أوكرانيا.. 3 سيناريوهات لاستخدام روسيا للنووي وهذه ردود الناتو المحتملة

في عامها الثاني، بدت الأزمة الأوكرانية أقرب إلى التصعيد من الحل، بعد أن طويت صفحة السلام، وحل بديلا عنها التصعيد الميداني والتوترات المستمرة.

ففيما شنت روسيا هجمات على الأجزاء الشمالية والجنوبية من الجبهة في منطقة دونباس شرق أوكرانيا يوم الجمعة، ما زال الحديث عن التصعيد النووي، يحتل مساحة من النقاش حول الأزمة الأوكرانية، بعد الخطوة البريطانية الأخيرة، التي أثارت الكثير من المخاوف.

وكانت نائبة وزير الدفاع البريطاني أنابيل غولدي قالت الأسبوع الماضي إنّ المملكة المتحدة تعتزم تزويد أوكرانيا بقذائف “تحتوي على يورانيوم منضّب”، مشيرة إلى أن “هذه الذخيرة فعّالة للغاية في تدمير الدبابات والمراكب المدرّعة الحديثة”.

إلا أن تلك الخطوة البريطانية، وجدت تنديدات فورية وتحذيرات رسمية من روسيا، التي سارعت إلى الرد على لسان رئيسها فلاديمير بوتين الثلاثاء، قائلة إنّ “روسيا ستضطرّ للرد” في حال حدوث مثل هذا التسليم.

ذلك التصعيد اللفظي، أثار تساؤلات حول الصراع النووي المحتمل، وما هي قدرات روسيا النووية، وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وما إذا كان يمكن للتوترات المستمرة والخصوم المحتملين الآخرين المسلحين نوويًا، أن يؤدوا إلى نشوب نزاع نووي؟ ورغم تأكيدات روسيا حول العقيدة النووية، والتي تنص على أنه لا يمكن أن تأخذ زمام المبادرة لاستخدام “الأسلحة النووية التكتيكية”، إلا أن هناك مخاوف دولية من أن تلجأ موسكو إلى استخدام أسلحة تكتيكية نووية صغيرة “لتغيير قواعد اللعبة” وكسر الجمود في ساحة المعركة.

فما مدى القدرات النووية الروسية؟ تشير التقديرات الأخيرة والتي نشرت في 21 سبتمبر/أيلول 2022 إلى أن روسيا تمتلك (5,977) رأساً نووياً، بينها حوالي (1,500) رأس نووي أحيلت إلى التقاعد ومن المقرر تفكيكها.

ويعتبر معظم الـ4,500 رأس نووي المتبقية، أسلحة نووية استراتيجية – أي صواريخ باليستية أو صواريخ يمكن توجيهها إلى أهداف بعيدة المدى، وهذه هي الأسلحة التي ترتبط عادة بالحرب النووية.

وتقول الدكتورة باتريشيا لويس مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس”، إن أي تحرك لتجهيز ونشر الأسلحة النووية الروسية سيكون مرصوداً ومراقباً من جانب الأقمار الاصطناعية للولايات المتحدة وغيرها التي يمكنها الرصد في كل الأجواء رغم وجود سحب أو ظلام دامس.

وأشارت إلى أنه اعتماداً على المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الأخرى – وفي ظل فشل كل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا بالعدول عن تصرفها – قد تقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق تلك الأسلحة بمختلف الوسائل.

العقيدة النووية الروسية العقيدة النووية لروسيا ليست سرية بهذا الشأن، فهناك وثيقة خاصة تسمى “أسس سياسة الدولة في مجال الردع النووي”، نصت على إمكان اللجوء إلى ضربات نووية إذا تعرضت أراضي تعتبرها موسكو تابعة لها لأي هجمات، وهو ما قد تكون عليه الحال في المناطق الأوكرانية التي جرت عليها استفتاءات لضمها إلى روسيا.

وكان دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أجاب في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2022 على سؤال حول ما إذا كان الهجوم على جسر القرم يندرج ضمن مبررات تفعيل العقيدة النووية الروسية قائلاً: “لا، إنها صيغة خاطئة تماما للسؤال”.

