بوادر أزمة دبلوماسية بعد حديث سعيد عن حق تونس في حقل نفطي تستغله ليبيا- (فيديو وتدوينات)

تونس- “القدس العربي”: أثار الرئيس التونسي جدلا واسعا في تونس وليبيا بعدما تحدث عن حق بلاده في نصف مساحة حقل البوري النفطي الذي تستغله ليبيا منذ نصف قرن.

وخلال زيارته أخيرا إلى مقر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، أثار سعيد قضية حقل البوري النفطي الواقع في المياه الإقليمية المشتركة بين تونس وليبيا، حيث قال إن بلاده لم تحصل منه الا على الفتات، رغم أنه يكفي لتأمين حاجتها اليومية من النفط، وذلك بسبب “حكم جائر” لمحكمة العدل الدولية يقضي بضم الحقل إلى ليبيا وحرمان تونس من حقها فيه.

وأوضح بقوله “كانت هناك نية لتقاسُم الحقل مع طرابلس، ولكن بعد 12 كانون الثاني/ يناير 1974، وهو تاريخ إعلان الوحدة بين تونس وليبيا، التي لم تدم سوى بضع ساعات، رُفض المقترح من قبل الجانب التونسي وساءت العلاقات بين البلدين، وفي أيار/ مايو العام 1977 أتت ليبيا بشركة أمريكية كانت على وشك الإفلاس ووضعت منصة لاستخراج البترول وتوترت العلاقات الليبية التونسية مرة أخرى”.

وأشار إلى توسط الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية محمود رياض بين البلدين، حيث تم الاتفاق على عرض الأمر على محكمة العدل الدولية، التي قال إنها لم تهتم بمسألة الجرف القاري لتونس، وأصدرت قرارا عام ١٩٧٧ لم تحصل بموجبه تونس الا على “الفتات”.

وأثارت تصريحات سعيد جدلا واسعا في تونس وليبيا، حيث قال محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الليبية إن “القضية تم الفصل فيها بحكم من محكمة العدل الدولية، جاء بناء على اتفاق ليبيّ – تونسيّ، وقد قَبِل الطرفان بالحكم، والحدود البحرية بين ليبيا وتونس واضحة”.

وقال رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الليبي، عيسى العريبي إن اللجنة تقوم بدراسة تصريحات الرئيس قيس سعيد حول حقل البوري النفطي والجرف القاري للرد عليها بشكل رسمي.

وأضاف لوكالة الأنباء الليبية “لا يمكن القبول أو السماح بالمساس بثروات ليبيا- التي هي ملك للشعب الليبي- تحت أية ظروف أو مبررات”.

وكتب الخبير الأممي التونسي السابق عبد الوهاب الهاني “أخطأ رئيس الجمهوريَّة بفتح ملف الجرف القارِّي بطريقة دردشة أحاديَّة مستفزَّة تتنافى مع القانون الدولي وتنتقض من سيادة الشَّقيقة ليبيا.

وأخطأ الأشقَّاء الليبيون بالتصعيد والتهديد والوعيد”.

وأضاف أن قضيَّة “الجُرف القارِّي” ربحتها ليبيا وخسرتها تونس أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي منذ أربعين عاما سنة 1982.

خسرناها بسبب غباء وغرور وجهل الفريق القانوني بقانون البحار وبالجغرافيا البحرية وبالنظريات الرياضية وبالمبادئ القانونية الدقيقة والعناصر التاريخية والأنثروبولوجية لاحتساب الحدود البحرية، بقيادة العميد الصادق بلعيد ودبلوماسيين ضعيفي الكفاءة في المجال واختيار “خبير قانوني” ممثل للدَّولة التونسية من جنسية فرنسية رغم أنَّ الفقه الدولي لقانون البحار صاغه الانكليز وكتب سواده الأعظم بلُغتهم.

كما انتقد “الضعف الكبير في الإعداد الجدِّي للملف، والتهاون الصارخ في تجميع الوثائق التاريخية، والفشل الذريع حتى في إقناع المحكمة بما هي مقتنعة به بشكل بديهي، وهو ضرورة إعطاء أثر كامل لجزيرة جربة ولجزر قرقنة الآهلة بالسُّكَّان وبالحضارة والفلاحة والصناعة والتجارة منذ قدم التاريخ، بالإضافة إلى عدم استعمال الوثائق المهمة الموجودة بحوزة الدولة التونسيَّة، وتلكُّؤ فرنسي في توفير وثائق الأرشيف الفرنسي لترسيم الحدود تحت الاستعمار الفرنسي الغاشم، في حين حصل العقيد معمر القذَّافي على وثائق إيطالية مُهمة ساهمت في ترجيح كفة بلاده.

بل تحدَّثت بعض الألسن عن حصول رشاوى، لم يهتم بإثباتها الطَّرف التونسي، ولم يعد من المجدي إثارتها الآن بعد اتِّصال القضاء، إلا من باب التمحيص والتدقيق والبحث التاريخي”.

وتساءل المحلل السياسي التونسي عادل اللطيفي “لماذا إثارة مشكل الجرف القاري اليوم؟”.

وأجاب بقوله “لسببين.

الأول أن قيس سعيد لا يعرف من الثروة إلا ما وجد عينا أو نقدا (ككل ثقافة تقليدية) أي البترول والغاز والألماس أو الأموال المنهوبة والصلح الجزائي وغيرها.

يعني لم يسمع بعد بإنتاج الثروة بالعمل والذكاء”.

وأضاف “والسبب الثاني أنه يعتقد أن القضاء ليس عادلا، وهو يطبق فهمه هذا على من عارضه وخالفه الرأي من التونسيين، لينطق بالحكم بدل القضاء والقرائن.

واليوم وسع من فهمه ليطبقه على غير التونسيين وعلى القضاء الدولي الذي سبق وأصدر حكما وطوى التونسيون الموضوع.

مسلسل العبث واختلاق الأوهام متواصل والفاتورة سوف تكون باهظة على تونس”.

وخلال السنوات الأخيرة شهدت العلاقات بين تونس وليبيا توترات عدة، وسبق أن أثار رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، ، أزمة دبلوماسية مع تونس، بعدما اتهمها بـ”تصدير الإرهاب” إلى بلاده، قبل أن يعدّل الدبيبة تصريحاته مؤكدا أن “ليبيا وتونس شعب واحد”، فضلا عن قيام وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بلقاء نظيرها التونسي لمحاولة تجاوز الأزمة.

كما أثار خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، جلا بعدما، مؤكدا أنه يرفض تكرار التجربة التونسية في بلاده.

الوكالات      |      المصدر: القدس العربي    (منذ: 4 أيام | 16 قراءة)
.