"برودينشال" تتجه إلى آسيا وسط رياح إقليمية معاكسة

مع قدوم أنيل ودهواني الرئيس التنفيذي لشركة برودينشال في شباط (فبراير) المقبل، لن تصبح المجموعة المدرجة في فتسي 100 معترف بها كشركة التأمين البريطانية العريقة التي تم تداولها في لندن لمدة 174 عاما.

بعد أن أمضت معظم القرن الماضي وهي تنمو لتصبح تكتلا عالميا كبيرا للخدمات المالية، تخلصت شركة برودينشال في الأعوام الثلاثة الماضية من شركتها الأوروبية، وفصلت عملياتها في الولايات المتحدة وقلصت من حجم مقرها الرئيس في المملكة المتحدة، ونقلت محل إدارتها العليا وعملياتها إلى هونج كونج.

إن إدراجها في بورصة لندن ومقرها في المملكة المتحدة هما كل ما تبقى من أعمالها البريطانية التي كانت مترامية.

الآن، تراهن شركة التأمين التي تبلغ قيمتها 24 مليار جنيه استرليني بثقة على البر الرئيسي الصيني، وهونج كونج وجنوب شرق آسيا، إضافة إلى رهان صغير لكنه متنام على إفريقيا.

قال ريتشارد هاريس، الرئيس التنفيذي لشركة بورت شلتر إنفستمنت مانجمنت الاستثمارية في آسيا، "إنهم يطاردون الشيء اللامع.

كانت بعض هوامش الأرباح أفضل.

لكن يمكن أن يكون ذلك تأثيرا قصير المدى".

ذروة تحول شركة برودينشال على مدى أكثر من عقد إلى آسيا أدت إلى إسكات أعوام من الانتقادات، بما في ذلك تلك الموجهة من الشركة المساهمة الناشطة، ثيرد بوينت، بأن نموذج أعمالها أصبح معقدا للغاية وأن سعر سهمها قد عانى لأن قيمة شركاتها في آسيا كانت تتضاءل بسبب الهوامش المنخفضة والنمو البطيء في الولايات المتحدة وأوروبا.

لكن هذا التحول يأتي في وقت عصيب للمنطقة، مع تراجع اقتصادي، وعدم الاستقرار الجيوسياسي والقيود الوبائية في هونج كونج والبر الرئيسي الصيني التي تؤثر جميعها في آفاق الأسواق الأساسية لشركة برودينشال.

هذا أيضا يجعل الفترة الانتقالية الطويلة وقتا صعبا بالنسبة إلى قيادة جديدة.

إذ فوجئ مراقبو الصناعة بعدم جاهزية الرئيس التنفيذي الجديد عندما أعلن مايك ويلز، الرئيس السابق، في شباط (فبراير) أنه سيتقاعد بعد أن أمضى سبعة أعوام في هذا المنصب.

عندما تم إعلان تعيين ودهواني في أيار (مايو)، أعرب المحللون في بنك جيفريز عن خيبة أملهم تجاه الفترة الانتقالية الطويلة.

زاد ذلك تعقيدا بسبب رحيل نيك نيكاندرو، الرئيس التنفيذي لشركة برودينشال في آسيا وإفريقيا، الذي كان المرشح الداخلي الأوفر حظا لهذا المنصب، مع تحذير الوسيط من أن الفجوات الموجودة في القمة يمكن أن "تضعف (.

.

.

) الذاكرة المؤسسية".

قال مدير تنفيذي سابق في برودينشال، "إن التطلعات ليست رائعة، ومع مغادرة كثير من كبار الموظفين، قد ترغب في أن تكون الأمور أكثر سلاسة".

قال الشخص إنه "فوجئ (.

.

.

) بأن الأمر استغرق بعض الوقت" للعثور على بديل.

وأضاف أن الإعلان النهائي للتعيين في اليوم السابق للاجتماع السنوي للمساهمين لشركة التأمين، بدا "متسرعا".

قال شخص مطلع على وجهة نظر "برودينشال" إن البحث عن الرئيس التنفيذي قد توقف بسبب الحاجة إلى ويلز لإكمال التغييرات الاستراتيجية، فضلا عن رغبة مجلس الإدارة في مقابلة المرشحين وجها لوجه، الأمر الذي كان معقدا بسبب الجائحة.

أصبحت مخاطر استراتيجيتها الجديدة واضحة في آب (أغسطس) عندما أعلنت شركة برودينشال نتائجها المالية للأشهر الستة الأولى باعتبارها شركة تركز بالكامل على آسيا وإفريقيا.

