الشعور بالقلق والخوف خلال فترة الاستعداد والتحضير للامتحانات.. أسباب وحلول

مع اقتراب موعد الامتحانات عامة، والإشهادية خاصة، من كل سنة، تنتاب العديد من التلاميذ والطلاب حالات الشعور بالخوف والقلق والهلع قبل وأثناء الامتحانات وأحيانا بعدها، وهي استجابات انفعالية لمثيرات ضاغطة أو مهددة أو تنذر بوقوع خطر، منها ما هو حقيقي ومنطقي ومنها ما هو خيالي وغير منطقي، ولكل منهما ردود فعل نفسية وجسدية تحدث نتيجة استثارة الجهاز العصبي، تظهر من خلال مجموعة من الأعراض: الجسمية-الفيزيولوجية أو المعرفية-الذهنية أو الوجدانية-الانفعالية أو الاجتماعية-التواصلية، ولكن يجب التميز بين حالات الشعور بالخوف والقلق الطبيعية أو الايجابية المحمودة، وهي تعبر عن الرغبة في النجاح والحصول على الدرجات أو النتائج الجيدة، إنها حالات محفزة ومطلوبة، تجعل التلاميذ يقظين نفسيا وبدنيا وتساعدهم على القيام بالعمل بشكل أفضل، وحالات الشعور بالخوف والقلق غير الطبيعية أو السلبية والمرفوضة، وهي تؤثر سلبيا على نفسيتهم أو على ثقتهم بنفسهم، وتتسبب في انخفاض أدائهم وتراجعهم بالرغم من مجهوداتهم، وقد تزداد حدتها بشكل يستدعي الاهتمام لدى التلاميذ الذين يعانون بالأساس من اضطرابات نفسية، مما يتطلب تدخلا من ذوي الاختصاص -وليس من بائعي الوصفات السحرية-لمساعدتهم على تحقيق الصحة النفسية.

ويعتبر موضوع دراسة الاستعدادات من موضوعات علم النفس القديمة والحديثة، فمجالها الرئيسي هو إبراز البعد الكمي والكيفي للفروق الفردية بين التلاميذ.

ويعتبر الاستعداد النفسي من الأمور الأساسية التي يجب أخدها بعين الاعتبار في العملية التعليمية-التعلمية، فهو أساس التعلم والنجاح.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع، سنعمل في هذه المقالة على إبراز خصوصية فترة الامتحانات عامة، والإشهادية خاصة، والحالات النفسية والجسدية المصاحبة، وذلك بهدف نشر الوعي والتوعية بها، وكيفية التعامل معها أو تدبيرها، وتقديم بعض الإجراءات والأساليب المساعدة على الاستعداد الجيد لاجتياز الامتحانات، وذلك بهدف تحقيق النتائج المرجوة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} انطلاقا مما سبق، يمكننا طرح مجموعة من الأسئلة من قبيل: ما مفهوم الاستعداد؟ وما هي أشكاله؟ ما هي أسباب حالات الشعور بالخوف والقلق الطبيعة وغير الطبيعة التي تظهر لدى التلاميذ قبل وأثناء الامتحانات وأحيانا بعدها؟ وما هي أعراضها؟ وكيف يمكن التعامل معها أو تدبيرها؟ الاستعداد النفسي للامتحانات يحيل لفظ أو مفهوم الاستعداد إلى حالة من التهيؤ الكامل للقيام بمهمة أو القدرة على التعلم وحسن استثمارها في مجال معين، ويشير في علوم التربية إلى اتجاه نحو سلوك خاص نتيجة عوامل عضوية أو نفسية أو هما معا، والحديث عن الاستعداد للامتحانات يعني ما إذا كان التلاميذ في حالتهم الراهنة على درجة كافية من التهيؤ تسمح لهم بالاستفادة من المعارف والكفايات والمهارات التي تلقوها داخل المؤسسات التعليمية.

ويرتبط الاستعداد في كثير من الحالات بعامل النضج حيث يزود هذا العامل التلاميذ بالإمكانيات التي تثير استعدادهم للتعلم.

