فاعلون يوصون بمدرسة مغربية متطورة لبناء جيل قائد لقاطرة التنمية

تمر المنظومة التعليمية المغربية بمنعطف حاسم، يعوَّل على القانون الإطار للتعليم أن يُخرجها من أزمتها الراهنة، غير أن أفق إصلاح المنظومة لا ينبغي أن يحدّه سقف تقويم اختلالاتها، بل جعلها قادرة على مواكبة المتغيرات التي يشهدها العالم، وعلى رأسها التقدم التكنولوجي، من أجل “صناعة” طالب مالك لمهارات تمكّنه من مجاراة تحولات العصر.

كانت تلك خلاصة مداخلات فاعلين تربويين واقتصاديين في ندوة رقمية نظمتها جمعية “أماكن” لتحسين جودة التعليم، بشراكة مع المكتبة الوسائطية لمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لمهن التربية والتكوين، مساء الجمعة، حول “مستقبل المنظومة التربوية في سياق كوفيد-19 وفي ضوء القانون الإطار للتعليم”.

محمد زكي، مدير أكاديمية جهوية للتربية والتكوين سابقا، نبّه، حين حديثه عن تواضع نتائج التلاميذ المغاربة في المسابقات الدولية، إلى أن ثمّة حاجة إلى أن تكون المدرسة المغربية فضاء للفكر النقدي، وأن تتيح لهم فرص الإبداع، وتمكّنهم من تملّك مهارات التواصل، مبرزا أن التلاميذ المغاربة يعانون من صعوبات في هذا الجانب.

وأبرز زكي أن التلاميذ والطلبة بحاجة إلى تكوينهم على أخذ المبادرة، والفضول العلمي، والتأقلم والاستمرارية في العمل بعد التخرج، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر على أطر تربوية جيدة، لكنها تحتاج إلى التكوين المستمر، اقتداء بتجارب الدول الغربية، حيث يظل الأستاذ في ارتباط دائم مع البحث العلمي الجامعي.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ونبه المتحدث ذاته إلى أن تكوين طلبة ذوي مهارات عملية تمكنهم من الاندماج في سوق الشغل بعد التخرج يتطلب المزاوجة بين الدراسة في المؤسسات التعليمية والعمل في المقاولات، حتى يكتسب الطالب خبرة واطلاعا على عالم المقاولة، على غرار ما هو معمول به في ألمانيا.

وأوضح زكي أن التحدي الأكبر الذي ينبغي الانكباب عليه هو كيفية تدبير التعامل مع التقدم التكنولوجي المتسارع، مشيرا إلى أن نحو 60 في المائة من المهن المتوفرة حاليا ستختفي وتحل محلها مهن جديدة مستقبلا.

ودعا إلى تمكين التلاميذ من وسائل وأدوات الاستفادة من زخم المعلومات المتاحة على الأنترنت، وتجنيبهم الأشياء غير المرغوب فيها.

في السياق نفسه، أكدت عائشة العلوي، الباحثة في الاقتصاد، أن كسب التحديات التي يطرحها التقدم التكنولوجي يقتضي “بناء مواطن لديه ذكاء وفكر نقدي، وقادر على التكيف مع متغيرات العصر، لأن الرهانات الحالية ليست هي الرهانات التي ستُطرح مستقبلا”.

ودعت العلوي إلى الانكباب على تنزيل القانون الإطار للتعليم، وعدم تبديد مزيد من الوقت، لا سيما أن زمن الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 انقضت منه حوالي ستّ سنوات، مشيرة إلى أن بعض الفاعلين المعنيّين بتنزيل القانون الإطار للتعليم “لا تتوفر لديهم الرؤية بخصوص المهام المنوطة بهم”.

وترى العلوي أن التحول نحو اقتصاد المعرفة والرقمنة والتكنولوجيا سيجعل الفاعل الاقتصادي حاضرا بقوة في المنظومة التعليمية، معتبرة ذلك مسألة إيجابية، لكنها نبّهت إلى ضرورة “أن تكون الشراكة مع الفاعل الاقتصادي واضحة، حتى لا يُكرّس التعليم لخدمة الاقتصاد فقط، بل أن يخدم التنمية بشكل عام، على الصعيد الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها من المجالات”.

وبخلاف الرأي الذي عبرت عنه عائشة العلوي، أيّد عبد الله الفركي، رئيس كونفدرالية المقاولات الصغرى، إعطاء الأولوية للاقتصاد عبر تمكين المقاولة من الاستفادة من الخرّيجين، قائلا: “علينا أن نعرف ما هي حاجيات المغرب ونركّز عليها، حتى لا نشتت الجهود المبذولة في تكوين الطلبة في قطاعات كثيرة”.

ودافع الفركي عن الدور الذي تلعبه المقاولات الصغيرة في الجانب المتعلق بالاستثمار في الموارد البشرية من خريجي المؤسسات التعليمية، قائلا إن “الاستثمار في الأطر لا يحقق ربحا آنيا للمقاولات، لأنها تدفع المال لتكوينهم على استعمال آلات غير متوفرة في المؤسسات التعليمية، وهذا الاستثمار مهم لأنه يمكّن من إنشاء جيل قادر على قيادة قاطرة التنمية”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 24 قراءة)
.