د. عنتر حسن: لبن الحمير والعلاج النوبي

النوبة في شمال السودان لهم اعشاب وعلاجات شعبية تخصهم من قديم الزمان واثبت نجاعتها وعلاجها لكثير من الامراض، يقول الشاعر النوبي جلال عمر وهو يسرد بعض الادوية الشعبية الشائعة في بلاد النوبة: (هنو اجي قون كدكود كرم) .

.

اي ان النوبي يستخدم لبن الحمير لعلاج (السعال الديكي) وهذا المرض يعتبر مرض بكتيري شديد العدوى يُصيب الجهاز التنفسي.

مشهور بانه مصحوب بسعال سطحي يعقبه صوت شهيق عالي النبرة مثل صياح الديك، ويرجع تاريخ استخدام لبن الحمير في علاج السعال الديكي وايضا في تفتيح البشرة ونضارتها إلى آلاف السنين، وكانت الملكة كليوباترا، آخر ملوك الأسرة المقدونية في مصر، تستخدمه في علاج البشرة، واكتشف ان هذا حليب الحمير فيه خصائص مضادة للميكروبات والفيروسات.

وفيه فيتامينات ومعادن وبروتين، ومن أغنى الالبان بفيتامين دال.

لكن هنالك مشكلة في لبن الحمير في ان في شربه ينطوي على خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالغذاء.

وهناك دائما خطر احتواء الحليب الخام على البكتيريا أو السموم الضارة الأخرى.

لذلك نجد ان الاسلام حرم شرب لبن الحمير وحرم استعماله تبعاً لحرمة لحمه، لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ) رواه البخاري.

وقال الإمام النووي رحمه الله: “لحم الحمر الأهلية حرام عندنا، وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف، ويعتبر لبنها نجساً كذلك تبعاً لحكم أكلها، قال الخطابي: هو قول عامة العلماء”.

[المجموع شرح المهذب 9 /16].

هذا الامر متعلق بشرب لبن الحمير مباشرة بغرض التغذية، وأمّا التداوي به؛ فقد أجاز العلماء التداوي بالنجس غير الخمر عند الحاجة، بشرط أن لا يوجد بديل طاهر للعلاج، جاء في [مغني المحتاج 5 / 518]، اما التداوي بها بِصرفِها، كمعجون وكريمات ونحوها مما تستهلك فيه، فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم مقامه ممّا يحصل به التداوي من الطاهرات، ويمكن أن يستدل أيضاً لإباحة استعمال هذا المنتج من الكريمات والحبوب وادوية الشراب، فقهاء الحنفية قالوا بأن الأعيان النجسة إذا استحالت إلى أعيان أخرى طاهرة بحيث تفقد صفاتها فتعدّ طاهرة، وهذه العملية تسمى في الفقه الإسلامي بالاستحالة.

د.

عنتر حسن                                      

السودان      |      المصدر: النيلين    (منذ: 5 أشهر | 3 قراءة)
.