«وجوه منسية» لـ محمد شعبان يشارك في معرض الكتاب: محاولة تقييم 20 شخصية تاريخية

يشارك الكاتب الصحفي محمد شعبان، بكتابه «وجوه منسية من التاريخ العربي الإسلامي»، والصادر في إصدار جديد عن دار «دارك» للنشر والتوزيع، في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ54 المقام الآن بمعرض مصر للمؤتمرات بالتجمع الخامس، ويستمر حتى 6 فبراير المقبل.

ويتناول الكتاب منعطفات من التاريخ مليئة بشخصيات لعبت أدوارًا بارزة في تحريك كثير من الأحداث المفصلية، التي تركت آثارها على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونظرًا لاختلاف مضمون وأهداف هذه الأحداث، فقد كان من الطبيعي أن يقف محرّكوها في مرمى الجدل والتقييم والنقد، أو حتى الرصد التاريخي الموضوعي.

وبحسب مقدمة الكاتب، يظهر هذا الجدل بصورة واضحة في الحركات المناهضة التي قادها كثيرون ضد الخلافة الإسلامية في مختلف المراحل التاريخية، ونظر لها مؤرخون باعتبارها حركات زندقة وخروج عن الدين، في حين رآها آخرون هبات ثورية ضد أوضاع سياسية واجتماعية سيئة بسبب سياسات الحكام الجائرة، فيما تجاهلها فريق ثالث ولم يقترب منها بالمدح أو الذم.

ويتمثل ذلك أيضا أمام تجارب قادها البعض لإحداث تغيير جدي وملموس على أرض الواقع، بغض النظر عن مدى نجاح هذه التجارب أو فشلها، وخير من يعبر عن هذه الحالة تجربة السان سيمونيين في مصر، وهم أشخاص جاءوا من فرنسا إلى مصر، ليحققوا في دولة محمد علي باشا ما عجزوا عن تحقيقه في بلادهم، فاحتضنهم الوالي الطموح، وأفسح لهم المجال، فأنشأوا عدة مشروعات تنموية كان لها صدى اقتصادي واجتماعي وثقافي ملموس، لكن تجربتهم لم تستمر طويلًا وانتهت بما لها وما عليها.

حركات لم تُكتمل في التاريخ هناك أيضًا الحركات التي لم تُكتمل وكان من شأن استمرارها تغير كثير من موازين القوى، وتحويل مسارات التاريخ، ولعل أبرز ما يشار إليه في هذا السياق تلك الثورة المسلحة التي اندلعت ضد الإنجليز بمطروح والواحات، وكان من الممكن أن تغير كثيرًا وكثيرًا، لولا أنها دُحرت من قبل قوات الاحتلال.

هذه الأحداث وغيرها وقف وراءها كثيرون، يضعهم هذا الكتاب تحت المجهر ليبرز ملامح مسيرتهم، وبصماتهم وآثارهم، اعتمادًا على مصادر تاريخية تناولت هذه الشخصيات من جوانب شتى، وزوايا متباينة، دون أن يطغى جانب على آخر.

ويتناول الكتاب 20 شخصية لا يوجد بينها رابط، سوى أن كل فصل يسلط الضوء على جانب معين قد يكون منسياً أو غير معروف استناداً إلى مصادر تاريخية.

ومن هؤلاء: «به آفريد بن فردردينان» الذي قاد حركة دينية وسياسية ضد الخلافة العباسية في بلاد فارس، مرتكزًا إلى مزيج من الأفكار الإسلامية والزرادشتية.

وبابك الخرمي الذي حرّك ثورة ضد نفس الخلافة ووصفها عدد من المؤرخين بـ«الاشتراكية»، وكذلك القائد العسكري الفاطمي بدرالدين الجمالي، وما أثير حول أنه كان مسيحيًا وأنه أخفى ذلك حفاظا على نفوذه، إضافة إلى سباتاي زيفي زعيم طائفة «الدونمة» اليهودية، والتي نشأت في أحضان الدولة العثمانية، وأعلن أفرادها الإسلام ومارسوا طقوسه في العلن، لكنهم كانوا يدينون باليهودية في الخفاء.

