«كرتونة رمضان» لن تسد حاجة الأمعاء الخاوية… وطلاء واجهات المنازل والميادين لن يبدد غضب الملايين

القاهرة ـ «القدس العربي»: يبدو أن الظلام الكثيف الذي أحاط بأحلام ثوار الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني حان وقت زواله إيذانا بعصر جديد، هكذا ترجم الكثيرون ابتسامة وجوه الجالسين في مقاهي وسط القاهرة، منذ إعلان فوز المعارض العنيد للسلطة خالد البلشي بمنصب نقيب الصحافيين، الذي يترأس تحرير موقع “درب” المحجوب، فهل تكون النقابات المهنية هي كلمة السر في التغييرالمأمول؟ حيث سبق أن تسللت رياح الحرية لنقابة المهندسين، أم أن صوت السلطة الغالب سيظل متسيدا خلال المستقبل؟ على مدار يومي السبت والأحد 18 و19 مارس/آذار واصل الصحافيون تهنئة أنفسهم كما حياهم الكثيرون من أفراد ورموز القوى الوطنية، بإنجازهم الكبير باستثناء أصوات تخشى من أن تسفر المرحلة المقبلة عن توتر العلاقة بين السلطة والجماعة الصحافية، غير أن اللافت تمثل في حالة الفرح الشعبي بقدوم أكثر من وجه معارض في نقابة الصحافيين وقبلها المهندسين، ما فسره الكثيرون على أساس أن “القدر” يعد السيناريو الذي يتشوق له الحالمون بالتغيير.

واهتمت الصحف كذلك باستعدادات الحكومة للدفع بالمزيد من السلع الغذائية للأسواق بهدف السيطرة على الغلاء، حيث شهدت الأسواق مزيدا من الارتفاع في الأسعار.

ومن تقارير مجلس النواب: شهد البرلمان في جلسته العامة نشاطا مكثفا للفصل في عدد من مشروعات القوانين المهمة التي تتفرع في موضوعات مختلفة، كلها ترتبط بشكل جوهري بحياة المواطن المصري.

ووافق البرلمان على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ.

ومن أخبار الحوادث: ألقت مباحث الآداب القبض على لاعب سابق في النادي الأهلي وفي حوزته ألعاب جنسية محظور تداولها داخل البلاد، أثناء ترويجها ومحاولة بيعها في منطقة مصر الجديدة.

ورصدت الإدارة العامة لشرطة الآداب في قطاع الشرطة المتخصصة استيراد المتهم لأطراف صناعية جنسية من الخارج وتهريبها من الجمارك، والترويج لها داخل مصر، مقابل أرباح مالية.

.

ومن أخبار المحاكم: قضت محكمة جنح العجوزة ببراءة الدكتورة هبة قطب من تهمة إهانة الرجل المصري، ونشر أخبار كاذبة والتحريض على هدم الأسرة، كما قضت برفض الدعوى المدنية.

البهرجة لا تناسبنا وضع عصام كامل الكثير من الملح على الجراح الساخنة، مؤكدا في “فيتو”: الناس في بلادى ليسوا بحاجة إلى طلاء منازلهم بالألوان المزركشة، وليسوا بحاجة إلى رصف قراهم بالأسفلت الأسود، وليسوا بحاجة إلى رصيف منمق.

.

الناس في حاجة إلى امتلاك وحدة إنتاجية.

نقول ونردد: بدلا من أن تعطيني سمكة علمني كيف اصطاد، أو امنحني صنارة، وساعتها سأجلب لي ولك سمكا كثيرا، وأتحول من عالة على المجتمع إلى أداة تنمية وإسهام اقتصادي وحضاري.

الناس في قرانا ليست مشكلتهم بوابة ضخمة مكتوبا عليها اسم قريتهم، وليست قضيتهم أن تتزين مبانيهم بالبويات ورصف الشوارع بالإنترلوك أبدا، الناس بحاجة إلى اكتساب مهارات للعمل وامتلاك أدوات الإنتاج.

سيظل الفقر جاثما على الصدور طالما بقى الإنسان محاصرا ومحروما من تنفيذ إرادة العمل.

.

الناس بالفطرة يحبون العطاء أكثر من الأخذ، وتحويل الجماهير إلى شحاتين كارثة في كل المقاييس.

سيظل الفقر كما هو، ويزداد قوة وانتشارا وعبثا بالاستقرار ما دام القائمون على الأمر لا يدركون أن الجوع سيخلف كوارث لا يمكن تصورها، وأن المواجهة بفتح مجالات العمل والإنتاج وعدم احتكار كل شيء حتى الهواء الذي تتنفسه.

سيظل الخطر داهما طالما تصورنا أن كرتونة مواد غذائية ستحل المشكلة، الفراغ ينجب كوارث أخلاقية لم تعد بعيدة عن شوارعنا وحوارينا وقرانا ونجوعنا.

