رمضان في زمن كورونا.. 100 مليار جنيه ينفقها المصريون على مائدة رمضان.. خبراء: ارتفاع إنفاق المصريين لـ"ياميش رمضان" بنسبة 15 %.. و20 % للحوم والدواجن

رمضان في زمن كورونا.. 100 مليار جنيه ينفقها المصريون على مائدة رمضان.. خبراء: ارتفاع إنفاق المصريين لـ"ياميش رمضان" بنسبة 15 %.. و20 % للحوم والدواجن

يحل على الوطن العربي والمسلمين في كافة أنحاء العالم، شهر رمضان الكريم، الذي يأتي في ظروف استثنائية، نتيجة استمرار أزمة جائحة فيروس "كورونا" المستجد، حيث منعت أزمة الفيروس المصريين في شهر رمضان العام الماضي من إقامة الصلوات والشعائر الدينية، وشهدت البلاد حالة من الغلق التام بسبب انتشار الفيروس، فضلًا عن إلغاء التجمعات وموائد الرحمن وحظر السير للمواطنين وتحديد مواعيد لغلق وفتح المحال التجارية.

اختلف شهر رمضان 2021 قليلًا في الإجراءات التي اتخذتها الحكومة قبل بداية الشهر الكريم، مقارنةً بالعام الماضي، وذلك فيما يخص إقامة الصلوات والشعائر الدينية وعودة المصلين إلى المساجد مع تطبيق الإجراءات الوقائية، وتطبيق المواعيد الجديدة لفتح وغلق المحال التجارية قبل أيام من قدوم الشهر الفضيل، كما اختلف توقعات حجم الاستهلاك للسلع الغذائية خلال شهر رمضان هذا العام، حيث وصلت لـ 100 مليار جنيه.

أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في تقرير رسمي، ارتفاع معدل التضخم السنوي العام في إجمالي الجمهورية إلى ٤.

٨٪ في مارس الماضي، مقابل ٤.

٦٪ في فبراير الماضي، واستقر معدل التضخم السنوي العام بالمدن المصرية عند ٤.

٥٪، مضيفًا أن التضخم على أساس شهري سجل ٠.

٦٪ في شهر مارس الماضي، و٠.

٢٪ في فبراير هذا العام.

وأوضح التقرير، أن أسعار المواد الغذائية حققت أعلى ارتفاع على أساس سنوي بنسبة ١٪، وعلى أساس شهري بنسبة ١.

٩٪ في إجمالي الجمهورية، أما على أساس سنوي زادت أسعار السلع والخدمات المتنوعة بنسبة ٨.

٩٪.

ووفقا لبحوث وبيانات الدخل والإنفاق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن أكثر من ٨٥٪ من المصريين يغيرون عاداتهم الغذائية في الشهر الفضيل، ويرتفع حجم الاستهلاك بنسبة تقترب من ١٥٠٪ في رمضان، أي يعادل حجم استهلاك ٣ أشهر في السنة.

قدر جهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين المصرية قيمة استهلاك السلع الغذائية خلال الشهر الفضيل بنحو ١٠٠ مليار جنيه، حيث يعكس هذا الرقم تصاعدا ملحوظا في فاتورة الاستهلاك في شهر رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة، إذ كانت لا تتجاوز ٧٠ مليار جنيه في عام ٢٠٢٠، وقرابة ٥٠ مليار جنيه في عام ٢٠١٩.

وأوضح إبراهيم عشماوي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن حجم الاستهلاك يتضاعف خلال شهر رمضان مقارنة بالشهور الأخرى، حيث قدر الاستهلاك في الأشهر العادية بنحو ٥٥ مليار جنيه.

ويقول الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادي، إن التوقعات بهذا الارتفاع في حجم استهلاك المصريين للسلع الغذائية خلال شهر رمضان هذا العام، أمر طبيعى في شهر رمضان لما له من طبيعة خاصة في نفوس المصريين وزيادة حجم المناسبات التبادلية، رغم أزمة فيروس "كورونا" المستجد، إلى جانب زيادة عدد السكان سنويًا، وبالتالى زيادة حجم الاستهلاك سنويًا، لافتًا إلى أنه سيؤدى إلى ارتفاع في معدلات التضخم، حيث من الطبيعي أن يرتفع التضخم في الشهر الذي يسبق رمضان من كل عام.

