مجلس الإفتاء الأعلى: شعبنا سيبقى صامداً مهما تصاعد العدوان والمسجد الأقصى سيبقى شامخاً

رام الله - دنيا الوطن دعا مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين إلى أخذ التهديدات العنصرية العدوانية المتواصلة ضد المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة على محمل الجد، فالخطر داهم والعدوان شرس، والبجاحة تستعر، مما يستلزم من العرب والمسلمين أن يهبوا لنجدة مسرى النبي العدنان عليه الصلاة والسلام، فلم يبق للتراخي مجال سوى الاستفحال في مستنقع الخنوع والخذلان، وهما ليسا من شيم الأحرار الذين يوقنون بأن الموت أولى من الرضا بالدنية، فإما حياة تسر الصديق وأما ممات يغيظ العدا.

وندد المجلس بجرائم الاحتلال المتواصلة ضد شعبنا ومقدساته، والتي كان من مشاهدها الفظيعة قتل الصحفية المناضلة شيرين أبو عاقلة، التي قُتلت بدم بارد على مرأى العالم أجمع، وروت بدمها ثرى وطنها الذي أحبته ونافحت من أجله، وغضب لمقتلها كل حر، وأكد المجلس أن هذه الجريمة النكراء لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فمسلسل جرائم الاحتلال وعدوانه متواصل، برعاية رسمية معلنة من قادة الاحتلال ومكونات سلطته الغاشمة، ودعا المجلس العالم للنظر إلى قضيتنا بعدالة، والتوقف عن الكيل بمكيالين، وضرورة إنهاء آخر احتلال في العالم، والمستمر منذ 74 عاماً.

وحذر من عواقب تصعيد سلطات الاحتلال من عدوانها ضد الفلسطينيين، مبيناً أن جرائم الاحتلال لم تتوقف عند قتل أبناء شعبنا وارتكاب الجرائم بحقهم، بل امتدت لتطال جثامين الشهداء وجنازاتهم، والاعتداء على المقابر، في إطار منظم من الجرائم التي تفضح إرهاب الاحتلال الغاشم، وتعكس حقيقة وجهه الإجرامي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني الأحياء منهم والأموات، بما يتعارض مع الشرائع والقوانين والأعراف الدولية.

وعلى صعيد ذي صلة؛ أدان المجلس عزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مشروع "القطار الهوائي- التلفريك"، ليشكل نقطة انطلاق نحو تسهيل وصول المستوطنين المتطرفين للبلدة القديمة وساحة البراق، وتكثيف الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، مبيناً أن هذا المشروع من أخطر المشاريع التهويدية في مدينة القدس، لأنه يُشوه سماءها، ويمس بالمنظر العام لأسوارها ومعالمها العربية والإسلامية، ويضر بالإرث المعماري والحضاري التاريخي العريق للمدينة المقدسة، داعياً العالمين العربي والإسلامي وأحرار العالم كافة إلى تحمل مسؤولياتهم، والضغط على الاحتلال لإيقاف هذا المشروع الجائر، لأنه في حقيقته مشروع تهويدي احتلالي بامتياز، يستهدف تهويد القدس، والاعتداء على أرضها وهوائها وباطنها.

وأوضح المجلس بأن الاعتداءات مستمرة بشكل يومي بحق المسجد الأقصى المبارك، وكان من صورها  قطع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنابيب المياه عن مشارب باب الرحمة، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يرمي إلى السيطرة على المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى المبارك، وتحديدًا باب الرحمة، ويأتي في إطار محاولاتها التهويدية، وإقامة كنيس يهودي في المكان، لا سمح الله.

وفي السياق نفسه، شجب المجلس اعتداءات المستوطنين المتطرفين على المواطنين الأبرياء، والتي تمثل آخرها بقيام مستوطن بالاعتداء على الناشط جابر زيدان بضربه بقضيب حديد في الوجه، في مسافر يطا جنوب الخليل، الذي يشهد مخططًا للتهجير واقتلاع أهله منه، انطلاقاً من غطرسة الاحتلال ومستوطنيه وعنجهيتهم، مطالباً المنظمات الحقوقية الدولية بالضغط على سلطات الاحتلال  ومستوطنيها لوقف الاعتداءات المتواصلة على أبناء شعبنا.

ومن ناحية أخرى؛ جدد المجلس تأكيده على فتوى تحريم تسريب العقارات والأراضي في مدينتي القدس والخليل  وأنحاء فلسطين كافة للاحتلال ومصالحه، حيث إن" فلسطين أرض خراجية وقفية، يحرم شرعاً بيع أراضيها وأملاكها، أو تسهيل تمليكها للأعداء، فهي تعد من الناحية الشرعية من المنافع الإسلامية العامة، لا من الأملاك الشخصية الخاصة"، وذلك وفقاً للفتاوى الصادرة عن علماء فلسطين والعالم الإسلامي، فبيع الأراضي والعقارات لسلطات الاحتلال أو تسهيل تمليكها بوساطة السماسرة المرتزقة، يعد خيانة عظمى للدين وللوطن والأخلاق، وأن كل من يتواطأ في هذه الجريمة هو متآمر على الأرض والقضية والشعب الفلسطيني، وبائع نفسه للشيطان، تجب مقاطعته على الأصعدة جميعها، والتبرؤ منه عائلياً ومجتمعياً، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن يتخلى عن شبر واحدٍ من هذه الأرض المباركة، مع التأكيد على أن كل عملية بيع عقارات للاحتلال تعتبر لاغية بحكم القانون الدولي، الذي يمنع شراء المحتل لأراض أو عقارات تحت الاحتلال وفقاً للاتفاقات الدولية.

وفيما يتعلق بالأسرى البواسل؛ استنكر المجلس سياسة الإهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، والتي كان من ضحاياها استشهاد الأسير المحرر إيهاب زيد الكيلاني من نابلس، جراء جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء) التي تعرض لها، وكذلك الأسير المريض ناصر أبو حميد الذي يعاني من وضع صحي حرج، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته، حيث إن الأسرى يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والقمع والاعتداء على حريتهم.

وأكد على أن ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال يندرج ضمن نطاق جرائم الحرب، التي تتعارض مع الشرائع السماويــــــة والقوانين الدولية، ومواصــلة سلطات الاحتلال لمنهجها الإجرامي تجاه الأسرى يدل على خطورة الأوضاع في سجون الاحتلال والمعتقلات الإسرائيلية، ودعا المجلس أبناء الشعب الفلسطيني إلى مناصرة الأسرى، ولا سيما المضربين عن الطعام منهم، والمرضى في مراحل نضالهم جميعها، موجهاً تحية إعزاز وإكبار إلى إخواننا وحرائرنا في زنازين الاحتلال وسجونه، التي تفتقر لأبسط متطلبات حقوق الإنسان، بهدف النيل من عزيمتهم وصبرهم.

وطالب بضرورة تلبية حقوقهم الإنسانية والوقوف الدائم إلى جانبهم، من أجل إيصال رسائلهم ومساندة حقهم في الحرية والعدالة والكرامة، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على سلطات الاحتلال لوقف الجرائم المتعمدة التي تقترفها ضد الأسرى الفلسطينيين، وضمان معاملتهم بشكل إنساني، ومحاسبتها على جرائمها واعتداءاتها على حقوق الشعب الفلسطيني وأسراه ومسراه وممتلكاته.

جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس (206)، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس من مختلف محافظات الوطن.

فلسطين      |      المصدر: دنيا الوطن    (منذ: 2 سنوات | 14 قراءة)
.