انتخابات تركيا 2023: قصة الناشطة الإسلامية التي يتهم حزب متحالف مع أردوغان بقتلها قبل ربع قرن

صدر الصورة، Yahya Kuris أصبحت كونجا كوريس رمزاً للنسوية الإسلامية في تركيا.

كان الحديث عن موجة من التعذيب الوحشي المروع يتصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء تركيا في تسعينيات القرن الماضي عقب استخراج مئات الجثث ورفات البشر من الأقبية والمقابر السرية.

وعثر على معظمها عارية ومقيدة بـ "ربطة الخنازير" حيث كانت تكبل الأيدي والأرجل مع بعضها إلى الخلف، دُفن بعضهم أحياء، فيما تُرك البعض الآخر ليلقوا حتفهم بعد كسر عظامهم تحت التعذيب.

كانوا جميعاً ضحايا جماعة إسلامية كردية متشددة حملت إسم "حزب الله التركي"، وهي جماعة لا علاقة لها بحزب الله اللبناني.

كانت هذه الجماعة الإسلامية المتشددة، مسؤولة عن آلاف حالات الخطف والتعذيب والقتل في ذلك العقد المضطرب في تاريخ تركيا.

تأسست هذه الجماعة بدعم من الدولة التركية من أجل محاربة .

قصص مقترحة نهاية لم يكن حزب الله التركي يستهدف حزب العمال الكردستاني فحسب، بل أيضاً الإسلاميين والسياسيين والكتّاب ممن لديهم وجهات نظر أكثر ليبرالية بشأن الإسلام.

من بين أولئك الذين قتلوا بوحشية على يد الحزب في التسعينيات، الناشطة النسائية المسلمة البارزة، كونجا كوريس، التي أصبحت الآن رمزاً جديداً لتحدي حكومة رجب طيب أردوغان المحافظة.

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك الحلقات يستحق الانتباه نهاية عادت قضيتها إلى الظهور في تركيا بعد أن أيد أردوغان، علناً حزباً سياسياً إسلامياً كردياً متهماً بأنه الجناح السياسي لحزب الله التركي.

في الانتخابات العامة التي جرت مؤخراً في 14 أيار / مايو، بفضل دعم الرئيس أردوغان وتحالفه مع حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، حصل حزب "هدى بار" لأول مرة منذ تأسيسه في عام 2012، على أربعة مقاعد في البرلمان التركي.

وتنتقد المعارضة التركية التي تتهم هدى بار بأن له صلات بحزب الله التركي، الآن أردوغان لتشكيله تحالفاً مع الحزب الذي يشيرون إليه باسم حزب "قتلة كونجا كوريس" ومساعدته على دخول البرلمان.

ينفي مسؤولو هدى بار، بشدة المزاعم القائلة بأن "للحزب صلات بمنظمات إرهابية" لكن بعض أعضاء الحزب كانوا قد حوكموا وسجنوا وأفرج عنهم فيما بعد بسبب أنشطة حزب الله.

لكن من هي كونجا كوريس ولماذا اكتسب إسمها في تركيا زخماً في الآونة الأخيرة؟ صدر الصورة، Getty Images أيد الرئيس أردوغان حزب "هدى بار" الإسلامي وكثيراً ما ظهر على خشبة المسرح مع زعيمه زكريا يابيجي أوغلو خلال حملته الانتخابية.

في صيف عام 1998 اختفت كونجا كوريس.

وفقاً لمقال نُشر في صحيفة "ملييت" التركية، عندما غادرت كوريس وزوجها مصنع النسيج الذي كانا يديرانه في ليلة 16 يوليو/تموز متوجهَين إلى منزلهما في سيارتهما.

وقالت الصحيفة: "بينما كانا على وشك فتح باب منزلهما في حوالي الساعة الواحدة صباحاً، خرج ثلاثة رجال مسلحين كانوا يكمنون لهم فطرحوا زوجها أورهان كوريس أرضاً ثم قتلوه وأخذوا مفتاح السيارة وأجبروا كونجا على ركوبها وغادروا المكان بسرعة".

بحث عنها أصدقاؤها وعائلتها في كل مكان، لكن بدون جدوى.

وجه السياسيون أصابع الاتهام إلى "حزب الله التركي"، حيث تم اختطاف المزيد والمزيد من الكتّاب والسياسيين الليبراليين من قبل الجماعة وعثر على جثثهم لاحقاً.

وبعد 555 يوماً، من اختفائها من مسقط رأسها في مرسين، عُثر على جثتها وهي في وضعية "ربطة الخنازير" في أحد الأقبية.

تعرضت كونجا للتعذيب لمدة 35 يوماً قبل أن تفارق الحياة، صوّر الجناة مقاطع فيديو لأساليب التعذيب التي مارسوها ضدها وقد تم العثور عليها فيما بعد من قبل الشرطة، وأطلعت الصحفيين عليها.

وأعلن حزب الله التركي في وقت لاحق مسؤوليته عن اختطافها وقتلها في بيان واصفاً إياها بـ "عدوة الإسلام".

اكتسبت كوريس، التي كانت أماً لخمسة أطفال، شهرة واسعة بسبب آرائها الليبرالية حول الإسلام في التسعينيات من القرن الماضي.

كانت مناصرة لحقوق النساء وترتدي الحجاب، لكنها تبنت تفسيراً أكثر ليبرالية لمبادىء الإسلام.