ويواصل أبوزيد، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن ما يحدث الآن من توقعات الموردين والمنتجين بارتفاع الطلب من المستهلكين، وبالتالي يرفعون الأسعار استعدادًا للإقبال المتوقع، بالإضافة إلى أن ضغوط استيراد المواد الغذائية وتخزينها قبل رمضان تسهم كذلك في الارتفاع، معتقدًا أن تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من الارتفاع في معدلات التضخم بما يعكس ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، وأن حجم الزيادات في الأسعار خلال الأشهر القليلة المقبلة سيكون أقل مما كان عليه في مارس الماضي.

ويرى الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، أن نسبة إنفاق المصريين في شهر رمضان الكريم تزداد خلال الـ ١٠ سنوات الأخيرة، لأنها مرتبطة بزيادة عدد السكان بشكل دائم، فكلما ازداد عدد السكان سنويًا زاد حجم إنفاق المصريين في الشهر الفضيل، لافتًا إلى أن استهلاك المواطنين للسلع الغذائية في هذا الشهر يعد أعلى نسبة، ارتباطًا بهذا الشهر الذين اعتادوا عليه بأن ينفقون فيه أمولًا على بعض السلع الغذائية المختلفة وعلى رأسها "الياميش" وبعض السلع الأخرى التي ارتبطت بهذا الشهر.

ويستكمل عامر، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن المركز المصري للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية يجري دراسات عديدة سنويًا عن حجم إنفاق المصريين خلال شهر رمضان من كل عام، وكانت الدراسة هذا العام كشفت أن حجم إنفاق المصريين يصل إلى ١٠٠ مليار جنيه، حيث إن الإنفاق وصل فيما يخص "ياميش رمضان" ارتفع بنسبة ١٥٪، والسلع الغذائية الممثلة في اللحوم والدواجن زادت بنسبة ٢٠٪، وفيما يخص السلع الخاصة بـ "الدقيق والأرز والسمن" زادت بنسبة ٤٠٪، مؤكدًا أن هذا الزيادات طبيعية تزامنًا مع الزيادة السكانية وعدم تطبيق الحكومة لإجراءات الغلق التام نتيجة جائحة فيروس "كورونا" المستجد، كما كان الوضع في شهر رمضان العام الماضي ٢٠٢٠.

ويتفق معه في الرأي، الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، قائلًا إن سبب التوقعات بارتفاع حجم استهلاك المواطنين للسلع الغذائية خلال شهر رمضان الكريم هذا العام يرجع إلى الزيادة السكانية المرتفعة خلال الفترة الماضية، بجانب تقليل المخاوف بشأن جائحة فيروس "كورونا" المستجد، حيث أعاد للمصريين معدلات الاستهلاك المرتفعة بجانب عدم تطبيق الدولة لقرارات الإغلاق التام مثلما حدث في شهر رمضان الماضي ٢٠٢٠.

ويتابع الإدريسي، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن هناك حالة من غياب الوعي الاستهلاكي لدى كثير من المواطنين، وهو ما يخلق طلبا غير حقيقي على السلع الغذائية، نتيجة طلبهم أكثر من احتياجاتهم، مضيفًا أن هذا الأمر يأتي بجانب الأعمال الخيرية ومساهمة بعض المواطنين في مساعدة الفقراء وإفطار الصائمين من خلال تقدم المساعدات لهم خلال الشهر الكريم، وهذا ما يزيد الطلب على السلع الغذائية خلال هذا الشهر وقبله أيضًا، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم في شهر مارس الماضي قبل شهر رمضان هذا العام.

مظاهر احتفال رمضانأعلنت وزارة الأوقاف، إقامة الصلوات الخمس بشكل طبيعي في المساجد، خلال شهر رمضان، مع حظر إقامة صلوات: "التهجد والاعتكاف والدروس الدينية بالمساجد"، وفيما يتعلق بصلاة التراويح، حددت الوزارة ضوابط خاصة لإقامة صلاة التراويح، والتي اشتاق لها المسلمون بعد مرور رمضان العام الماضي دون إقامتها، حيث شددت الأوقاف على ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية من فيروس "كورونا" المستجد، وذلك من خلال ارتداء الكمامات ومسافات التباعد الاجتماعي بما لا تقل ٢ متر وتطهير الأيدي باستمرار، وألا تتجاوز مدة صلاة التراويح نصف ساعة، على أن يتم فتح المسجد قبل الصلاة بعشر دقائق وإغلاقه بعد انتهاء الصلاة بعشر دقائق، مع استمرار عدم فتح دورات المياه، والتشديد على اصطحاب المصليات الشخصية.