الفقر بأنواعه المتعددة وأشكاله المتباينة أخطر من العدو التقليدي الذي نستطيع مواجهته في ميدان المعركة.

.

الفقر يا سادة هو الأب الشرعي لكل مصيبة بدأنا في معاينتها يوميا في حجم الجريمة وتردي القيم والأخلاق، وتحويل الشعب كله إلى متسولين.

صحيح أن الفقر ظاهرة عالمية وإنسانية، غير أنه لم يكن في هذا التوحش ولا في هذا التوغل، لقد أصبحنا جميعا نعيش حالة من الرعب والخوف والرهبة إزاء ما يجرى على أرض الواقع، ويفقد المجتمع تماسكه وقدرته على تحمل المسؤوليات ومواجهة الصعاب.

البيوت التي تخلو من الأمن الغذائي تتحول إلى قنابل موقوتة لا تبقي ولا تذر، ويوم الخروج الكبير سنكتشف أننا جميعا لسنا في مأمن من الخطر.

العوز يدق الأبواب، والفقر المدقع يطرق كل الأبواب، وحكوماتنا المتعاقبة تصر على الكرتونة، ولا شيء غير الكرتونة.

الديمقراطية تكسب هكذا جرت العادة في جماعة الصحافيين، كما يصفهم حمدي رزق في “المصري اليوم” بمناسبة فوز نقيب جديد: جماعة ذات إرادة حرة يخضع لقوانينها كل من نفر للترشيح، واجتهد وفاز بالثقة الغالية، أو لم يحالفه التوفيق.

أقول قولى هذا في مواجهة توقعات متشائمة سرت قبل وبعد فوز الأستاذ البلشي بمنصب النقيب، ومعه ستة من الصحافيين المقدرين، في تعبير حر وديمقراطي عن إرادة الصحافيين الحاكمة، التي لا تحيد عن المقاصد العليا لوطن يستحق مثل هذه الانتخابات التي جرت في أجواء أخوية، أقرب لعيد الصحافيين.

بالمناسبة، الأستاذ جلال عارف كان نقيبا مهيبا للصحافيين، وكذا الأستاذ يحيى قلاش كان نقيبا مقدرا للصحافيين، والأستاذ خالد البلشي سيكون نقيبا لكل الصحافيين، وهذا تعهد منه أقرب إلى القسم، قسم الصحافيين لو تعلمون عظيم.

.

نستبطنه ولا نحيد عنه.

منصب نقيب الصحافيين ليس تشريفا ولكنه تكليف مشروط بتحقيق مطالب الجمعية العمومية، والجمعية رقيب عتيد، ليس تعبيرا عن شخص أو تيار أو حزب، معلوم من يدخل نقابة الصحافيين يخلع رداءه الحزبي على بابها العالي.

وقيل مثل هذا وأكثر منه تشاؤما مع انتخاب الأستاذ عارف، وأكثر منه مع انتخاب الأستاذ قلاش، وثبت أنها توقعات تجاوز حقيقة دور النقيب في نقابة رأي، وتُحمّل مجلس النقابة الجديد وزرا سياسيّا، وربما لتعجيزه عن إدراك مهامه النقابية، يسمونه المصادرة على المطلوب.

ليس نزهة يرى حمدي رزق أن المجلس الجديد لنقابة الصحافيين ليس في نزهة خلوية، يقينا في اختبار صعب، يتطلب رجالا مخلصين لمطالب الصحافيين، أعمالا مهنية خدمية شاقة، العمل ليل نهار لتحقيق مطالب الصحافيين العادلة بقنوات مفتوحة على الدوام مع ممثلي الدولة، وحوارات مثمرة مع جميع الأطراف الفاعلة في المشهد الصحافي.

نقابة الصحافيين واحدة من عمد الدولة الوطنية، وتعمل في إطار ثوابتها التاريخية، وجمعيتها العمومية تتمثل ثوابتها جيدا، وتثق في اختياراتها، ومنتهى آمال النقيب ومجلسه حيازة رضا الصحافيين.

النتائج وإن لم ترض البعض، شهادة بشفافية الانتخابات، وتمتين لمسار الحوار الوطني، فليصمت المتحاذقون، الحكي البغيض عن اختطاف النقابة، لصالح تيار بعينه «اشتراكي بنكهة إخوانية» لغو عادة ما يصاحب المفاجآت الانتخابية، قبل استيعاب «رسالة الصحافيين» التي عبروا عنها في صناديق الانتخابات، ومفادها: نقابة حرة بإرادة حرة في وطن يستحق الحرية.

المزايدة على إرادة الصحافيين، والتحسب للمآلات، ستمحقه الممارسات الواقعية، وستثبت الأيام صدقية إرادة الصحافيين في اختيار من يمثلهم.

انتخابات الصحافيين بهذه الشفافية والنزاهة برهان على قوة وحيوية الدولة.

