اللواء الركن عبدالغني سلمان.. رجل الإدارة والحرب

سبتمبر نت/ عمار زعبل   في العام 1971م، وفي مديرية صعفان، محافظة صنعاء، ذات الجبال الشاهقة ولد الشهيد البطل عبدالغني سلمان، لأسرة مكافحة كما هي الأسر اليمنية، التي عانت من قوى الظلام والرجعية، حيث وصلت إلى كل شبر في وطن كان يخطو خطواته الأولى نحو الجمهورية، وهي القيمة التي تشرّبها سلمان في سنواته الأولى أيضاً ليظل مدافعاً عنها حتى استشهاده في محافظة مأرب، ليصير من الضباط الأوائل ممن أعادوا هيبة الجيش الوطني مذكراً بخيرة الضباط الأحرار ممن سار على نهجهم، ونال الشرف نفسه، إذ روى بدمه تراب الوطن الغالي، ومنهم الشهيد الخالد “علي عبدالمغني”.

  وحين أتى العام 1987م، حظي الجيش بمقاتل صلب، ونباهة شاب، وتطلع قائد، بعد أن التحق الجندي حينها عبدالغني سلمان، في مجموعة ألوية المدفعية، في الحرس الجمهوري، ليكون “مدفعجياً” على قدر المهمة التي نذر نفسه لها، إلا أن طموحه وأحلامه ليس لها حد، حيث أكمل دراسته الثانوية أولاً، ليلتحق بعدها في الكلية الحربية التي تخرج منها في العام 1994م، برتبة ملازم ثاني.

  ولج الضابط حياة عملية جديدة، في دائرة شؤون الضباط بوزارة الدفاع، التي وزع إليها، فعمل في الشعبة البرية، ليتدرج في المناصب سريعاً، فمثله لا ينتظر، حتى تم تعيينه مديراً لإدارة التوجيه المعنوي في الدائرة في العام 2001م.

  يقول زملاؤه بأن دائرة شؤون الضباط شهدت حراكاً معنوياً وسياسياً وقتالياً وإدارياً فترة تقلد الرجل لمهام التوجيه المعنوي في الدائرة، إذ عمل على رفع مستوى الوعي لدى منتسبيها، بعد أن غدت خلية من المحاضرات والندوات والأنشطة التأهيلية لضباط وأفراد الدائرة.

  بدا الرجل مؤمناً أكثر بفكرة التأهيل وتنمية القدرات، فكان له نصيب من ذلك، فخلال عمله في دائرة شؤون الضباط، لم يستثن نفسه من الالتحاق بالدورات المختلفة، وفي كل المجالات، وهي ما أهلته للتقدم والالتحاق بكلية القيادة والأركان في العام 2004م لينال منها على درجة الماجستير في العلوم العسكرية.

  وبعيد تخرجه في العام 2005م ومنحه لقب “الركن” انتقل للخدمة شرقاً في المنطقة العسكرية الشرقية التي يطلق عليها اليوم “الثانية، ليتم توزيعه في اللواء 27 ميكا، ركناً للشؤون الفنية فيه، حتى العام 2014.

  وعند بدء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً كانت المهمة المقدسة للشهيد القائد عبدالغني سلمان، هو ومجموعة من الضباط، ليكونوا النواة الأولى في تأسيس الجيش الوطني، في منطقة العبر التابعة لمحافظة حضرموت، حيث كان يشغل حينها هناك ركن القوى البشرية في للواء 21 مكيا، ومن ثم ينتقل إلى محافظة مأرب ليعين مديراً لدائرة شئون الضباط بوزارة الدفاع في العام 2016م حتى استشهاده في الـ 28 من أبريل 2021م.

  عن مناقب الشهيد اللواء عبدالمغني سلمان يرى العميد الركن أحمد الأشول مدير دائرة التوجيه المعنوي بأن للشهيد سلمان كان الدور البارز في بناء قاعدة المعلومات وتنظيم وزارة الدفاع من خلال دائرة شؤون الضباط، كما أنه كان من أول المنضمين إلى الجيش الوطني بعد الانقلاب من قبل عصابة الحوثي، التي عبثت باليمن ومؤسساته وما زالت تسوم المواطنين الذين تحت سيطرتها سوء العذاب.

  ويشير العميد الأشول، بأن بمثل هؤلاء الشهداء نقدم رسالة مفادها بأننا ماضون على دربهم ودرب التحرير، وأن المعركة مستمرة حتى يتحرر كل شبر من أرض اليمن ولن نقبل لإخواننا الذين تحت سيطرة الحوثي استعبادهم والأبطال ماضون في استعادة الجمهورية.