وتتضمن الوثيقة المتعلقة بالعقيدة النووية الروسية” أربع أسس لاستخدام السلاح النووي، وهي: تعرض روسيا لهجوم بصاروخ نووي.

استخدام أي أسلحة نووية أخرى ضد روسيا أو حلفائها.

تعرض البنية التحتية الحيوية لهجوم يشل الردع النووي.

ارتكاب عمل عدواني ضد روسيا وحلفائها يهدد وجود الدولة.

العناصر الرئيسية لعقيدة روسيا النووية الردع: مبدأ الردع: تعتبر روسيا أسلحتها النووية وسيلة لردع التهديدات المحتملة لأمنها وسلامتها الإقليمية.

عدم الاستخدام الأول: تنص العقيدة النووية الروسية صراحةً على أنها لن تستخدم الأسلحة النووية إلا للرد على هجوم نووي أو في حالة وقوع هجوم تقليدي يهدد وجود الدولة.

الثالوث النووي: يعتبر الثالوث النووي لروسيا عنصرا أساسيا في مذهبها النووي، وهو يتكون من صواريخ باليستية عابرة للقارات أرضية (ICBM) ، وصواريخ باليستية تطلق من الغواصات (SLBMs) ، وقاذفات استراتيجية.

السيطرة على التصعيد: تؤكد العقيدة النووية الروسية أيضًا على أهمية السيطرة على التصعيد، وهي فكرة أنه يجب منع الصراع النووي من الخروج عن نطاق السيطرة، مما يتطلب قنوات اتصال واضحة وفهم مشترك لقواعد الاشتباك.

الدفاع الصاروخي: تعتبر روسيا أنظمة الدفاع الصاروخي تهديدًا لاستقرارها الاستراتيجي لأنها يمكن أن تحيد الردع النووي الروسي، مما يسهل على الدول الأخرى شن ضربة أولى ضد روسيا.

فما هي قدرات حلف شمال الأطلسي الناتو النووية؟ لا يمتلك حلف شمال الأطلسي (الناتو) كمنظمة أي أسلحة نووية، إلا أن الأسلحة النووية لا تزال تحت سيطرة ثلاث دول أعضاء فقط، هي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.

وتُعد الولايات المتحدة أكبر قوة نووية داخل حلف الناتو بحوالي 5800 رأس نووي، فيما يُعتقد أن فرنسا تمتلك 300 رأس حربي، والمملكة المتحدة قرابة 215 رأساً، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.

وبفضل اتفاقية مشاركة الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا، فإن هناك خمس دول أخرى تمتلك نحو 100 قنبلة نووية، وهي: تركيا بقاعدة “إنجرليك” الجوية، وألمانيا بقاعدة “بوشل” الجوية، وإيطاليا بقاعدة “أفيانو – قاعدة غيدي” الجويتين، وبلجيكا قاعدة “كلاين بروغل” الجوية، وهولندا قاعدة “فولكل” الجوية.

ما العقيدة النووية لـ”الناتو”؟ يقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن حلف الناتو يعتمد على الأسلحة النووية التي تنشرها الولايات المتحدة في أوروبا، وعلى القدرات والبنية التحتية التي يوفرها الحلفاء المعنيون، مشيرًا إلى أن عقيدة الردع النووي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لن تتأثر بالتوترات المتزايدة بين واشنطن وموسكو.

ولا يزال مبدأ الدفاع الجماعي في المادة الخامسة أمراً صارماً في مجال القدرات العسكرية، والتي تنص على أن “الهجوم على حليف واحد يعتبر هجوماً على كل الحلفاء”.

وتبنى حلف الناتو مبدأ “عدم البدء باستخدام” السلاح النووي، فيما تعهدت واشنطن بالامتناع عن استخدام الأسلحة النووية ضد الدول غير الحائزة عليها، لكنها لم تستبعد المبادرة باستخدامها في حالات وظروف لم تحددها.

وتقول الدكتورة باتريشيا لويس مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، إنه إذا ما قررت روسيا مهاجمة أوكرانيا بأسلحة نووية، فمن المرجح أن ترد دول الناتو على أساس أن تأثير الأسلحة النووية سوف يعبر الحدود، ويؤثر على الدول المحيطة بأوكرانيا.

