القطاع التجاري المقدسي مهدد بالانهيار.. هل تكون حملة دعم الاقتصاد الوطني المنقذ؟

أسس إضراب الكرامة، الذي عم فلسطين التاريخية في 18 مايو/أيار الماضي، لإطلاق مبادرات مشتركة للتحدي والصمود ودعم الاقتصاد الوطني خلال يونيو/حزيران الجاري، وذلك سعيا للحفاظ على الهوية الوطنية الواحدة وعلى منجزات الهبة الشعبية والفعاليات النضالية ضد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وإسنادا للقدس ودعما لغزة.

وانطلقت فكرة حملة "اشترِ من بلدك" من الداخل الفلسطيني لتتوسع في فلسطين التاريخية، وذلك بمبادرة من الحراكات الشبابية وجمعية الثقافة العربية التي أطلقت "بازارا" شعبيا رافق فعاليات مشروع الاقتصاد الوطني، وقامت بتنظيم مبادرات محلية لتعزيز اقتصاد البلدات وتوطيد التكافل الاجتماعي، والمساهمة في مشاريع خيرية محلية متنوعة وتنظيم زيارات للقدس وأسواق المدن الفلسطينية.

اقرأ أيضا list of 4 itemsend of list وبحسب معطيات حملة دعم الاقتصاد الوطني، تبلغ قيمة الواردات الفلسطينية السنوية من إسرائيل 3.

3 مليارات دولار، من إجمالي 7.

25 مليارات من الواردات الفلسطينية من دول العالم، وتظهر المعطيات بشأن الوضع الاقتصادي الاجتماعي للفلسطينيين بفلسطين التاريخية (الضفة، القدس، الداخل، غزة) أن معدل البطالة يصل إلى 45%، في وقت يعيش 60% من العائلات تحت خط الفقر.

وتعمل 60% من قوى والأيدي العاملة الفلسطينية بالسوق الإسرائيلي كأيد عاملة رخيصة في كافة القطاعات، في حين تعتمد الاقتصادات الفلسطينية في إيراداتها على المنتجات الإسرائيلية بمعدل 70%، وعليه تهدف الحملة الجديدة لتعزيز استهلاك المنتج الفلسطيني والبدائل العربية والتعريف بها، والترويج لثقافة استبدال 53% من المنتجات الإسرائيلية التي يوجد لها بدائل فلسطينية وعربية.

وتظهر المعطيات أن دعوات المقاطعة عقب العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 ساهمت بانخفاض المبيعات الإسرائيلية في السوق الفلسطيني بنسبة 50%، وعليه أتت فكرة مواصلة النضال وتوظيف منجزات الهبة الشعبية لنشر ثقافة المقاطعة، وتعزيز الصمود والهوية الاقتصادية الوطنية، من خلال تدعيم الاقتصاد الوطني واحتضان أسواق القدس القديمة التي تواجه خطر الإغلاق، ودعم المنتج الوطني والعربي.

سوق شعبي بأم الفحم ضمن حملة "اشترِ من بلدك" (الجزيرة) القدس أولا وفي هذا السياق، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، إن القدس عادت للوعي الجماعي الفلسطيني وفرضت حضورها على العالم، مشيرا إلى أن حملة دعم الاقتصاد الوطني والتركيز على أسواق القدس تأتي في مرحلة مفصلية، تواجه خلالها مئات المحلات التجارية خطر الإغلاق.

وأوضح الحموري في حديثه للجزيرة نت أن سلطات الاحتلال -التي نجحت بالسيطرة على الجغرافيا بالقدس- باتت حاليا تشن حربا على الوجود المقدسي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وهي معركة الديموغرافية التي فشلت تل أبيب في حسمها بسبب صمود الأهالي وإسنادهم بالهبة الشعبية بفلسطين التاريخية.

وداخل أسوار القدس القديمة حيث بقي 1300 محل تجاري فقط، تدور معركة الوجود وسط نشاط استيطاني غير مسبوق بتأسيس عشرات البؤر الاستيطانية والمدارس الدينية التوراتية، وبناء مدينة يهودية بالأرض تحت القدس القديمة.

ويقول الحموري "الاحتلال يهدف من خلال الاستيطان داخل الأسوار إلى تدمير الاقتصاد المقدسي وتفريغ الأسواق من التجار وإحكام السيطرة بالقدس القديمة للتفرد بالمقدسات والأقصى لبناء الهيكل المزعوم".

حملة لتشجيع المنتجات والمحاصيل الزراعية الفلسطينية ( الجزيرة) خطر الإغلاق وأوضح الحموري أن 25% من المحلات التجارية، وعددها 300 محل تجاري، كانت مغلقة حتى قبل جائحة كورونا، وكانت غارقة بالضرائب والديون لبلدية الاحتلال وسلطات الضرائب الإسرائيلية، واليوم وفي ظل تداعيات كورونا وإحكام الاحتلال قبضته على الأسواق بالقدس والإغلاق المتعمد والقبضة الأمنية المشددة بزعم تصعيد التوتر، فإن نحو 500 محل تجاري أغلقت بشكل متقطع.