  وفي ستة أعوام من البناء المؤسسي، والحرب معاً ضد مليشيا الحوثي المتمردة ترك اللواء الركن عبدالغني سلمان بصمته على كل من تعامل أو تشرف بالجندية تحت قيادته، بقي قدوة للجميع، وهو ما يقول عنه العقيد الركن، نبيل أحمد عقلان، مساعد مدير دائرة شئون الضباط، ويضيف: “فقدنا رفيقاً وعزيزاً علينا صار مثلنا وقدوتنا في الجندية والقيادة، كل من عرفه سيعرف كرم عطائه وصموده وثباته على مبادئه رغم العقبات التي واجهها، إذ سخر وقته وحياته في سبيل دينه ووطنه”.

  ويتابع العقيد أحمد عقلان “كان للشهيد رحمه الله الدور الأكبر في تنظيم وتجميع وإعادة الجيش الوطني وله بصمته في هيكلة وزارة الدفاع، إضافة إلى أنه كان قائداً شجاعاً تتدرج في مناصبه القيادية في جميع مناطق اليمن شمالاً وجنوباً للدفاع عن مكاسب الجمهورية اليمنية”.

  وأشار إلى أنه كان مهندساً ومنسقاً ومنظماً للعديد من الأعمال الإدارية والقتالية والعملياتية، فبصماته في كل أروقة الهيئات والدوائر والمناطق والوحدات المستقلة، مضيفاً “كان شخصية استثنائية وعاش في مرحلة اسثنائية، وقدم نجاحات كثيرة في ملفات الجيش الوطني منها من قطفنا ثمارها ومنها سنحصد ثمارها مستقبلاً”.

  يتفق معه العميد الركن صادق حسن قائد المجمر، نائب دائرة المواصفات والمقاييس، الذي يؤكد بأن اللواء الركن سلمان سيظل مثالاً للقائد المحنك الحكيم، كما أنه كان حراً كريماً يكره الظلم والظالمين والمتكبرين والطغاة، ويقف دائماً مع الحق وينصر المظلومين والضعفاء ويقف إلى جانبهم.

  وأفاد المجمر بأن الشهيد سلمان كان أحد الضباط المؤيدين والمساندين لثورة الشباب في العام 2011م متذكراً بأنه يعد أنشط الضباط في الكلية الحربية، أثناء دراستهما معاً إلا أنه كان دائماً مبرزاً ومتفوقاً في أي عمل يتم إسناده إليه نظرا لتفانيه في أداء عمله وجديته واخلاصه في أداء واجبه والأعمال التي يتم تكليفه بها.

  وتابع “عزاؤنا أنه انتقل الى جوار ربه شهيداً مجيداً حراً كريماً صادقاً، لم يخضع أو يركع إلا لله سبحانه وتعالى، فهنيئاً له، وبرحيله يعتبر الشهيد اللواء الركن عبدالغني سلمان، خسارة ليس على أهله وزملائه ومحببيه فقط، بل على الوطن بأكمله، فقد كان رجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، نسأل الله أن يتقبله في الشهداء والصالحين، ولا نامت أعين الجبناء”.

  وفي بيان نعي وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة اللواء الشهيد سلمان، مدير دائرة شئون الضباط، وهو يؤدي واجبه الوطني ضد مليشيا التمرد والارهاب والدفاع عن الثورة والجمهورية والثوابت والمكتسبات الوطنية العظيمة.

  وقال بيان النعي “لقد كان الشهيد البطل واحدا من القادة الأوفياء المخلصين للوطن والقضية وكانت له اسهامات فاعلة في بناء وتطوير القوات المسلحة واعادة بناء مؤسسات ودوائر وزارة الدفاع منذ 2016، وكان مثالا في القيادة والجندية والاحترافية والانضباط في مختلف المراحل والمستويات والمناصب والمهام التي أسندت إليه، وكان من أوائل الضباط الذين لبوا نداء الواجب لمواجهة المليشيا الحوثية والمشروع الايراني، وخلّد خلال حياته تاريخا مشرفا من المواقف والنضال الوطني.

  وتابع “برحيل هذا البطل المقدام الذي بذل في سبيل مبدئه وقضيته الغالي والنفيس وسكب دمه الطاهر ليروي ثرى هذه الأرض الطيبة ويغسلها من رجس الارهاب الفارسي وأذيالها الحوثيين، فقد خسر الوطن وقواته المسلحة هامة شامخة وواحدا من الرجال الشجعان الذين دافعوا عن وطنهم وأمتهم وشعبهم في كل المواقع والميادين وظلوا أوفياء لشرفهم العسكري حتى آخر لحظه من حياتهم.

   

اليمن      |      المصدر: 26سبتمبر الحكومية    (منذ: 3 سنوات | 19 قراءة)
.