وبالتالي، فالاستعداد هو عبارة عن سلوك يصدر عن التلاميذ، سواء أكان معرفيا أو انفعاليا أو حركيا، أثناء التهيؤ للامتحانات، أي هو كل ما يصدر عن التلاميذ من استجابات إزاء مختلف المواقف التي يواجهونها قبل وأثناء وبعد الامتحانات، مثل قواعد يفهمونها ومفاهيم يحفظونها، وتمارين أو موضوعات يحلونها، أو قرارات يتخذونها، أو مشروع يخططون له، وغيرها.

والاستعداد “قدرة” فطرية تكمن بداخل التلاميذ ومن الممكن أن تبقى كامنة ولا تظهر آثارها إذا لم تهيأ لها الظروف المساعدة داخل الوسط الذي يعيشون فيه.

ويمكن اتباع عدة أساليب واستراتيجيات للإعداد النفسي للمتعلم، من أهما تحديد الهدف من التعلم بغية خلق الرغبة في التعلم، ثم توفير الظروف المناسبة والباعثة على التعلم، وبعدها تمكين التلاميذ من الآليات الإجرائية للتعلم والحالات المصاحبة له مثل حالات الشعور بالضغط والخوف والقلق والارتباك وكيفية التعامل معها أو تدبيرها.

وللاستعداد ثلاثة أبعاد، أولها البعد النفسي بما هو وعي وتدبير لحالات الشعور بالقلق والخوف، وثانيها البعد المعرفي بما هو دراسة ومراجعة فعالة للمفاهيم والقواعد تضمن إلماما وفهما واستيعابا لمضامينها، وثالثها البعد المنهجي المتمثل في طريقة الدراسة وسبل اجتياز الامتحان.

وبشكل عام، يظهر الاستعداد في المساهمة في تحقيق الإمكانات الداخلية للتلميذ(ة)، وفي فهم وتنمية قدراته الفردية، وتطوير وتعزيز مكامن القوة لديه، وتغيير مكامن الضعف، أي إعداد التلميذ(ة) لاتخاذ الإجراءات الصحيحة في المواقف المتوقعة وغير المتوقعة، ليطور استراتيجيات الدراسة، وطرق المراجعة والتعامل مع المواضيع والتمارين، وطرق التحكم في الذات، وتجنب الأحكام والتمثلات الخاطئة، وتدبير حالات الشعور بالقلق والخوف وتصريفها.

ويهدف الاستعداد النفسي إلى خلق احتياطات نفسية لتعزيز التنظيم الذاتي للتلاميذ، والقدرة على التحكم في السلوك قبل وأثناء الدراسة والمراجعة لاجتياز الامتحانات، خاصة الإشهادية.

وتظهر نتائج الاستعداد النفسي حين يشعر التلميذ(ة) بأنه طبيعي ليس فقط في وسط ووضعيات مريحة، ولكن حينما يكون قادرا على التعامل مع حالات الشعور بالضغط والقلق والخوف والارتباك أثناء الدراسة والمراجعة لاجتياز الامتحانات الإشهادية.

والملاحظ أن عددا من التلاميذ بالرغم من دراستهم ومراجعتهم الجيدتين تنتابهم حالات الشعور بالخوف والقلق قبل وأثناء الامتحان، وأحيانا بعده، وهذا الأمر من شأنه أن ينعكس بنتيجة سلبية على نفسيتهم ووضعهم في الامتحان، وفي مستقبلهم.

سبقت الإشارة إلى أن استعداد التلاميذ لاجتياز الامتحانات الإشهادية يعبر عن سلوك أو نشاط فردي ومركب من مجموعة من الجوانب الأساسية تبرز طبيعة شخصيتهم، من منطلق أن جميع التلاميذ أشخاصا ولكل منهم شخصيته، ويمكن تحديد هذه الجوانب في العناصر التالية: أولا: الجانب المعرفي: إن التلميذ(ة) يدرك ما حوله من مظاهر وأحداث مختلفة، يتفاعل برموز ومعان معينة، مثلا التلميذ(ة) يدرك أنه جالس يقرأ صفحات من كتاب أو يكتب مقالة أو يقوم بحل معادلة أو يفكر في المستقبل، وإذا فكر في مستقبله استطاع أن يصل إلى تحديد معالم مشروعه في الحياة.

