الرياضة السعودية برؤية مؤسساتية

يعد قطاع الرياضة أحد ركائز "رؤية 2030" لتنويع الاقتصاد ورفع مستوى الرفاهية، وتحويل الرياضة إلى مفهوم الصناعة التي أصبحت من نوافذ الاستثمارات المهمة لمعظم المستثمرين الذين تملكوا أندية مشهورة على مستوى العالم، فأصبحت مواقع مهمة للتسويق الرياضي من جميع الجوانب، إضافة إلى تسخير هذه المنظومات الرياضية إلى مراكز تعود بعوائد مالية ضخمة شبيهة بإيرادات الشركات الكبرى.

وبالتالي أصبحت الرياضة محفزا لمستثمرين جدد على الساحة، ما يعزز التكامل على مختلف المستويات، سواء بالنضج الإداري أو الحوكمة أو فرض الخطط والتغييرات بحرية ومرونة عالية، بل حتى ظهور أندية جديدة على الساحة.

ومن هنا فإن مشروع الاستثمار وتخصيص الأندية الرياضية في المملكة، الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، يعد نقلة نوعية أخرى على صعيد تحقيق مستهدفات "رؤية 2030".

فهذا المشروع يأتي بعد أن استكملت بالفعل الإجراءات التنفيذية للمرحلة الأولى.

ولأن الأمر يتم وفق رؤية استراتيجية تستهدف بالدرجة الأولى الوصول إلى آفاق تستحقها السعودية وشعبها، فإنه يجري على مراحل، تأخذ في الحسبان المعطيات والتحولات والإمكانات المحلية، في قطاع يعد محورا أساسيا على الساحة الدولية عموما، فضلا عن كونه رافدا من روافد التنمية المستدامة.

فالقيادة العليا في السعودية، وضعت الرياضة أداة مكملة للمسار التنموي بروابطها الاجتماعية والترفيهية والاقتصادية والتسويقية والاستثمارية، وغير ذلك من العوامل التي تتطلبها مسيرة البناء الشاملة على مستوى السعودية.

الأهداف الاستراتيجية للمشروع واضحة، كما أن لها روابط هي أيضا متفرعة.

ويمكن أن تتحقق هذه الأهداف ضمن النطاق الزمني الذي تم وضعه عمليا، وفي مقدمتها تهيئة الساحة من أجل العثور على فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمارات في هذا القطاع.

وهذا يقود بالطبع إلى رفع مستوى الاحترافية والحوكمة الإدارية والمالية وتطبيق أنظمتها المختلفة.

وهذه النقطة تعد محورا رئيسا من أجل إتمام المسار في هذا القطاع المهم، إلى جانب تطوير البنية التحتية للأندية بشكل عام.

فالمشروع لا يستهدف رياضة بعينها، بل كل الرياضات التي تضمها الأندية السعودية في الوقت الراهن.

ويمكن تحقيق كل ذلك، ليس فقط من خلال التشريعات المرنة التي أطلقتها القيادة، بل أيضا من خلال التجربة الرياضية السعودية عموما، ومكانة الوطن في كرة القدم، حيث يعد من أفضل الدوريات في آسيا، فضلا عن أنه من أغلى الدوريات من حيث القيمة السوقية قاريا وإقليميا.

مشروع الاستثمار والتخصيص يركز على نقطة مهمة، هي ضمان سلاسة الأداء الإداري بين الإدارات التنفيذية ومجالس الإدارات.

ما يسمح بأداء سلس في قطاع يستهدف تغييرات نوعية كبيرة، بما في ذلك زيادة الإيرادات من 450 مليونا إلى 1.

8 مليار ريال في الفترة المقبلة.

وهذا يسهم بالطبع في رفع القيمة السوقية المستهدفة للدوري السعودي من ثلاثة إلى ثمانية مليارات ريال.

وبالإمكان الوصول إلى هذا الرقم المستهدف، بالنظر إلى القدرات التي يتمتع بها القطاع الرياضي عموما في الوقت الراهن.

تضع رؤية المملكة 2030 الحوكمة أساسا لاستكمال نجاحاتها، وهذا ينطبق على مشروع الاستثمار وتخصيص الأندية الرياضية عموما.

فالحوكمة تعد المحور الأهم في عملية تحول الأندية إلى مؤسسات، وضمان أداء يليق بالمشروع والمفهوم الاستراتيجي له.

الأداء المؤسساتي الذي يضمن مسارا طبيعيا للتحول الرياضي في المملكة عموما، سيسهم "وفق المخططات الموضوعة" في الحد من تكاليف المخاطر التشغيلية في كل جانب، بما في ذلك إنهاء عقود المدربين واللاعبين.

وهذه نقطة ضرورية في إطار هذا التحول، لاستقطاب المستثمرين، ولضمان مؤسسات رياضية تكون جزءا رئيسا في قائمة المؤسسات الرياضية على مستوى العالم، وليس المنطقة فقط.

ورغم أن المشروع يستهدف تحقيق قفزات نوعية في مختلف الرياضات بحلول 2030، إلا أن المستهدف الأهم، هو إيصال الدوري السعودي إلى قائمة أفضل عشرة دوريات في العالم.

وهذا سيأتي بالطبع بعد تقييم حقيقي لأصول الأندية وقيمها السوقية.

إنها مرحلة أولية باتجاه المرحلة الثانية المهمة، التي تتعلق بفتح مجالات الاستثمار في الأندية السعودية للقطاع الخاص، وفق اللوائح والضوابط المساعدة على هذه الخطوة الضرورية في قطاع، سيسهم بقوة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما أنه سيدعم التحولات الاستراتيجية بشكل عام.

فالتنظيم الجديد يتميز بالقوة منذ البداية بملكية صندوق الاستثمارات العامة ما نسبته 75 في المائة من ملكية الأندية، إلى جانب 25 في المائة لمؤسسات غير ربحية.

إنها مرحلة محورية مهمة للغاية في القطاع الرياضي الوطني، الذي لن يكون كما هو الآن في المرحلة المقبلة، من حيث التطور من جهة دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، وسمعة المملكة التي تستحقها.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 10 أشهر | 3 قراءة)
.