إرادة الصحافيين في الصندوق لا تترجم تمردا، ولا خروجا على الخط المرسوم، ونقيب الصحافيين ومجلسه ليسوا أسماء (مع كل الاحترام)، ولكنهم ممثلون منتخبون من قبل جمعية عمومية حاكمة، وستنظر الجمعية وتراقب أعمالهم، وترشدهم جادة الصواب الوطني إذا انحرفوا عن الخط المستقيم.

انتصار مستحق مفاجأة فوز خالد البلشي بمنصب نقيب الصحافيين في الانتخابات اعتبرها الدكتور أسامة الغزالي حرب في “الأهرام” انتصارا للديمقراطية، كما أنها نقطة مضيئة في حق النظام السياسي المصري بلا شك.

فمنافسه خالد ميري، رئيس تحرير إحدى كبريات الصحف القومية (الأخبار)، كان يحظى بداهة بدعم الصحف القومية، أما البلشي فهو صحافي مستقل، ذو اتجاه أقرب لليسار ولتوجهات المعارضة.

الدعم لميري تمثل في حزمة من المكاسب المادية التي حصل عليها، ووعد بها، بعد مفاوضات شاقة وطويلة مع الحكومة.

ووفقا لتصريحاته قبيل الانتخابات فقد اتفق على زيادة قيمة بدل التكنولوجيا بمبلغ 600 جنيه شهريا، إلى جانب 500 جنيه شهريا للمعاشات.

أما خالد البلشي، فقد دخل الانتخابات ليس بمكاسب مادية انتزعها للصحافيين، وإنما بمكاسب مهنية يدعو إليها.

تحدث البلشي (وفقا لما قرأت على موقع “الفجر” في 18/3) عن قضايا القيد بالنقابة عبر معايير واضحة وعادلة، وإحياء دور معهد التدريب فيها، وإعادة النظر في الدورات المؤهلة للنقابة، والدعوة لعقد مؤتمر اقتصادي لمناقشة أوضاع المهنة… إلخ.

هل سوف يتجاهل البلشي المطالب المادية المشروعة للصحافيين؟ قطعا لا… ولكن أيها السادة، أيها الصحافيون، فارق كبير بين مكاسب مادية يعد بها المرشح قبل انتخابه، وبعد انتخابه، الوعود بمكاسب مادية قبل الانتخابات لها معناها السلبي الذي لا يتفق في نظري أبدا مع مكانة المهنة الصحافية وحريتها واستقلالها، أما الحصول على هذه المكاسب بعد الانتخابات فهو شيء آخر تماما إنه ممارسة لأحد أهم المهام أو الواجبات المفترضة للنقابة والنقيب، أي التفاوض مع صاحب العمل الرئيسي، أي الدولة.

تهنئة واجبة للنقيب الجديد، و”هارد لك” لمنافسه المحترم الأستاذ خالد ميري.

الرياض طهران بيروت يعيد الاتفاق السعودي الإيراني وفق ما يرى طارق فريد زيدان في “الشروق” عقارب الساعة تسع سنوات إلى الوراء.

يوم كانت هناك علاقات دبلوماسية بين الرياض وطهران تزامنا مع فراغ رئاسي أقام في بيروت أكثر من سنتين ونصف السنة.

ومن يراجع التاريخ سيجد أن الفراغ الرئاسي داهم بيروت في عام 2007 وكانت هناك أيضا علاقات دبلوماسية بين دمشق والرياض، وبين الرياض وطهران.

المقصود هو أنه إلى حين وصول تأثير الاتفاق الثلاثي ضفاف البحر المتوسط سيظل الاستحقاق الرئاسي اللبناني، من وجهة النظر السعودية، رهن آليات ومناخات داخلية وخارجية لا يمكن التحكم فيها بسهولة.

فما هي وجهة النظر السعودية؟ لا يملك مراقب للحركة النشيطة والمتكررة على خط بيروت ــ الرياض تفسيرا أو تأثيرا على جدار الصمت السعودي، تجاه الاستحقاق الرئاسي، خاصة أن الحركة مقتصرة على فريقين سياسيين لبنانيين وبعض المستقلين الساعين إلى كسر جدار الصمت.

في الوقت ذاته، يوحي هؤلاء لحلفائهم وخصومهم اللبنانيين على السواء أنهم يستطيعون ترجمة الصمت السعودي بسياسة ما أو تزكية ما لمرشح دون آخر، لتخرج بعدها وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار وخبريات لم ينزل الله بها من سلطان.

رحلة من بعد رحلة ولبنان البلد يتعرض للاستنزاف الاقتصادي والمالي والنقدي والإرهاق الاجتماعى، جراء انتشار مرض الفراغ في أجهزته الحكومية إلى حد انتفاء معالم الدولة.