وهذا التحديد أو التصور أو التفكير في مستقبله هو عملية معرفية أو ذهنية تظهر من خلال مجموعة من العمليات مثل الإدراك والتمييز والتصور والتخيل والتفكير والتذكر وغيرها، وهذه العمليات المعرفية تختلف من تلميذ(ة) إلى آخر حسب اختلاف شخصياتهم.

ثانيا: الجانب الحركي: يتمثل هذا الجانب في الاستجابة الحركية لتعلمات أو تنبيهات معينة مثل استجابة التلميذ(ة) لإشارة المرور بالمشي أو التوقف، أو كتابة مقالة على ورقة، أو حل معادلة، وغيرها، فعملية الكتابة تمثل الجانب المعرفي في إدراك معنى الكلمات والألفاظ والرموز، ويتمثل الجانب الحركي في الكتابة والسرعة واختيار شكل معين للكلمات أو الألفاظ والرموز… وغيرها.

ثالثا: الجانب الوجداني: يمثل هذا الجانب الحالة الانفعالية التي تصاحب سلوك التلميذ(ة)، فالميل إلى موضوع من موضوعات البرنامج الدراسي (الرياضيات، الفيزياء، والفلسفة وغيرها) والتحمس له والإقبال عليه يمثل دافعا للسلوك، كما أن الشعور بالارتياح حيال موضوع معين يؤثر في تدعيمه أو تراجعه.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الجوانب الثلاثة (المعرفية والحركية والوجدانية) تعمل في وحدة كلية ومتكاملة، وهي تختلف من تلميذ إلى آخر حسب اختلاف شخصياتهم، وتظهر هذه الجوانب أثناء فترة الدراسة والمراجعة لاجتياز الامتحانات، خاصة الإشهادية، حيث نجد أن عددا من التلاميذ تنتابهم حالات من الشعور بالخوف والقلق أثناء فترة، بالرغم من دراستهم ومراجعتهم الجيدتين، وهذا الأمر من شأنه أن ينعكس سلبيا على نفسيتهم ووضعهم في الامتحان، وبالتالي على نتائجهم ومستقبلهم.

أسباب حالات الشعور بالقلق والخوف أثناء فترة الاستعداد والتحضير للامتحانات مع اقتراب موعد الامتحانات الإشهادية نجد مجموعة من التلاميذ تنتابهم حالات الشعور بالقلق والخوف والارتباك، وتعتبر هذه الحالات استجابات انفعالية لمثيرات ضاغطة أو مهددة أو تنذر بوقوع خطر، ولكل منهما ردود فعل نفسية وجسدية تحدث نتيجة استثارة الجهاز العصبي.

ولكن علينا أن نميز بين حالات الشعور بالخوف والقلق الطبيعية والايجابية المحمودة، وهي تعبر عن الرغبة في النجاح والحصول على الدرجات أو نتائج جيدة، إنها حالات محفزة ومطلوبة تجعل التلميذ(ة) يقظا نفسيا وبدنيا وتساعده على القيام بالعمل بشكل أفضل.

أما حالات الشعور بالخوف والقلق غير الطبيعية والسلبية والمرفوضة فهي تؤثر سلبا على شخصية التلميذ(ة)، وعلى ثقته بنفسه، وتتسبب في انخفاض أدائه وتراجعه بالرغم من مجهوداته.

هكذا يمكن القول إن الخوف إحساس فطري يظهره التلميذ(ة) كرد فعل نتيجة تعرضه لخطر موضوعي كحالة الخوف من الرسوب أو الحصول على نتائج متوسطة، ويدفع الذات إلى إطلاق الميكانيزمات الدفاعية الداخلية للحفاظ على نفسها، وبالتالي فهو سلوك انفعالي طبيعي وإيجابي.

أما الخوف من خطر غير موضوعي لا يبرره العقل الشعوري فهو خوف مرضي، يصعب التحكم فيه والسيطرة عليه، كما أن أصحاب هذه المخاوف يدركون جيدا أن مخاوفهم تلك غير منطقية.

