هل تراجعت احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية بين الصين وتايوان؟

واشنطن- جددت الصين أمس الخميس تهديدها بمهاجمة تايوان بعد نحو أسبوع من بدئها مناورات حربية قرب هذه الجزيرة، في الوقت ذاته ترفض تايوان نموذج "" الذي اقترحته بكين في كتاب "أبيض" نُشر هذا الأسبوع.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية التايوانية جوان أو -في مؤتمر صحفي- إن شعب تايوان وحده يملك حق تقرير مصيره.

اقرأ أيضا list of 3 itemsend of list ويرى الجانبان: الأميركي والتايواني أن الصين تستخدم زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايبيه "ذريعة لخلق وضع جديد لترهيب شعب تايوان".

وفي وقت سابق هذا الأسبوع بدأت تايوان مناورات عسكرية خاصة بها ردا على المناورات الصينية.

خطوة تصعيدية وفي حديث للجزيرة نت، أشار خبير الشؤون الآسيوية جوشوا كورلانتزيك إلى أن "مناورات الصين مهمة نسبيا، لكنها مجرد تدريبات كان بإمكانهم اتخاذ خيارات أكثر صرامة، لذا فإن التدريبات هي في الواقع خيار أقل حدة مما كانوا سيتخذونه".

وأضاف كورلانتزيك "رغم أنهم قاموا بمحاكاة حصار تايوان، فإنهم لم يفعلوا ذلك في الواقع؛ فالحصار سيضر الصين بطرق عديدة".

وتابع "أن هذا ليس رد فعل متهورا كما قد يخشى البعض، الخوف الأكبر هو أن الصين تواصل هذا الأمر، وبهذه الطريقة تضغط الصين حتى ينتشر جيشها حول تايوان، وهو خطر أكبر لأنه سيسلب تايوان حريتها في المياه المفتوحة وفي المجال الجوي".

في حين رأت خبيرة العلاقات الأميركية مع دول شرق آسيا بمركز "ستيمسون" بواشنطن صون يون أن المناورات الصينية حول تايوان تعد "أمرا غير مسبوق تماما، والأهم من ذلك أنهم وضعوا سابقة يمكن للصين تكرارها في المستقبل بحجة أنهم فعلوا ذلك من قبل".

أما مايكل سوين مدير برنامج شرق آسيا في معهد "كوينسي" فقد رأى أن "المناورات العسكرية بالذخيرة الحية حول تايوان تعد أمرا مهما للغاية؛ إذ تمثل تصعيدا كبيرا في المواجهة المستمرة بين كل من بكين وواشنطن منذ عدة سنوات".

وفي حديث للجزيرة نت، رأى سوين أن التحركات الصينية تمثل ردا على استفزاز كبير من الجانب الأميركي في شكل رحلة بيلوسي (التي تعدها بكين أحدث تآكل في العلاقات بين البلدين)، وبدأ الصينيون تغيير البيئة الأمنية حول تايوان، مؤكدين وجودا عسكريا أكبر مستمرا حول جزيرة تايوان، بما في ذلك تدريبات على حصار مستقبلي محتمل.

خيار الحرب ورغم التوتر في علاقات بكين وواشنطن وتايبيه، فإن الدول الثلاث تجمع بينها الكثير من الارتباطات والعلاقات الاقتصادية التي يصعب على أي طرف التعامل بخفة مع احتمال نشوب حرب بينها.

ولا يعتقد كورلانتزيك "أن الصين ستغزو تايوان في العامين المقبلين؛ إذ تواجه مشاكل كبيرة في الداخل مع إستراتيجيتها الفاشلة في مواجهة تفشي فيروس كوفيد-19، ونسب النمو المنخفض، ومؤتمر الحزب العام في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فضلا عن قدر لا بأس به من عدم الرضا المتذمر بين شعبها".

وأكد كورلانتزيك أنه "يعتقد أن الصين كانت ستتحرك في نهاية المطاف بهذا الاتجاه بغض النظر عن زيارة بيلوسي.