كانت تنتقد حزب الله والنظام الأبوي الإسلامي، وتفضل المساواة بين الرجل والمرأة ودعت إلى نهج عقلاني لفهم وتفسير القرآن.

صدر الصورة، Twitter كانت كونجا كوريس تنتقد "النظام الأبوي الإسلامي".

تقول برين سونمز، الكاتبة النسوية الإسلامية البارزة: "كانت كونجا تعارض تبعية المرأة للرجل في الإسلام، "كانت حقاً امرأة شجاعة وقوية لم تتردد قط في التعبير عن آرائها، لكنها عبرت عنها بلغة حادة للغاية، ولفتت انتباههم".

لم تتلقَ كوريس أي تعليم ديني رسمي، لكنها تمتعت بحسٍ فضولي قوي.

انضمت إلى مجموعات دينية مختلفة لاستكشاف الإسلام والقرآن.

وبحسب سونمز، كانت مهتمة في البداية بحزب الله التركي، لكن سرعان ما نأت بنفسها عنه لأنها وجدته "متطرفاً جداً".

"أحد الأسباب الرئيسية لقتلها هو معرفتها العميقة بجماعة حزب الله من الداخل والخارج حسبما تقول برين سونمز، الكاتبة التركية النسوية.

"بادئ ذي بدء، أريد نيل حقوقي كامرأة.

أشتكي من الأخطاء في ترجمات القرآن اليوم وأراها تحريفاً.

لم يُترجم القرآن حتى الآن إلا من قبل الرجال الذين يؤيدون السلطة الأبوية وتفسير الآيات بما يحط من دور للمرأة".

نُسبت هذه الكلمات إلى كوريس في مجلة تسمى "بازاراتسي" و نُشرت في عام 2000.

تحدت كوريس، الإسلاميين التقليديين الذين يحرمون الحائض من ممارسة واجباتها الإسلامية مثل الصلاة والصيام وقراءة القرآن أو حضور صلاة الجمعة أو صلاة الجنازة ( الإسلاميون يبررون هذا المنع بالإشارة إلى الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية).

كما أعربت عن اعتقادها بأن الإسلام لا يلزم المرأة بتغطية شعرها أو جسدها .

تتذكر عائشة سفيلاي بال - صديقة عائلة كوريس - الأسئلة التي طرحتها كونجا قائلة: "في البداية، عندما بدأت تهتم بالإسلام الأكثر تشدداً، كانت ترتدي الحجاب الكامل، ثم غيرته إلى البنطال والحجاب.

كانت تسأل زوجي رجل الدين ما إذا كان يجب إجبار النساء على ارتداء الحجاب أم لا.

لم تكن تجرؤ على خلع الحجاب في ذلك الوقت".

وتقول عائشة، إن كونجا كوريس كانت ناشطة عنيدة في مجال حقوق المرأة أيضاً.

"كانت تعلّم الرجال أيضاً كيف يعاملوننا باحترام وكيف يتوقفوا عن قمعنا ويساعدوننا في العمل المنزلي، كانت تفتح أعيننا وعقولنا".

كان تأثير كوريس ينمو ليتجاوز مجتمعها المحلي في مرسين وينتشر في جميع أنحاء البلاد، حيث بدأت في الظهور على شاشات التلفزيون.

حينها بدأت تتلقى تهديدات بالقتل من قبل حزب الله التركي الذي وصفها بأنها "عدوة الإسلام".

نصحها أصدقاؤها والمقربون منها بالتخفيف من حدة انتقاداتها، لكن كوريس تجاهلت التحذيرات.

صدر الصورة، Getty Images حصل حزب هدى بار المتحالف مع أردوغان، على أربعة مقاعد في البرلمان في الانتخابات العامة التي جرت في 14 مايو/أيار في حديث لصحيفة "ملييت" في عام 2000 ، قال عبد الله كوريس، والد زوجها، إن كونجا تبنت لهجة أكثر صرامة ضد حزب الله وزادت من انتقاداتها لتفسيره للإسلام بعد أن زارت إيران لحضور مؤتمر حول الإسلام والمرأة.

وأضاف عبد الله كوريس: "لقد حذرتها من الذهاب إلى إيران لكنها لم تنصت إلي".

"طلبت منها التوقف عن التدقيق في أفكار حزب الله، لأنني كنت أخشى أن يحدث لها مكروهاً، لكنها كانت تقول: إذا كنت سأموت، فسأموت في سبيل الإسلام".

تم استخراج جثة كوريس من أحد الأقبية في يناير/كانون الثاني 2000.

تقول سونمز: "أحد الأسباب الرئيسية لقتلها هو معرفتها العميقة بجماعة حزب الله سواء من الداخل و الخارج".

وتضيف: "والسبب الثاني هو أنها تمكنت من إحاطة نفسها بحشد من المؤيدين لآرائها المختلفة عن الإسلام".

هدى بار، الحزب المتهم بأنه الجناح السياسي لحزب الله التركي، لديه الآن أربعة مقاعد في البرلمان، ويروج لدستور جديد بقيم إسلامية متشددة، ولا يمنح المرأة سوى القليل من الحقوق.

من المرجح أن تطرح المعارضة إسم كونجا كوريس في أول فرصة نقاش في البرلمان.

© 2024 بي بي سي.

بي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية.

الوكالات      |      المصدر: بي بي سي    (منذ: 10 أشهر | 4 قراءة)
.