د.سيد رشاد يكتب: على السادة المتجهين إلى الجمهورية الجديدة ربط حزام التفكير النقدي (1)

إن اتباع العلامات المرورية، والالتزام بتطبيق قواعد القيادة؛ يجنب قائدي المركبات الكثير من المشكلات ويحد بالطبع من الأخطاء والمماراسات التي تتسبب في كثير من الحوادث والأزمات المرورية التي تكبد الأفراد والدولة أيضاً خسائر بشرية ومادية لا يستهان بها، فالوصول الآمن إلى الوجهة المنشودة في الوقت المحدد يتطلب، بطبيعة الحال، اتباع خط سير واضح، والتزام بقواعد المرور، ومنها ربط حزام الأمان، واحترام الإشارات واللافتات الإرشادية، وتجنب الخطأ وخطأ الغير وما إلى ذلك من تعليمات لابد أن يعيها قائد المركبة -فكراً- ويطبقها –فعلاً-، ويحث غيره أيضاً على الالتزام بها –أخلاقاً-؛ فالحديث هنا يدور عن سلامة الأفراد وليس الفرد، أو إن شئت فقل سلامة جميع السائرين على الطريق.

إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للقيادة الآمنة على الطرقات الكائنة بالفعل، فما بالنا بالقيادة على طريق آخذ في التكوين، طريق شُقت ومهدت بعض أجزائه، ولاتزال هناك أجزاء قيد الشق والتمهيد، طريق رسمت ملامحه في الأذهان قبل أن تجد طريقها إلى البنيان؛ إنه طريق الجمهورية الجديدة، المزمع فتحه أمام الجميع وليس سائقي المركبات فحسب، طريق يصل الماضي بالحاضر بالمستقبل، يسير فيه مواطنو الدولة المصرية جنباً إلى جنب آمنين مطمئنين على أنفسهم وأبنائهم وأحفادهم أيضاً.

إن طريق الجمهورية الجديدة مفروش بالعديد من التحديات، ومحفوف بالكثير من المشاق والصعوبات، وأنا أشبهه بطريق يجري شقه في ظل تضاريس وعرة، وظروف شديدة القسوة، ومخاطر من كافة الاتجاهات –داخياً وخارجياً-، وكلها تتضافر لتشكل عقبة كئود أمام جهود شق الطريق وتمهيده وفتحه أمام المواطنين.

لقد آثرت أن أخصص مجموعة من المقالات للحديث عن مسيرة الانتقال إلى الجمهورية الجديدة- فكراً وفعلاً وأخلاقاً-، والتي أبدأها بهذا المقال الذي اخترت له عنوان «على السادة المتجهين إلى الجمهورية الجديدة ربط حزام التفكير النقدي».

وربما يكون السؤال الذي يتبادر لذهن القارئ الآن، هو ما علاقة الجمهورية الجديدة بحزام التفكير النقدي؟!.

لذا سأحاول عبر هذه السلسلة من المقالات الإجابة عن هذا التساؤل الرئيس.

عزيزي المواطن الصالح المتجه إلى الجمهورية الجديدة، برجاء ربط حزام التفكير النقدي، لضمان سلامتك وسلامة الآخرين.

ما أقصده هنا هو «استخدام التفكير النقدي وتوظيفه كحزام أمان للجميع»، والتفكير النقدي -في أبسط تعريفاته هو: ذلك التساؤل أو التشكيك الإيجابي في صحة كل ما يُعرض عليك من معلومات أو أفكار أو قضايا، والتأني في إصدار الأحكام سواء بالقبول أو الرفض، ومن ثم القدرة على حل المشكلات المختلفة التي يواجهها الفرد في حياته اليومية باتباع منهج علمي وخطوات سليمة.

فالتفكير النقدي يهدف في الأساس إلى تكوين حكم، بعد استيفاء معياري الكفاية والدقة.

وبالتالي يمكنك التفكير النقدي من التعامل مع كافة الأفكار والقضايا المطروحة، سواء كانت منطوقة أو مكتوبة أو معروضة عبر وسيلة إعلامية بعينها، وينسحب ذلك على التعاطي الفعال مع الشائعات المغرضة، ومواجهة الحملات الدعائية والبروباجندا، والتعامل مع وسائل الإعلام المختفلة بشكل إيجابي، وكل هذا يصب في صالح تكوين مواطن متنور واعي إيجابي قادر على تمييز الغث من السمين، وتوظيف الحجج والأدلة والبراهين بنزاهة وفعالية، والتصدي للفكر المتطرف والإرهاب، والمساعدة في تنشئة أجيال جديدة تحمل لواء العمل والبناء لا معول الهدم والتخريب.

عزيزي القارئ.

.

في المقالات القادمة سأسعى لإبراز دور التفكير النقدي وأهميته في تغيير نمط التفكير السائد، وكيف يمكن توظيفه في مسيرة الانتقال للجمهورية الجديدة.

.

وللحديث بقية.

مصر      |      المصدر: الوطن نيوز    (منذ: 1 سنوات | 65 قراءة)
.