ويركز الرئيس الصيني شي جين بينغ بشكل كبير على تايوان ويتحدث عنها طوال الوقت، لذلك لا أعتقد أنهم بحاجة إلى زيارة بيلوسي للقيام بذلك التصعيد".

في حين ذكرت صون -في حديث للجزيرة نت- أن "الصين لن تهاجم تايوان لأنها غير متأكدة من رد الفعل الأميركي، وسط شكوك صينية بشأن قدرتها على الانتصار، ومن المهم تذكر أن حكومة الحزب الديمقراطي التقدمية الحالية في تايوان ستظل قائمة حتى عام 2024، ولذلك من غير المرجح أن يكون هناك تغيير في السياسة من جانب تايوان لإعلان الاستقلال، وبالتالي لن يكون لدى الصين سبب لبدء حرب".

وتتفق صون مع تقدير كورلانتزيك في أن بيلوسي أعطت المتشددين في الصين فرصة نادرة لتبرير تصعيدهم الذي شمل إطلاق صواريخ فوق الجزيرة للمرة الأولى.

الجيش التايواني أجرى تدريبات بالذخيرة الحية بعدما أنهت الصين أكبر مناورة عسكرية حول الجزيرة (غيتي) تشدد الصينيين من ناحية ثانية، يتفق مايكل سوين مع تقديرات البنتاغون بأن الصين لن تحاول غزو تايوان خلال العامين المقبلين.

ويقول سوين "إن لدى بكين مشاكل محلية ودولية كبيرة، ولا تزال بعيدة كل البعد عن اليقين من أنها يمكن أن تنتصر في الصراع على تايوان، فلا ينبغي لأحد أن يتنبأ بالسلوك الصيني، ولكن الهجوم على تايوان -بشكل عام- سيكون مقامرة ضخمة للصين، ولن يتم القيام به إلا إذا كانت بكين واثقة من نجاحها، أو خلصت إلى أنه ليس لديها خيار آخر لمنع استقلال تايوان".

وأضاف أن "أولئك الذين يعتقدون أن الصين مستعدة بالتأكيد لمهاجمة تايوان وينتظرون فقط تعزيز جيشها يتجاهلون أو يقللون من شأن جميع العوامل الأخرى العديدة التي تجادل ضد اتخاذ مثل هذه المخاطرة".

ويرفض العسكريون الصينيون الرد على مكالمات نظرائهم الأميركيين، وترى الخبيرة صون في ذلك "سلوكا مطمئنا يعكس أيضا التقييم الصيني بأن الخطر ليس مقلقا بما يكفي لتبرير إجراء مكالمة هاتفية بين وزيري دفاع في الدولتين".

ويدرك بعض الصينيين الحاجة إلى إدارة فعالة للأزمات لتجنب الصراع، في حين يؤمن آخرون في المقام الأول بضرورة إظهار تصميم الصين وعزمها وينظرون إلى إدارة الأزمات بوصفها وسيلة غربية لجعل الصين تقبل التآكل المستمر لسياسة الصين الواحدة في الولايات المتحدة، وفقدت هذه السياسة كل مصداقيتها تقريبا بين كثيرين من المتشددين والمنفتحين في الصين".

في حين أشار سوين إلى أن "الصينيين الآن غير مهتمين بالانخراط مع الولايات المتحدة في محاولة للسيطرة على الأزمة، ويرون في ذلك وسيلة لصرف الانتباه عن الغضب الصيني والإجراءات التي يتعين على الولايات المتحدة وتايوان اتخاذها في المستقبل".

وأضاف أن بكين تشارك حاليا في التعبير عن عزمها على معارضة ما تعده تفريغا مطردا من سياسة الصين الواحدة للولايات المتحدة، فهم ليسوا مستعدين بعد لجعل الجيشين يتحدثان عن كيفية تجنب التصعيد".

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 2 سنوات | 23 قراءة)
.