الرياض وقيادة المبادرات المبتكرة

حرصت المملكة العربية السعودية على الاهتمام بالمسائل التي تتعلق بالبيئة، ومكافحة التغير المناخي، ليس فقط من خلال وضعها على رأس أولوياتها الاستراتيجية، بل أيضا ضمن إطار التنمية الشاملة التي تضمنتها رؤية 2030، ودورها في مشاركة العالم من خلال طرح حلول إيجابية، بحكم مكانتها الاقتصادية، والسياسية، والجغرافية، ولذلك كان التغير المناخي منذ البداية جزءا أصيلا من مستهدفات هذه الرؤية على الساحات الثلاث، المحلية، والإقليمية، والعالمية.

وأظهرت السعودية مدى نجاعة مبادرات المناخ التي طرحتها، خلال ترأسها الدورة السابقة لـ"مجموعة العشرين"، الكيان الذي اتخذ زمام المبادرة العالمية في أعقاب الأزمة الاقتصادية الدولية التي انفجرت في 2008.

واليوم الرياض التي تستضيف قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر حافظت ودعمت أدوات المبادرات المناخية، سواء التي أطلقتها بروابطها الإقليمية، والعالمية، أو تلك التي تطرحها المؤسسات الدولية المختصة، بما في ذلك مخرجات اتفاق باريس للمناخ الذي تم التصديق عليه في 2015.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان واضحا في كلمته المهمة أمام قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وقدم تصورا عالي الجودة، ليس فقط في نطاق المبادرات المطروحة، بل حتى في مجال آليات تنفيذها، وهو أيضا يقود أجندة الجهود البيئية ومكافحة التغير المناخي للمنطقة كلها، بهدف بلوغ مستقبل أفضل للأجيال الحالية، والأجيال القادمة، إلى جانب طرحه ما يمكن وصفه بـ"الأدوات الابتكارية، والارتكازية، والمساندة" في آن معا، بهدف رسم خريطة إقليمية لحفظ الحياة، ورفع مستوى جودتها.

إنها مبادرات تصنع الفارق العالمي في المحافظة على الطبيعة، والإنسان، والحيوان، ومواجهة تحديات التغير المناخي المتزايدة.

مبادرة الشرق الأوسط الأخضر أصبحت فور إطلاقها، محورا أساسيا للحراك البيئي العالمي، وهي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10 في المائة من الإسهامات العالمية، فضلا عن زراعة 50 مليار شجرة، وفق برنامج يعد الأكبر من حيث زراعة الأشجار على مستوى العالم، وهو ما يسهم في تحقيق 5 في المائة من المستهدف العالمي للتشجير.

المبادرة نفسها، تمثل فرصا اقتصادية لتوفير وظائف نوعية، وتعزيز الابتكار في الشرق الأوسط كله.

إلى جانب هذا، هناك مخرجات مبادرة السعودية الخضراء، التي ستخفض طوعيا الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، مع مخططات السعودية لتوليد 50 في المائة من احتياجاتها من الطاقة عبر مصادر الطاقة المتجددة.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، دشن بالفعل حقبة خضراء جديدة للشرق الأوسط، مرتبطة ببرامج ومخططات تنموية مستدامة، تسهم في البناء الاقتصادي الشامل، وأعلن حزمة أولى تشمل استثمارات تصل قيمتها إلى 700 مليار ريال، وهي جاهزة لمساهمة القطاع الخاص فيها، وكل الجهات الاستثمارية الراغبة في ذلك، فيما شدد على أن السعودية تعي أن التغير المناخي فرصة اقتصادية للأفراد، والقطاع الخاص، ستحفزها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، لإيجاد الوظائف، وتعزيز الابتكار.

واللافت أيضا، إعلان السعودية العمل على إنشاء منصة تعاون لتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري، وهذه النقطة ركزت عليها الرياض خلال رئاستها "مجموعة العشرين"، إلى جانب إعلانها تأسيس مركز إقليمي للتغير المناخي، ومجمعا إقليميا لاستخلاص الكربون، واستخدامه وتخزينه، ومركزا آخر للإنذار المبكر بالعواصف، وآخر للتنمية المستدامة للثروة السمكية، فضلا عن برنامج إقليمي لاستمطار السحب.

ولي العهد كان حريصا بما يكفي للتأكيد أن مواجهة التغير المناخي لا يمكن أن تحقق نتائجها إلا عبر العمل الجماعي المشترك، وتطوير التقنيات، وصنع البيئة المناسبة لتمويلها، والمحافظة على الثروات التي تمتلكها منطقة الشرق الأوسط، وكل هذا مرة أخرى يتسق مع الأهداف العالمية المتمثلة في حماية البيئة، ومكافحة التغير المناخي، والسيطرة على ارتفاع درجة حرارة الأرض، وحماية مستقبل البشرية جمعاء.

ومن هنا، يمكننا القول إن التحرك السعودي في معركة التغير المناخي، انطلق محليا، بمعايير إقليمية، وعالمية، مباشرة.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 2 سنوات | 20 قراءة)
.