ما يجري اليوم من تحليل للموقف السعودي من قبل أطراف داخلية لبنانية إزاء الاستحقاق الرئاسي يُبرهن على فهم ضيق لمعنى الصمت السعودي، وليس للمصالح والسياسة السعودية فقط، لكأن حوارا يدور بين اثنين وبلغتين مختلفتين.

وبينما يصر جانب لبناني على الحوار بلغة لا يريد سماعها أهل الرياض، فإن شعار الحرية والسيادة والاستقلال، أثبت عقمه وصار مجرد لغة خشبية لا تغني ولا تسمن من جوع.

سحر تلاشى انتهى طارق فريد زيدان إلى هذه المعضلة: اللغة السياسية التقليدية اللبنانية التي تكاد “تؤمن” بالفرادة اللبنانية في استدراج الخارج انتهت أيضا، من وجهة نظر السعوديين، حتى إن لغة دعم طائفة محددة على حساب أخرى أو مذهب محدد على حساب مذهب آخر، ولّت من دون رجعة.

فالرياض، وأقصد رياض اليوم، لا تنظر إلى بيروت من خلال الجماعات والألوان، ولا حتى من خلال صيغتها الفريدة أو ديمقراطيتها التوافقية، أو بنيانها السياسي أو الطائفي الهش.

هي تنظر إلى لبنان لناحية مردوده ونتائجه.

بمعنى آخر، لا تبدو الرياض مهتمة بأصل إدارة الاستحقاق الرئاسي لا في بيروت ولا في أي عاصمة أخرى.

هي تريد إدارة نتيجة هذا الاستحقاق في بيروت وفي غيره من العواصم تبعا لمنظومة قيمها ومصالحها، أيا كان الفائز بكرسي الجمهورية الأول.

هناك خريطة طريق سعودية تبدأ من ورقة الكويت وتمر بورقة نيويورك وصولا إلى ورقة باريس (التى هي ورقة نيويورك مطعمة بحضور مصر وقطر).

قد يقول قائل إن الأحزاب والطوائف اللبنانية أقوى من أجهزة الدولة اللبنانية.

وهذا صحيح.

وإن حزبا لبنانيا بكل ما يمتلك من نفوذ وترسانة سلاح وإعلام هو قضية إقليمية أكبر من لبنان.

ربما يكون هذا صحيحا من وجهة نظر لبنانية، لكن ما الذي يمنع 128 نائبا في البرلمان اللبناني من انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ هل للفريقين الناشطين على خط بيروت ـ الرياض المقدرة أو الجرأة على انتخاب رئيس في ظل الصمت السعودي؟ بلغة الأرقام، لو توفر النصاب الدستوري وصوّتت كتلة أحد هذين الفريقين لمصلحة زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، أو قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون بكل تأكيد سيكون للبنان رئيسه في اليوم نفسه، لكن هل يفعلها البعض ويتحمل مسؤولية قراره من دون أن تأتي إليه كلمة السر المعتادة منذ زمن، خط بيروت ـ الشام؟ بلغة السياسة، لبنان المأزوم حتى النخاع بحاجة إلى أي رئيس.

بحاجة إلى من يملأ الفراغ المقيم جراء حسابات خارجية وهمية.

اتفاق نووي جديد أو تطبيع بين الرياض وطهران.

ليصل لمستحقيه مع تعاظم أعداد الفئات والأفراد الذين يحصلون على الدعم المُصَنَّف في بنود متعددة، حيث تؤكد الإحصاءات المتداوَلة أنهم ملايين الأسر ومع إدراك العبء الاقتصادي الضخم الذي تتحمله بنود إنفاق الميزانية العامة وكذلك العاملون في المجتمع، من ضرائبهم المباشرة لذا طالب أحمد عبد التواب في “الأهرام” بوضع قواعد أكثر فاعلية وحسما في الفرز الاجتماعي حتى ينحصر الدعم في مستحقيه بالفعل، بضرورة حذف من تمكنوا من دس أنفسهم بغير حق في فئة المستحقين.

ولدينا وسائل سهلة تساعد على الفرز، حتى نتفادى الدخول في متاهات تصنيفات الدخول الدنيا، والاختلاف على ما يمكن أن توفره لصاحبها وأسرته، لأنه يمكن البدء بالتعامل مع الحالات الظاهرة التي ينبغي أن لا يكون حولها خلاف، مسترشدين بأبحاث اجتماعية معتمدة ونتائجها منشورة ومشهورة، أثبتت أنه في كثير من حالات الفقر المدقع في مصر تضطر المرأة إلى أن تعول أسرتها، بينما زوجها خامل رافض للعمل، بل يستولى على قروشها القليلة، ويضربها ويهينها، ويقسو على أطفاله، ولا يهتم بتعليمهم، بل يدفع بهم في سوق العمل مبكرا، أي أن أخطاءه وأخطاره تتجاوز كثيرا حصوله على الدعم بغير وجه حق.