في هونج كونج، أكبر أسواقها والمسؤولة عن ربع أرباح التشغيل الإجمالية قبل الجائحة، انخفضت أرباح الأعمال الجديدة - مقياس للأرباح المستقبلية من المنتجات المبيعة حديثا - بمقدار الثلث تقريبا.

حالت الحدود المغلقة بين المدينة والبر الرئيسي الصيني دون بيع مجموعة وكلاء برودينشال منتجات التأمين إلى الصينيين المسافرين إلى هونج كونج، وهو خط أرباح رئيس للشركة بلغ قيمته 694 مليون دولار في 2019 قبل الجائحة.

كما تشكل التوترات بشأن تايوان خطرا في سوقها الأسرع نموا، في حين أن قيود فيروس كورونا في إندونيسيا قد أضرت بمصدر أرباح تشغيلية تقدر بنحو 10 في المائة.

قال أندرو بيكر، محلل الأسهم في بنك سيتي في لندن، "بصفتها شركة آسيوية خالصة، تعد شركة برودينشال قصة أفضل بكثير مما كانت عليه تاريخيا.

لسوء حظهم (.

.

.

) هذه أصعب بيئة كلية واجهوها منذ وقت طويل في آسيا".

سيتعين على وادهواني، الذي عمل في هونج كونج لمدة خمسة أعوام، أن يعلن خطته لإنقاذ أسهم "برودينشال"، التي فقدت أكثر من 30 في المائة من قيمتها منذ أن بدأت شركة التأمين في التحول في 2019.

تتعامل أقرب منافسة لها، أيه أي أيه، شركة تأمين تركز على آسيا انبثقت عن تكتل أيه أي جيه وأدرجت في هونج كونج في 2010، مع جميع الرياح الإقليمية المعاكسة نفسها، لكن قيمتها السوقية تبلغ 898 مليار دولار هونج كونج "114 مليار دولار أمريكي"، مقارنة بـقيمة شركة برودينشال التي تبلغ 24 مليار جنيه استرليني "28 مليار دولار أمريكي".

إلى أن يعلن وادهواني خطته، يواجه المستثمرون حالة من عدم اليقين بشأن ما ستفعله شركة برودينشال لمحاولة سد تلك الفجوة.

سيدير المجموعة مع فريق إداري جديد، بعد أن تمت تصفية طبقة من المديرين التنفيذيين الإقليميين في عملية إعادة الهيكلة.

ولأنه لا يتحدث لغة الماندرين، فإنه سيعتمد بشكل كبير على المسؤولة التنفيذية الكبيرة ليليان نج، التي تتولى مسؤولية البر الرئيسي الصيني وهونج كونج وتايوان.

قال مارك فيتز باتريك، الرئيس التنفيذي المؤقت لـ"برودينشال" والمستشار السابق لشركة ديلويت، الذي ترقى من منصبه كرئيس تنفيذي للشؤون المالية في شباط (فبراير)، "نحن في جميع الأسواق التي نريد أن نكون فيها.

إننا لا ننجرف، إننا نقود الشركة إلى الأمام".

إن توجه "برودينشال" نحو آسيا هو تحول "عاطفي" ومادي، وفقا لفيتز باتريك، الذي اختار عدم تولي منصب الرئيس التنفيذي الدائم.

أشارت شركة برودينشال أولا إلى خطط للتركيز على آسيا في عهد تيجاني ثيام، الرئيس التنفيذي السابق.

وأدرجت أسهمها في 2010 في هونج كونج وسنغافورة للمساعدة على تمويل محاولة للاستحواذ على شركة أيه أي أيه بقيمة 35 مليار دولار.

فشل العرض، لكن ثيام استمر في الإشراف على النمو السريع للشركة في المنطقة.

كان محور هذه الاستراتيجية هو توسيع مشروع التأمين على الحياة المشترك لـ"برودينشال" مع بنك سيتيك الصيني المملوك للدولة، الذي تم إطلاقه في 2000، واستفاد من سوق التأمين التي تفتقر بشدة إلى الخدمات وارتفاع دخل الأسر.

تدر الصين الآن نحو 7 في المائة من أرباح شركة برودينشال.

مع ذلك، تواجه شركة برودينشال عقبات أمام النمو في البر الرئيسي.

تمتلك حصة 50 في المائة في الشركة، وقد وضعت خططا لزيادة تلك النسبة منذ أن رفعت بكين قيود الملكية على شركات الخدمات المالية الأجنبية في 2020.

لكنها لا تملك رأس المال للقيام بذلك، وليس لديها من يرغب في البيع.

قال فيتز باتريك، "يود كلانا امتلاك حصة أكبر".

إن شركة سيتيك برودينشال لايف تنمو- إذ ارتفع إجمالي أقساط التأمين أربعة أضعاف تقريبا إلى 2.

