نعم بوش الصغير غزوك العراق وحشي وغير مبرر

ابراهيم الخليفةوصف الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن خلال حفل نظمته مؤسسته في تكساس ليل الأربعاء  الماضي غزو العراق عام 2003 بأنه “وحشي وغير مبرر” في معرض حديثه عن الحرب الروسية في أوكرانيا، قبل أن يتدارك خطأه ويوضح أنه كان يقصد أوكرانيا.

وبرر ذلك أنه يبلغ من العمر75عاما وأثارت زلة اللسان هذه ضحك جمهوره لكنها أشعلت الغضب على منصات التواصل الأجتماعي في العراق والدول العربية، وفق ما جاءت به وكالة الصحافة الفرنسية يوم التاسع عشر من مايو 2022.

نعم  نقولها سيادة الرئيس بوش  الصغير غزو جيوشك الجرارة والمجهزة بأحدث الاسلحة الفتاكة والمتطوره وبالغة الدقة في التصويب والتي لم تكن تميز بين الهدف المدني والعسكري،و لم تميز بين الجندي والطفل الذي يلهو في فناء المنزل، بأنه وحشي، غيرمبرر ،غير أخلاقي ،غير إنساني وهمجي ، يكشف عن حقد وعدوانية وعن عنصرية و استخفاف بحقوق البشر وشعوب الأرض ممن ترفض،الهينمة الاستعمارية الأمريكية.

غزو جيوشك  الغادرة العراق بلد الحضارات، والجروح التي احدثها لازالت تزف، لم تكن وليدة الصدفة أو ردة فعل لحادث معين ، وأنما  عدوان مع سبق الترصد والإصرار منذ أن اطلقت عبارتك سيئة الصيت ،على كل من العراق ، ايران وكوريا الشمالية، تسمية محور الشر،Axis of Evil، وذلك في 29 يناير/كانون الاول 2002،أن اعترافك الضمني بوحشية غزو العراق وتدمير شعبه وحضارته وبنيته الاجتماعية ،بناء على معلومات مغلوطة مسربة من داخل البلد اومن خارجه، كان أكثر قساوة ووحشية  وفضاعة  مضاعفة عما يجري الآن في أوكرانيا .

انت الذي كنت تبحث عن أسباب لتبرير غزوه لبلاد الرافدين تقف الآن وبكل صلافة وتجرد لتعبر عن ازدواجية مواقفك فعندما  اردت ان تنتقد دخول الجيش الروسي الاراضي الاوكرانية، تجاهلت بان جيش بلدك قطعت آلاف الكيلومترات تحت قيادتك  لتحتل بلدا عضوا في الامم المتحدة ، ليفضحك عقلك الباطن  الان عندما تفوق على لسانك لتنطق بام شفتيك وملاء إرادتك  وامام جمهورك وداخل مؤسسة تحمل اسمك بوحشية وعدم مبرر غزوك للعراق، لازالت اثاره التدميرية  يعيشها العراقيون.

لكن زلة لسانك فضحتك وادانتك .

وفي كتابه “علم النفس المرضي للحياة اليومية”، عرّف فرويد هذه الظاهرة  ( ظاهرة زلت اللسان)على أنها “خطأ في الكلام أو الذاكرة يحدث نتيجة تداخل رغبات وأفكار مكبوتة في اللاوعي في العقل الباطن، وليست أخطاء بريئة، وهي تخرج إلى الوعي على هيئة زلات, حسب وكالة نوفوستي.

ان اعترافك الضمني بوحشية غزو العراق لم تكن  انت الوحيد تعترف  بذلك ضمن تحالف العدوان بل سبقك بذلك التابع الصغير رئيس وزراء بريطانيا في حينه  توني بلير الذي هو الآخر اعترف  ضمنيا بخطأ غزو العراق الذي بُني على اساس اكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية، وقال بلير في تصريحات صحفية نشرت في أكتوبر 2015، ” كلما سُؤلت عن هذا السؤال(قانونية مشاركة بريطانيا في حملة غزو العراق2003) أقول أنني أعتذر عن المعلومات الخاطئة التي تلقيناها,” فالبرنامج( برنامج أسلحة الدمار الشامل)، لم يكن موجوداً بالشكل الذي كنا نظنه، لذلك أعتذر عن ذلك، واعتذر عن بعض الأخطاء في التنفيذ، كما هو الخطأ في فهم ماذا سيحدث بعد ازالة النظام”,.

وكانت صحيفة الديلي ميل البريطانية قد قالت إن بلير اعتذر أخيرا عن غزوه للعراق، مقرا بأنه جزء من الأطراف التي تسببت بظهور المنظمة الارهابية داعش  والمنظمات الارهابية الاخرى، مضيفة أن هذا الاعتراف يأتي بعد أكثر من 12 سنة رفض خلالها بلير الاعتذار عن الحرب.

عام 2015،ولا يعفي اعتذار بلير الأخير واعترافه ببعض الأخطاء عن المسؤولية في سقوط نحو مليون عراقي في فترة الاحتلال، وملايين الجرحى والأيتام، واشعال الحروب الطائفية، وانتشار القتل على الهوية، إضافة إلى رسم هيئة حكم تكرس الانقسام والاقتتال بين مكونات الشعب العراقي.

فقد  كرر بلير ما سبق وقاله وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولون باول عن أن المعلومات التي بنيت عليها الحرب ضد العراق كانت خاطئة.