ثم، وبفرض أنه ليس من متعاطي المخدرات فهو يصرف على متعته في المقهى أو ما شابه، كما أنه ينجح في دسّ نفسه في الفئات التي تستحق الدعم، عن طريق المسكنة والتمارض وتزوير الشهادات، ويحصل بالفعل على بنود دعم مختلفة مما تقدمها الدولة للأسر والأفراد المحتاجين، بدءا من دعم رغيف الخبز إلى بطاقة التموين إلى معاشات تكافل وكرامة والشقق البديلة للعشوائيات.

كما أن هناك أيضا محترفي التسول الأصحاء مدعي المرض والعاهات، وهناك كذلك جيوش من الحرفيين الذين تضاعفت دخولهم عدة مرات خلال العقود الأخيرة، وليس هنالك اعتراض على زيادتها، بل كل الأمنيات أن تزيد أكثر، ولكن المقصود أنه ليس هناك وسيلة تلزمهم دفع حق الدولة في الضرائب، بل إنهم يتحصلون على بنود دعم مختلفة، حتى بعد أن صارت دخولهم أكثر ممن في أعمارهم من خريجي الجامعات الذين يحتلون وظائف رسمية ويُحرَمون من الدعم، ويلتزمون بدفع الضرائب من المنبع.

ثورة مشروعة المظاهرات في شوارع فرنسا في هذه الأيام، التي يتابعها مجدي حلمي في “الوفد” اندلعت بسبب قانون التقاعد ومدّ سن الخروج على المعاش من 62 سنة إلى 64 سنة وتحولت المظاهرات المضادة لهذا القانون إلى اشتباكات مع رجال الشرطة وتم القبض على العشرات من المتظاهرين، وتعاملت الشرطة الفرنسية بعنف زائد معهم.

.

ما اثار غضب الأحزاب السياسية التي تقدمت بطلب لسحب الثقة من الحكومة، وتراجعت الأحزاب المؤيدة للقانون عن تأييدها ووضعت الحكومة في مأزق رغم تهديد الرئيس الفرنسي بتطبيق القانون دون موافقة البرلمان الفرنسي.

رفض الفرنسيين لمد سن التقاعد أي سن الخروج إلى المعاش.

.

وأول مبرر أن يتم إعطاء فرصة لتشغيل العاطلين عن العمل من الشباب وتحديث البنية البشرية لدولاب الدولة والحكومة والقطاعات المختلفة بضخ دماء شبابية تعطي لها حيوية، وهو أمر مطلوب في أي دولة.

والمبرر الثاني أن من حق من أمضى سنوات طويلة في العمل أن يرتاح ويحصل على معاش التضامن الاجتماعي ويستمتع بوقته، وما تبقى له من العمر، خاصة أن المعاشات تلبي الحاجات الاساسية للموظفين الفرنسيين.

في حين أن هناك دولا أخرى يرغب العاملون فيها مدّ سن التقاعد، بل يصنعون المستحيل من أجل أن يصدر مثل هذا القانون ومبررهم أنهم أصبحوا خبرات، يجب الاستفادة منها وتجد في هذه البلاد شخصا يتولى 20 منصبا أي يقوم بعمل 20 شخصا ويحجب 19 منصبا عن غيره، ويوجد من هو أحسن منه وكل مؤهلاته أنه من المقربين من المسؤول الأكبر صاحب قرار التعيين.

ففي فرنسا لا تجد شخصا يعمل في منصبين، لا يوجد شخص يزعم أنه عبقري وخبير ولا تجوز إحالته للتقاعد، ولأنه لم يخلق مثله في هذا المجال ولا يوجد شخص بعد أن يحال إلى التقاعد يتم تعيينه في منصب آخر لإرضائه.

«نصعب على الكافر» لم يستبعد مجدي حلمي أن تتحول المظاهرات في فرنسا ضد هذا القانون إلى ثورة على أنظمة التقاعد في العالم.

.

هذه الأنظمة التي لا يوجد فيها نظام مثالي.

ومن أبرز الأمثلة التي أشار لها الكاتب النظام المصري، يعطي معاشا لا يكفي ولا يغني عن جوع، أو أنظمة تمد سن التقاعد حتى 65 سنة حتى يتم تدبير موارد لسداد المعاشات، كما هو الحال في فرنسا الآن، أو كما كان يريد أن يفعل الدكتور يوسف بطرس غالي، عندما كان وزيرا للمالية في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، بعد أن استولى على أموال التأمينات وقتها.

