عندما يتحكم الغباء في النظام الجزائري لاستهداف مصالح المغرب

تمعن الجزائر الجديدة في الإسراف في التخلف والغباء كلما أمعنت في استهداف الجار الغربي المغرب.

ولعل أغبى حملات هذا التحامل والاستهداف هو سيناريو “سقوط الوهم” الذي بثه التلفزيون الجزائري الرسمي، بدعوى أنه يحمل مؤشرات وتقاطعات ناشئة بين حركة “الماك” المدافعة عن حق شعب القبائل في تقرير مصيره، وبين مواطنة تتحدر من إسرائيل وشخص آخر يقيم بالسويد، ويحمل هوية توحي بأنه من جنسية مغربية!.

ولأن الغباء الجزائري الرسمي لا حدود له، فقد نشر التلفزيون الجزائري تصريحات لشخص يملك حانة لبيع المشروبات الكحولية، في خرق فاضح لافتراض البراءة، على أساس أنه العميل رقم واحد لإسرائيل في حركة “الماك”، الذي تم الاشتباه فيه من طرف الشرطة الجزائرية، لا لشيء سوى أن “أحد الجباسين” خطط له النجمة السداسية أو نجمة داوود في سقف الحانة من الداخل!.

فهل هذا هو الدليل الذي بشرت به وراهنت عليه السلطات الجزائرية لإثبات مؤامرة خارجية قالت إن خيوطها تعود لسنة 2014؟.

لكن المثير للشفقة والسخرية في سيناريو “سقوط الوهم” هو أن الجزائر الجديدة اختارت “شريطا وثائقيا تلفزيونيا” لكشف مؤامرة تزعم أنها عابرة للحدود الوطنية.

فهل أضحت البرامج التلفزيونية هي التي تنوب عن وزير الداخلية ومسؤولي المخابرات والأجهزة الأمنية في الكشف عن مثل هكذا مخططات تخريبية؟ وهل الإعلان عن المؤامرات الأجنبية وإثباتها يكون بواسطة مذيع تلفزيوني في شريط وثائقي يخضع للتوضيب السينمائي والإخراج التلفزي؟ فالمتتبع لشريط “سقوط الوهم” سرعان ما يدرك أنه كان أمام سيناريو درامي يبحث عن الإلهاء أكثر ما يصبو إلى الإقناع.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} والمضحك المخزي أيضا في شريط “الوهم الجزائري”، أو النسخة الثانية من سيناريو الإرهابي أبو الدحداح الذي تم تسخيره سابقا للإلهاء والتسويف، هو أن السلطات الجزائرية قدمت الأسلحة النارية الثلاثة المحجوزة وكأنها عملة نادرة في الجزائر! ناسية أنها هي بنفسها وزعت أسلحة مماثلة على السكان المحليين في سياق الحرب الداخلية القذرة بدعوى تقوية جبهة الدفاع المدني ضد الإرهاب، ولم تقم بتجميعها كاملة، كما أنها تجاهلت أيضا أن العديد من الجزائريين مازالوا يحتفظون بأسلحة من النوع نفسه من زمن حرب التحرير.

وأكثر من ذلك، فهل الدعم العسكري الإسرائيلي المفترض سيقتصر على خرطوشات لصيد الخنزير لاستهداف أمن الجزائريين وسلامتهم؟.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا السياق هو لماذا تقاعست الشرطة الجزائرية ولم تكشف عن هذا المخطط المزعوم إلا يوم أمس الأربعاء 13 أكتوبر الجاري، رغم أن التلفزيون الرسمي الناطق بلسان حال الجيش الجزائري ادعى أن هذا المخطط المفضوح يعود لسنة 2014؟ هل هي قلة نجاعة من جانب الأمن الجزائري أم إن هناك أهدافا ومرامي أخرى تحكمت في اختيار السياق الزمني الحالي من أجل النشر؟.

للجواب عن هذا السؤال، ينبغي أولا قراءة التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي حول الوضعية الاقتصادية للجزائر، الذي نشرت وكالةBloomberg الأمريكية شذرات منه يوم أمس الأربعاء، قبل ساعات قليلة من نشر وثائقي “الوهم الجزائري”.

ففي هذا المقال، أكدت الوكالة الإخبارية الأمريكية الشهيرة أن الجزائر شرعت في رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية، مثل السلع الاستهلاكية والكهرباء والمحروقات، في سعي منها إلى ادخار مبلغ 17 مليار دولار الذي استنزفه دعم هذه المواد خلال السنة المنصرمة.

وفي مقابل ذلك، ستدرس الجزائر إمكانية الركون إلى الدعم المباشر لبعض الفئات الاجتماعية الهشة، للتخفيف من حدة التوتر والاحتقان الاجتماعي، ولئلا يتم أيضا اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، التي يعتبرها عبد المجيد تبون بداية الانتقاص من السيادة الوطنية! وكأن الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا التي هي من أكبر المدينين في العالم تعيش جميعها أزمة سيادة منقوصة!.

ومن هذا المنطلق، فالجزائر الرسمية تعي جيدا أن السلم الاجتماعي بات مهددا بسبب تدابير التقشف ورفع الدعم، وأن طوابير الشعب الطويلة أمام محلات البقالة تنذر بأن تتحول في أي وقت إلى مسيرات للجياع؛ كما أنها تدرك كذلك أن جبهتها الداخلية “مبلقنة” و”مشرذمة” ولا يمكن التعويل عليها في امتصاص واحتواء الغضب الشعبي.

لذلك، لا بد من مشجب خارجي يرتق اللحمة الوطنية، يجمع بين العداء الإيديولوجي والعرقي ممثلا في المغرب وإسرائيل، وهو ما تمت ترجمته سينمائيا في شريط مبتذل يحمل من الأسماء “سقوط الوهم الجزائري طبعا”.

للأسف الشديد، تصر الجزائر الرسمية بمواقفها الأخيرة، وبغباء ساستها، على الاصطفاف خارج التاريخ وبعيدا عن مسار التطور والنماء الدولي.

ففي وقت تراهن دول العالم على التسامح والتعايش الديني تجد الجزائر لوحدها تعزل طاقما إذاعيا لمجرد أنه نشر ترنيمة مسيحية للسيدة فيروز، وتجد مجلة الجيش تمعن في معاداة السامية ظنا منها أنها تقطر الشمع على المغرب بسبب استئناف علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.

وفي وقت تتطلع جميع الدول إلى البحث عن تكتلات اقتصادية في محيطها الإقليمي، لخلق أسواق وجبهات مشتركة، تجد الجزائر نفسها معزولة عن العالم بسبب إغلاقها مجالها الجوي، وقطع علاقاتها مع جيرانها، وارتمائها في براثن المد الشيعي الذي تجسده إيران.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 32 قراءة)
.