أوضحت الوزارة، أن الصلاة ستكون في المساجد التي بها واعظات فقط، مع التشديد على عدم اصطحاب الأطفال أو أي أطعمة أو مشروبات، فيما منعت الوزارة أيضًا إقامة موائد الرحمن داخل أي مسجد، لافتًا إلى أن هذا لا يعني منع أعمال البر، ومن الممكن توزيع الوجبات على الناس من باب إطعام الطعام، وفيما يتعلق بأداء النساء لصلاة التراويح.

مواعيد المحال التجاريةحددت وزارة التنمية المحلية مواعيد غلق المحال في رمضان ٢٠٢١، وفقا لقرار اللجنة العليا لإدارة أزمة فيروس "كورونا"، حيث يبدأ تطبيق المواعيد الصيفية ١٧ أبريل الموافق ٥ رمضان وفق الحسابات الفلكية.

تأتي مواعيد غلق المحلات في رمضان ٢٠٢١، حيث تفتح المحال التجارية والمولات من الساعة ٧ صباحًا، وتغلق الساعة ١١ مساءً، مع مد مواعيد الفتح ساعة أيام الخميس والجمعة، وفي أيام الإجازات والأعياد الرسمية للدولة، ويتم الغلق في الساعة ١٢ منتصف الليل خلال فترة الصيف، ويستثنى من مواعيد غلق المحال في رمضان ٢٠٢١، محال البقالة والسوبر ماركت والمخابز والأفران، ومراعاة الأنشطة الليلية لبعض المحلات، وبينها محال بيع الفواكه والخضراوات والدواجن، وأسواق الجملة والصيدليات.

تقول الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، إن شهر رمضان هذا العام والعام الماضي أيضًا جاء ضمن ظروف استثنائية بسبب جائحة فيروس "كورونا" المستجد، ففي رمضان ٢٠٢٠ كان المواطنون يلتزمون بالإجراءات الاحترازية وشهدت البلاد حالة من الغلق بسبب تفشي الفيروس، وخوف المواطنين من الإصابة به، واختفت طقوس الشهر الفضيل مثل العزومات داخل المنازل في هذا الشهر، موضحة أن قدوم شهر رمضان هذا العام يأتي في ضوء التخوف من "الموجة الثالثة" من "كوفيد ١٩" وارتفاع نسب الإصابات، إلا أن الإجراءات الاحترازية أصبحت أكثر مرونة مقارنةً بالعام الماضي، واختفت "فوبيا الخوف" لدى المواطنين وبدءوا في التعامل المعتاد قبل قدوم الشهر الفضيل والتجهيزات المختلفة له.

وتواصل الدكتورة هالة منصور، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن الحكومة حددت الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها خلال الشهر الكريم، حيث إن إلغاء "موائد الرحمن" واستبدالها بالوجبات الجاهزة لإفطار الصائمين هذا أمر جديد ومختلف عن طقوس المصريين المعتادة، فهو أمر جيد وسيحقق الهدف الخيري منه، وكذلك سمحت الحكومة أيضًا بإقامة صلاة التراويح التي غابت عن الشهر الفضيل العام الماضي، وفق توقيت معين وهذا أمر محمود، متمنية استمراره فيما بعد انتهاء أزمة كورونا، لأن هناك بعض المساجد كانت تستمر في صلاة التراويح لأكثر من ٣ ساعات متواصلة، وتتواجد السيدات والأطفال داخل المساجد، وهذه ممارسات بعيدة تمامًا عن منطق الصلاة في المسجد واحترام قدسية المكان والعبادة.

وتؤكد، أن الإجراءات الاحترازية هذا العام نظرًا لجائحة "كورونا" لم تكن صارمة على الإطلاق، فهي إجراءات تنظيمية لأداء أفضل سواء بالنسبة لممارسة العبادات أو التصدق بالنسبة للفقراء من جانب، والحفاظ على الصحة العامة للمصريين بإتباع هذه الإجراءات من جانب آخر، لافتة إلى أن طقوس الاحتفال بقدوم شهر رمضان اختلفت قليلًا، فأصبح هناك مواعيد ثابتة لفتح وغلق المحال التجارية، فلن نشهد كثيرًا حالة الزحام المعتادة بعد الفطار وحتى توقيت السحور.

