مختصون: رفع الفائدة يخفض الاقتراض بالمغرب .. والمقاربة النقدية غير كافية

بدءا من اليوم الخميس، يدخل قرار مجلس البنك المركزي المغربي القاضي برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 3 في المائة حيز التطبيق، بعدما كان 2.

5 في المائة منذ دجنبر، والمبررُ “تفادي حدوث دوامات تضخمية قائمة، ولتعزيز تثبيت توقعات التضخم بغية تيسير عودته إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار”، وفق بلاغ صحافي صادر مجلس بنك المغرب.

ويعد سعر الفائدة الرئيسي المحدد من طرف بنك المغرب السعر الذي تقترض به البنوك التجارية من البنك المركزي، ويؤدي رفعه عمليا إلى التأثير على فوائد القروض الموجهة للأشخاص كما المقاولات، فيما يظل الهدف من رفعه من الناحية النظرية هو كبح الطلب لتخفيف الاستهلاك، وبالتالي كبح التضخم.

تشير توقعات البنك المركزي إلى “تلاشي الصدمات المسببة لهذا الارتفاع في التضخم تدريجيا خلال النصف الثاني من السنة الجارية بفضل تدابير الحكومة”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وقفزت أرقام معدل التضخم إلى مستويات قياسية في التاريخ الاقتصادي للمملكة، بإقرار رسمي، ببلوغها العام الماضي 6.

6 في المائة كمعدل سنوي.

بينما واصل منحى الصعود متم شهر فبراير 2023 إلى 10.

1 في المائة، مقابل 8,9 في المائة في نهاية يناير، وفق أحدَثِ أرقام المندوبية السامية للتخطيط.

وقد تأكد أثر الرفع الأول لسعر الفائدة الرئيسي في شتنبر 2022 (الاجتماع الفصلي الثالث لمجلس البنك المركزي) بزيادة فعلية لفوائد القروض البنكية، إذ وصل معدلها العام بنهاية العام الماضي إلى 4,5 في المائة، بارتفاع سنوي ناهز 26 نقطة، حسب معطيات صادرة عن بنك المغرب.

ويرجح أن يكون هذا الارتفاع نتيجة أول رفع لسعر الفائدة الرئيسي، الذي كان في شتنبر العام الماضي 2 في المائة، قبل أن يتقرر رفعه مرة ثانية في دجنبر إلى 2.

5 في المائة.

لكن أثر الرفع الأخير لن يظهر إلا في نهاية الربع الأول من العام الجاري، بحسب خبراء.

وكانت القروض الاستهلاكية التي حصل عليها الأفراد “أغلى”، إذ ناهز معدل فوائدها 5,72 في المائة.

وبالنسبة للشركات غير المالية، كان السعر في حدود 4,3 في المائة.

كما أفادت معطيات بنك المغرب بأن نسبة فائدة اقتراض الشركات الكبرى بلغت 4,19 في المائة، في حين تقترض الشركات الصغيرة والمتوسطة بـ5,04 في المائة.

تعميق كلفة الاقتراض تعليقا على الموضوع، أفاد أحمد أزيرار، خبير اقتصادي منسق الأبحاث في “المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي” (IMIS) ، بأن “الرفع الثالث لسعر الفائدة في أقل من سنة إلى 3 في المائة لم يكن متوقعاً إلى حد ما، لا سيما بـ50 نقطة أساس دفعة واحدة”، وسط “ترَوّي وتريُّث” في ظل بوادر انخفاض التضخم على الأقل في أسعار المواد الصناعية الأولية (intrants) خلال الأشهر المقبلة.

وتابع أزيرار، في حديث لهسبريس، بأن “الرفع حاليا سيكون وقعُه سريعاً، مما سيزيد من خلق صعوبات بالنسبة لكلفة الاقتراض، لا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد تتضرر منه”، لافتا في السياق ذاته إلى “الاستهلاك المتباطئ للأشخاص”.

وأجمل قائلا: “يترتّب عن هذه الخطوة رفع الفوائد على المقترضين بصفة عامة”.

وأكد الأكاديمي الاقتصادي أن “الرفع الجديد لنسبة الفائدة الرئيسي وإنْ كان يؤكد استمرار بنك المغرب في جهود محاربة التضخم طبقاً لمسؤوليته، إلّا أنه سوف يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض، الشيء الذي سيعمق مشاكل المقاولات الصغيرة والمقترضين الخواص”.

تضخم متعدد “المحرِّكات” بخصوص تأكيد البنك المركزي “تفادي حدوث دوامات تضخمية قائمة”، قال أزيرار إن “استمرار التضخم في التصاعد يبيّن أن السياسة النقدية وحدها لا تكفي لمحاربة التضخم ذي المحرّكات المتعددة”، التي قال إنها تتوزع ما بين “خارجية وداخلية”.

ولفت إلى أن “نهج التدخل عبر رفع سعر الفائدة ليس ناجعاً إلى حد الساعة؛ نظرا لوقع نسبة الفائدة على نسيج اقتصادي وطني لا تتجاوز فيه نسبة الذين يتوفرون على حسابات بنكية 50 في المائة”.

“التضخم مشكل عويص بالنسبة للجميع، سواء كانوا مستهلكين أو مدَّخِرين أو مستثمرين”، يسجل أزيرار، موضحا أن “مكافحته يجب أن تكون موزَّعة الجهود، سواء من طرف البنك المركزي أو عبر الحكومة بضبط السياسة المُوازناتية”.

وأشار الباحث إلى أن السياق المغربي الحالي يظل بمعزل عن قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، القاضي، الأربعاء، برفع سعر الفائدة الرئيسي بـ 25 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح بين 4.

75% و5%، مشددا على “البعد السيكولوجي المتداخل في تركيبة عدد من القرارات الاقتصادية”.

“تراجع” الطلب الكلي الداخلي من جانبه، عبَّر عبد الرزاق الهيري، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، عن رأي آخر، قائلا إن “قرار بنك المغرب كان متوقعاً بارتفاع 50 نقطة أساس (من 2.

5 إلى 3%) بالنظر إلى متطلبات كبح التضخم”.

وسار الهيري في اتجاه تأكيد أن “التضخم سجل رقما قياسيا نهاية شهر فبراير الماضي بتجاوزه 10 في المائة”، معتبرا أنها “نسبة لم يعرفها المغرب منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي”.

ولم يَنْفِ الهيري، ضمن تصريح لهسبريس، “أثر هذا الرفع الثالث تواليا لسعر الفائدة الرئيسي بشكل يمكن أن يؤدي على المدى القريب أو المتوسط إلى ارتفاع نسب الفائدة المطبقة على القروض الممنوحة على الفاعلين الاقتصاديين، ما يعني تراجع طلب القروض”.

واسترسل شارحا بأن “تراجع طلب قروض الاستهلاك أو حتى الاستثمار من الأفراد كما المقاولات، سيؤدي إلى تراجع واضح في الطلب الكلّي الداخلي”، قبل أن يؤكد أثر ذلك المحتمل على “خفض نسبة التضخم”.

وأشار الهيري إلى أن “قرار الرفع يشكل واحداً من تدابير وتدخلات من طرف السلطات العمومية في القرار الاقتصادي للحد من التضخم”، مشددا على أن “تدابير السياسة النقدية ليست كافية لوحدها، إلا أنه يظل من اختصاصات البنك المركزي”.

ونبه الخبير الاقتصادي، في ختام تصريحه، إلى “انعكاسات التضخم في أسعار المواد الغذائية على تدهور القدرة الشرائية للمواطنين”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 سنوات | 39 قراءة)
.