خبراء صحيون يعددون منافع رفع القيود الاحترازية على المسافرين إلى المغرب

تبعا لقرار السلطات المغربية، أعلن المكتب الوطني للمطارات أنه جرى، بدءا من يوم الجمعة 30 شتنبر المنصرم، رفع القيود الصحية التي كانت مفروضة على المسافرين إلى المغرب عند دخول التراب الوطني عبر الجو، ويتعلق الأمر بإلغاء عملية تقديم “جواز التلقيح” وتحليل “PCR”.

وسيكون كل مسافر يهمّ بدخول التراب الوطني عبر الرحلات الجوية “مطالبا، فقط، بتقديم بطاقته الصحية بكافة المعلومات”، حسب ما أعلن عنه المكتب الوطني للمطارات في منشور عمّمه عبر صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو الإجراء المعهود خلال رحلات السفر الدولية حتى قبل فترة الانتشار العالمي الواسع لـ”كوفيد-19”.

يأتي هذا القرار بعد “فترة بينية خضراء” تعرفها الوضعية الوبائية في المغرب منذ مطلع شهر غشت الماضي؛ إذ إن تتبع المعطيات الرسمية بخصوص فيروس كورونا المستجد في المملكة، الصادرة عن الوزارة الوصية خلال الفترة التي تلت الإعلان الرسمي عن انتهاء الموجة الرابعة الثانية من متحور “أوميكرون” منذ نهاية يوليوز الماضي، يؤكد بجلاء المنحى التنازلي الذي سارت فيه حالات الوفيات الناجمة عن “كوفيد-19″، مقابل حالات تعاف وشفاء متزايدة، مكرّسة بذلك “هدوء واستقرار الفترة البينية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ومع استمرار استقرار المعطيات الوبائية على الصعيد الوطني والعالمي، يثير قرار السلطات المغربية رفع القيود الصحية عند الحدود، الذي جاء بعد توالي عمليات تخفيف سابقة، تساؤلات بخصوص مآل الجائحة ومصير تطورها، بعدما قلبت نمط حياة الملايين عبر العالم خلال السنوات الثلاث الماضية.

تعليقا على هذه التطورات وتفسيراتها المحتملة، أوضح عضو اللجنة العلمية لمكافحة جائحة كورونا سعيد متوكل أن “الفيروس، على الصعيد العالمي، حينما خضع لتحوّرات كثيرة، أصبح فاقدا لكثير من شراسته المعهودة منذ بدايته”، مشيرا إلى أن “مستوى شراسة فيروس كورونا قد بدأ طريقه نحو الانحدار مع المتحور أوميكرون، الذي كان الفصيل BA5 منه الأكثر انتشارا بالمغرب في آخر موجة، كما أنه ما زال حاضرا في بعض الدول مثل فرنسا”.

الجائحة “لم تنته رسميا” في المقابل، أكد متوكل، في تصريح لهسبريس، أن “الجائحة لم تنته رسميا على الصعيد العالمي، بحسب تأكيدات منظمة الصحة العالمية وخبرائها الذي قالوا إن عواقبها خفّت بشكل كبير، إلا أن الفيروس سيبقى معنا”، مفسرا نتيجة الوضع الحالي بـ”التشخيص والعلاج المبكّريْن، وكذلك المناعة المكتسبة عن طريق التلقيح أو الإصابة بالمرض”.

وتساءل الخبير الصحي المغربي عن “إمكانية ارتفاع عدد حالات الإصابة مستقبلا”، قبل أن يجيب بالقول: “لا أظن؛ فالحالة ستبقى على ما هي عليه”، مضيفا: “قد نعرف تكاثر بعض الحالات في فصل الشتاء، لكن دون تشكيل أي خطر كبير، لأن المتحور أوميكرون هو الطاغي في مختلف ربوع العالم”.