إجراءات صارمةيؤكد الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان، أنه هناك اختلاف في مظاهر الاحتفال واستقبال شهر رمضان الكريم، حيث إن الشهر الفضيل العام الماضي كان يشهد حالة من الإجراءات الاحترازية الصارمة، ولكنه في هذا العام تشهد هذه الإجراءات حالة من المرونة إلى حد ما، حيث تم فتح أداء صلاة التراويح داخل المساجد مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات في مدة زمنية لا تتجاوز نصف ساعة، وهذا أمر جيد للمواطنين، مضيفًا أن الأزمة الحقيقية تكمن في سلوكيات المواطنين في تطبيق هذه الإجراءات، فهناك حالة من التراخي من قبل بعض المصريين فيما يخص التعامل مع أزمة فيروس "كورونا" المستجد، فلا بد أن يكون هناك تغيير في الثقافة والأخلاق وتطبيق القانون والعقوبات الرادعة على المخالفين.

ويتابع عبداللطيف، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن المصريين يحرصون خلال شهر رمضان الكريم على تبادل "العزومات" فيما بينهم، وهذا ما يقومون به هذا العام أيضًا، ولكن بأعداد منخفضة إلى حد ما بسبب أزمة "كورونا" المستجد، مؤكدًا أن مصر تمتلك مظاهر مختلفة تمامًا في الاحتفال بالشهر الفضيل عن أي دولة أخرى، مطالبًا المواطنين بضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي والبعد عن الأماكن المزدحمة وارتداء الكمامات وتناول الأطعمة في المطاعم الصحية لمنع انتشار الأمراض، وخاصةً خلال جائحة "كورونا"، فضلًا عن ضرورة الإعلان عن الإجراءات الاحترازية في كافة شوارع الجمهورية، وتكثيف الحملات الشرطية المعنية بمتابعة مخالفات عدم ارتداء الكمامات، ومن الممكن أن يتم توزيع الكمامات على الفقراء مجانًا في الشوارع.

كما يرى الدكتور سمير عبد الفتاح، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس، أن الدولة حريصة بشكل كبير على صحة المواطنين، ولذلك تصدر الإجراءات الاحترازية والتعليمات اللازمة للوقاية من أزمة فيروس "كورونا" المستجد والحد من انتشارها، خاصةً خلال شهر رمضان الفضيل، حيث لم يكتشف علاج للفيروس حتى الآن، وبالتالي لا بد من تنفيذ الإجراءات الاحترازية دون التهاون أو التراخي فيها، مشيرًا إلى أن المواطنين في حالة من التجاهل لهذه الإجراءات اعتقادًا منهم بانخفاض أعداد الإصابات، وعدم احتمالية إصابتهم وهذا أمر خاطئ، فإن الدولة تسعى لحماية صحة المواطنين بشتى الطرق.

ويطالب عبدالفتاح، في تصريح خاص لـ"البوابة"، الحكومة بتطبيق العقوبات الرادعة على كل المخالفين والمقصرين في تنفيذ الإجراءات الاحترازية وتعليمات الحكومة في الأماكن العامة للالتزام بهذه الإجراءات للوقاية من جائحة فيروس "كورونا" المستجد، فلا بد من إعلاء مصلحة حماية البلاد وصحة المواطنين، فهذا ما تتبعه القيادة السياسية والحكومة في التعامل مع الأزمة، مطالبًا المواطنين بارتداء الكمامات وتحقيق التباعد الاجتماعي للحد من تفشي الفيروس، مع تطبيق الاحتفال والطقوس الخاصة بشهر رمضان، ولكن في ضوء الالتزام بهذه الإجراءات، لمنع وقوع كارثة فيما يخص انتشار الفيروس، فإن صلاة التراويح قديمًا كانت تصل مدتها إلى أكثر من ٣ ساعات، ولكن بعد قرار الحكومة الرسمي بتحديد مدتها نصف ساعة، فهذا أمر جيد للمواطنين بسبب الجائحة.

مصر      |      المصدر: البوابة نيوز    (منذ: 3 سنوات | 28 قراءة)
.