رجال حول الملك عبدالعزيز.. نخبة أرست دعائم الدولة-صور

ملاحم كبيرة خاضها الملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لتوحيد المملكة، وبطولات ومواقف واجهها لإنجاح مشروعه العظيم، ما جعل كثيرا من المثقفين والزعماء والمستشارين السعوديين والعرب من مصر والشام والمغرب والجزيرة العربية يلتفون حوله.

رجال سجل التاريخ خطاهم بأحرف من نور، ساهموا في إنجاح المشروع الوطني الوحدوي العظيم للملك المؤسس، بعدما تلمسوا فيه الخير للأمة العربية والإسلامية، خاصة في ظل ما كانت ترزح فيه معظم البلاد العربية من استعمار واحتلال آنذاك.

ويسلط هذا التقرير الضوء على بعض الشخصيات التي اجتمعت حول الملك عبدالعزيز، واستعان بهم في تأسيس البلاد وإدارتها، وهم: الأمير عبدالله بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود هو الأخ الأصغر للملك عبدالعزيز، وُلد في الكويت سنة 1893م، وعاد إلى الرياض مع أبيه سنة 1904م، بعد استعادة الملك عبدالعزيز للعاصمة.

ولع بالعلم والدراسة حتى لقبه الملك عبدالعزيز بـ”عالِم آل سعود وفقيههم”، وشارك إلى جانبه في العديد من المعارك كان أولها (معركة هدية) سنة 1910م، وشارك في فتح الأحساء ومعارك الحجاز.

شغل منصب كبير مستشاري الملك عبدالعزيز، عُرف عنه حبه اقتناء الكتب والمخطوطات النادرة، حتى جمع مكتبة ضخمة أهداها أبناؤه إلى جامعة الملك سعود.

الأمير أحمد بن إبراهيم بن عبدالله ثنيان آل سعود هو الدبلوماسي ورجل الدولة -كما أطلق عليه-، ولد ونشأ في إسطنبول، وتعلم في مدارسها، عاد إلى نجد في أثناء الحرب العالمية الأولى، ووجد فيه الأمير عبدالعزيز كفاءة تساعده في إدارة الأعمال الخارجية.

قام أحمد بن ثنيان بأعمال عديدة كلفه بها الملك، ومنها اشتراكه في المفاوضات التي دارت مع الإنجليز في أواخر عام 1915م، ونتج عنها معاهدة دارين أو القطيف.

سافر مع الأمير فيصل بن عبدالعزيز عام 1919م في رحلته الأولى إلى أوروبا، كما سافر إلى الكويت وبغداد، واشترك في مفاوضات مؤتمر المحمرة عام 1922م بين نجد والعراق.

أصيب الأمير أحمد الثنيان بإحدى معارك الملك عبدالعزيز، وقد أثّر ذلك على مشيته، حيث كان يعرج بشموخ من جرّاء هذا الجرح الذي كان يفاخر به في سبيل توحيد وطنه، لا سيما وأنه كان يتزين بهندامه العربي في العواصم الأوروبية، وتوفي بالرياض عام 1923م.

عبدالله السليمان الحمدان هو الوزير السعودي الأشهر، ويعد من أوائل العاملين في تأسيس المملكة.

ولد في عنيزة في منطقة القصيم، ورحل إلى الهند في صغره، فتعلم في بعض مدارسها، وتنقل للتجارة بينها وبين البحرين والبلاد المجاورة.

كان له أخ يُدعى “محمد”، يعمل لدى الملك عبدالعزيز، فلما مرض استدعاه لينوب عنه، عام 1338هـ، فصار من كتاب ديوانه، لحسن خطه.

نتيجة لذكائه ونشاطه سلّمه الملك عبدالعزيز صندوق أمواله للإنفاق منها على بيته وضيوفه، لثقته الكبيرة فيه، وعُرف بحرصه على المال، وحسن تدبير المصروفات.