وأشارت إلى أنه يمكن أن يرد الناتو باستخدام الأسلحة التقليدية ضد المواقع الاستراتيجية الروسية، أو بالمثل باستخدام الأسلحة النووية، حيث هناك عدة خيارات متاحة له، مؤكدة أن كل تلك السيناريوهات تعني الانجرار إلى حرب كبرى مع روسيا.

سيناريوهات استخدام الأسلحة النووية التكتيكية يقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن تدريبات القوات الروسية في يناير/كانون الثاني 2022 ركزت على جاهزية القيادة والتحكم العسكريين وأطقم القتال والسفن الحربية وناقلات الصواريخ الاستراتيجية، فضلاً عن موثوقية الأسلحة الاستراتيجية النووية، مما زاد من احتمالات استخدام روسيا الأسلحة النووية التكتيكية 3 سيناريوهات محتملة: أولاً: يمكن أن يأذن بوتين باستخدام ضربة استعراضية نووية واحدة، للإشارة إلى حزم روسيا بهذه المسألة، إذ من المحتمل أن تفجر روسيا رأساً نووياً منخفض القوة فوق منطقة غير مأهولة بالسكان، كالبحر الأسود، لإظهار قوتها وحزمها.

ثانياً: يمكن لبوتين أن يأذن باستخدام أسلحة نووية أصغر حجماً في ساحة المعركة، لتدمير تجمع للجنود الأوكرانيين، لا سيما إذا كانت أوكرانيا قادرة على إجبار القوات الروسية على التراجع عن مواقعها بالقرب من كييف تجاه بيلاروسيا أو روسيا.

ثالثاً: يمكن أن يستخدم بوتين سلاحاً نووياً لتدمير هدف أوكراني ذي قيمة عالية ورمزية، مثل أوديسا أو لفيف، وبالتالي تدمير إرادة أوكرانيا في القتال.

ردود فعل “الناتو”: يقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يمتلكان الإمكانيات السياسية والنووية والأسلحة التقليدية غير النووية لشن هجوم مضاد على أي هجوم روسي نووي، والذي من شأنه أن يمنع موسكو من شن هجوم بالأسلحة النووية التكتيكية على الأراضي الأوكرانية، وفيما يلي أبرز السيناريوهات المحتملة : السيناريو الأول: الرد غير النووي تستعد الدول الأعضاء داخل حلف الناتو بوضع خطط لمنع الفوضى وتقييم السيناريوهات المحتملة للتهديدات الروسية النووية وتفعيل حالة الطوارئ في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي في أوكرانيا.

ومن المتوقع أن يكون السيناريو الأقرب للحدوث أن يكون الرد “غير نووي”، بسبب أن أوكرانيا ليست عضوا في الحلف، ما يجعلها غير مشمولة بالمادة (5).

السيناريو الثاني: الرد النووي تزداد مخاوف حلف الناتو من سيناريوهات تهدد الأمن الدولي في حال استخدام روسيا لأسلحتها النووية، مما قد يؤدي إلى رد بشن هجوم نووي بالمثل على روسيا، والذي من شأنه تعزيز ثقة الحلفاء ويخدم فكرة حظر استخدام الأسلحة النووية مستقبلاً.

السيناريو الثالث: عزل موسكو سياسياً واقتصادياً لا تزال نوعية التحذيرات الأمريكية حول الرد الأمريكي في حالة استخدام روسيا للسلاح النووي ضد أوكرانيا غامضاً بشكل متعمد أو غير متعمد، وهو ما يعرف في عالم الردع النووي بـ”الغموض الاستراتيجي”، بالإضافة إلى أن هناك تواصلا سريا بين الولايات المتحدة روسيا حول العواقب الوخيمة التي ستتبع عند استخدام السلاح النووي، وتمتلك الدول الغربية ورقة سياسية لعزل موسكو سياسياً واقتصادياً على المستوى الدولي.

الوسوم

اليمن      |      المصدر: عدن 24    (منذ: 1 سنوات | 40 قراءة)
.