فالمعاش حق للموظف الذي أفنى سنوات طويلة في العمل ويقوم بسداد الاشتراكات بانتظام، وأي إصلاح في نظام التقاعد يكون قائما على قاعدتين، الأولى أن يحصل الموظف على معاش يكفيه ويكفي علاجه واحتياجاته بعد السنوات التي قضاها في الخدمة، والقاعدة الثانية هو سهولة الحصول على المعاش ولا يدوخ الموظف السبع دوخات حتى يحصل عليه ويتأخر الحصول عليه بالشهور، خاصة أن الروتين في تدابير التضامن الاجتماعي متجذر حتى لو ادعى القائمون على إدارة نظام التقاعد بأنهم أدخلوا التكنولوجيا الحديثة في نظام المعاشات، فدائما تجد عبارة «السيستم واقع» أمامك.

فنظام المعاشات الأمثل يجب أن يكون قائما على تلك القاعدتين ووقتها سوف يكون الخروج على المعاش بمثابة الجائزة التي تقدمها الدولة للمتقاعدين، وسوف يرفض المجتمع مثلما يرفض الفرنسيون مد سن التقاعد عامين، وليس 10 سنوات مثل بعض الفئات الأخرى في بعض البلدان.

ليست عابرة أسوأ ما في أزمة البنوك التي بدأت في أمريكا وانتقلت آثارها إلى أوروبا، وتترقب الأسواق المالية العالمية تطوراتها لحظة بلحظة، من وجهة نظر جلال عارف في “الأخبار”، أنها تأتي في وقت تعاني فيه اقتصادات العالم “وفي المقدمة اقتصادات الدول الكبرى” من مصاعب جمة، بعد أن دفعت فواتير وباء “كورونا” الباهظة، ثم انتقلت لتواجه حرب أوكرانيا بآثارها المدمرة.

.

لينعكس كل ذلك في تضخم هائل وتراجع في معدلات النمو ومخاطر من ركود يعصف باستقرار الأسواق العالمية.

في هذا المناخ الاقتصادي الذي تسيطر فيه عوامل الريبة والشكوك على الأسواق المالية العالمية، كان طبيعيا أن تتحول أزمة سيولة في بنك أمريكي إلى خطر داهم على اقتصاد أقوى دولة في العالم، وأن تثور المخاوف من أن تنتقل “عدوى” الإفلاس من بنك لآخر مع تكالب المودعين على سحب أموالهم.

ومن هنا كان التحرك السريع لمحاصرة الأزمة، وتأكد الرئيس الأمريكي بايدن فورا على أن النظام المصرفي سليم في أمريكا، وأن أموال المودعين آمنة.

ورغم الجهود التي تُبذل لمواجهة الأزمة، فقد تعثر بنكان آخران في أمريكا، ثم انتقلت الأزمة إلى أوروبا مع تهاوي ثانى أكبر بنك في سويسرا “بنك كريدي سويس” ولأن الرئيس الأمريكي قال إن مواجهة الأزمة لن تكون من الموازنة العامة، ولا على حساب دافع الضرائب، فإن المواجهة تتم ـ حتى الآن ـ من داخل الجهاز المصرفي نفسه، حيث تم توفير 30 مليار دولار لبنك “فيرست” حتى لا يلحق ببنك “وادي السليكون” وينهار مثله، كما تم توفير أكثر من 150 مليار دولار للبنوك الأمريكية من صندوق الاحتياطي في البنك المركزي.

وعلى الطريق نفسه سارت سويسرا حيث قامت البنوك الكبرى بتوفير أكثر من 50 مليار دولار لدعم بنك “كريدي سويس” ومنع إفلاسه.

النملة والجمل “اليى تحوشه النملة في سنة ياخده الجمل في خفة”.

.

هكذا يقول المثل، الذي استشهد به صلاح الدين عبد الله في “الوفد”، للتحذير مما ينتظرنا: هكذا حال البورصة وسوق الأسهم خلال الأيام القليلة الماضية.

.

فبين غمضة عين وانتباهتها تغير الحال، وتبدل من مكاسب لرأس المال السوقي للأسهم، إلى حالة هلع وقلق.

.

من فرحة المكسب إلى بكاء وعويل على الخسائر.

كل هذا حدث في لحظة، مع إعلان إفلاس بنك «سيليكون فالي» الأمريكي، لتتوالى بعد ذلك المصائب الواحدة تلو الأخرى، وتبدأ البنوك الأخرى في إعلان إفلاسها، ليدفع معها أسواق المال العالمية الفاتورة.

ما حدث يبدو أنه تكرار للأزمة المالية العالمية 2008، أو بمعنى آخر أزمة الرهن العقاري.

.

نعم كأن المشهد يعرض «بحذافيره»، والسيناريو نفسه، وشرارة النار بدأت في المكان نفسه أمريكا.

.

الأزمة حدثت مع قيام بعض البنوك الأمريكية بالاستثمار في أدوات دين طويلة الأجل منذ فترة طويلة كانت أسعار الفائدة الأمريكية صفرية، وتقترب من الصفر.

