خبير اقتصادي يقارب سياقات تحوُّل المغرب إلى مركز عالمي لتصنيع السيارات

قال الخبير الاقتصادي والمالي نوفل الناصري إن “المغرب نجح خلال عقدين من الزمان في تعزيز سمعته في قطاع صناعة السيارات، عبر تنفيذ شعار “صُنع في المغرب”، وبفضل تميُّز الإنتاج المغربي وتطور المنظومات الصناعية المحدَثة تحولت هذه العلامة إلى مرجع دولي مُعتمد”.

وبلغة الأرقام، تطرق الناصري، في مقال له بعنوان “هكذا تحولَ المغرب إلى مركز عالمي لتصنيع السيارات”، إلى “قطاع صناعة السيارات بالمغرب، ومكانته المركزية في الاقتصاد الوطني، ومحوريته في تحقيق دفعة قوية ونقلة تاريخية للمنظومة الصناعية”، مبرزا المحاور الثلاثة الرئيسية للإستراتيجية العملية التي اعتمدها المغرب لكي يصبح المنصة الأولى الأكثر تنافسية في العالم في قطاع السيارات.

وهذا نص المقال: نجح المغرب، خلال عقدين من الزمان، في تعزيز سمعته في قطاع صناعة السيارات، عبر تنفيذ شعار “صُنع في المغرب”، وبفضل تميُّز الإنتاج المغربي وتطور المنظومات الصناعية المحدَثة، تحولت علامة “صُنِعَ في المغرب” إلى مرجع دولي مُعتمد، فمنصة المغرب الصناعية للسيارات تصدر إنتاجها إلى أزيد من 74 بلداً عبر العالم، بنسبة اندماج محلي في حدود 69%.

ويتم تصدير 90% من الإنتاج إلى كل أنحاء العالم، ويُعَد ما يقرب من 80% من السيارات المنتجة في المغرب مصنوعة للأسواق الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، بنسبة 31%، تليها إسبانيا (11%)، وألمانيا (9%)، وإيطاليا (9%).

كما تأتي المملكة المغربية في قمة أولويات دولة الصين، التي أبدت اهتمامًا كبيرا بقطاع السيارات بالمغرب، وتستهدف توفير 85 مليون وظيفة في هذا القطاع بالقارة الأفريقية، وستكون الحصة الكبرى من هذه المناصب من نصيب المملكة، وقد أطلقت “بي.

واي.

دي” الصينية مشروع تصنيع سيارات كهربائية بمدينة طنجة تيك في 2017، وهو الأول من نوعه في أفريقيا.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} لقد عزز قطاع صناعة السيارات بالمغرب مكانته المركزية في الاقتصاد الوطني ومحوريته في تحقيق دفعة قوية ونقلة تاريخية للمنظومة الصناعية.

فحسب بيانات مكتب الصرف، ظل هذا القطاع، منذ 7 سنوات، المُصَدّر الرئيسي للمغرب، بتحقيق صادراته رقم معاملات بلغ 80 مليار درهم سنة 2019 و72 مليار درهم سنة 2020 و84 مليار درهم (8 مليارات دولار) سنة 2021، بقيمة مضافة بلغت 31,7 مليار درهم (تساوي مرة ونصفا القيمة المضافة التي يحققها اليوم المكتب الشريف للفوسفاط).

وهو يتطلع إلى تحقيق صادرات في حدود 100 مليار سنة 2022 درهم؛ وقد بلغت طاقته الإنتاجية 700 ألف سيارة، بقوة عاملة تُقدر بأكثر من 220 ألف عامل في أزيد من 250 مصنعا في جميع أنحاء البلاد.

وبفضل هذه الإنجازات غير المسبوقة أصبح المغرب يتصدر منتجي السيارات بالقارة الأفريقية منذ سنة 2017، وأصبح ثاني أكبر مصدر إلى أوروبا منذ منتصف 2021.

لقد أصبح المغرب حاضرا في خطط كبريات الشركات الصناعية العالمية، وهو مؤهل ليصبح المركز الأكثر تنافسية في العالم في صناعة السيارات.

