الليرة هل تغير سياسة تركيا النقدية؟

كان سعر صرف الليرة التركية دوما أقل من 2.

5 ليرة للدولار حتى عام 2015 عندما بدأ سعر الصرف في التدهور، فانخفض إلى 6.

5 ليرة في 2018، ثم إلى 8.

5 ليرة في 2020، ثم 14.

5 ليرة في 2021، ووصل في 2022 إلى 18.

5 ليرة، وأخيرا بعد الانتخابات التركية وصل سعر الصرف إلى 23.

38 ليرة للدولار.

لدى تركيا أحد أكبر الاقتصادات في المنطقة بناتج محلي إجمالي نحو 900 مليار دولار، وهذا يقارب اقتصاد المملكة العربية السعودية الذي تجاوز ألف مليار دولار في 2022، إلا أن مشكلة الاقتصاد التركي تكمن في ارتفاع الدين الخارجي عند مستويات 450 مليار دولار، وعجز في الحساب الجاري بلغ 48 مليار دولار في 2022، مع تضخم في الأسعار يقف حاليا عند مستويات 44 في المائة على أساس سنوي.

بحسب الموقع الإحصائي، بيانات العالم، بلغ متوسط التضخم في تركيا 72 في المائة في 2022، وبالفعل حدث هناك تراجع في نسبة التضخم في 2023 نتيجة تراجع تأثير خفض معدلات الفائدة التي قام بها البنك المركزي التركي في الأشهر القليلة الماضية، علما بأن توقعات "المركزي" أن يختتم التضخم في 2023 عند مستوى 22.

3 في المائة، وذلك نحو نصف توقعات المحللين والخبراء.

تراجع وتيرة التضخم في تركيا منذ بداية 2023 يتزامن مع تراجع التضخم في الدول الاقتصادية الكبرى، ويأتي نتيجة تراجع التضخم في السلع العالمية وكذلك في النفط ومشتقاته، وتلك من العوامل بالغة التأثير في الاقتصاد التركي الذي يعتمد في تركيبته الاقتصادية على المنتجات الزراعية والأقمشة والمنسوجات وصناعة السيارات وقطع غيارها ومركبات النقل وآلياتها، إلى جانب مواد البناء والأجهزة الإلكترونية والمنزلية.

كثيرون يعتقدون أن مشكلات الاقتصاد التركي ستستمر نتيجة السياسة النقدية المطبقة حاليا والمخالفة للأعراف الاقتصادية فيما يخص معدلات الفائدة في البلاد، التي بحسب ما هو متبع من قبل البنوك المركزية حول العالم يجب رفعها لإيقاف وتيرة التضخم، إلا أن السياسة التركية المتبعة معاكسة لذلك تماما.

فالطريقة المتبعة من قبل البنك المركزي التركي تراهن على أن خفض معدلات الفائدة سيعين الشركات على الاقتراض والتوسع في أنشطتها، وكذلك يعين الأفراد على الاقتراض وزيادة الاستهلاك، ما يرفع من حجم الناتج المحلي.

حدة التضخم ازدادت بالتزامن مع الخفض السريع لمعدلات الفائدة في منتصف 2022 من 14 في المائة إلى 9 في المائة في الوقت الذي كانت فيه دول العالم تقوم برفع معدلات الفائدة لديها، حيث تم رفعها خلال الفترة ذاتها في الولايات المتحدة ثماني مرات.

لذا كان قرار خفض معدل الفائدة خاطئا من حيث التوقيت ومن حيث مناسبته للاقتصاد التركي في ظل تصاعد معدل التضخم في البلاد.

إصرار "المركزي التركي" على صحة هذا التوجه وسط بعض التحذيرات الدولية أدى بالفعل إلى اشتعال وتيرة التضخم وتدهور سعر صرف الليرة بشكل سريع وعنيف.

لا تزال السياسة النقدية التركية تغرد خارج السرب، حيث تم إبقاء معدل الفائدة عند 8.

5 في المائة في آخر اجتماع للبنك المركزي الأسبوع الماضي، حيث أشار البنك إلى تحسن ملحوظ في حجم الطلب من المستهلكين وارتفاع في حجم الإنتاج في البلاد، مع دخول أموال جديدة إلى سوق الأسهم، وخروج أموال من سوق السندات، وتراجع ملحوظ في معدل التضخم.

هناك تفاؤل من الجانب التركي بتحسن الأوضاع الاقتصادية، مع الإبقاء على سياسات حماية الودائع بالليرة ضد تقلبات سعر الصرف وإدارة القروض المحلية، وهي عمليات مالية باهظة التكلفة على الحكومة إلا أنها ضرورية لوقف نزيف الليرة.

من جانب آخر، انتهاء فترة الانتخابات سيفيد في توجيه الجهود نحو الحلول العملية للمشكلات القائمة، ولا سيما أن هناك تشكيلا حكوميا جديدا، وهناك من يتحدث عن تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، في خطوة يظن البعض أنها تمهيد لتغير محتمل في السياسات النقدية للبنك المركزي.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 11 أشهر | 2 قراءة)
.