مع التغيرات التي شهدها المشهد العام منذ جائحة كورونا، وخلالها اضطرت أمريكا إلى طبع وضخ قرابة 12 تريليون دولار في السوق، وكان أمرا طبيعيا بعد تلاشي أزمة كورونا أن يستقر المشهد الاقتصادي عالميا، وتبدأ الدول التي تضررت من الأزمة في تصحيح مسار اقتصادها، وكان من أهم هذا المسار رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم الناتج بسبب السيولة النقدية في الأسواق.

مع رفع الفائدة أكثر من مرة في السوق الأمريكي تأثر العديد من البنوك المستثمرة بأسعار فائدة أقل مما دفع عملاء هذه البنوك لسحب أموالهم، وهنا حدثت الأزمة التي ألقت ظلالها على اقتصاديات العالم، بإعلان بعض البنوك الأمريكية الإفلاس، ومعها توالت التداعيات السلبية على أسواق المال، ومنها البورصة المصرية.

كانت عمليات البيع المكثفة للمستثمرين الأجانب مؤشر هلع ورعب للمستثمرين الأفراد، وبفلسفة «مش مهم» الخسائر، و«خسارة قريبة أفضل من بعيدة» قاموا بالتخلص مما يمتلكون من أسهم، وتبخرت كل مكاسب البورصة والمستثمرين المحققة منذ بداية العام.

الأزمة أن كل ذلك حدث في لمح البصر، في الوقت الذي راحت الحكومة المصرية تجهز لطرح شركات حكومية في البورصة، ما يؤثر في هذه الاكتتابات، يا سادة.

.

المشهد سيكون صعبا وعلى الحكومة الاستيقاظ حتى لا نجد أزمة جديدة تزيد من أزمات الاقتصاد.

عنبة وامام من أهم معارك الباحث في الفلكلور الدكتور سيد عنبة تأسيسه جمعية «الشيخ إمام» الملحن والمطرب المبدع والأصيل، الذي أطل على الجمهور كما أوضح طارق عباس في “المصري اليوم” من خلال كلمات رائعة للشاعر أحمد فؤاد نجم شكلت نغما جميلا أسعد الملايين وأثرى وجدانهم بالثورة على كل أخطاء وخطايا لعبة السياسة، ولأهمية جمعية الشيخ إمام التي أنفق عليها سيد عنبة من جيبه الخاص، رغم قسوة الظروف وصعوبتها، وعندما سألته عن سبب تحمله مثل هذه المسؤولية المرهقة، أجابنى: الشيخ إمام قيمة عظيمة، ورغم تجاهل بعض أهل الفن لها، إلا أنها تبقى مهمة لتذكير الناس بالأرض والتاريخ وضرورة الاختلاف، وقد لازمته في الفترة الأخيرة من حياته، وكنت لا أفارقه أبدا، واحتفظت من كنوز الشيخ إمام بما أتمنى أن يخرج للنور، لعله ينقذ الجمهور من هذا الإسفاف المتعمد القاتل للذوق والهوية، وفي هذا الاتجاه وضع سيد عنبة العديد من المؤلفات عن الشيخ إمام والمسيرة الفنية للشيخ إمام وعلاقته بالشاعر أحمد فؤاد نجم، منها: «الشيخ إمام ونجم عشاق بهية ـ حكاية الشيخ إمام ـ الشيخ إمام الإنسان والفنان» وكذلك شارك سيد عنبة في إعداد كتاب عن الأشعار التي سطرها أصحابها عن الزعيم جمال عبدالناصر في حياته وبعد وفاته، بقصد تخليد ذكرى الزعيم من خلال كتاب عنوانه: «أشعار ناصرية».

بيبرس أولى العمل الأهم والأكبر من وجهة نظرطارق عباس كان في جهد الباحث سيد عنبة حول السيرة الشعبية الرائعة «سيرة الظاهر بيبرس» التى لا تقل أهمية أبدا عن غيرها من السير، مثل: «السيرة الهلالية، سيرة عنترة بن شداد ـ سيرة سيف بن ذى يزن ـ سيرة حمزة البهلوان» إلا أن سيرة الظاهر بيبرس تتميز عن غيرها بكونها سيرة لحاكم له تاريخ موثق، تتحدث عن الظاهر بيبرس لا باعتباره حاكما عاديا، بل كحاكم أسطوري بطل يقوم بالخوارق ويحقق المعجزات، وقد عاش في الفترة من «1223 حتى 1277» ورغم أن بيبرس لم يكن من أصول مصرية أو عربية وهو قزخى الأصل، إلا أن الوجدان الشعبي المصري والعربي خلده لكونه جزءا من تاريخ مصر وشخصية إسلامية عظيمة في عيون العرب، وهكذا ابتدع له الوجدان سيرة يرويها شعراء الربابة في مقاهي القاهرة ودمشق، حيث ضمن هؤلاء السيرة أشعارا وأزجالا وأمثالا شعبية جذبت المستمعين إليها على مدى الزمن، حتى أصبحت أضخم الملاحم على مستوى الوطن العربي وبلغ عدد صفحاتها حوالى «16 ألفا» ورقة حققتها وأصدرتها «الهيئة العامة للكتاب» في «5» أجزاء وهذه السيرة هي التي يمكن تسميتها «السيرة المبتدعة»، أي المولودة من رحم الشعب وبصياغة الوجدان الشعبى، لكن هناك سيرة أخرى كتبها من وحي خياله الشاعر الكبير بيرم التونسي للإذاعة المصرية مع أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، يشعر سيد عنبة أن واجبه إظهار ما كتبه بيرم التونسي عن السيرة، باعتباره حقا للجمهور المصري والعربي، وفي ذلك سعى وتكلف فوق طاقته كي يحصل على نسخة من سيرة الظاهر بيبرس، لكن كان يقابل الطلب بالحذر بل ويُطلَب منه أحيانا الدفع بالدولار إلى القطاع الاقتصادي مقابل الحصول على هذه النسخة، وأخيرا وبعد حوارات ومناقشات، صُرِحَ له بالاستماع للعمل كاملا داخل المبنى فقط.

