غياب خدمات قنصلية يفاقم معاناة مغاربة ليبيا.. ولادات غير مسجلة ووظائف مهددة

معاناة حقيقية يعيشها نحو ربع مليون مغربي يقيمون في دولة ليبيا منذ مغادرة موظفي السفارة المغربية الأراضي الليبية بعد التهديدات الأمنية التي عرفتها سنة 2014، قبل أن تتعرّض واجهة مبنى السفارة المغربية في طرابلس للتخريب نتيجة انفجار قنبلة أمام المبنى في أبريل من سنة 2015.

ووجد آلاف المغاربة أنفسهم-بين عشية وضحاها-دون تمثيلية في بلد أجنبي، ما دفعهم إلى خوض احتجاجات تُطالب وزارة الخارجية المغربية بتكليف أحد الموظفين بمهام تقديم الخدمات القنصلية، وهو ما استجابت له الوزارة؛ إذ تم تكوين خلية أزمة باشرت مهامها في المعبر الحدودي بين دولتي ليبيا وتونس، حيث كانت تقدم خدمات تجديد جوازات السفر والتصديق على بعض الوثائق وتسجيل الولادات في دفاتر الحالة المدنية، وغيرها من الخدمات التي تخص الجالية المغربية المقيمة بليبيا، قبل أن تُغادر هي الأخرى.

وثائق الثبوتية “غادرت هذه الخلية المعبر الحدودي دون سابق إنذار، ولم يعرف السبب الحقيقي.

مرت السنوات دون أن يعود الموظفون المنتدبون من طرف القنصلية العامة للمملكة المغربية بتونس”، هكذا عبّر عبد الكريم حطي المقيم بليبيا منذ سنة 1984، منسق الجالية المغربية بليبيا، عن استمراره في “عدّ السنوات التي لم حُرم خلالها مغاربة ليبيا من حقهم في الخدمات القنصلية والإدارية المرتبطة بدولتهم الأصل”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأكد حطي، في حديث لهسبريس، أن “نسبة كبيرة من الجالية المغربية المقيمة بليبيا تواجه مشاكل متعدّدة في ظل 7 سنوات من غياب التمثيلية المغربية في هذه الدولة، أهمها عدم قدرتهم على تجديد وثائقهم الثبوتية”.

إلى جانب أوراق الثبوتية، عدّد منسّق مغاربة ليبيا مجموعة من المشاكل التي تُعيق مواصلتهم وأبنائهم حياة طبيعية، من بينها عدم تمكن الطلبة من إكمال دراستهم بالجامعات الحكومية الليبية لعدم استيفائهم الشروط، المتمثلة في التوفر على بطاقة الإقامة الليبية وجواز سفر ساريي المفعول، كما يعجز مجموعة من الآباء عن تسجيل مواليدهم الجدد في دفتر الحالة المدنية.

هذه الأسباب ساهمت أيضا، وفق المتحدّث ذاته، في فقدان العديد من المغاربة لأعمالهم ووظائفهم في ليبيا، كما حاصرت آخرين هناك لتخوّفهم من السفر إلى المغرب ومن ثم عدم حصولهم على تأشيرة العودة، حيث أكد حطي أن القنصلية الليبية بالرباط “ترفض منح المغاربة، منذ 3 سنوات، تأشيرات السفر عملا بمبدأ المعاملة بالمثل”، وفق تعبيره.

عودة خلية “رأس جدير” ويرى منسّق الجالية المغربية في ليبيا أن من شأن إعادة تفعيل الخلية القنصلية مرّة ثانية وتكليف موظفين يقدمون خدماتهم من معبر “رأس جدير” الحدودي، تقليص حجم معاناتهم، مشيرا إلى أن “هذا المعبر يُعد حالياً خالياً من أية مشاكل أمنية”، الأمر الذي أكدته كذلك منظمة المجتمع المدني الليبي ومديرية الأمن العام بمدينة زوارة الليبية الحدودية مع تونس، حيث تلقت الجالية المغربية وعدا بتوفير مقر لمندوبي القنصلية المغربية مع الحماية الكاملة.

وأورد حطي أن السفارة المغربية في تونس سبق أن أكدت أنها تنتظر موافقة السلطات التونسية على إيفاد مندوب قنصلي إلى معبر “رأس جدير”، قائلا: “أخبروني حين سافرت إلى تونس في رمضان الماضي لشرح وضعنا وطلب توضيح أسباب عدم عودة المندوب الخاص بالسفارة إلى الحدود، بأن الأمر لن يطول كثيراً”.

بوريطة يوضّح في جواب عن سؤال كتابي للنائب البرلماني عادل السباعي، عن حزب الحركة الشعبية، حول “معاناة المغاربة المقيمين بليبيا إزاء الحصول على الوثائق الإدارية أو تجديدها”، قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إنه منذ نقل المصالح القنصلية المغربية بطرابلس إلى القنصلية العامة للمملكة بتونس سنة 2015، أصبح بإمكان المواطنين المغاربة المقيمين بليبيا قضاء أغراضهم الإدارية لدى المصالح القنصلية بتونس.

وعن أسباب توقف خلية القنصلية بمعبر “رأس جدير” على الجانب التونسي من الحدود الليبية التونسية، قال بوريطة: “إن ذلك جاء عقب إغلاق المعبر المذكور من طرف السلطات التونسية بسبب تداعيات جائحة كورونا”.

وأوضح أن الوزارة قامت بعدة اتصالات مع السلطات الليبية من أجل تيسير أوضاع المواطنين المغاربة وتجديد إقامتهم أو تمديد آجالها، كما تقرر تنظيم قنصلية متنقلة إلى طرابلس في يونيو 2021، “إلا أنه تعذر تنظيم هذه المبادرة لاعتبارات أمنية وصحية”.

وأشار مسؤول الخارجية المغربية في الجواب المؤرّخ في 26 أبريل 2022، إلى أنه “في سياق تحسن الوضع الأمني في ليبيا، تقرر مبدئيا إعادة فتح القنصلية العامة المغربية بطرابلس، حيث تم إيفاد لجنة مختلطة في الفترة بين 28 يناير و7 فبراير للوقوف عن كثب بتنسيق مع السلطات الليبية على الإجراءات العملية لفتح القنصلية، وستعمل الوزارة على أجرأة إعادة فتح القنصلية المغربية بطرابلس حين توفر الشروط اللوجيستيكية والأمنية التي من شأنها ضمان تقديم خدمات قنصلية في إطار آمن ومنظم”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 سنوات | 16 قراءة)
.