المسيّرات في حرب أوكرانيا.. رسائل وتداعيات

المسيّرات في حرب أوكرانيا.. رسائل وتداعيات

المصدر: تحليل: أمجد عرار التاريخ: 01 يونيو 2023 ت + ت - الحجم الطبيعي استخدام الطائرات المسيّرة من دون طيار في الحروب، خصوصاً في مهام الاستطلاع، ليس أمراً جديداً، ففي العام 1980 استخدمت إسرائيل هذه الطائرات للتحليق فوق البقاع اللبناني.

حيث نشرت سوريا منظومة دفاع جوي حديثة وصلت من الاتحاد السوفييتي، ونجحت تلك المنظومة في إسقاط عدد من تلك الطائرات، لكن بعد مدة، أغارت إسرائيل على المنظومة وألحقت بها أضراراً كبيرة، وربما دمرت بعضها، ليستنتج خبراء فيما بعد بأن الطائرات المسيرة لعبت دور «الطعم» لاصطياد أسرار المنظومة السوفييتية.

كما لعبت الطائرات المسيرة أدواراً عسكرية مختلفة في حروب أفغانستان والعراق وسوريا، وفي مهاجمة أهداف إرهابية في دول أفريقية.

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تلعب الطائرات المسيرة من دون طيار دوراً بالغ الأهمية، واتخذ استخدامها أبعاداً جديدة في الحرب، حيث تقوم بالعديد من الواجبات القتالية، رصداً وتنسيقاً وتصويراً وقصفاً، ونقلاً للماء والغذاء والدواء للمواقع القتالية.

ونظراً لأسعارها الزهيدة وتكاليف تشغيلها المنخفضة، بات الاعتماد عليها أكثر تعاظماً، من الجانبين الروسي والأوكراني، وقد برز استخدامها في الآونة الأخيرة على نحو مكثّف في هجمات متبادلة وعابرة للحدود.

حيث يمطر الجيش الروسي بانتظام العمق الأوكراني بمسيّرات متفجرة وانتحارية، في حين ترسل كييف طائرات مماثلة إلى العمق الروسي.

حدث ذلك في شبه جزيرة القرم أو منطقة بيلغورود الحدودية، وبلغت ذروة التصعيد، حين وصلت هذه الطائرة المسيرة إلى ما فوق موسكو، بل وحتى الكرملين نفسه.

لكن من خلال متابعة مجريات الحرب، والفعل ورد الفعل، يتضح أن الدوافع والأهداف وراء تكثيف اللجوء للطائرات المسيرة، لا تتطابق لدى الجانبين، وإن توفر العديد من التقاطعات، وهذا أمر طبيعي، حين يدور الحديث عن الأداة نفسها.

ولأنها أقل كلفة - بما لا يقارن - من الصواريخ غالية الثمن، والتي يمكن أن يذهب ثمنها هدراً في حال اعتراضها، لجأ الجانبان لاستخدامها لتكون بمثابة شرك لإجبار الدفاعات على إطلاق صواريخ الدفاع الجوي لاستنفادها.

حسابات التكلفة إذا أخذنا بما يقوله «المعهد البريطاني للخدمات المتحدة، وهو إن الصناعة الروسية لا يمكنها توفير إلا حوالي 40 صاروخاً طويل المدى كل شهر»، فإن من المنطقي جداً أن نرى روسيا تقنن استخدام هذه الصواريخ وتستعيض عنها بعدد كبير من الطائرات من دون طيار.

حيث السهولة والسرعة والفاعلية المرتبطة بطبيعة المهمة، وزيادة عدد محاور الاستهداف في الوقت ذاته، مع استخدامها في الوقت نفسه «كشافة لتحديد الثغرات في الدفاع الأوكراني»، وهو دفاع وسائله متعددة المصادر، وبما تتوزع على عدد دول الناتو، وغيرها من الدول الغربية.

التطور اللافت خلال الشهر المنصرم، هو استهداف موسكو مرتين بهذه الطائرات، إذ إن استهداف مناطق روسية على الحدود مثل بيلغورد، بات أمراً يمكن لروسيا هضمه، وإن بصعوبة، باعتبار أن المناطق الحدودية جزء من الجبهة.

أما موسكو فلها بعد آخر.

في المرة الأولى - قبل أسبوعين - وصلت مسيرة أوكرانية إلى أجواء ما فوق الكرملين، وقبل يومين وصلت ثماني من هذه المسيّرات إلى سماء موسكو.

ورغم أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت المسيّرات في الحالتين، إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة أن هذا التطور يمثل تحولاً نوعياً في المسار، هذا التحول ليس مرتبطاً بالتأثير الميداني لهذه الهجمات، لأنه يكاد يقترب من الصفر.

دلالات رمزية الدلالات في استهداف موسكو والكرملين، ذات طبيعة رمزية، والجانب الأوكراني الذي يدرك انعدام التأثير العسكري الميداني من هذه الوسيلة، يستهدف بالفعل الرمزية والهيبة الروسية، ذلك أن الجميع يدرك أن الفارق التكنولوجي والعسكري الكبير، يجعل موسكو قادرة على اختيار أهداف بعينها وضربها بوسائل متنوعة، لكن هذه القدرة لا تتوفر لدى أوكرانيا، رغم الدعم الغربي.

ومما جرى خلال الأسبوع الماضي، وما تعرضت لها كييف ومناطق أبعد، على حدود بولندا ورومانيا، من استهداف لمستودعات ذخيرة غربية في مطارات عسكرية، ومن ثم استهداف مقر الاستخبارات الأوكرانية، في العاصمة، من ذلك يمكن فهم الرد الأوكراني المستهدف لموسكو، ليكون بمثابة رسالة للجانب الروسي بأنه قادرة على الوصول للعمق، وكذلك رسالة دعم معنوي لجمهورها.

لكن لكل سؤال جواب، ولكل رسالة رسالة مضادة، ويبدو أنه لا يمكن أن يتحول استهداف موسكو، إلى جزء من روتين يومي في الحرب، حيث سمعنا نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي يعلن في رد على تأييد بريطانيا لاستهداف موسكو، بأن أي مسؤول بريطاني، بات من الآن هدفاً عسكرياً لروسيا.

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

الامارات      |      المصدر: البيان    (منذ: 11 أشهر | 1 قراءة)
.