السينما القطرية تنطلق نحو العالمية: ملتقى قمرة السينمائي 2023 يحتفل بأعمال نابضة بالحياة
الدوحة ـ «القدس العربي:» تخطو السينما القطرية خطوات وقفزات نحو الأمام وتركز تدريجياً خطواتها في هذه الصناعة التي كانت المنطقة مجرد مستهلك مع توجه نحو دعم الإنتاج المحلي في مجال الفن السابع وينافس عالمياً بأدوات من العصر الرقمي.
وتستثمر قطر للمشاركة في الحاضنة السينمائية المرموقة لصناعة الأفلام، مع دعم الشباب من المواطنين والمقيمين لترسيخ وجودهم في عالم الإنتاج وتوفير كل الدعم للانطلاق نحو الأسواق العالمية.
وسلّط ملتقى قمرة السينمائي، الحاضنة السنوية من تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، الضّوء على مدى تطوّر المشهد الإبداعي والبيئة السينمائية في قطر من خلال 13 مشروعاً محلياً لمخرجين قطريين ومقيمين في قطر يحظون بالدعم اللازم.
ووفّر قمرة 2023 فرصاً للتواصل وتطوير المشاريع المختارة في مراحل عدّة تماشياً مع رسالة الملتقى لتسريع وتيرة النجاح لصُنّاع الأفلام الواعدين من المنطقة وخارجها.
وحتى الآن كان لقطر الحضور الأبرز بين المشاريع المختارة مع 13 فيلماً، من ضمنها 7 مشاريع لمواطنين قطريين.
وتنطلق خطة مؤسسة الدوحة للأفلام من منح المواهب السينمائية العاملة على مشاريع الأفلام والمسلسلات المختارة فرصة الاحتكاك بصناع السينما من خلال جلسات تدريب وتواصل واقعية.
واعتبرت فاطمة حسن الرميحي، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الدوحة للأفلام، أن مجموعة الأفلام التي قدمها مخرجون قطريون ومقيمون تنبض بالحياة.
وخلال مهرجان قمرة السينمائي الذي ترعاه السلطات في قطر وتعرض الإنجازات الثقافية للصناعة المحلية.
وعند جمع شهادات العاملين في مجال الفن السابع فإنه من اللافت أن البيئة الإبداعية الوطنية تلهم الشباب المحترفين والمبدعين لتحقيق طموحاتهم السينمائية من خلال قصص تعكس التنوع الاستثنائي في الدولة الخليجية.
وترى فاطمة الرميحي التي تشرف منذ سنوات على مجال السينما من خلال مؤسسة الدوحة، أن مشاركة القصص القطرية مع العالم تعزز التفاهم الثقافي وتخلق صلة وصل بين الشعوب، مع تأكيد فخرها بالمحترفين والمبدعين الذين اغتنموا الفرصة لبناء قدراتهم وتطوير كفاءاتهم التي تكللت بتقديم مجموعة من المشاريع من قطر لهذا العام.
واختارت مؤسسة الدوحة للأفلام في ملتقى قمرة 2023 عناوين متعددة لمواهب قطرية ومقيمة، تشمل قصصاً تروي جوانب ثرية ومتعددة وشخوص تنبض بالحياة.
منها «الزوجة الأخرى» وهو عنوان مؤقت، لإنتاج فرنسي قطري جزائري، للمخرجة مريم مسراوة، عن قصة سليمة التي تلجأ إلى حلول تشوبها المبالغة لإنقاذ زواجها الذي أصبح أشبه بالملاذ الوهميّ لها، لكنّها تجد نفسها في مواجهة مع هشاشة صورتها التّي حاولت جاهدة الحفاظ عليها.
كما تتضمن اللائحة وثائقياً طويلاً، بعنوان «أسطورة محمود» وهو قطري فلسطيني، للمخرجة ميار حمدان، ويروي قصة محمود سعيد الرّجل الفلسطيني البالغ من العُمر 93 عاما المتوفى بعد محاولته بناء منزل في مدينة الدّوحة التّي انتقل إليها.
ومن أفلام قمرة القصيرة، بـ«الفلسطيني» (لبنان، قطر) للمخرج عبادة جربي، ويرصد هذا الفيلم الوثائقي حكاية لاجئين فلسطينيين يعيشون في مخيّم شاتيلا للاجئين في لبنان، مسلطًا الضوء على تاريخ سكّان المخيّم وثقل الحلم الذي لا يفارقهم، والصّدام بين التّاريخ والأمل، وأثره على حياة الأجيال المختلفة من اللاجئين الذين يقطنون المخيّم.
وتروي المخرجة القطرية فاطمة الغانم، في فيلمها قصة قائدة أول فريق قطري لكرة القدم، وتبرز معاناته مع التّكاليف المخفيّة الباهظة المُصاحبة لتشكيل الفريق والانضمام لأول جيل من السّيدات اللواتي حطمن المحظورات الثقافية، سعيًا لتحقيق أحلامهنّ وشغفهنّ بكرة القدم.
وتبرز من الأعمال الواعدة فيلم المخرج حمد الفيحاني، ويسرد قصة رجل يقرر اعتزال البشر كلّهم بعد أن يبدأ بفقدان وجهه، ويخوض سلسلة من المحادثات الأخيرة مع أبرز الأشخاص في حياته.
كما اتجهت الأعمال القطرية نحو عالم الرقمي، من خلال فيلم «العقيق: الزّخم الافتراضي» للمخرجين محمد السّويدي وكمام المعاضيد.