4 مليار دولار منذ 2016 - لكن السوق المحلية تزداد تنافسية وحصتها منها ضئيلة، عند نحو 1 في المائة.

يمكن أن تفقد أيضا ميزتها التنافسية لأن مجموعات الخدمات المالية الأجنبية تستثمر في سوق التأمين الصينية.

حيث أنشأت "أيه أي أيه" و"أليانز" و"أكسا" شركات تأمين مملوكة بالكامل في الصين في الأعوام القليلة الماضية.

يتمحور السؤال الكبير الآخر لشركة برودينشال حول ما إذا كان السهم المثالي المدرج في لندن سيقطع العلاقات مع المملكة المتحدة تماما.

إن قاعدة مستثمريها الكبيرة في المملكة المتحدة وانخفاض السيولة في هونج كونج يعنيان أن التخلي عن إدراجها الممتاز في بورصة لندن ليس نتيجة مستبعدة.

قال فيتز باتريك، "نريد أن يشتري المستثمرون أسهمنا ويحتفظون بها على خط هونج كونج"، رغم أنه أضاف أنه لا يريد أن "يودع" قاعدة مستثمري شركة برودينشال في المملكة المتحدة.

منذ أن تم إدراج الشركة في هونج كونج، كان تداول أسهمها ضعيفا للغاية هناك، حيث بلغ في المتوسط 1 في المائة فقط من حجم التداول العالمي اليومي لأسهمها.

ولا يزال الجزء الأكبر من التداول يحدث في لندن.

تأمل الشركة في تجاوز النقطة الحرجة عندما يتم تضمينها في مؤشر هانغ سينغ القياسي في هونج كونج هذا الشهر، ما يعني أنه يمكن النظر في شمولها في نظام ربط الأسهم بين شنجن وهونج كونج وسيتمكن مستثمرو بر الصين الرئيسي من تداول أسهمها للمرة الأولى.

بعد زيادة رأس المال عن طريق الأسهم بقيمة 2.

4 مليار دولار في أواخر العام الماضي، فإن هذا يهدف إلى تعزيز رؤية "برودينشال" وسيولتها لدى المستثمرين الآسيويين، الذين تقرب مديروها التنفيذيون إليهم في اجتماعات عقدت في هونج كونج الشهر الماضي.

كما وسعت الشركة تغطية محلليها في آسيا من بنكين إلى سبعة بنوك هذا العام.

لكن التداخل بين المملكة المتحدة والصين يعد مهمة معقدة لمجموعات الخدمات المالية الكبيرة.

اضطر بنك إتش إس بي سي، الذي حول تركيزه أيضا من قاعدته في المملكة المتحدة لإعطاء الأولوية لآسيا، إلى السير على حبل جيوسياسي مشدود بين البلدين، في حين ضغطت قاعدة مستثمريه الكبيرة في هونج كونج والصين عليه لتقسيم عملياته الآسيوية بالكامل.

مثل المشروع المصرفي الاستثماري المشترك لبنك إتش إس بي سي في الصين، فإن أعمال سي بي إل التابعة لـ"برودينشال" تضم لجنة من الحزب الشيوعي الصيني ضمن صفوفها، وهذا مطلب بموجب قانون الشركات الصيني.

بصفتها شركة غربية لديها شراكة مع بنك صيني رئيسي مملوك للدولة، كان هناك بعض التدقيق في بعض المستثمرين في الماضي، وفقا لفيتز باتريك.

مع ذلك، على عكس بنك إتش إس بي سي، تم تنظيم "برودينشال" في هونج كونج فقط منذ أن تم فصل أعمالها في المملكة المتحدة في "إم آند جي" في 2019، ما وفر لها بعض الحماية من الضغوط الجيوسياسية.

بالنسبة إلى شركة برودينشال، فإن مخاطر استراتيجيتها الجديدة تستحق أكثر من فرصة لمحاولة الفوز بحصة أكبر من سوق التأمين في آسيا التي تفتقر بشدة إلى الخدمات.

لكن مع تولي رئيسها التنفيذي الجديد زمام الأمور بعد ستة أشهر وعدم اليقين بشأن موعد إعادة فتح الحدود بين الصين وهونج كونج، فإن الحافز الذي سيؤدي إلى زيادة سعر سهمها أصبح قاب قوسين أو أدنى لفترة من الوقت.

يعتقد البعض أنه نتيجة لهذه التحديات قصيرة المدى، فإن "برودينشال" مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية من قبل المستثمرين في لندن.

قال مديرها التنفيذي، "توقعت نوعا ما أنها ستصبح أقوى (.

.

.

) إنني متفاجئ من عدم حدوث ذلك".

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 2 سنوات | 40 قراءة)
.