اضطراب الهضم يسائل طبيعة النظام الغذائي للأطفال بين المنزل والمدرسة

يضطر الأطفال المتمدرسون إلى تناول بعض الوجبات الخفيفة خلال فترات الاستراحة بين الحصص الدراسية، الصباحية منها والمسائية، حتى يتمكنوا من تخفيف حدة الجوع والعطش الناتج عن قضاء بضع ساعات داخل أسوار المؤسسة التعليمية، مما يدفع بعضهم إلى الاستعانة بأغذية قد يؤدي الإفراط في تناولها يوميا إلى الإصابة ببعض الاضطرابات في الجهاز الهضمي.

ويلاحظ عدد من رجال ونساء التعليم، منذ الأسابيع الأولى من انطلاق الموسم الدراسي، ظهور بعض أعراض الاضطرابات الهضمية على فئة من التلاميذ، خاصة الذين يفرطون في تناول الشوكولا والحلويات والبسكويت…، باعتبارها أطعمة يسهل إحضارها إلى المؤسسة التعليمية، سواء تم شراؤها من طرف الأسرة أو من طرف التلميذ نفسه بعيدا عن أنظار أولياء أمره.

ومن بين الأعراض التي يلاحظها بعض الأساتذة والأستاذات، خاصة لدى تلاميذ المستويات الأولى من السلك الابتدائي، آلام في البطن والأمعاء، وإسهال حاد، وزيادة الغازات وانتفاخ البطن، والرغبة في الذهاب إلى المرحاض باستمرار…، مما يسائل دور الأسرة والمدرسة في حماية الطفل من اضطرابات الجهاز الهضمي، حتى لا تتأثر صحة المتعلمين من جهة، ويتراجع تحصيلهم الدراسي من جهة ثانية.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} رأي أخصائية في التغذية في هذا الإطار، ترى الدكتورة أسماء زريول، أخصائية في التغذية، أن “تناول المشروبات الغازية والسكريات ورقائق البطاطس والوجبات السريعة، هو السبب الرئيسي في إصابة الأطفال بالاضطرابات الهضمية”، موضحة أن “هذه الأغذية تؤثر سلبا على نوعية وأعداد الميكروبيوت الموجودة في الجهاز الهضمي لديهم”.

ولتعويض تلك الأغذية بأخرى مفيدة لصحة الطفل، أكدت المتحدثة ذاتها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “من الأفضل تعويد الأطفال على تناول الأغذية الغنية بالألياف، كالخضر والفواكه، والحبوب الكاملة كالعدس، مع ضرورة تجنب السكريات من خلال الاعتماد على السكريات الطبيعية”.

وأشارت أسماء زريول إلى أن “اللبن والياغورت مثلا يغنيان الجهاز الهضمي للأطفال بالميكروبيوت، ويساعدان على الشعور بالارتياح من الاضطرابات الهضمية”، مقدمة نصيحة للأطفال وأولياء أمورهم بضرورة “الحفاظ على ثلاث وجبات رئيسية في اليوم، إضافة إلى وجبات بينية عبارة عن فواكه أو جبن”.

من الاضطرابات إلى الجراحة من جانبه، قال نبيل شعير، اختصاصي في علاج وجراحة الجهاز الهضمي، إن “الآباء والأمهات يحبون إرضاء فلذات أكبادهم، فيلبون طلباتهم أحيانا بشراء أغذية مضرة بصحتهم، كالمشروبات الغازية والحلويات والأكلات الخفيفة والشوكولا والأغذية المعلبة والمالحة”، مشيرا إلى أن “هذه المأكولات ذات القيمة الغذائية الضعيفة والسعرات الحرارية الفارغة، لا تساعد على النمو وتعطي للجسم سعرات مضرة بالصحة”.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الأغذية المذكورة تسبب تسوس الأسنان والتهاب الأذن والحنجرة، كما تؤدي إلى السمنة التي تؤثر سلبا على نمو الطفل وتحصيله الدراسي على المدى القريب والبعيد، مع إمكانية تعرضه لمجموعة من المشاكل المرتبطة بالبدانة، كأمراض القلب والشرايين والسكري والكوليسترول والسرطان، إضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي التي قد تبدأ بالحساسية وتصل إلى درجة الربو”.

وأوضح الطبيب نبيل شعير أن “بعض الأغذية التي يتناولها الأطفال في البيت أو في المدرسة قد تؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي، كالإسهال والإمساك والتقيؤ، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم والآلام الحادة في البطن وانتفاخه، وضعف الشهية”، مشددا على أن “بعض المشروبات مضرة ولو أنها خالية من السكر؛ إذ تحتوي على مواد أخرى لتعديل المذاق، كما أن الأطعمة التي تحتوي على ملونات اصطناعية ومواد حافظة ونكهات، تكون خالية من الأملاح المعدنية والبروتينات والفيتامينات”.

أمراض عضوية وأخرى سلوكية وأشار شعير إلى أن “الأغذية المضرة بالصحة تتسبب في ظهور مشاكل تتجاوز الجانب البدني للطفل، حيث تصل في أحيان كثيرة إلى اضطرابات على مستوى السلوك والتصرف، كالتهيج والحركية الزائدة والعصبية والمزاج المتعكر والخمول والرغبة المفرطة في النوم، مما يؤثر سلبا على تحصيله الدراسي”، مبرزا أن “هذه الأمراض تختلف من طفل إلى آخر حسب درجة القابلية والمناعة….

”.

وأكد نبيل شعير أن “الأصل هو تفادي تقديم الأغذية المضرة إلى الأطفال، لكن إذا كان الآباء مجبرين على إرضائهم بتلك الأغذية، فالمطلوب هو البحث عن أخفها ضررا وأقلها أذى، على أن يكون ذلك في أوقات متباعدة جدا وليس بوتيرة يومية، والتركيز على الماء والفواكه والخضر وتنويع الأغذية الطبيعية، والاكتفاء بالوجبات الرئيسية، وتجنب التحفيز بالأغذية المضرة، وعدم الضغط على الأطفال وإجبارهم على الأكل في غياب الرغبة لديهم”.

وختم الاختصاصي في علاج وجراحة الجهاز الهضمي تصريحه لهسبريس بالتأكيد على “ضرورة زيارة الطبيب كلما ظهرت على الطفل بعض الأعراض غير العادية، سواء كانت عضوية أو سلوكية، والحرص على أن يكون الآباء والأمهات أفضل قدوة لأطفالهم، خاصة في ما يرتبط بالتعامل مع الوجبات الغذائية التي يتناولها أفراد الأسرة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 19 قراءة)
.