روسيا وأوكرانيا: كيف تتعامل سيدة أوكرانيا الأولى أولينا زيلينسكا مع ما تمر به بلادها؟

قالت سيدة أوكرانيا الأولى أولينا زيلينسكا لبي بي سي إن أوكرانيا ستتغلب على تحديات الشتاء القادم على الرغم من البرد وانقطاع التيار الكهربائي الذي سببته الصواريخ الروسية، وستستمر في القتال حتى تحقيق النصر لأنه "بدون نصر لا يمكن أن يكون هناك سلام".

نلتقي بها في مدينة تاريخية، حيث يخيم البرد القارس في الشتاء، والمصابيح الخافتة البهيجة في الشوارع، والمباني المظلمة الباردة المحرومة من التيار الكهربائي، بينما تستمر روسيا في ضرب شبكة الطاقة الأوكرانية.

نال الشعب الأوكراني الثناء لصموده على موقفه في مواجهة الهجوم الروسي العنيف.

لكن هذا اختبار مؤلم جديد يجب الخضوع له.

تؤكد زيلينسكا، عندما جلسنا في مجمع يخضع لحراسة شديدة داخل متاهة من المباني في كييف: "نحن مستعدون لتحمل ذلك، لقد واجهنا العديد من التحديات الرهيبة ورأينا العديد من الضحايا والكثير من الدمار، لدرجة أن انقطاع التيار الكهربائي ليس أسوأ شيء مررنا به".

وتستشهد باستطلاع حديث أظهر أن 90 في المئة من الأوكرانيين يقولون إنهم مستعدونللتعايش مع انقطاع الكهرباء لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات إذا كانت هناك فرصة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

يبدو هذا أشبه بطريق بارد طويل للغاية، وهي تعلم ذلك وتقول: "كما تعلمين، من السهل أن تجري في ماراثون عندما تعرف عدد الكيلومترات".

لكن في هذه الحالة، لا يعرف الأوكرانيون المسافة التي يجب أن يقطعوها.

وتقول: "في بعض الأحيان قد يكون الأمر صعباً للغاية، لكن هناك بعض المشاعر الجديدة التي تساعدنا على الصمود".

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك الحلقات يستحق الانتباه نهاية تتوقع سيدة أوكرانيا الأولى بثقة أن يصبح جميع الأوكرانيين أقوى بسبب هذه الحرب.

استمرت مقابلتنا ساعة تقريباً، وتم تسجيلها من أجل موسم 100 امرأة السنوي على قناة بي بي سي، في منزل تشيمايرس الشهير، المزين بتماثيل افيال اسطورية ومنحوتات لمخلوقات أسطورية أخرى في المبنى رقم 10 من شارع بانكوفا، النسخة الأوكرانية من 10 داونينغ ستريت في لندن (مقر رئاسة الوزراء في لندن).

شكّل المبنى خلفية خطاب الرئيس زيلينسكي الشهير في 26 فبراير/ شباط لحشد الأوكرانيين، والذي تم تصويره على هاتفه بعد يومين من توغل الدبابات الروسية عبر الحدود.

وأعلن وقتذاك: "أنا هنا.

.

.

لن نتخلى عن أسلحتنا".

صدر الصورة، Getty Images في الليلة السابقة، في أولى كلماته الليلية التي باتت الآن تتصدر وسائل الإعلام، أعلن في فيديو سيلفي قال: " اصبحت الهدف رقم واحد، وعائلتي الهدف الثاني" لروسيا.

تتذكر أولينا زيلينسكا ذلك وبالكاد تخفي الكلمات الضغط الهائل الذي تتعرض له عائلتها، مثل جميع العائلات الأوكرانية التي مزقتها الحرب "هكذا كان الأمر منذ اليوم الأول وما زال مستمراً حتى اللحظة".

على بعد بضعة سواتر مؤلفة من أكياس الرمل ونقاط التفتيش، يستمر الرئيس زيلينسكي في العمل على مدار الساعة، هو قريب جداً وفي نفس الوقت بعيد للغاية.

