أمير المؤمنين وآية الله .. الثورة الإيرانية ومخطط أمريكا ضد السوفيات

ما قصة العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ لماذا اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني مواقف مناوئة للثورة الإيرانية منذ اللحظة الأولى لقيامها؟ ولماذا غير موقفه بعد ذلك؟ كيف تدخلت الجزائر على الخط في اللحظات الأولى وأرادت إفساد العلاقات المغربية ــ الإيرانية؟ كيف استقبلت النخبة المغربية الثورة الإيرانية بعد قيامها؟ وكيف كان أداء المغرب خلال الحرب العراقية ــ الإيرانية؟ هذه الأسئلة وغيرها نتابع الإجابة عليها خلال شهر رمضان مع كتاب الباحث الدكتور إدريس الكنبوري “أمير المؤمنين وآية الله.

.

قصة المواجهة بين الحسن الثاني والخميني”، الذي خص به جريدة هسبريس.

الحلقة الثانية لعل من مصادفات التاريخ أن قيام الثورة الإيرانية عام 1979 ميلادية، 1399 هجرية، كان متزامنا مع نهاية القرن الرابع عشر الهجري وبداية القرن الخامس عشر، بل حصل في لحظة انتقالية بين عصرين.

وهذا دفع الكثيرين في العالم الإسلامي إلى التفاؤل بالثورة، وبصورة الخميني بالذات، الذي شخص نموذج الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة قبل 1400 سنة، حين قفل عائدا من منفاه في فرنسا إلى إيران التي أخلاها لمدة تزيد عن ستة عشرة عاما، منذ أن تم إيداعه داخل سيارة تابعة لجهاز “السافاك” الإيراني الشهير عام 1963، ونقله إلى مطار طهران لتحط به الطائرة في العراق، بعد أن صار مزعجا للشاه بخطبه التي ينتقد فيها سياساته وفساده هو وعائلته ومقربيه.

كان العالم الإسلامي كله في تلك الفترة متوترا كقوس مشدود بيد شخص جاهل، من طنجة إلى جاكارتا.

وبينما كان الشارع الإيراني بدأ يغلي وتتزايد مؤشرات الانقلاب في الوضع السياسي مع نهاية العام 1977 مع ما سميت وقتها “ثورة المساجد”، بسبب الأخطاء المتراكمة للبوليس السياسي (السافاك)، كان العالم العربي والإسلامي هو الآخر يغلي بأحداث متوالية، كل واحد منها يشد بكتف الآخر؛ وكان ذلك التوالي في الحوادث ينبئ بأن شيئا جديدا يتهيأ للحصول.

ففي شهر نوفمبر من عام 1977، وقبل شهر من بداية العام التالي الذي سوف تشتد فيه الانتفاضة في الشارع الإيراني، اختار الرئيس المصري محمد أنور السادات أن يُدخل تغييرا واسعا على التاريخ الإسلامي منذ ظهور الدعوة الإسلامي، وذلك بأن يمشي بقدميه إلى إسرائيل ويدخل الكنيست ويلقي خطابا كله تنازلات عن الحقوق العربية والإسلامية.

لقد كان ذلك تحولا جوهريا عميقا لو نظرنا إليه من قمة التاريخ، بحيث يمكننا أن نرى الضحية وهو يذهب عن طواعية إلى المغتصب ليطلب منه الصفح.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وفي 17 سبتمبر 1978، وتحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية في شخص رئيسها آنذاك جيمي كارتر، سيوقع السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ميناحيم بيغن اتفاقية السلام المسماة “كامب ديفيد”، نسبة إلى اسم ذلك المنتجع الأمريكي الذي وقع فيه الأطراف الثلاثة الاتفاق.

كانت الزيارة ثم الاتفاق في ما بعد بمثابة اختراق عظيم حققته إسرائيل للعالم العربي والإسلامي، عزلت بموجبه مصر ـ وهي دولة محورية ـ عن محيطها العربي والإسلامي، بعد أن اختار الكثير من الزعماء العرب قطع العلاقات مع مصر، ونقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس.

وبعد أقل من عامين سوف يدفع السادات حياته ثمنا للموقف الذي اختاره.

وإذا كنا اليوم نضع مقتل السادات في حادثة المنصة الشهير في السادس من أكتوبر عام 1981 في إطار الدراسات الخاصة بالعنف والتطرف، فإن مقتله آنذاك لم يكن يُنظر إليه إلا باعتباره واحدا من الجرائم السياسية الكثيرة التي حصلت في العالم العربي منذ الحرب العالمية الأولى، كما أن أحدا لم يبك على رحيله من الزعماء العرب.

وبين “كامب ديفيد” ومقتل السادات حصل الغزو السوفياتي لأفغانستان في يناير من عام 1979، لدعم حكومة محمد نجيب الله الشيوعية الموالية لموسكو، بعد العملية الانقلابية المدعومة من أمريكا.

وقد استعدت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية لمواجهة الخطر الشيوعي الجديد، عبر دعم قوات المجاهدين الأفغان وتشجيع الصحوة الإسلامية، التي كانت في عمقها ردا على الشيوعية العالمية أكثر مما كانت تعبيرا عن الرغبة في إحياء الإسلام.

بيد أن الثورة الإيرانية أفسدت مؤقتا المخطط الأمريكي ضد السوفيات، إذ أفقدت واشنطن حليفا قويا ممثلا في شاه إيران الذي كان قد جعل بلده حصنا منيعا في مواجهة الشيوعية في المحيط السوفياتي خلال الحرب الباردة، منذ عام 1955، تاريخ إنشاء “حلف بغداد” أو “حلف السنتو”، الذي كان يتكون من العراق وتركيا وإيران وباكستان إضافة إلى بريطانيا.

الحدث الآخر الذي نضمه إلى قائمة الأحداث الحاسمة التي حصلت دفعة واحدة خلال أقل من ثلاث سنوات، بشكل متزامن مع توتر الأوضاع في إيران التي أدت في النهاية إلى سقوط الشاه، هو حادث اقتحام الحرم المكي في العشرين من نوفمبر من عام 1979، بزعامة جهيمان العتيبي.

ويورد الباحث الفرنسي ريمي لوفو، في مقال نشره عام 1979 في أعقاب تلك الأحداث، إلى وجود عبد الكريم مطيع، مؤسس جماعة الشبيبة الإسلامية المغربية، ضمن الأشخاص الأجانب الذين شاركوا في ذلك الحادث.

وإذا صح الخبر يكون ذلك هو السبب الذي دفع مطيع إلى مغادرة السعودية وقتها والتوجه إلى ليبيا.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 32 قراءة)
.