ومن الملاحظ أن استخدام حالات الشعور بالخوف والقلق يتم بصورة تبادلية، في حين يوجد اختلاف بينهما في الكثير من الحالات، من أهمها أن الخوف يختلف عن القلق في كون الأول أسبابه معروفة ومصادره محددة مثل حالة الشعور بالخوف من الرسوب في الامتحانات، ولا تكون على هذا الشكل دائما في حالة الشعور بالقلق، كما أن حالة الخوف تكون واقعية وخارجية يواجهها التلميذ(ة) على مستوى الشعور، ويزول الخوف بزوال مصدره أو مثيره، أما القلق فلا يكون التلميذ(ة) منبهاً إلى مصدره عادة على مستوى الشعور، فهو داخلي ومجهول مرتبط بخبرات التلميذ(ة) السابقة… وغيرها، ويتشابه اضطراب الخوف مع القلق العصبي في شعور التلميذ(ة) المضطرب بالخوف الشديد بدون مبرر منطقي في الواقع، وتصاحب ذلك مجموعة من الأعراض المعرفية والوجدانية والاجتماعية والجسدية، وهذه الأعراض ليست لها أسباب عضوية بل أسباب نفسية، تسمى “الأعراض أو الاضطرابات السيكوسوماتية” (psychosomatique)، ولذلك لا تنفع معها أية أدوية لأنها تزول عندما يشعر التلميذ(ة) بالاطمئنان والراحة النفسية.

ومن بين أسباب حالات القلق والخوف أثناء فترة الامتحانات الإشهادية، نذكر ما يلي: – خوف التلاميذ من الفشل أو الرسوب، أو الحصول على نتائج غير مقبولة.

– الدراسة أو التهيؤ غير الكافي للامتحانات، وتراكم المادة الدراسية وصعوبة فهمها وحفظها.

– إفراط بعض التلاميذ في التعاطي لشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي طيلة السنة الدراسية.

– شعور التلاميذ بأنهم غير مستعدين بما فيه الكفاية لاجتياز الامتحانات.

– الخوف من الامتحان في حد ذاته (phobie la).

– التفكير السلبي؛ نجد بعض التلاميذ يركزون على سلبياتهم ونقاط ضعفهم مما يولد لديهم إحساسا بالعجز عن أداء المهمات التي بإمكانهم أن يقوموا بها بسهولة لأنهم يملكون القدرات والإمكانات المطلوبة.

– الحاجة للحصول على نتيجة محددة (نتائج جيدة لدخول تخصص معين، مثلا كلية الطب، أو الهندسة).

– طموحات التلاميذ المبالغة فيها.

– تنافس التلاميذ مع زملائهم والرغبة القوية في التفوق عليهم.

– التمثلاث الخاطئة حول الامتحانات.

– عدم أو قلة الثقة في النفس.

– إن للآباء دورا في ظهور حالات الشعور بالخوف أثناء فترة الامتحانات الإشهادية لدى أبنائهم من خلال توقعاتهم غير المنطقية التي لا يراعون فيها قدراتهم الحقيقية، محددين نتائج أو أهدافا لا يمكن لأبنائهم أن يحققوها.

– مشاهدة التلاميذ بعض حالات الشعور بالخوف والقلق التي يعيشها الآباء تجاه أبنائهم أثناء فترة الامتحانات الإشهادية.

– مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في ترويج وانتشار بعض الأخبار الزائفة حول الامتحانات الإشهادية… وغيرها.

أعراض حالات الشعور بالخوف والقلق أثناء فترة الامتحانات تظهر أعراض حالات شعور التلاميذ بالخوف والقلق قبل وأثناء فترة الامتحانات الإشهادية، وأحيانا بعدها، في مجموعة من جوانب شخصيتهم، وهي على الشكل التالي: – الجانب الجسمي-الفيزيولوجي: من أهم أعراضه التعرق والارتجاف وارتعاش اليدين، وسرعة ضربات القلب، والصداع في الرأس، والجفاف في الفم والحلق، والتقلصات في المعدة وآلام في البطن، وفقدان الشهية، والشعور بالغثيان، وإهمال الذات والأرق، وكذلك إفراز هرمونات في الجسم بشكل غير منتظم… وغيرها.