وأشاد مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالمبادرات والحراكات الشبابية وحملة دعم الاقتصاد الوطني، ووضع القدس في صلب المشاريع، مؤكدا ضرورة إسناد القطاع التجاري المقدسي ودعمه للبقاء في المدينة المقدسة، مشيرا إلى أن نجاح الاحتلال في القضاء على الاقتصاد المقدسي يعني النجاح في القضاء على الوجود الفلسطيني بالقدس القديمة وحول الأقصى.

وأشار إلى أن الفعاليات لدعم الاقتصاد الوطني -التي تأتي بالتزامن مع معركة الوجود في حي الشيخ جراح وحي البستان وبطن الهوى بسلوان- تعتبر مشاريع بالغة الأهمية كونها تنطلق وتتفاعل، وحوالي 75% من المحلات التجارية بالقدس القديمة على وشك الإغلاق، ونسبة عالية من (أصحاب) القطاع التجاري المستقل بالقدس الشرقية يضطرون للعمل أجراء بالسوق الإسرائيلي سعيا للحفاظ على محلاتهم التجارية مفتوحة.

الحموري: 25% من المحلات التجارية بالقدس كانت مغلقة حتى قبل جائحة كورونا (الجزيرة) اشترِ من بلدك تهدف حملة دعم الاقتصاد الوطني و"اشترِ من بلدك" إلى مقاطعة المنتج الإسرائيلي وإفراغ السوق الفلسطيني من منتجات الاحتلال، ورفع الوعي لدى المواطنين بأهمية المقاطعة ودورها في مقاومة المحتل، وهذا جزء لا يتجزأ من المشاريع الداعية لمقاطعة كافة أشكال التطبيع السياسي والثقافي والفني والاجتماعي.

وتواصل الحملة، خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب، المشاريع والفعاليات من أجل مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتعميق الوعي للنهوض بالاقتصاد الوطني ليكون حجر الأساس لبناء مجتمعٍ فلسطيني يؤسس لاقتصاد قائم على العدل والتعاون والتكافل، بعيدا عن الارتهان للسياسات الاحتلالية والتحرر من التبعية الإسرائيلية، وتوحيد القوة الاقتصادية الفلسطينية وتوظيفها في سبيل التحرر والاستقلال.

ويولي مدير المشاريع بجمعية الثقافة الغربية، ربيع عيد، أهمية قصوى لمواصلة فعاليات الحراكات الشبابية، ويدعو أيضا اللجان الشعبية وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب لتكون شريكة بالفعاليات النضالية والتدعيم الاقتصادي والثقافي والهوية الوطنية، واستثمار الوضع الناشئ الجديد جراء الهبة الشعبية بتنظيم مستمر لمبادرات التكافل الاجتماعي وملء الحيز الفلسطيني العام بمشاريع تدعو للتفاؤل والصمود في وجه التحديات.

آفاق جديدة واستعرض عيد -في حديثه للجزيرة نت- أهداف الفعاليات والمبادرات الشبابية الاقتصادية والثقافية والوطنية والفنية بعد الهبة الشعبية، ومعاني ودلالات توحيد المشاريع والفعاليات في فلسطين التاريخية، قائلا "بات واضحا أن النشء الفلسطيني متعطش لمثل هذه الأنشطة، حيث أتت الهبة الشعبية وكسرت كل الحواجز ووحدت كل الفلسطينيين بالانتقال من مرحلة النجاح الفردانية إلى التفكير والنجاح الجماعي".

وأوضح مدير المشاريع بجمعية الثقافة العربية أن فعاليات دعم الاقتصاد الوطني تحمل في طياتها تنظيم الشعب ثقافيا وسياسيا ووطنيا، وتعزيز اللُحمة المجتمعية للفلسطينيين بكل أماكن وجودهم رغم الحواجز والشتات واللجوء.

عيد: فعاليات دعم الاقتصاد الوطني يعزز اللُحمة المجتمعية للفلسطينيين بكل أماكن وجودهم (الجزيرة) وكانت حملة دعم الاقتصاد الوطني، وزيارة القدس والتوافد إلى حييْ الشيخ جراح وسلوان، أحد أشكال استمرار الهبة الشعبية والتكافل وتعزيز الصمود.

ويعتقد عيد أن هذه المبادرات والتنافس بالمشاريع من قبل الأفراد والحركات والمؤسسات، كل من مكانه وموقعه، تشير إلى قوة المجتمع والقدرات الكامنة داخلة، وهي مبادرات تندرج ضمن السعي لتنظيم المجتمع وفتح آفاق جديدة أمام الشعب الفلسطيني وإخراجه من حالة الإحباط واليأس السياسي والاجتماعي وخيبة الأمل من أداء وممارسات الأحزاب التقليدية.

وأشار إلى أن التعريف والوعي بالأداء الاقتصادي والاستهلاكي، ومفهوم دعم المنتج الفلسطيني والعربي، هو شكل آخر من المقاومة والتحدي والتثقيف والتصرف الجامعي والتواصل عبر "بازارات" شعبية ومهرجانات وأنشطة ثقافية وفنية واجتماعية وسياسية، وعدم اقتصار الحضور واللقاء الفلسطيني، لمواجهة الاعتقالات والملاحقات السياسية والتصدي للسياسات الاستعمارية، فقط، على المظاهرات والاحتجاجات.

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 3 سنوات | 12 قراءة)
.