غدير قم
غدير قم الخميس 29 يوليو 2021 11:21 ص مزاعم الاصطفاء، و ادعاء الأفضلية؛ أمر تكرر في التاريخ البشري، و هدفه منح المدعي مكانة ذات قداسة يدين لها سائر الناس، و يقرون للمدعي ما يزعمه من اصطفاء إلهي و أفضلية ربانية ! و هناك من يدعيها لمصدر النشأة كإبليس الذي ذهب يفاخر آدم " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين".
و العجيب أن الشعوبية الفارسية، ظلت ؛ نكاية بالعرب المسلمين، تفاخر بما تفاخر به إبليس، انتصارا للنار التي كان يعبدها الفرس قبل الإسلام.
و الشاهد هنا مدى السقوط الذي يصل إليه التعصب، إذ راح الشاعر الشعوبي يمتدح النار تعريضا بالعرب ودينهم : إبليس أفضل من أبيكم آدم فتنبهوا يا معشر الأشرار النار معدنه و آدم طينة والطين لا يسمو سمو النار فرد عليه شاعر عربي : إبليس من نار و آدم طينة والنار لا تسمو سمو الطين النار تفني ذاتها و محيطها والطين للإنبات والتكوين و التعصب يعمي، و مايزال هذا العمه يستبد بالنخب السياسية الفارسية، و يتمادى بها حتى اليوم.
و هناك من يتفاخر بعنصر الجنس كهتلر، الذي راح يزعم أن ألمانيا فوق الجميع، اعتمادا على أفضلية الجنس الآري.
و هو ما لا يبرأ منه الغرب عامة، مهما حاول التستر و التخفي.
لكن ربما كان زعم الاصطفاء على أساس ديني هو أقدم هذه المزاعم، و اخطرها؛ لأن أصحابها يزعمون الاصطفاء أنه اصطفاء إلهي، و حق أمرت به السماء، و قد تبنت هذا الاصطفاء اليهود و النصارى أيضا: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) لكن الله عز وجل فند ذلك الادعاء وكذب تلك المزاعم، فقال :" قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء".
كان موقف اليهود من نبوة الرسول صلى الله عليه و سلم واضح العداء منذ البداية، و لما وجدوا أنه ليس بمقدورهم الاستمرار في مواجهة مكشوفة، لجؤوا منذ عبدالله بن سبأ اليهودي إلى محاولة هدم الاسلام من داخله، و هو ما وجدت فيه النخب الفارسية ضالتهم وبغيتهم في الانتقام من العرب والمسلمين، الذين تبنوا ادعاء حب آل البيت و من خلالها راحوا يشحنون أدبياتهم بكثير من الخرافات و الأساطير و الخزعبلات، جاعلين من نظرية الحق الإلهي - على طريقة دعاوى اليهود والنصارى " نحن أبناء الله وأحباؤه "- منطلقا واسعا لإضافة كل ما يَعِنّ لهم من ادعاء يمكن أن يؤدي إلى تشويه ، أو تشهير، أو انحراف عن الإسلام.
و لم يكن موضوع غدير خم إلا جزءا من أباطيلهم التي توسعوا فيها و حملوها ما لا تحتمل من التأويل و التفسير، غير عابئين - حتى - بما يصورون به الخليفة الراشد علي ابن أبي طالب رضي الله عنه من ضعف و استكانه هو بريئ منها، كبراءة غدير خم من افتراءاتهم.
ليس هدف القوم حب علي و لا الولاء له، و إنما الهدف الحكم بادعاء الاصطفاء الإلهي، و هو زعم خرافي باطل.
بات معلوم جدا أن النخب السياسية الفارسية تحقد على العرب الذين أسقطوا إمبراطورية كسرى، و تريد الانتقام، سواء من العرب أو من دينهم على حدسواء ، أما الدين فقد زعم بعض دهاقنة الفرس أن القرآن الكريم ناقص، و أن أئمتهم هم من سيكملون هذا النقص، وأن ما سيقولونه؛ له حكم القرآن، و زعموا أن من يزور كربلاء يوم عرفة فذلك أفضل من كذا مائة ألف حجة، بمعنى أن كربلاء تصبح مع الزمن بديلا عن مكة، و الحج إليها بديلا عن الحج، و أقوال أئمتهم بديلا عن القرآن، وتصبح الحسينيات، التي ظهرت أول ماظهرت سنة 1906م، بديلا عن المساجد.
.
و أمور أخرى غير هذا تسلك بها نخب الفرس السياسية هذا المسلك في إحلال بدائل خرافية عن حقائق و شعائر إسلامية.
ليس غريبا ما يفعله متعصبو الفرس، و سياسيوه ، لكن الغريب المزري، يتمثل بتلك التبعية الذيلية الرخيصة التي تنقاد إليها السلالة الحوثية في اليمن، بعد أن رمت بمذهب زيد بن علي وراء ظهرها، و انبطحت تتسقط وتلتقط خرافات الإمامة الاثنى عشرية الفارسية بكل ضعة و عبودية.