لا تستطيع أولينا أن تتذكر بالضبط آخر مرة تناولا فيها العشاء مع ولديهما، أولكساندرا البالغ من العمر 18 عاماً، وكيريلو البالغ من العمر تسعة أعوام.

وتقول: "إنه شيء نادر الحدوث في الوقت الحاضر".

وتشرح قائلة: "أعيش مع أطفالي بعيداً عن زوجي، والأهم من ذلك كله، أننا نفتقد الأشياء البسيطة كالجلوس معاً دون النظر إلى الساعة".

انقلبت حياة جميع الأوكرانيين رأساً على عقب، من راقصات باليه إلى مهندسين يقاتلون الآن على الخطوط الأمامية، إلى حوالي ثمانية ملايين، معظمهم من النساء والأطفال، أجبروا على الفرار خارج الحدود والتأقلم مع حياة جديدة.

لطالما كانت حياة الرئيس والسيدة الأولى متشابكة.

فقد كانا صديقين منذ ان كانا في المرحلة الثانوية، وعملا سوية في فرقة كوميدية واستوديو تلفزيوني، كان فولوديمير ممثلاً كوميديا، وكانت أولينا خلف الكواليس، كاتبة سيناريو.

عندما ترشح زيلينسكي للرئاسة قبل ثلاث سنوات، أوضحت أنها لم تكن تريد تلك الحياة لعائلتها، لكن هذه الحرب دفعتها إلى دائرة الضوء، على المسرح العالمي.

بعد أن بدأت الصواريخ الروسية تدوي في سماء كييف في الساعات الأولى من يوم 24 فبراير/شباط ، أمضت أولينا زيلينسكا شهوراً في الاختباء في أماكن سرية مع أطفالها.

ظهرت في 8 مايو/أيار بمناسبة عيد الأم في أوكرانيا والعديد من البلدان الأخرى عندما انضمت إلى السيدة الأولى الأمريكية جيل بايدن في مأوى للنازحين في مدينة لفيف غرب أوكرانيا الآمنة نسبياً.

والآن تستمر في الظهور سواء كان ذلك عبر تطبيق زووم أو شخصياً، بشعرها المسرّح بذكاء وقمصانها أو ستراتها الكلاسيكية، بابتسامة خجولة ممزوجة بكلمات قوية صادرة عن "أم وابنة وسيدة".

عندما وقف أعضاء الكونغرس الأمريكي على أقدامهم وصفقوا بحفاوة مرتين، للزعيم الأوكراني في يوليو/تموز، لم يكن الرئيس زيلينسكي هو الذي يقف على المنصة هناك، لم يسافر خارج بلاده منذ غزو روسيا، بل كانت زوجته، والسيدة الأجنبية الأولى التي منحت شرف مخاطبة الكونغرس بغرفتيه، رغم أنها لم تكن تحب إلقاء الخطابات على الإطلاق.

صدر الصورة، Getty Images تعترف: "كنت خائفة، لكنني فهمت هذه المهمة، كان من المستحيل تفويت هذه الفرصة".

وأكدت على المعاناة العميقة للأطفال الأوكرانيين، مستنكرة ما وصفته بـ "لعبة التجويع" التي تمارسها روسيا.

ثم ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث طلبت من الكونغرس الأمريكي إرسال أسلحة.

هل تجاوزت السيدة الأولى التي لا تملك سلطات رسمية، أي خطوط؟ تقول: "لم أكن اقوم بدور سياسي، بل هذا ما كان يجب أن أقوله، طلبت أسلحة دفاعية وليست هجومية لمنع قتل أطفالنا في منازلهم".

خلال هذه الفترة من العام الماضي كانت أولينا زيلينسكا، قد أسست بالفعل قمة للسيدات والسادة الأوائل.

أصبحت الآن شبكة عالمية قوية ساعدت في إجلاء الأطفال الأوكرانيين الذين يحتاجون إلى علاج مرض السرطان وتوفير فرص تعليم للأوكرانيين.