شخصيات يتناولها الكتاب ومن الشخصيات التي يتطرق لها الكتاب الرحالة التركي أوليا چلبي الذي صاغ وأسطورية حول السلطان العثماني سليم الأول ليبرر غزوه لمصر، والرحالة العربي إلياس الموصلي الذي قام في عام 1668 برحلة لأمريكا، أو كما كانت تسمى في ذلك الوقت بـ«بلاد الهند الغربية»، لأسباب دينية وسياسية واقتصادية، ودوّن مشاهداته هناك عن الهنود الحمر كأول عربي تطأ قدماه هذه البقعة.

يتناول الكتاب أيضًا البطريركين القبطيين أبرام السرياني ويوحنا الخامس عشر، اللذين واجها تسرّي الأقباط بالجواري في القرنين العاشر والسابع عشر، ودفعا حياتهما ثمنًا لذلك، والبابا كيرلس الرابع الذي قاد إصلاحًا كنسيًا داخل الكنيسة المصرية في منتصف القرن التاسع عشر، وألغى الجزية عن الأقباط، وألحقهم بالجيش المصري.

ويستعرض الكتاب ملامح من مسيرة بروسبير أنفوتان الذي جاء من فرنسا إلى مصر في عهد محمد علي باشا مع رفاقه الـ«سان سامونيين» ليحققوا أحلامهم التي عجزوا عن تحقيقها في بلادهم، وكذلك رئيس الحكومة الفرنسية جول دو بوليناك والقنصل الفرنسي في القاهرة دورفيشي واللذان حرضا محمد علي على غزو الجزائر لتحقيق أهداف بلادهما في المنطقة، فضلًا عن تناول صراع القنصلين الفرنسي برناردينو دورفيني والإنجليزي هنري سولت وغيرهما من القناصل على تهريب آثار مصر في القرن التاسع عشر.

وكان للسيدة زبيدة محمد البواب، نصيب في هذه السطور، من خلال قصة زواجها من قائد «مينو»، وكيف سارت حياتها بعد رحيل الحملة، وكذلك الأمر لإسماعيل المفتش وزير المالية في عهد الخديو إسماعيل على خلفية الجدل الذي أثير حول طريقة اختفائه.

وتتناول سطور الكتاب أيضًا علي محمد الشيرازي، الذي اعتبر نفسه مهديًا منتظرًا، فادعى انه يُوحى إليه، وأسس فرقة دينية تسمى «البابية» بالعراق في منتصف القرن التاسع عشر.

كما تطرق الكتاب إلى سيرة الوالي العثماني على طرابلس الغرب أحمد راسم باشا، والذي سعى لتوطين الأكراد في ليبيا في نهاية القرن التاسع عشر، حتى تتخلص الدولة العثمانية من ثوراتهم، وكذلك الألماني بول فريدمان الذي خطط لإقامة دولة لليهود في منطقة مدين السعودية، والأمريكي إسرائيل زانغويل الذي سعى لتوطين اليهود في ليبيا بموافقة عثمانية.

لا يغفل الكتاب أيضًا ضابط المخابرات الروسي عبدالعزيز دولتشين، والذي أرسلته بلاده لاستطلاع أحوال المسلمين في موسم الحج، فذهب إلى الحرم المكي ودوّن مشاهداته، وكذلك المجرية ماري دي توروك التي تعرف عليها السلطان عباس حلمي الثاني في باريس وتزوجها وغيرت اسمها إلى جويدان عبدالله، ثم طُلقت من السلطان وكتبت مذكراتها عن الفترة التي عاشتها في مصر وكشفت العالم السري لقصور الحريم.

ولا يتجاهل الكتاب القائد العسكري المصري محمد حرب صالح، الذي قاد عام 1915 أول ثورة مسلحة ضد الإنجليز في مصر بمطروح والواحات، وكان من الممكن أن تغير كثيرًا من الأمور لولا دحرها.

مصر      |      المصدر: الوطن نيوز    (منذ: 1 سنوات | 58 قراءة)
.