مبادرات إنسانية تخفف أعباء "الفئات الهشة" في جهة درعة تافيلالت

شهد العمل التطوعي في الجنوب الشرقي خلال السنتين الأخيرتين (منذ بداية جائحة كورونا) انتعاشا مهما، حيث تجسد الجمعيات الخيرية والمتطوعون صورا متنوعة في التكافل الاجتماعي، بهدف مد يد العون للعائلات الفقيرة والمحتاجين.

وتميزت مظاهر التضامن في الجنوب الشرقي بصور متنوعة، من بينها مساعدة الأسر الفقيرة والمعوزة من خلال جمع وتقديم المساعدات الغذائية، وجمع مساعدات مالية للمرضى الذين ينتمون إلى عائلات ذات دخل محدود، وذلك من خلال إطلاق نداءات مساعدة عبر مجموعة في تطبيق “وتساب”، أو مجموعة عبر “فيسبوك”.

في وقت سابق كانت الجمعيات الخيرية فقط تقوم بمبادرات إنسانية لمساعدة المحتاجين والفقراء وتقديم الدعم المادي للمرضى المعوزين، لكن مع ظهور جائحة كورونا امتد العمل التطوعي إلى المتطوعين الأفراد الذين يسعون بمجهودات ذاتية وإمكانيات محدودة إلى رسم الابتسامة وسط الأسر الفقيرة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} قلوب بيضاء مع ظهور جائحة كورونا، قام العديد من الشباب العاملين بالمغرب وخارجه بتأسيس مجموعات عبر تطبيقات “وتساب”، وذلك بهدف إغاثة ومساعدة الفقراء المحتاجين الذين يعيشون أوضاعا اجتماعية هشة، أو يعانون من أمراض تتطلب مصاريف كبيرة.

إبراهيم أورحو، من ساكنة دوار تيمارغين، بإقليم زاكورة، قال إن “المبادرات الإنسانية التضامنية ساهمت بشكل كبير في حل أزمات العديد من الأشخاص الذين يعانون ماديا”، موضحا أن “المتطوعين في مثل هذه المبادرات همهم خدمة الفقراء”.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “مثلا في دوار تمارغين تم تأسيس مجموعة عبر تطبيق ‘وتساب’ تحت اسم ‘افعل الخير ولو بالقليل’، حيث يتم عرض حالة مريض لمساعدته أو اقتراح إحداث مشروع، أو مساعدة محتاج من أهل الدوار”، وزاد: “يعمل المحسنون على جمع التبرعات، وتتكلف لجنة بإيصالها لأهلها أو بناء المشروع المقترح”.

وأضاف أورحو أن “الهدف من هذه المبادرة إنساني مائة بالمائة، ولا تتدخل في أمور السياسة، بل يقتصر عملها على دعم ومساعدة المحتاجين وبناء المشاريع التنموية بدوار تيمارغين”، مردفا بأن “مثل هذه المبادرات يجب تعميمها في جميع الدواوير، وعلى الدولة أن تدعمها”.

في المقابل، أكد حسن، متطوع آخر في المجموعة سالفة الذكر، أن “العشرات من المحتاجين استفادوا من هذه المبادرة الإنسانية، من خلال جمع تبرعات مالية لهم لأداء مصاريف العلاج، وذلك بعد أن تتوصل لجنة مكلفة بالوثائق الطبية وفاتورة التطبيب”، موضحا أن “الأمور تسير بشكل قانوني في المجموعة”.

وأورد المتحدث ذاته، في تصريح للجريدة، أن “المحسنين وضعوا بصماتهم في دعم ومساعدة مختلف شرائح المجتمع، كالأيتام والأرامل والفقراء، خاصة ذوي الدخل المحدود”، مشيرا إلى أن “هذه المبادرات التطوعية الإحسانية أثرت في حياة المستفيدين منها”.