وهذه الأعراض البدنية والفيزيولوجية ليست لها أسباب عضوية، بل هي ذات أسباب نفسية تسمى “الأعراض السيكوسوماتية”، وتجد بعض التلاميذ يتعاطون بعض أنواع الأدوية وأحيانا سجائر ومخدرات لتجنب بعض منها.

– الجانب المعرفي-الذهني: إلى جانب الأعراض الجسمية-الفيزيولوجية، توجد كذلك أعراض معرفية، من أهمها ضعف القدرة على التركيز أثناء فترات الامتحانات الإشهادية وقبلها، وكذلك ظهور بعض حالات النسيان أو فقدان المادة المعرفية لدى التلاميذ، وهي ناتجة عن حالة التوهم (hypochondria)، مما يدفع بعض التلاميذ إلى التفكير في سلوك غير تربوي وغير قانوني مثل الغش.

– المستوى الثالث مرتبط بالجانب الوجداني-الانفعالي، ومن بين أعراضه نذكر على سبيل المثال لا الحصر، فقدان الرغبة في الدراسة، إظهار الغضب والعدوانية، والشعور بفقدان الأمل، وأحيانا الشعور بالاكتئاب.

أما المستوى الرابع المتعلق بالجانب الاجتماعي-التواصلي، فنجد من أعراضه أن بعض التلاميذ يميلون إلى العزلة الاجتماعية، وأحيانا العدوانية، وفقدان القدرة على الاعتماد على النفس، وعدم تحمل المسؤولية، وأحيانا الرغبة في عدم اجتياز الامتحان، وقد يتعطل بعضهم عن أداء مختلف أنشطتهم اليومية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الأعراض وغيرها لا تظهر بالحدة أو الشدة نفسها لدى التلاميذ، فهي تختلف من تلميذ إلى آخر حسب شخصية كل واحد منهم.

تدبير حالات الشعور بالقلق والخوف أثناء فترة الامتحانات توجد مجموعة من الإجراءات العملية لتدبير حالات الشعور بالخوف والقلق أثناء موعد اقتراب الامتحانات الإشهادية وأثناءها وأحيانا بعدها، من أهمها الوعي بعلل أو مسببات حالات الشعور بالخوف والقلق، وكذلك المعرفة بأنها حالات طبيعية وإيجابية يشعر بها جميع التلاميذ، فهي تعبر عن الرغبة في النجاح، وتعتبر محفزة ومطلوبة لتحقيق التعلم، حيث تجعل التلاميذ يقظين نفسيا وبدنيا وتساعدهم على القيام بالعمل والاجتهاد فيه، لكن إذا ما سيطرت حالات الشعور بالقلق والخوف وتداخلت مع الشك وفقدان الثقة في الذات قد تؤثر سلبيا على أداء التلاميذ أثناء الإجابة في الامتحانات بالرغم من التحضير الجيد لها، وهذا الأمر من شأنه أن ينعكس سلبا على نفسية التلاميذ ومستقبلهم، ومثل هذه الحالات تتطلب تدخلا من ذوي الاختصاص-وليس من بائعي الوصفات السحرية-لمساعدة التلميذ(ة) على التعامل مع مشاعره وأفكاره وتمثلاته من أجعل إدراكها بهدف تصحيحها، وتحقيق الصحة النفسية.

ومن الأمور الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء فترة الامتحانات الإشهادية وقبلها، الوعي بوجود فروق فردية بين التلاميذ، فكل واحد منهم له طريقته وأسلوبه في الدراسة والمراجعة تختلف عن الآخر، فإذا كان بعضهم يتفوق في قدرة معرفية مثلا في الحفظ، نجد آخر يتفوق في قدرة أو قدرات أخرى.

كما يجب عدم تعظيم شأن الامتحان، وأن الفشل فيه هو فشل في الحياة، بل يجب النظر إليه على أنه تجربة من تجارب الحياة الطبيعية، يحتاج إلى الاهتمام والاستعداد والعمل بذكاء، أي اتباع استراتيجيات.

