البوليساريو تستبق جلسات مجلس الأمن بالترويج لـ"هجوم مغربي خاطف"
على بعد أيام قليلة من القرار المرتقب لمجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية نهاية شهر أكتوبر الجاري، روجت بعض وسائل الإعلام المحسوبة على محور الجزائر- تندوف لشائعات وأخبار تدعي وجود ما أسمتها “تحركات عسكرية مغربية من خلال حشد الجيش المغربي معدات وآليات عسكرية بالقرب من الجدار العازل”، متهمة الرباط بـ”التحضير لغزو خاطف للمنطقة العازلة”.
ويطرح سياق نشر هذه الأخبار الزائفة التي لا تستند إلى أي معطى ميداني مجموعة من التساؤلات حول الغايات الحقيقة المبتغاة من وراء ذلك، فيما يرى متتبعون أن الترويج لهذه الشائعات تزامنا مع هذا الشهر الذي تسلط فيه كل أضواء الفاعلين الإقليميين والدوليين صوب رمال الصحراء المغربية إنما الهدف منه محاولة التشويش على المشاورات الأممية المرتقبة، وتغطية الوضع الإنساني في المخيمات؛ إضافة إلى محاولة شرعنة قرار الانفصاليين العودة إلى ما أسموه “الكفاح المسلح”، في أفق إطالة أمد هذا النزاع بما يخدم أجندة الأطراف التي تراهن على ذلك.
تشويش على المشاورات الأممية محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال إن “الجبهة الانفصالية تحاول من خلال الترويج لهذه الشائعات التشويش على القرارات الأممية المرتقب صدورها في شأن ملف الصحراء المغربية، خاصة أن التوجه العام لدى أعضاء مجلس الأمن الدولي يسير في اتجاه دعم المقاربات الواقعية والعقلانية التي تتقاطع مع مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب لتسوية هذا النزاع المفتعل”.
#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأضاف عبد الفتاح أن “المقاربة الأممية التي تكرست من خلال القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، مع تأييد مجموعة من القوى الفاعلة في الساحة الدولية للأطروحة المغربية، تتجه نحو رفض كافة الأطروحات الأخرى، وتكريس الحل السلمي بعيدا عن الحلول العسكرية التي تحاول البوليساريو إحياءها من خلال الترويج للمغالطات والأخبار الزائفة”.
ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن “تقارير المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية طالما أكدت ارتكاب الجبهة الانفصالية العديد من الخروقات الممنهجة لاتفاق وقف إطلاق النار”، مسجلا أن “البوليساريو رفضت في أكثر من مرة الترخيص لدوريات المينورسو بزيارة مواقعها العسكرية في مخيمات تندوف”.
وسجل رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “الأمين العام الأممي أشار في تقاريره إلى الخطاب الدعائي الانفصالي المرتكز على التحريض الإعلامي والسياسي، الذي من شأنه توتير الأجواء وعرقلة جهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء المغربية من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “التقارير عينها تؤكد الانخراط الجدي المغربي في هذه الجهود الأممية الرامية إلى إحياء المفاوضات، كما تشير إلى المواقف المتزنة التي عبرت عنها الرباط، ودعواتها المتكررة إلى تجاوز الخلافات، لاسيما مع الجارة الشرقية باعتبارها فاعلا أساسيا في هذا النزاع”.
شرعنة للخيارات وتغطية للوضع الإنساني من جهته أورد البراق شادي عبد السلام، خبير دول في تحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن “الترويج لتحركات عسكرية مغربية، على غرار الهجمات الافتراضية التي دأبت الكتائب الإعلامية التابعة لميليشيا البوليساريو والمخابرات الجزائرية على ترويجها، يظل الهدف الأساسي منه هو تغليط الرأي العام الداخلي، وتهيئة الأرضية داخل مخيمات تندوف لتقبل هزيمة دبلوماسية جديدة بعيد أسابيع قليلة من القرار الجديد لمجلس الأمن حول الوضع في الصحراء المغربية”.
وأضاف البراق أن “هذه الحرب الزائفة وحالة الاستنفار التي تحاول الميليشيا الإرهابية تسويقها دوليا، بدعم من الإعلام الجزائري، ما هي إلا محاولة يائسة لإثارة الانتباه الدولي من أجل المساس بالمصالح العليا للمملكة المغربية”.
ولفت المحلل ذاته إلى أن “الحقيقة التي تغفلها هذه الأبواق الإعلامية هي أن القوات المسلحة الملكية المغربية تفرض حظرا عسكريا ثلاثي الأبعاد في المنطقة العازلة شرق الجدار، أضف إلى ذلك أن المغرب حسم المعركة ميدانيا منذ ملحمة الكركرات، وخلق واقعا إقليميا جديدا في ملف الصحراء المغربية، وعليه فإنه لم يعد بحاجة إلى تحريك قواته أو حشدها من أجل ميليشيات لم يعد لها أي هامش للتحرك”.
“نشر البوليساريو مثل هذه الإشاعات إنما تحاول من خلاله الجبهة تزكية هجماتها الوهمية، وإقناع سكان المخيمات والمنتظم الدولي بوجاهة خيارها خرق اتفاق إطلاق النار”، يسجل المتحدث ذاته، موضحا أن “الجيش المغربي لم يعد بحاجة إلى تحريك قواته البرية في وقت يملك ترسانة من الطائرات المسيرة القادرة على كبح أي تحرك للميليشيات، والقادرة أيضا على حسم أي معركة أجبرت على الدخول فيها”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الهدف الأساسي من الترويج لهذه الأخبار هو التخفيف من وطأة الأزمة التي تعيشها المخيمات بسبب الوضع اللاإنساني للمحتجزين، إضافة إلى تزكية خيار الحرب في نفوس ساكنة تندوف أمام رفض الكثير منهم سياسة قادة البوليساريو في تدبير ملف الصحراء، ورغبتهم في الالتحاق بأشقائهم في الأقاليم الجنوبية للمملكة”.