مبادرة تطوعية بـ”إغنسلن” بمنطقة إغنسلن التابعة إداريا لقيادة إكنيون، إقليم تنغير، تم إحداث مجموعة عبر “وتساب” أيضا من طرف الجالية المقيمة بالمهجر، وأبناء المنطقة من رجال الأعمال والأساتذة وعموم الساكنة؛ وذلك في إطار حرصهم على تخفيف معاناة الكثير من الأسر، سواء المعيشية أو المرضية.

وتمكنت هذه المبادرة، حسب المشرفين عليها، في تصريحات متطابقة لهسبريس، من تخفيف العبء المادي عن الكثير من الأسر، سواء بالمنطقة أو بمناطق أخرى بالإقليم، موضحين أنها “مبادرة إنسانية محضة وتمكنت من لم شمل الساكنة المحلية بعيدا عن السياسة وحزازاتها”، وفق تعبيرهم.

كما أكد المشرفون على المبادرة التطوعية أنه “بفضل مساهمات الأشخاص من مختلف الطبقات الاجتماعية من سكان المنطقة، ومساهمين من خارجها، تم التدخل لتخفيف العبء المادي عن الكثير من المحتاجين، خاصة المرضى الذين تتطلب حالتهم الصحية مبالغ مالية كبيرة”، موضحين أن “هذه المبادرة تعكس الروح الإنسانية والتضامنية للمساهمين”.

“بالإضافة إلى الدعم المالي والنفسي الذي تقدمه المبادرة للمحتاجين، تتدخل أيضا في بناء منازل لبعض المحتاجين، وبناء مقر جمعية محلية، كما تتدخل في أمور أخرى تهم الساكنة بصفة عامة”، يقول حمو بن داود، من ساكنة إغنسلن.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الجميع يساهم في المبادرة، سواء بالقليل أو الكثير، وذلك من أجل تخفيف المشاكل عن المحتاجين والفقراء، والتقرب إلى الله عز وجل بهذه الصدقات”، مضيفا: “مبادرة الخير لمنطقة اغنسلن كانت السباقة ربما على مستوى جهة درعة تافيلالت، وبعد نجاحها بدأت دواوير أخرى في الجهة تقوم بالمبادرة نفسها”.

مبادرات تعكس الروح الإنسانية أبان العديد من الأشخاص الذين يلتئمون عبر مجموعات في الجنوب الشرقي المغربي عن تشبثهم الراسخ بقيم التضامن والتعاون، وذلك من خلال القيام بعدة مبادرات تضامنية إنسانية لفائدة المحتاجين والفقراء والمرضى بصفة عامة.

وتروم مثل هذه المبادرات الإنسانية، حسب محمد أعلي، واحد من المساهمين في إحدى المجموعات التضامنية في جهة درعة تافيلالت، “التخفيف من معاناة الفئة الهشة من المجتمع المغربي، من خلال توفير بعض الحاجيات، من المأكل ومصاريف التطبيب وغيرها”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “الشباب أظهروا بسخاء التزامهم من أجل تكريس قيم التعاطف والتراحم المتجذرة في المجتمع المغربي، ومدوا أيديهم للأشخاص المحتاجين، وعموم الأشخاص في وضعية هشاشة وعوز، عبر تقديم المساعدة المادية؛ وهو الفعل الإنساني النبيل الذي يتلقاه المستفيدون بعرفان كبير، كونه يعكس روح التفاني ونكران الذات التي تحرك المجتمع المغربي بصفة عامة”.

من جهتها، قالت نعيمة حمدي، فاعلة جمعوية بإقليم تنغير، إن مثل هذه المبادرات “ليست عملا إحسانيا، بقدر ما تمثل، بكل بساطة، فعلا تضامنيا”، مضيفة أنها “تسعى إلى الحفاظ على تجذر هذه المثل الإنسانية والمجتمعية، ويكفي المساهمين عرفانا الفرح والحبور الذي يستقبل به المستفيدون هذه الأنشطة”.

وانتهزت المتحدثة ذاتها هذه المناسبة للإشادة بهؤلاء الفاعلين الشباب، الذين تصفهم بـ”الشجعان الحقيقيين”، موجهة نداء إلى الجميع من أجل “القيام بعمل تضامني من هذا القبيل”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 سنوات | 22 قراءة)
.