تولى مديرية الأمور المالية في ربيع الثاني عام 1346هـ، ثم وكالة المالية في ربيع الأول عام 1347هـ، ثم صار أول وزير للمالية في 11 ربيع الثاني عام 1933م.

وتولى كثيراً من مهام الدولة، مثل وكالة الدفاع، وأنشـأ مؤسسة النقد العربي السعودي، ووقّع عام 1939م اتفاقية النفط الأولى مع الشركة الأمريكية (أرامكو لاحقًا).

برز اسمه في اتفاقيات ومفاوضات اكتشاف النفط وتصديره التي وقعتها السعودية مع الشركات العالمية، إضافة إلى إنشاء التنظيمات الإدارية وتحولها إلى وزارات، وتوحيد الإدارة المالية بإنشاء وزارة المالية، وسك العملة.

سجل حضوراً في أدوار تنموية في البلاد الحديثة سواء أثناء عمله، أو بعد استقالته، والمتمثلة في: مشروع الخرج الزراعي، وإنشاء مينائي جدة والدمام، وسكة حديد الرياض، كما كانت له جهود لافتة بنشر التعليم من خلال دعم مدرسة الصحراء في المسيجيد في منطقة المدينة المنورة التي تأسست عام 1946م.

بعد وفاة الملك عبدالعزيز، استقال الحمدان في محرم عام 1954م، وعمل في أعماله الخاصة في مشروعات ضخمة، إلى أن توفي بجدة سنة 1965 عن عم ناهز 80 عاماً.

يوسف ياسين يعد من الشخصيات الهامة التي عملت مع الملك عبدالعزيز مع بداية تأسيس المملكة، واتخذه مستشارا له، وهو سوري الجنسية، ولد في اللاذقية عام 1892م، حفظ القرآن وتعلم في مدرسة محمد رشيد رضا بالقاهرة قبل الحرب العالمية الأولى، ثم التحق بالمدرسة الصلاحية في القدس.

قصد مكة عام 1343هـ/ 1924م، وحظي بثقة الملك عبدالعزيز، ورحل معه رحلته الأولى على الإبل، إلى مكة، وأصدر جريدة (أم القرى) الرسمية، ثم عيّنه الملك رئيساً للشعبة السياسية في الديوان الملكي، وشهد معه معركة (السبلة) عام 1929م.

تولى ياسين بعد ذلك إدارة وزارة الخارجية بالنيابة، واستمر في عمله، بعد وفاة الملك عبدالعزيز، مستشاراً للملك سعود، إلى أن توفي بمدينة الدمام سنة 1962م، ودُفن في الرياض، وله كتاب (الرحلة الملكية).

رشدي مَلْحَس هو أول مَن وضع تقويم أم القرى، وُلد في نابلس بفلسطين عام 1899م وتوفي في 1959م، وتعلّم بها وبإسطنبول، وعمل في الصحافة بدمشق، وعاد إلى نابلس بعد الاحتلال الفرنسي عام 1920م، ثم توجه إلى مكة المكرمة عام 1926م، ليلتحق بخدمة الملك عبدالعزيز، ولقي منه عناية واهتماما.

دعاه يوسف ياسين ليحل محله في تحرير جريدة أم القـرى بمكة، ثم جعله نائباً عنه في رئاسة الشعبة السياسية بالديوان الملكي في الرياض، وأوكلت إليه مهمة مقابلة الدبلوماسيين والزوار الأجانب، وهو من الذين وثق بهم الملك.

كان “ملحس” مع الملك في حلّه وارتحاله زهاء ثلاثين عاماً، عرف فيها كل شيء عن المملكة.

وأسندت إليه، إضافة إلى عمله في الشعبة السياسية، مسؤولية مدرسة الأبناء في القصر الملكي، التي تتولى تعليم أبناء الملك، وظل في عمله بالديوان الملكي حتى وفاته، ودفن في جدة.