«أمي هقع» عبارة سحرية تعوّد الدكتور محمود خليل في صباه كما أخبرنا في “الوطن” أن يستفز بها اهتمام أمه حين يجدها غافلة عنه: “أمى هقع”.

.

كانت العبارة كفيلة باستنفارها ودفعها إلى تسلق جبال، وعبور بحار، والعدو عبر السهول، لتمد يدها الملهوفة إلىّ، وتمسك بي وتنقذني من الوقوع.

“أمى هقع”.

.

تحولت في بعض أحوال طفولتي إلى لعبة كنت أمازح بها أمي، مثل لعبة حمدان والذئب.

.

أصرخ لها: «أمي هقع» فتهرول نحوي، لتجدنى واقفا بلا بأس، ساخرا أردد: «ضحكت عليكي»، لم تخذلني حين كانت اللعبة تتكرر، كما فعل أهل القرية مع «حمدان»، حين أدركوا لعبته آخر الأمر.

كان هناك سبب يدفع اليد الحانية إلى أن تمتد لي في كل الأوقات أكثر مما تمتد إلى إخوتى، سبب ارتبط بعام 1964 وهو العام التالي لمولدى.

خلال الأيام الموجعات لهذا العام كان وباء شلل الأطفال يضرب في كل اتجاه داخل بر مصر، من حصل على «التطعيم» ومن لم يتبختر السائل في جسده، لأن تطعيمات شلل الأطفال التي دخلت البلاد خلال النصف الأول من عقد الستينيات لم تكن صالحة، فضرب المرض الكثير من أطفال ذلك الزمان، وكنت واحدا ممن ضربهم.

الحياة تجري بمقادير الله، ولا يعلم أحد أين يخبئ الله تعالى له الخير؟ قد يكون مختبئا في الابتلاء.

.

لا أحد يعلم.

.

هكذا علمتني أمي، وهي تحملني فوق كتفها أو بين ذراعيها، طفلا لا يقوى على الوقوف على قدمين.

.

الأعوام تمضي، والحمل يزيد، والطفل يبلغ الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، والأم تحمله، وكلما حملته أكثر تشبث بالحالة، وأبى النزول إلى الأرض، ليحاول السير مستندا إلى حائط أو إلى ذراع أحد إخوته.

خطوات بطيئة متلعثمة مرتبكة بدأ يخطوها، غالبا ما كانت تنقطع بالانكفاء على الأرض، فتهرول الأم وتحمله وتسأل: «أما آن للراكب أن ينزل؟».

حين توفيت أمى عام 2017 بدأت تنتابني حالة عجيبة.

.

مرت الأمور بشكل عادي خلال الشهور الأولى لرحيلها، لكن فجأة بدأت أشعر بأنني لا أستطيع السير بالقدرة نفسها التي كنت عليها.

.

فكرت كثيرا في الأمر.

.

قد يكون مرور العمر وتضعضع الصحة.

.

لكن في إحدى لحظات التفكير أدركت معنى العبارة البليغة التي كانت ترددها حين أباهيها بأنني قادر على السير وحدي، عبارة: «النهارده قلبي اللي شايلك».

.

كأن قلبها بالفعل كان يزنني كبيرا، بعد أن حملني كتفها وذراعاها صغيرا.

.

لقد كانت تسندني في كل لحظة دون أن أدري.

بعد أن رحلت أمي أصبحت أسير في الهواء، مرتبك الخطوة متلعثم النقلة، إلى أن تصرخ روحي لروحها الطيبة «أمي هقع» فتسندني.

الوكالات      |      المصدر: القدس العربي    (منذ: 4 أيام | 15 قراءة)
.