صحافيون يناقشون محددات تعاطي الإعلام مع قضية الصحراء‬ المغربية

بسط إعلاميون مغاربة، خلال حلقة نقاشية تفاعلية نظمتها جامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، الميكانيزمات الداخلية والخارجية التي تحكم التناول الإعلامي لقضية الصحراء المغربية، من خلال أنموذجيْ أمريكا وإسبانيا من النزاع.

يونس دافقير، رئيس تحرير يومية “الأحداث المغربية”، قال إن “الصحافة لا تتعامل مع موضوع الصحراء كمجال للبحث؛ بل تتعامل معه كحدث”، معتبرا أن “اللحظتين الإسبانية والأمريكية جعلتا الصحافي الوطني يقرأهما وسط حقل مسيج بمحددات”.

وأضاف دافقير، في ندوة رقمية نظمها مختبر الدراسات في العلوم القانونية والاقتصادية والسياسية بجامعة أبي شعيب الدكالي، مساء الأربعاء، أن “المحدد الأولي يتعلق بالتحول الحاسم الذي استدعى تقديم أجوبة سريعة على حدث مباغت”.

ويتعلق المحدد الثاني للتعاطي الإعلامي مع الاعتراف الأمريكي والتحول في الموقف الإسباني، حسب المحلل السياسي، بـ”كون القضية عبارة عن مجال وجداني تحضر فيه الرهانات الشخصية”.

أما المحدد الثالث، فربطه بـ”تضارب مصالح الدول حول النزاع”.

ولخّص دافقير المحدد الرابع في هيمنة “العمل السري على القرارات المتخذة، بما يشمل البروباغندا وحروب الرأي العام”، ليؤكد أن “هوامش تحرك الممارسة الصحفية تبقى شديدة الحساسية والتعقيد في ظل تلك المحددات”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وبخصوص مصادر الخبر المعتمدة في التغطية الصحافية للحدثين، قال دافقير إن “بلاغات الديوان الملكي كانت هي الوثيقة المرجعية للصحافيين، وتلتها بلاغات وزارة الخارجية، حيث يتم التعامل معهما بوثوقية”، كاشفا بأن “الصحافة الأجنبية تعاملت مع الحدثين بنوع من التبخيس، فالمواجهة، ثم محاولة صناعة الرأي العام المناهض”.

بينما انطلق يونس مسكين، مدير النشر السابق ليومية “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، من فرضية ضعف التأطير الداخلي وقوة الدعاية الخارجية في مقاربة الموقف الدولي من قضية الصحراء المغربية، انطلاقا من النموذجين الأمريكي والإسباني من الملف.

تبعا لذلك، أشار مسكين، ضمن اللقاء سالف الذكر، إلى أن “الوظيفة الوطنية للصحافة لا ينبغي حصرها في اقتفاء آثار الفاعل الرسمي في ما ينتجه من أفعال وخطاب؛ بل تجب خدمة الوطن بمقاربة ليست بالضرورة رسمية، قصد تنوير المجتمع ووضعه في صورة ما يحدث حوله”.

وتابع بأن “المستوى الأول من التناول الأجنبي للقضية على مستوى المؤسسات الإعلامية الكبرى (وكالات الأنباء، الصحف الكبرى، القنوات الدولية) فيه قدر من الدقة وصحة المعلومات بسبب الحرفية المهنية؛ لكنه لا يخلو من تأثير التموقعات والانتماءات، حيث تكون تلك القنوات الإعلامية وسيلة لتصريف مواقف الدول الكبرى”.

واعترف مسكين بأن “الحضور الدولي للقضية ما زال ضعيفا، وإن كانت قضية وجودية للمغاربة، باستثناء الدول المعنية والمتورطة فيها”.

ويكون المستوى الثاني للتناول الأجنبي للقضية على صعيد المؤسسات الإعلامية المتوسطة والمغمورة، حيث اعتبره “واجهة للتفاعل السياسي الدولي مع إحدى الأطروحتين وفقا لخلفية سياسية”.

