البرد "يُقَطع المسامير" في جبال ميدلت.. والسكان يشكرون الملك على المساعدات

سجلت المناطق الجبلية بإقليم ميدلت، على غرار الكثير من المناطق الجبلية بالمملكة، هذه الأيام، طقسا باردا، بسبب انخفاض درجات الحرارة من الساعة الرابعة مساء إلى غاية العاشرة صباحا، إذ تصل في غالب الأحيان إلى ما بين ناقص 1 وناقص 6.

ويعاني سكان جبال ميدلت من موجة البرد القارس، حيث تم تسجيل تساقطات ثلجية خفيفة، فيما يفرض البرد حصارا على المواطنين الذين لا يخرجون من بيوتهم إلا للضرورة القصوى، وبداخلها لا يمكن المكوث دون إشعال النار لضمان بعض الدفء.

جريدة هسبريس الإلكترونية كانت مساء أمس الخميس حاضرة بجماعة أكوديم، حيث زارت مجموعة من العائلات في بيوتها، لنقل معاناتها مع البرد، واحتياجاتها في هذه الفترة، ومطالبها؛ وكذا المجهودات المبذولة من طرف الدولة لمساعدة الساكنة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وكان الملك محمد السادس أعطى تعليماته للإطلاق الفوري للمبادرة التضامنية الرامية إلى مواجهة موجة البرد القارس، لفائدة الساكنة القروية المتضررة من الانخفاض الكبير لدرجات الحرارة بأقاليم الأطلس الكبير والأطلس المتوسط (ميدلت، خنيفرة، أزيلال، الحوز).

البرد يقطع المسامير كانت الساعتان اللتان قضتهما جريدة هسبريس الإلكترونية مع ساكنة أكوديم وتاكويدت بجبال إقليم ميدلت كافيتين لمعرفة حجم المعاناة والمشاكل الكثيرة التي تعانيها ساكنة القرى والجبال في فترة البرد القارس، حيث تشرع درجات الحرارة مباشرة بعد الساعة الرابعة مساء في الانخفاض من 3 درجات إلى ناقص درجة.

عدد من الذين حاورتهم الجريدة أجمعوا على أن معاناتهم تتفاقم في فترة البرد، أولا بسبب ضعف البنية الطرقية، ثم لضعف القدرة على شراء وسائل التدفئة العصرية، ما جعلهم يوميا في رحلة للبحث عن الحطب في الجبال لتوفير الدفء لعائلاتهم وأطفالهم الصغار.

“أَقْرَافْ أَرْتْبِّي إِنْسْمَارْنْ”، أي إن “البرد يقطع المسامير”، بهذه العبارة افتتح موحى أوعلي، أحد سكان دوار تاكوديت، الذي فتح قلبه لهسبريس، الحديث عن مشاكل كثيرة تواجهها الساكنة في هذه الفترة، مشيرا إلى أن الساكنة الجبلية تعاني مشاكل كثيرة، “ليس فقط البرد، بل ضعف أعلاف المواشي، وضعف البنيات التحتية الطرقية والصحية والتعليمية”.

وأضاف موحى: “المنطقة تعيش تحت حصار البرد لفترة طويلة، والساكنة تلجأ إلى الحطب وإشعال النار للتدفئة وطرد شبح الموت البطيء بسبب البرد القارس”، مضيفا وهو يحاول إخفاء دموعه: “لو كان باستطاعتي التوجه يوميا إلى الغابة لجلب الحطب لقمت بذلك لتوفير ما تأكله النار وجلب الدفء لأبنائي”.

من جهته، تطرق سعيد، أحد سكان جماعة أكوديم، إلى مشكل آخر يؤرق بال الساكنة المحلية، وهو غياب وسائل النقل العمومية، مشيرا إلى أن النقل السري هو السائد في المنقطة، ولزيارة ميدلت تحتاج إلى 100 درهم ذهابا وإيابا، ملتمسا من المسؤولين التدخل لحل إشكالية النقل، من خلال تسليم رخص النقل المزدوج لأشخاص مؤهلين.

مساعدات الملك ترسم الابتسامة صادفت هسبريس خلال تنقلها إلى جماعة أكوديم قافلة مؤسسة محمد الخامس للتضامن، التي زارت تحت إشراف عامل إقليم ميدلت، المصطفى النوحي، دواوير كثيرة بتونفيت وأكديم وأنفكو وغيرها من المناطق الجبلية، حيث تم تسليم المساعدة اللازمة لسكان القرى المتضررين من موجة البرد القارس المسجلة حاليا.