فحسب تقرير “الانتعاش الاقتصادي في المغرب”، الصادر عن مجموعة “أكسفورد بيزنس غروب”، فإن القرب الجغرافي بين المغرب وأوروبا، أكبر شريك تجاري له، حوّله إلى مركز عالمي لتصنيع السيارات على مدار العقود الأخيرة.

كما أكدت المجلة الأمريكية المتخصصة في صناعة السيارات “أوتوموتيف إنداستريز” أن المغرب مؤهل ليكون مركزًا لصناعة السيارات، وأنه يتجه نحو إنتاج مليون سيارة في المدى المتوسط.

تتمركز المنظومة الصناعية المغربية في قطاع السيارات في المرتبة الثالثة عالميا من حيث التنافسية بعد الهند والصين بإنتاجها سيارة كل دقيقة ونصف.

وقد اعتمد المغرب استراتيجية عملية لكي يصبح المنصة الأولى الأكثر تنافسية في العالم في قطاع السيارات.

وتقوم هذه الاستراتيجية على 3 محاور رئيسية: أولا، رفع مستوى الاندماج المحلي إلى 80% (80% من أجزاء السيارات ستكون مصنعة بالمغرب في مصانع مغربية) عن طريق تحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتعزيز قدراتها التقنية والتدبيرية، وتوفير الوعاء العقاري الصناعي الخاص بها، وتسهيل حصولها على التمويلات المالية الكافية لتطوير استثماراتها، وتحديث أنظمتها الإنتاجية لمواكبة التحولات العالمية وللاستجابة لمتطلبات المصنعين الكبار.

ثانيا، رفع القيمة التنافسية للمنتوج المغربي بتحقيق الحياد الكربوني في القطاع، على اعتبار أن المغرب يتوفر على أقوى الاستراتيجيات في التنمية المستدامة عالميا، ويزخر بطاقات متجددة هائلة ومتنوعة، وهو مؤهل للعب أدوار إقليمية وعالمية في هذا المجال على المديين المتوسط والبعيد.

ويمثل نزع الكربون من المنظومة الصناعية الوطنية الميزة التنافسية الكبرى للمغرب أمام الهند والصين، وسيسمح هذا الأمر للمصدرين المغاربة بولوج الأسواق الأوروبية التي تستعد لتطبيق ضريبة الكربون في الأشهر المقبلة.

ثالثا، دمج رأس المال المغربي في هذه الصناعة المتطورة، ودفع الاستثمارات المحلية إلى الانخراط بشكل كبير في العمليات الإنتاجية، في إطار المشروع الرائد للإنعاش الصناعي لمرحلة ما بعد “كوفيد- 19″، الذي تم إطلاقه في شتنبر 2020، ويهدف إلى استبدال الواردات بصناعات محلية، وقد بلغ عدد المشاريع المقدمة ضمن بنك المشاريع 1065 مشروعا ستساهم في إحداث حوالي 250 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر.

لقد استطاع المغرب تحويل أزمة “كورونا” والحرب الروسية الأوكرانية إلى فرصة تاريخية لمواصلة تعزيز سيادته الصناعية، والاستمرار في التطوير والابتكار، وتقوية الصناعة الوطنية، وضمان أمن واستمرار ومرونة سلاسل القيم، وملاءمتها مع التشكيلة الجديدة المعلنة لسلاسل القيمة العالمية.

وعلى جميع الفاعلين والمتدخلين في المنظومة الاقتصادية الوطنية العمل على توطيد هذه المكتسبات، وتأمين تموقع المغرب في خريطة العالم للصناعات المتطورة والمستدامة عن طريق ضمان استقلاليته بخصوص السلع الاستراتيجية، وتنويع البدائل لتأمين الإمدادات، والاستفادة وحسن استثمار الثروات المعدنية والبشرية المغربية، وتطوير منتوجات محلية كفيلة بالرفع من معدل الاندماج الصناعي وتحترم التوزيع الجهوي المتوازن للإنتاج الوطني.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 سنوات | 109 قراءة)
.