احذروا الفتنة

احذروا الفتنة

لا جدال في أن المرأة المصرية حصلت على حقوق غير مسبوقة في التاريخ المصري، ولعل دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرأة كان أحد عوامل تقلدها العديد من المناصب التي كانت بعيدة عنها، واحتلت بموجب هذا التطور الكبير مواقع مؤثرة، وظفرت بحقوق مقدرة، جعلتها شريكة كاملة في المجتمع، جنبًا إلى جنب مع الرجل.

وقد ظن البعض أن ما تحصَّلت عليه المرأة المصرية من حقوق، كفيل بإرساء حالة من الرضا بين السيدات، غير أن ما تقدَّم به المجلس القومي للمرأة من مطالب لتضمينها قانون الأحوال الشخصية الجديد، سوف يثير ولا شك حالة من القلق الفكري والديني والإنساني في المجتمع، بل وسيشغل الرجال والنساء على السواء في معارك جانبية، ويفجِّر خلافات زوجية لا أول لها ولا آخر، وسوف يدفع في نهاية المطاف لعزوف قطاعات واسعة من الشباب عن الزواج، وسيفتح الباب واسعًا أمام الباحثين عن الزواج السري، والزواج العُرفي، وغير ذلك من أنواع الزواج.

بدعوى تشريع قانون عادل يضمن استقرار الأسرة المصرية، أعلن المجلس القومي للمرأة رؤيته الخاصة بمشروع قانون الأحوال الشخصية المنتظر مناقشته في مجلس النواب.

وتضمنت رؤية مجلس المرأة للقانون المعني بأحكام الزواج وانتهائه مقترحات عدة دفعت إلى ازدياد الجدل المجتمعي حول التشريع الجديد، فبينما وجدها البعض منصفة، رآها آخرون مجحفة تنتصر للنساء على حساب الرجال.

الرؤية التي أعدها المجلس القومي للمرأة حول قانون الأحوال الشخصية الجديد تضمنت مطالب عدة أو مقترحات أثارت جدلًا، لكونها تميل إلى ترجيح حقوق النساء على حساب الرجال بخاصة في حالة الطلاق، وأبرزها:- النص على الحق في الكد والسعاية، والتأكيد على الذمة المالية المستقلة للزوجين.

- يتعين تنظيم الزواج الثاني وذلك بتحقق القاضي من شرط موافقة الزوجة الأولى وضمان استيفاء العدل بينهما، ومنح القاضي سلطة التصريح بالزواج الثاني بعد تحقق الشروط.

- الولاية حق للمرأة الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها، ولها أن تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.

- النص على شهادة المرأة على قدم المساواة مع الرجل والتأكيد على ذلك مثلما يحدث في واقع الإجراءات الجنائية والمدنية.

- إجازة الكشف على حسابات الزوج البنكية مع مراعاة سرية البيانات، وأن تتضمن عناصر الدخل كل أنواع وفئات ومصادر الدخل على تنوعها في المواد الخاصة بالنفقة، لبيان الدخل الحقيقي للزوج أو المطلق.

- تنظيم تفويض الزوجة في الطلاق بموجب العقد أو ملاحقه، وتوضيح حكمه في هذه الحالة بأنه طلاق بائن لا تجوز فيه الرجعة.

- تنظيم الطلاق وجعله أمام القاضي أو الموثّق لحسم الحقوق المترتبة عليه، وأن يكون في مواجهة الزوجة أو علمها بإخطار رسمي وذلك لمواجهة الطلاق الشفوي.

- الحفاظ على مادة الخُلع بنصها الحالي في القانون، وعدم تعديل حكم الخُلع باعتباره طلاقًا بائنًا وليس فسخًا لعقد الزواج.

- عدم سقوط حضانة الأبناء عن الأرمل والأرملة، وكذا في حالة زواج الحاضنة/الأم من آخر - ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون وأي أسباب أخرى يقدرها - مع تنظيم عدم استحقاق الحاضنة لأجر المسكن والحضانة في هذه الأحوال.

- النص على وضع تنظيم قانوني محدد لإشكالية المرأة المطلقة بلا عمل أو عائل أو مسكن والتي تضررت بطلاقها بعد مرور فترة زوجية طويلة يمكن أن تصل إلى أكثر من 20 عامًا، وذلك بتقرير تعويض وأجر مسكن.

- إتاحة الحكم بالحبس لكافة الحقوق المالية للمرأة بما في ذلك المتعة والمؤخر.

- إلغاء أحكام الطاعة.

بعض هذه الأفكار سوف يفجِّر عواصف من الغضب بين الرجال والسيدات، وهو ما عبَّر عنه د.

عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر والمشرف العلمى العام على الأروقة الأزهرية، والذي قال «إن الأزهر الشريف هدفه فى قبول أو رفض أي قوانين تتعلق بخريطة حقوق المرأة فى الإسلام، أن تكون طبقًا لما ينص عليه الشرع والذى حدد خريطة متكاملة من كل الجوانب، فلم يتركِ الدين الإسلامى صغيرة أو كبيرة إلا وبيَّنها، ومن أهمها أن للمرأة حق السكن والإقامة والمعاشرة بالمعروف، وهو يدقق فيما لها وما عليها حتى فى الميراث، كما أشار إلى أن الجنة تحت أقدامها، وبذلك رفع درجتها عن الزوج، لذلك عندما حاول البعض أن يغير قوانين سنَّها الإسلام للحفاظ على حقوق المرأة، فهو يريد أن يعدل على شرع الله، وهؤلاء عليهم أن يطلعوا على الحقوق التى أعطاها الإسلام للمرأة والاقتراحات الكثيرة لعملية الزواج والطلاق وغير ذلك، وهى كلها أمور تربك المجتمع فكريًا ولا تؤدى إلى الاستقرار المجتمعى المنشود، وهنا الأزهر رفض تعديل قانون الأسرة، لأنه يريد أن يلتزم المجتمع بشرع الله، ويجب أن تُدمج القوانين الأسرية للحفاظ على الأسرة، فعند عملية الطلاق تأخذ المرأة حقوقها وهى الوصفة التى وضعها الإسلام، لذلك فلابد أن يكون هناك اهتمام بقضايا الأسرة.

ولا جدال أن هذا المقترح يثير فتنة بين الزوجين، وهو مخالف للشريعة الإسلامية، وكأنهم يريدون أن يُحْدثوا وقيعة بين الأسرة، ومن هنا يجب أن تكون هناك طرق مختلفة لتوضيح حقوق الزوجين، ولا يمكن للأزهر أو علماء للأزهر، أن يجيز قانونًا مخالفًا للشريعة الإسلامية والدين الإسلامى، الذى وجد حلولًا لقضايا الأسرة وحقوق الزوجة، لكن ما دون ذلك إنما هو عبث وفتنة يهدم المجتمع، ويُدْخل الأسرة فى معركة مادية».

مصر      |      المصدر: بوابة الأسبوع    (منذ: 2 سنوات | 8 قراءة)
.