هذه تفاصيل اكتشاف "أقدم مرجع للاستيطان البشري" في المغرب

اكتشاف كبير جديد في موقع “طوما 1” بالدار البيضاء، يعود تاريخه إلى مليون و300 ألف سنة، نشرت نتائجه في أحد أبرز المجلات العلمية العالمية، بعدما كشفَ وجود أقدم شاهد على حضور الثقافة الأشولية في منطقة شمال إفريقيا، بالمغرب.

هذا الاكتشاف، الذي نشر بمجلة “سايَنتيفيك ريبورتس” التابعة لمجلة “نيتشر”، أثبته علميا فريق بحث مغربي فرنسي إيطالي، خلص إلى أن شاهد الدار البيضاءِ هذا يوفر “أول إطار زمني عالي الدقة يمكن من تأريخ أقدم أطوار الثقافة الأشولية بشمال إفريقيا”، كما أنه يشكل “أقدم مرجع للاستيطان البشري بالمغرب”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وتكمن أهمية هذه النتائج، وفق المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في كون هذا الموقع الأشولي المكتشف بالدار البيضاء هو الأقدم بشمال القارة، ما يجعلها تحتل، للمرة الأولى؛ “مكانة أساسية داخل النقاش الحالي حول بزوغ الثقافة الأشولية بالقارة الإفريقية”.

وتم هذا بعد عمل ثنائي باتفاقية تجمع المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والشباب والرياضة (المغرب)، ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية وجامعة بول فاليري لمونبوليي (فرنسا)، في إطار أشغال البحث المستمرة “ما قبل التاريخ بالدار البيضاء”.

وأنجزَ الدراسة المغناطيسية قسم علوم الحياة والأرض بجامعة ميلانو (إيطاليا).

كما استفاد برنامج البحث من دعم مشروع “لابيكس أرشيميد” (مونبوليي) وجهة أكيتان، و”كوليج فرنسا”، ومتحف التاريخ الطبيعي بباريس، وجامعة بوردو، وقسم التطور البشري بمعهد “ماكس بلانك” للأنثروبولوجيا التطورية بـ لايبزيغ (ألمانيا).

وفي ندوة صحافية استقبلها المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، قال مديره عبد الواحد بنصر إن الموقع، الذي يعود أصله المثبَت إلى مليون و300 مائة ألف سنة، كشف “قِدَما لم نكن ننتظره”؛ كما أبرز “الأهمية العلمية” التي تشكلها “استطاعة النشر في مجلة من قبيل ‘ساينتيفيك ريبورتس’ التابعة لمجلة ‘نيتشر'”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية ذكر بنصر أن الأهمية الكبرى تكمن في “نشر نتائج الاكتشاف، لأن أي أبحاث لا تكون متبوعة بالنشر تذهب هباء، وهو ما لا نريده”، مع توضيحه أن “النشر في مثل هذه المجلة تتويج في حد ذاته، وإشعاع للمؤسسة، وجميع المتدخلين (…) لأن إجراء أبحاث متعددة التخصصات يتطلب إشراك مؤسسات ومختبرات أخرى”.

وأضاف المصرح ذاته: “الأهمية الثانية تكمن في أن ما توفرنا عليه كنتائج علمية إلى حدود هذا النشر كانت تؤرخ فيه الثقافة الأشولية إلى حدود 700 ألف سنة، والآن انتقلنا مرة واحدة إلى مليون و300 ألف سنة، وهذا إنجاز كبير، في هذا الانتقال، جعل المغرب يتبوأ الريادة على مستوى إفريقيا الشمالية”.

وتابع بنصر: “هذه النتيجة من حقنا أن نفتخر بها كمغاربة، ومن حق ساكنة الدار البيضاء أن تفتخر بها بعدما تم بمدينتها، وستمكن من زيادة الإشعاع الوطني والعالمي للمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث”.

بدوره، قال المدير المغربي للبعثة العلمية المشرفة على برنامج “ما قبل التاريخ” بالدار البيضاء، عبد الرحيم محب، إن المقال العلمي المنشور في مجلة “التقارير العلمية” التابعة للمجلة العلمية المعروفة “الطبيعة” هو “تأريخ جديد لما تسمى الثقافة الأشولية لإفريقيا الشمالية، ويتكلم عن تاريخ مليون وثلاثمائة ألف سنة، ويؤكد أن أقدم أثر للثقافة الأشولية بإفريقيا الشمالية تم تأريخه في موقع “طوما 1″ بالمستوى الأركيولوجي”L””.

وأضاف عالم الآثار بوزارة الثقافة: “أهمية هذا الاكتشاف بالنسبة للمغرب وإفريقيا الشمالية والعالَم عموما هو أن الثقافة الأشولية، في العصر الحجري القديم الأدنى، وأقدم بقايا هذه الثقافة في إفريقيا، وجدت بإفريقيا الشرقية، وتعود إلى مليون وثمانمائة ألف سنة، وفي إفريقيا الجنوبية بمليون و600 ألف سنة، وسيساعد هذا التأريخ الجديد في إفريقيا الشمالية، الذي يعود إلى مليون و300 ألف سنة، في إعادة النقاش حول ثقافة ما قبل التاريخ، وحول هذا الاستقرار، وأصله، وعلاقة هذا الاستقرار البشري المسجل هنا بإفريقيا الشرقية، وعلاقته بإفريقيا الجنوبية، وهل هو محلي…”.

كما تكمن أهمية الاكتشاف، وفق المدير المغربي للبعثة، في “توفير إطار مرجعي زمني يمكننا من التموضع عند التكلم عن هذه الفترة في العصر الحجري القديم الأدنى”.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الموقع الموجود بالبيضاء سبق أن شهد اكتشافات أخرى، نشرت نتائجها في مجلات علمية على المستوى الدولي، من بينها تقنية لصناعة بعض الأدوات الحجرية اكتشفت لأول مرة في تاريخ وجود الثقافة الأشولية، ومغارة للبقايا البشرية كشفت أدوات حجرية، وبقايا بشرية لإنسان تمحص حاليا تأريخاتُه، التي يقدر تراوحها بين 600 ألف و 700 ألف سنة، وهي “أقدم البقايا البشرية بالمغرب”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 48 قراءة)
.