أما المستوى الثالث للتناول الإعلامي الأجنبي للقضية فيكون مستندا للرواية المغربية أو الجزائرية، أضاف الخبير ذاته، الذي انتقد “البروباغندا الفجة التي تميز هذا المستوى الإعلامي، خاصة من الطرف الآخر، حيث تنحصر هنا الآليات الدعائية الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك مكاتب الضغط والاستشارات الأجنبية”.

ولفت المتحدث إلى “تطور الحرب الإعلامية بخصوص قضية الصحراء بظهور عنصرين اثنين؛ أولهما البعد الاقتصادي الذي يوظفه الطرف الانفصالي للتأثير على التوجهات الدولية، عبر استهداف المجمع الشريف للفوسفاط واستغلال ثروات المنطقة، وثانيهما استعانة المغرب بالبعد الانفصالي للتحذير من انتشار الإرهاب”.

وانطلاقا من ذلك، انتقد الإعلامي المغربي “غياب منصات مغربية للدفاع عن الأطروحة الوطنية، خاصة المحتوى المصور الذي يكون بلغات أجنبية، في مقابل الحضور القوي للطرف الآخر”، مشددا على أن هذا “التناول الإعلامي الأجنبي ينعكس بالتأكيد على نظيره الوطني”.

واعتبر بأن “استعمال الجانب الدعائي الأجنبي على صعيد الممارسة الإعلامية الداخلية مسألة خاطئة، لأن ذلك يجعلنا كأننا نواجه طرفا آخر، فيما يفترض محاورة المجتمع الداخلي بآليات أخرى”، لافتا إلى “ضعف الإلمام بقضية الصحراء بالنسبة للمواطنين، ضمنهم الصحافيين، وهو أمر خطير”.

فيما اختار محمد أحداد، الإعلامي المغربي المقيم بقطر، ثلاثة نماذج دولية لتحليل التعاطي الإعلامي الخارجي مع قضية الصحراء؛ وهي فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، بالنظر إلى أنها تفصل إلى حد ما بين الصحافة بوصفها سلطة رابعة والجهاز التنفيذي، بتعبيره.

وانطلق أحداد في مداخلته من الأحداث الدولية الأخيرة التي عرفتها أوكرانيا وفلسطين لمقاربة التناول الإعلامي الأجنبي لقضية الصحراء، حيث شدد على أن “الإعلام الغربي لا يمكن أن يكون اليوم مرجعية للدفاع عن الحريات، بسبب ازدواجية المعايير في ما يتعلق بالأحداث”.

وانتقد الإعلامي المغربي ما أسماه بـ”السقوط الأخلاقي للإعلام الغربي في أزمة أوكرانيا، وكذا في ما يتصل بجنازة الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة”.

كما استعرض ضيف الندوة أيضا سياقا آخر لمداخلته، يتعلق بـ”صعوبة الفصل بين الذاتي والموضوعي في مقاربة ملف الصحراء”.

بعدها، رصد الصحافي المغربي العديد من “التجاوزات المهنية” التي سقطت فيها منابر إعلامية دولية بخصوص قضية الصحراء؛ بينها صحيفة “لوموند” الفرنسية، وصحيفة “إل كونفيدونسيال” الإيبيرية، وصحيفة “”إل باييس” الإسبانية”، وصحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية، وغيرها.

وفي السياق ذاته، خلص المتحدث إلى أن “التعاطي الإعلامي الإسباني مع قضية الصحراء يكاد يكون متطابقا، اعتبارا لعقدة الاستعمار التي ما زالت تحكم المنشورات الإعلامية بالمملكة الإيبيرية”، مشيرا إلى أن “تغطية الصحافة الإسبانية مرتهنة بالعداء السياسي والثقافي للمغرب”.

وحول “وصول رواية البوليساريو إلى بعض الصحف العالمية”، قال أحداد إن “الجبهة لها علاقة بصحافيين ينتمون إلى تيارات يسارية، باللجوء إلى خطاب المظلومية، ومحاولة تبني رواية أولى للأحداث، وسهولة الوصول إلى المصادر والمتحدثين الرسميين”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 سنوات | 10 قراءة)
.