ” محمود مرسي ” بطل المسلسل مجسدا شخصية ” أبو العلا البشري ” صائحا في وجه نقيضه ” تهامي ” في صراعهما القيمي – ممسكا بيده الكتب – قائلا : ” لو كانت الكتب دي غلط ، قول لي وأنا أحرقهم ! الكتب دي كلها غلط ؟ * مقدمة أبن خلدون وكلامه عن العمران البشري ، غلط ؟! قول لي يا تهامي ، وأنا أحرقهم ! * يوتوبيا توماس مور ، حلمه بأرض الفضيلة والكمال .

.

لو كانت غلط قول لي ، وأنا أحرق الكتب دي كلها ! * النظرات والعبرات ، وحي القلم .

.

الجمهورية والسياسة ، الدفاع عن سقراط ، الأخلاق ، المنطق .

* كل المفكرين دول غلط ؟! العقاد .

طه حسين .

شوبنهاور .

ڨولتير .

تولستوي .

تشيخوف .

ديكارت .

كافكا .

دوستويڨسكي ! * لو كل المفكرين دول غلط ؟ قول لي وأنا أحرقهم ! ” أي مثقف ذلك الذي يسقط من الدفاع عن سقراط إلي الدفاع عن آل دقلو .

الدكتور فضل الله أحمد عبدالله                                      

السودان      |      المصدر: النيلين    (منذ: 5 أشهر | 4 قراءة)
.