وعبرت الساكنة المتضررة من موجة البرد، التي استفادت من مساعدات غذائية وأغطية موزعة عليها من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، بأمر ملكي، عن شكرها وامتنانها للملك محمد السادس، مؤكدة أن هذه المساعدات جاءت في وقتها المناسب.

ورسمت هذه المساعدات، التي تم توزيعها بحضور عامل الإقليم والسلطات المحلية والمصالح الأمنية والمصالح الخارجية، وفريق من المؤسسة المذكورة، (رسمت) الابتسامة على وجوه المستفيدين، إذ قالت مولودة، وهي أم من منطقة اكوديم: “الملك تفكرنا فهاد المحنة ديال البرد الله انصرو”، مضيفة: “الملك هو أب جميع المغاربة، وهذه المساعدة التي قدمها لنا هي مساعدة الأب لأبنائه”.

وعبرت ساكنة الجبال المتضررة من موجة البرد بإقليم ميدلت عن شكرها وامتنانها للمبادرة الملكية الرامية إلى تخفيف معاناتها مع موجة البرد، من خلال تقديم مساعدات غذائية وأغطية للمحتاجين، مؤكدة تشبثها بالعرش العلوي المجيد، وأنها ستظل جيشا مجندا وراء الملك محمد السادس في السراء والضراء.

جمال ومتعة.

.

قسوة وعزلة ومعاناة “المنازل المبنية بالطين والحجر على الجبال بإقليم ميدلت تغمرها الثلوج فيكسوها بياض يراه أهل المدن جمالا ومتعة وسحرا، لكنه بالنسبة لسكان الجبال من القرويين قسوة ومعاناة وعزلة”، يقول جمال بن موحى، من ساكنة تاكوديت، الذي طلب من الذين ينفون وجود معاناة أن “يأتوا لقضاء يوم واحد هنا وإبداء رأيهم”.

وأضاف جمال، في تصريح لهسبريس: “الثلوج وما يصاحبها من برد يراها أهل المدينة منظرا ساحرا وجمالا طبيعيا، إلا أن واقع الحال بالنسبة لنا نحن الذين نعيش البرد طوال ستة أشهر في السنة أنه عذاب وقسوة وعزلة ومعاناة”، ملتمسا من بعض القطاعات مثل الصحة والتعليم والتجهيز التدخل من أجل بناء طرق صالحة للسير، وبناء إعدادية وثانوية قريبة، وتوفير الأدوية والأطر الصحية اللازمة.

وأكد المتحدث ذاته أن المناطق الجبلية تعيش الفقر في جميع المجالات، اقتصاديا وتنمويا واجتماعيا، منوها في الوقت نفسه بمجهودات بعض القطاعات، ومنها عمالة الإقليم، التي قال إنها “تبذل ما بوسعها من أجل مساعدة ساكنة القرى والجبال طوال أيام السنة، وليس فقط أيام البرد”، وفق تعبيره.

مسؤول يوضح تعليقا على هذا الموضوع، قال عبد الكريم أيت السعيد، المندوب الإقليمي للتعاون الوطني بميدلت (عضو اللجنة الإقليمية لليقظة)، إن إقليم ميدلت يتميز بجغرافية الجبل وانخفاض درجات الحرارة، وموجة برودة قاسية جدا في موسم التساقطات الثلجية، مضيفا أنه بمجرد أن تعلن الأرصاد الجوية عن النشرة الإنذارية تجتمع اللجنة الإقليمية لليقظة تحت رئاسة عامل الإقليم، لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة.

وأكد المسؤول الإقليمي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “جميع المصالح المعنية، بما فيها السلطات والمصالح الخارجية، تعبئ مواردها البشرية واللوجستيك من أجل خدمة الساكنة الجبلية المتضررة من موجة البرد ومواجهة تداعياتها”.

وأضاف أيت السعيد أن اللجنة تتدخل من أجل إحصاء جميع الفئات الاجتماعية الهشة التي يمكن أن تتعرض لمخاطر موجة البرد، وإحصاء النساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، والأشخاص المشردين، بالإضافة إلى تعبئة جميع مؤسسات الرعاية الاجتماعية ومراكز الإيواء لتكون جاهزة لاستقبال هذه الفئات.

كما أوضح المتحدث ذاته أن السلطات تتخذ إجراءات من أجل ضمان تموين الأسواق بجميع المواد اللازمة، سواء بحطب التدفئة أو المواد الغذائية، والأدوية في المؤسسات الصحية؛ مع ضمان توفر البنزين في المحطات المخصصة لذلك، وتعبئة اللوجيستيك مع وزارة التجهيز والماء من أجل فك العزلة عند التساقطات الثلجية.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 سنوات | 67 قراءة)
.