أما وطنيا، “تتسم الحالة الوبائية بتمركز المغرب حاليا في منطقة جد خضراء تعرف انخفاض جميع المؤشرات، بعد موجة رابعة للجائحة دامت 11 أسبوعا”، يخلص الدكتور سعيد متوكل ضمن حديثه لهسبريس، لافتا إلى أن الإصابات الجديدة بكورونا لم تتعد عموما 20 حالة يوميا منذ أسابيع، بينما أصبحت حالات الإنعاش والوفيات صفرا، باستثناء حالتيْن ترقدان بالإنعاش حاليا لكن دون أي خطورة تذكر.

البروفيسور متوكل لفت إلى أن “مؤشر توالد فيروس سارس كوف-2 يظل شبه منعدم” في الأوساط المغربية، كما أن إيجابية التحاليل هي الأخرى تبقى منخفضة تحت 1 في المائة، مشددا على “لزوم استمرار اليقظة والحذر الفردي والجماعي، واستكمال جرعات التلقيح بالنسبة للفئات الهشة، سواء ضد كوفيد أو الزكام الموسمي”.

السياحة أكبر المستفيدين الطيب حمضي، طبيب عام باحث في السياسات والنظم الصحية، أدرج قرار السلطات المغربية رفع القيود الصحية عند الولوج إلى التراب الوطني في “سياق تحسن الوضع الوبائي، سواء وطنيا أو دوليا”، لافتا إلى أن “العالم قد تجاوز الفترة الحادة للجائحة، ولعلّنا نعيش الأشهر الأخيرة من عمرها قبل إعلان نهايتها، ما لم تكن هناك مفاجآت غير سارة، وهو احتمال ضعيف جدا”.

وشدد حمضي، في تصريح لهسبريس، على أن السياحة وفروع نشاطها (المطاعم، الفنادق، الصناعة التقليدية، النقل) توجد في صدارة القطاعات التي ستستفيد في الحين، وبشكل أساسي، من تطبيق هذا القرار، مضيفا أن مغاربة العالم ستخفف عنهم أيضا تكاليف باهظة جراء إجراء تحاليل فردية، ما يسمح لهم بتكثيف زياراتهم لعائلاتهم في الوطن، وهي انعكاسات اجتماعية إيجابية لا يجب إغفالها.

وخلص الخبير الصحي ذاته إلى أن “الجائحة ليست خطا مستقيما كما قد يظن البعض، إلا أنها لا تخلو من مفاجآت غير سارة وتحولات وتحورات قد تقلب الموازين في أي لحظة”، قبل أن يستدرك مطمْئنا بأنه “بالنظر إلى أن أكثر من ثلثيْ سكان العالم اكتسبوا مناعة، سواء طبيعية عبر الإصابة بالفيروس أو عبر الاستفادة من التلقيح، فالأمر يبقى مستبعدا جدا.

نحن نعيش 12 أسبوعا الأخيرة من عمر هذه الجائحة”، حسب تقديرات حمضي.

“قرار موضوعي” من جهته، ذهب جعفر هيكل، باحث في الأمراض المعدية وعلم الوبائيات، إلى تأييد القرار ودواعيه، واصفا إياه بـ”الموضوعي”، لأن الجائحة “لم تعد لها أي خطورة على المغرب”، بحسبه.

وقال هيكل، في اتصال مع هسبريس، إن الأمر في طريقه لأن يصير “مرضا معديا بسيطا”؛ إلا أنه دعا مع ذلك إلى الحذر واستمرار المراقبة الوبائية.

وأبرز المتحدث ذاته أنه “لا يوجد أي معطى رسمي من طرف منظمة الصحة العالمية يفيد بضرورة استمرار القيود الصحية على التنقل بين الدول”، موردا كمثال دول القارة الأوروبية التي لم تعد تطلب تحليل “PCR” للولوج إلى أراضيها، ما عدا ألمانيا وإيطاليا اللتين تتجهان إلى إلغائه بحلول نهاية العام.

كما عدّد هيكل نتائج إيجابية اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا لقرار المملكة رفع قيود السفر الصحية، مؤكدا أن المرحلة يسِمُها الاستقرار التام ضمن “دورة حياة الفيروس”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 سنوات | 16 قراءة)
.