دموع الرجال

يتحدث المجتمع، في الغالب، عن ظاهرة تعنيف النساء.

تبعا لذلك، يسهل تصديق أي امرأة ادعت أنها تعرضت للعنف؛ لكن هذه الصورة النمطية، التي تجعل من الرجل كائنا ظالما في كل الحالات، لم تعد صحيحة بالتأكيد، فحتى الرجال باتوا يبكون، والتأكيد جاء هذه المرة على لسان مؤسسة رسمية، وبناء على إحصائيات موثوق بها أكدت من خلالها المندوبية السامية للتخطيط أن ما يقرب من ثلث الرجال تعرضوا للعنف الزوجي.

لم تربط المندوبية سالفة الذكر ظاهرة العنف بظاهرة الضرب.

لذلك، لم يتم الحديث عما إذا كان الرجال باتوا يتعرضون للضرب بأدوات الطبخ الحادة أو “الكراطة” أو “الشطابة”.

.

؛ بل إنها فضلت تصنيف العنف إلى أنواع، حيث قالت المندوبية، بناء على نتائج بحث أجري سنة 2019، إن 37 في المائة من الرجال تعرضوا للعنف النفسي خلال الاثني عشر شهرا التي سبقت البحث؛ بينما تعرض 11 في المائة منهم للعنف الجسدي، وعانى 2 في المائة من الرجال من العنف الجنسي، و1 في المائة منهم من العنف الاقتصادي.

.

في جميع الحالات، لا يمكن التعميم، ولا يمكن القول بأن الجنة تحت أقدام الأمهات وفي الوقت نفسه ربط المرأة بتصرفات عنيفة لا رحمة فيها ولا شفقة؛ ولكن الأكيد هو أن نساء اليوم لسن هن نساء الأمس، اللواتي كن يتقبلن بصدر رحب “مغامرات السي سيد وإخوانه”، أضف إلى ذلك الارتباط الوثيق بين انتشار هذه الظاهرة والجهل، والدراسة نفسها تقدم دليلا على أن الجهل ينتهي إلى العنف، بحيث تؤكد أن الأكثر تعليما هم الأكثر تعنيفا.

.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ليس هذا فحسب؛ بل إن الفضاء الزوجي، الذي ظلت الجمعيات الحقوقية تنظر إليه كفضاء لتمترس “الزوج الطائش”، تحول إلى فضاء “أكتر اتساما بالعنف”، بتعبير الدراسة التي أكدت أن 31 في المائة من الرجال تعرضوا للعنف الممارس من لدن الزوجة أو الطليقة أو الخطيبة أو الشريكة الحميمة.

الرجال لا يبكون، ودموع الرجال لا تظهر إلا عندما يتعلق الأمر بحدث جلل؛ لكن ها هم يبكون فعلا، وينشدون الإنصاف، في مواجهة هذا العنف الجديد.

.

ويبقى السبيل الوحيد للخروج من المأزق هو المزيد من الإقبال على التعلم والتربية، ومواكبة الطفرة الحضارية التي يشهدها العالم، وتحسين مستوى العيش، إذ لا يعقل أن يترك العالم كل مشاكله ليتفرغ من أجل تسوية مشاكل العنف بين الرجال والنساء.

.

وفي جميع الحالات، يرجى الانتباه إلى خطر العنف، عند ركوب أي طريق.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 143 قراءة)
.