حـافظ وهبـة من بين الشخصيات التي التفت حول الملك المؤسس، وهو مصري الجنسية، ولد في 1889م، حيث تلقى تعليمه في الأزهر الشريف، ثم غادر إلى تركيا واشترك في الكتابة بصحيفة الهلال العثماني.

ترك تركيا ورحل إلى الهند، وقام بنشاط سياسي فيها، وتعرف في بومباي على بعض تجار الجزيرة العربية هناك، ثم توجه إلى الكويت (1915م)، وتوطدت الصداقة بينه وبين شيوخ الكويت، فكان يحضر مجالسهم، والتقى بالملك عبدالعزيز عند زيارته للكويت عام 1916م.

تعرض وهبة لمطاردة الإنجليز حيث اعتقلوه في مصر والهند، والتقى الشيخ عبدالرحمن القصيبي، وكيل الملك عبدالعزيز في البحرين، الذي رغّبه في أن يكتب إلى سلطان نجد عبدالعزيز آل سعود الذي دعاه إلى الرياض، فانتقل إليها (1923م).

وتقدم عنده، ودخل الحجاز معه، وكلفه بأمور تنظيمية عديدة في الحجاز.

رافق الأمير سعود بن عبدالعزيز في رحلته إلى مصر عام 1926م، وعيّنه الملك عبدالعزيز وزيراً مفوضاً بلندن، ثم سفيراً للمملكة في لندن (1938م)، وحضر اجتماعات تأسيس الأمم المتحدة مع الأمير فيصل عام 1946م، وأحيل إلى التقاعد سنة 1965م، وتوفي في روما سنة 1967م.

وله من الكتب (جزيرة العرب في القرن العشرين) و(خمسون عاماً في جزيرة العرب).

عبدالله سعيد الدملوجي عراقي من الموصل، درس الطب في الآستانة، ومارسه في الحروب، وخَبِر الحياة في أوروبا، التي طاف بعواصمها، التحق بخدمة الأمير عبدالعزيز في بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وأصبح طبيبه وكاتب سره، ومن المقربين إليه.

اتخذه الملك مستشارا في الشؤون الخارجية، حيث ساهم الدملوجي بشكل بارز في السياسة الخارجية، فاشترك في عام 1922م في مفاوضات العقير، ووقع برتوكولي المعاهدة المتعلقين بالحدود بين نجد والعراق، كذلك وقَّع على اتفاق خاص بالحدود بين نجد والكويت، وانتقل بعد فتح الحجاز إلى هناك في معيّة الملك عبدالعزيز، فتولى أعمال الشؤون الخارجية، وأطلق عليه اسم (مدير الشؤون الخارجية)، فكان أول وكيل للخارجية، وانتدب لتمثيل الحكومة السعودية في مؤتمر حيفا، الذي خُصص لبحث موضوع سكة حديد الحجاز.

توفي سنة 1971م.

خـالد القَرْقَنـي هو مجاهد ليبي طرابلسي، أصله من قرقنة مقابل صفاقس في تونس، قاتل الإيطاليين أيام احتلالهم طرابلس، ورحل إلى إسطنبول.

وانتقل إلى جدة تاجراً، ورآه الملك عبدالعزيز، فأعجب به، وصار من مستشاري الملك، ومن كتّابه.

أرسله الملك مبعوثاً إلى هتلر، زعيم ألمانيا النازية، ثم أرسله على رأس بعثة إلى اليمن عام 1932م، وفي هذه الرحلة كتب تقريره عن بلاد عسير.

كان الملك عبدالعزيز يستثقل نطق لقبه، ويسمونه أيضاً القرقري، فلقّبه الملك بأبي الوليد، فلما رُزق بولد سماه الوليد.

اعتزل العمل بعد مدة قصيرة من وفاة الملك عبدالعزيز عام 1953م، وعاد إلى ليبيا، وأقام منقطعاً عن كل عمل إلى أن توفي سنة 1971م.

منوعات      |      المصدر: مزمز    (منذ: 3 سنوات | 120 قراءة)
.