ووفرت السبيل للوصول إلى الكتب الأوكرانية لملايين الأوكرانيين من نساء وأطفال أجبروا على الفرار بلدهم من دون الذكور البالغين الذين مُنعوا من المغادرة بسبب الحرب.

صدر الصورة، Getty Images سألتها عما إذا كانت تشعر الآن بوجود فتور معين في عواصم أخرى في مجال تقديم الدعم لأوكرانيا، حيث أدت هذه الأزمة إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على الصعيد العالمي.

"لا أشعر أنهم سئموا منا.

إنهم جميعاً يفهمون أن هذه ليست مجرد حرب في أوكرانيا.

إنها حرب مبادئ عالمية".

جعلها دورها البارز، الوجه الأكثر ظهوراً في مجتمع ممزق، حيث تقوم النساء بأدوار جديدة في كل مكان، من القتال في الخطوط الأمامية إلى تولي المسؤولية كأمهات وحيدات.

لو دققت النظر في أي وثيقة للأمم المتحدة حول المجتمع الأوكراني قبل الحرب، سترى أنها تستخدم لغة مثل "الأبوية" ، "التقليدية" فيما يتعلق بدور المرأة في المجتمع.

تصر أولينا زيلينسكا على أن المجتمع الأوكراني كان يتغير حتى قبل أن تطغى الحرب على كل شيء، وأن هذا التغيير يتسارع الآن.

وتقول: " لم يعد المطبخ والأطفال والكنيسة كل مجال اهتمام المرأة.

المرأة التي مرت بكل هذه التجارب لن تتراجع".

تتعامل مؤسسة أولينا زيلينسكا التي ابصرت النور حديثاً مع أصعب التحديات بما في ذلك الصحة العقلية والعنف المنزلي.

بقدر ما يمكن للحرب أن تقوي الأفراد، فإنها يمكن أن تمزقهم أيضاً.

في موقف يعكس وجهة النظر الشعبية المتصلبة، حيث تستمر الأدلة على ارتكاب القوات الروسية جرائم الحرب في الظهور، ويجري تسوية مدن وبلدات بأكملها بالأرض، تصر على أنه "لا يمكننا خيانة أولئك الموجودين الآن في المناطق المحتلة.

لا يمكننا ترك الأشخاص الذين ينتظرون التحرير".

مضيفة أن: "هذا ليس موقفاً سياسياً، لرئيس أو للحكومة، بل هو موقف الأوكرانيين".

تسير السيدة الأولى بحذر عبر حقل الألغام السياسة لكنه حاسمة وواضحة في موقفها.

"ندرك جميعاً أنه دون تحقيق النصر لن يكون هناك سلام حقيقي، بل سيكون هناك سلام كاذب ولن يدوم طويلاً".

وماذا يعني لها "النصر"؟ تجيب دون تردد: "العودة إلى الحياة الطبيعية، أحياناً يبدو أننا أوقفنا كل شيء بشكل مؤقت"، والعيش حياة مختلفة مع زوجها، "نحن لسنا مجرد زوجين، بل يمكنني القول بكل تأكيد أننا أفضل الأصدقاء"، كما تقول.

كان سؤالي الأول للسيدة الأولى، "كيف حالك؟ فردت أن جوابها وجواب جميع الأوكرانيين هو: "نحن صامدون".

لكن إلى متى؟ إنه سؤال لا يمكن لأحد أن يجيب عليه.

* أولينا زيلينسكا هي واحدة من قائمة بي بي سي لـ 100 الأكثر تأثيراً وإلهاماً حول العالم لعام 2022.

وسيتم الإعلان عن السيدات الأخريات عند إطلاق الموسم يوم الثلاثاء، السادس من ديسمبر/كانون الاول المقبل.

© 2024 بي بي سي.

بي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية.

الوكالات      |      المصدر: بي بي سي    (منذ: 1 سنوات | 22 قراءة)
.