وأضاف أنه يعتذر عن “بعض الأخطاء في التخطيط، وبالتأكيد عن خطئنا في فهم ما سيحدث بمجرد الإطاحة بالنظام”.

فقد وصف دفاعه عن تقرير بلاده حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة أمام الأمم المتحدة بأنه “وصمة عار في مسيرته السياسية”.

واعتبر أن الأمر” مؤلما له”.

جاء ذلك في مقابلة له مع قناة ABC التلفزيونية الأمريكية عام 2005.

وكان باول قدم شهادته  الشهيرة حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل أمام الأمم المتحدة في فبراير 2002، وقد “اثبت الاحداث لاحقا بطلانه” استخدم فيها وسائل العرض الحديثة وزعم خلالها أن بلاده لديها أدلة أكيدة عن وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق.

“، معترفاً بشجاعة أمام الرأي العام الأميركي بالقول “لقد كان هناك أناس في الاستخبارات حينها يعرفون أن بعض مصادر المعلومات ليست موثوقة، لكنهم لم يقولوا شيئاً، لقد دمرني ذلك”.

حيث إن المعلومات التي وفرتها الاستخبارات لم تقدم أدلة جازمة على أن صدام “استمر في إنتاج أسلحة كيميائية أو بيولوجية”، وبالتالي فالقرارات التي اتخذت بشأن الحرب بنيت على معلومات “مغلوطة وغير دقيقة”.

وأنها شكلت تجاوزا لبنود عمل الأمم المتحدة.

عند اتخاذ قرار الغزو لم يكن نظام صدام حسين يشكل تهديدا، وكان بالإمكان اتباع خطة دبلوماسية تستمر لبعض الوقت لتدبير الملف، خاصة أن أغلبية أعضاء مجلس الأمن الدولي كانت تؤيد استمرار عمل الأمم المتحدة في التفتيش والمراقبة ،لقد أصبح من الواضح الآن أن السياسة بشأن العراق وضعت على أساس معلومات مخابرات وتقييمات مغلوطة لم تفند .

”وكان تقرير لجنة تشيلكوت البريطاني، الذي قدم بتاريخ 16 تموز 2016 كشف عن  تقيمه  لمشاركة بريطانيا في عهد توني بلير إلى جانب الولايات المتحدة في غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين،  والذي أعدته لجنة ترأسها القاضي السابق السير جون تشيلكوت وحملت اسمه، تحدث عن عملية الغزو بصفتها عملية متسرعة لم تفسح المجال للآليات الدبلوماسية، وذكر أنها بنيت على معلومات مغلوطة، وأنها شكلت تجاوزا لبنود عمل الأمم المتحدة.

وعندما حاولت ادارة بوش الابن ربط العراق باحداث 11 سبتمبر،وتعليقا على زلة لسان بوش، لفتت قناة “C N N” الاخبارية إلى أن برقية نشرتها سابقا وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ألقت بمزيد من الشك حول الادعاءات الرئيسية التي استخدمتها إدارة بوش لتبرير غزو العراق عام 2003.

فقد أسقطت المعلومات التي تقول بأن محمد عطا، أحد العقول المدبرة لهجمات 11 سبتمبر، قابل مسؤولا عراقيا في جمهورية التشيك، قبل أشهر قليلة من الهجمات.

، لكن الخطوة فتحت الباب أمام حقبة دامية في تاريخ البلاد، بلغت ذروتها مع حرب طائفية وصعود غير مسبوق لتنظيمات إرهابية.

وبين عامي 2003 و2011، تاريخ الانسحاب الأمريكي من العراق، قتل أكثر من 100 ألف عراقي حسب منظمات حقوقية معنية بالشأن العراقي.

بل الامر اصبح اكثر خطورة عندما جرى كتابة دستور تحت الرعاية الامريكية تكتنفه الكثير من المطبات وحسب راي بعض السياسيين الذين شاركوا في كتابة مسودة الدستور، مما أوجد نظاما سياسيا مبني على الطائفية والعرقية والمناطقية تحت راية التوافق في ادارة حكم البلاد،ومن سيئات ذلك  لا يمكن تشكيل الحكومة، الا بعد مضي سبع او ثمانية اشهر،  ليظهر مفهوم جديد انسداد العملية السياسية ، وخفوت مبدأ الوطنية ليتعزز مفهوم الطائفة او الحزب والولاءات إلى ما وراء الحدود وسوء الادارة وتحول العراق من بلد منتج الى بلد مستهلك، ودمار للبني التحتية وبشكل مستمر.

  احتلال العراق وإسقاط نظام الحكم تحت راية احلال الديمقراطية ناسيا ان احتلال البلد أقسى أنواع الدكتاتورية.

إن الاعتراف الضمني لبوش الصغير  ان غزو العراق وحشي وغير مبرر”  واعتراف ممن شاركو او خططوا  بعدم شرعية هذا الغزو والاحتلال يعطي الاشارة الخضراء للحكومة العراقية للمطالبة بالتعويضات المادية والمعنوية  لما لحق بالبلد بالبلد من خسائر مادية وبشرية وتفكيك بنيته الاجتماعية.

مرتبط نسخ الرابط تم نسخ الرابط

العراق      |      المصدر: وكالة الصحافة المستقلة    (منذ: 2 سنوات | 25 قراءة)
.