وتدور أحداثه في مدينة منغمسة بوسائل التّواصل الاجتماعي والتّكنولوجيا، ونتابع حكاية عقيق حينّ يتعرض جده لهجوم شرس، ويكتشف الفتى أنه أوّل المُنتمين إلى جيل جديد من الأبطال الخارقين.
المخرجة القطرية نادية الخاطر، عملت بدورها على عمل تدور وقائعه حول ذكريات شخصية، فبعد أن تبدأ امرأة شابة مشروع مونتاج جديد، تكتشف بأنها تُجري المونتاج لحياتها الخاصّة.
مؤسسة الدوحة للأفلام وفي سبيل تطوير إنتاج الفن السابع في قطر، وفرت ضمن فعاليات ملتقى قمرة، خبراء سينمائيين، على غرار الروائي وكاتب السيناريو والمخرج البريطاني السير كريستوفر هامبتون الحائز على عدة جوائز أوسكار وجوائز بافتا (الوالد، علاقات خطرة، تكفير) وديفيد بارفيت المنتج المسرحي والسينمائي والتلفزيوني الفائز بجائزة أوسكار (الوالد، شكسبير العاشق، أسبوعي مع مارلين، فنسنت المحبوب) وجاكلين ويست مصممة الأزياء المرشحة لأربع جوائز أوسكار (الكثبان الرملية، العائد، الحالة المحيرة لبنجامين بتن) وصانعة الأفلام الأسكتلندية لين رامزي الفائزة بجائزة مهرجان كان (يجب أن نتحدث عن كيفن، لم تكن هنا من قبل، صائد الجرذان).
وكذلك صانع الأفلام البريطاني الشهير مايكل وينتربوتوم الفائز بجائزة الدب الذهبي والدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي (الطريق إلى غوانتانامو، قلب عظيم، أهلاً بك في سراييفو).
ويؤكد صناع الأفلام في أحاديث مختلفة، على أهمية قمرة في بناء صناعة سينمائية وإبداعية محلية، ودعم تطور مسيرتهم المهنية والانطلاق إلى مستويات أعلى في هذا القطاع الحيوي.
ويعمل أكثر من 200 مختص في السينما من بينهم خبراء قمرة السينمائيين، على دعم مسيرة هؤلاء ابتداءً من النص وصولاً إلى عرض الأفلام على الشاشة من خلال اجتماعات وورش عمل وندوات.
وأكد المخرجون الواعدون على دور قمرة الريادي في توفير الفرص اللازمة للتواصل مع الخبراء والمختصين السينمائيين، وفي توسيع آفاقهم وقدراتهم لتقديم مشاريع استثنائية تشارك وتتألق في المهرجانات والمحافل الدولية، وتؤسس لصناعة سينمائية غنية في قطر.
وفي حديثه عن مسلسله «العقيق: الزّخم الافتراضي» (قطر) قال المخرج محمد السّويدي، أنه مميز بفكرته ويعدّ مشروعاً مختلفاً من حيث المضمون.
وحصل الفيلم على دعم من صندوق الفيلم القطري.
كما أشارت كمام المعاضيد، كاتبة السيناريو والمشاركة في الإخراج للفيلم، أنّ الفيلم يدور حول عالم التواصل الاجتماعي والشخصيات الخارقة في العالم الافتراضي وحل المشاكل في عالمنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وانطلقت كمام المعاضيد في عملها من هوايتها في كتابة الروايات وعملت على سيناريو الفيلم بالتعاون مع المخرج محمد السويدي، فأضافت عليها الطابع المحلي ودخلت تجربة جديدة من الفنون البصرية إلى عالم السينما.
وتروي ضحى عبد الستار، مخرجة فيلم «روابط مفقودة» (قطر) قصة زوجين يحاولان مرارًا وتكرارًا الاتصال عاطفياً لكنهما يفشلان.
وقالت «صنع فيلم ليس بالأمر السهل، عليك أن تضحي بحياتك الشخصية وحياتك الاجتماعية للتركيز على مشروعك.
إن التدريب الذي نحصل عليه من مؤسسة الدوحة للأفلام لا يقدر بثمن لأنه يمكننا من مقابلة المشاركة في مناقشات إبداعية مثرية».
وتشارك صانعة الأفلام إيمان ميرغني في قمرة للعام الثالث، وتعمل في هذه النسخة على فيلمها «فيلا 187» (السّودان، قطر).
وتعتبر السودانية المقيمة في قطر، أن «مؤسسة الدوحة للأفلام هي عائلتها، وتشارك باستمرار في ورش العمل على مدار الست سنوات الماضية.
وتعبر عن أهمية الدعم من المؤسسة الذي فتح الباب لها على مختلف جوانب العمل السينمائي، منها المنح والتواصل مع المؤسسات والهيئات التي تساعدها على تطوير مسيرتها.
وتعتبر أن ما تقوم به المؤسسة وقمرة ضروري ومهم لصناع الأفلام في كل العالم، وكذلك للمواهب الشابة التي تحظى بالتوجيه اللازم والحصول على تمويل ومساعدة في كامل عملية صناعة الفيلم.
وتقرر إيمان في الفيلم توثيق منزل الأسرة والذكريات التّي كوّنتها فيه على مدار 30 عامًا، بعد قرار إلغاء تأشيرة إقامتها في قطر.
وتدريجياً تكرس جهود مؤسسة الدوحة للأفلام صناعة الأفلام القطرية في المجال الذي كان غائباً عن المنطقة، مع استقبال ملتقيات قمرة السنوية العاملين والخبراء في مجال الفن السابع، لرعاية المواهب التي تشق طريقها نحو العالمية، حيث ترسخ الدوحة اسمها في عالم السينما.