إن التفكير السلبي أثناء فترات الامتحانات الإشهادية قد يفقد الثقة في نفوس التلاميذ، وإعادتها أمر مهم، بحيث يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الثقة في النفس شعور مسؤول عنه التلميذ(ة)، وهي مرتبطة بشكل كبير بالإعداد والتحضير القبلي للامتحانات الإشهادية منذ بداية الموسم الدراسي، وهذا ما لا يفعله كثير من التلاميذ، حيث تجدهم يؤجلون أو يؤخرون المراجعة للامتحانات الإشهادية إلى الأيام الأخيرة التي تفصل عن موعدها، فتتراكم عليهم المادة الدراسية ويقفون مع جبال من الدروس والمفاهيم والقواعد، حتى وإن راجعوا وحفظوا تجدهم مرتبكين ومضطربين.

فإذا كان بعض التلاميذ يعانون من حالات النسيان مما درسوه وتعلموه، فعليهم ألا يقلقوا من هذا الأمر؛ قد تكون مجرد حالات من التوهم.

لهذا يجب على التلاميذ القيام بمراجعات منتظمة طيلة الموسم الدراسي، لأنها تقتصد الوقت والجهد وتثبت المعلومات وتيسر عملية استدعائها وتزيد الثقة في النفس وتطمئن الأسرة.

ومن بين الإجراءات المهمة لتدبير حالات الخوف والقلق أثناء فترة الامتحانات الإشهادية، الاهتمام بالجانب البدني من منطلق أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة البدنية، مثل الاعتماد على نظام غذائي صحي ومتوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، وكذلك النوم الكافي، والقيام بتمارين التنفس الجيد التي تساعد على الاسترخاء البدني.

ومن بين الإجراءات الأساسية أثناء يوم الامتحان، أن يستيقظ التلميذ(ة) مبكرا ولا داعي للقيام بمزيد من المراجعة، وعدم المناقشة مع التلاميذ الآخرين قبيل الدخول إلى قاعة الامتحان، كما يجب معرفة أن الوقت المخصص للامتحان كاف لقراءة الأسئلة أكثر من مرة والإجابة عنها جميعها، وإذا شعر التلميذ(ة) بتسارع نبضات القلب وتعرق اليدين والارتجاف أثناء بداية الامتحان، وجب عليه التنفس بعمق والاسترخاء، وقبل الإجابة عن الأسئلة يجب على التلميذ(ة) قراءة جميع معطيات الامتحان، وعمل خطة تتضح فيها الأفكار الأساسية التي ينوي الإجابة عنها، ويستحسن البدء بالأسهل، والقيام بمراجعة قبل تسليم ورقة الامتحان.

وبعد خروج التلاميذ من الامتحان، يستحسن الابتعاد عن مناقشة الأجوبة حتى لا يتأثروا في الامتحان القادم.

انطلاقا مما سبق، يمكننا القول إن النجاح إرادة ذاتية مرتبطة بتضافر جهود متعددة، منها ما هو مرتبط بالتلميذ(ة)، ومنها ما هو مرتبط بالأسرة، ومنها ما هو مرتبط بالأساتذة، ومنها ما هو مرتبط بالإعلام، وغيرها.

والنجاح من صنع الذات-التلميذ-(ة)، يتطلب مقومات نفسية وبدنية متكاملة، يلعب فيها الاستعداد النفسي دورا أساسيا، فبالاستعداد والرغبة والإرادة والتعلم والمحاولة والصبر، وغيره، يصنع النجاح، وقد أجاب أحد الحكماء عن السؤال: كيف استطعت أن تولد النجاح في تلاميذك؟ بالقول: كنت أرد بثلاث على ثلاث: من قال: “لا أقدر” قلت له حاول، ومن قال: “لا أعرف” قلت له: تعلم، ومن قال: “مستحيل” قلت له: جرب.

وتبقى الإشارة إلى أن نحاج التلميذ(ة) في الامتحان هو نجاح للأسرة وللمجتمع وللدولة وللإنسانية.

*باحث في علم النفس

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 11 أشهر | 4 قراءة)
.