مسلمو فرنسا.. تضييق ممنهج أم قوانين دولة؟

سلطت حلقة (2021/4/12) من برنامج “للقصة بقية” الضوء على مسلمي فرنسا، في ظل القوانين التي تسعى لفرضها باريس لتعزيز الرقابة على تمويل دور العبادة، ووضع برامج لتنظيم شؤون الديانة الإسلامية.

وتشهد العلاقة بين الجمهورية الفرنسية ذات المبادئ العلمانية ومواطنيها المسلمين فصلا مهما، بعد خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الثاني من أكتوبر/تشرين الثاني 2020 في ضواحي باريس، الذي استهدف فيه ما أسماها "النزعة الانفصالية الإسلاموية"، مشددا على ضرورة التصدي لها، حسب وصفه.

لكن العديد من الصحف الفرنسية رأت في حديث الرئيس استمالة لليمين المتشدد من الناخبين، كون الوقت جاء بعد أسبوع فقط من حادث الطعن الذي نفذه مسلم من أصل باكستاني بالقرب من صحيفة شارلي إيبدو بعد نشرها رسوما مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتقدم ماكرون بخطة شاملة تكافح النزعات الانفصالية من خلال مشروع قانون يهدف إلى تعزيز الرقابة على تمويل دور العبادة، وإعداد برامج لتدريب الأئمة وتنظيم شؤون الديانة الإسلامية.

وأكد عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ أنه تحدث مع الرئيس ماكرون قبل خطاب الثاني من أكتوبر/تشرين الثاني، ودعاه لتجنب الحديث عن النزعة الانفصالية التي تحدث عنها لأن 95% من مسلمي فرنسا مسالمون، ويريدون العيش بسلام، ولا يجب أن يشعروا بالخطر.

وشهدت فترة الثمانينيات من القرن الماضي تطورا في العلاقة بين المسلمين والفرنسيين بعد استقطاب العديد من العمال المسلمين أسرهم إلى فرنسا، مستفيدين من قانون لمّ الشمل الذي أُقر منتصف السبعينيات، وشهدت فرنسا تأسيس اتحاد المؤسسات الإسلامية الفرنسية عام 1983، وضم حينها نحو 200 مؤسسة.

وقال مستشار رئيس مؤسسة مسلمي فرنسا الحاج التهامي ابريز إن فترة الثمانينيات شهدت الكثير من البناء والانتشار للمؤسسات الإسلامية، وتركزت في المقام الأول في تلبية احتياجات المجتمع الفرنسي المسلم المتمثلة في الحاجة التربوية، والحاجة إلى الدعم، ونقل المعرفة الصحيحة للإسلام.

وفرضت فرنسا عام 2003 قرارا يقضي بمنع الرموز الدينية في المدارس العمومية لترسيخ القيم العلمانية، مما أدى إلى انقسام الشارع الفرنسي بين مؤيد للقرار ومعارض له، وانطلقت مظاهرات تندد بالقرار الذي صوّت عليه البرلمان، ليصدر القانون عام 2004.

وتعايش مسلمو فرنسا -البالغ عددهم 5.

5 ملايين نسمة- مع قوانين الجمهورية، غير أن الهجمات الإرهابية التي وقعت عام 2015 أعادت وضع الإسلام والمسلمين تحت الضوء، ورغم الإدانة شديدة اللهجة من المؤسسات الإسلامية، فإن الأحزاب اليمينية استغلت الأحداث وطالبت بفرض رقابة أكثر على المسلمين.

وتعمل الحكومة الفرنسية مؤخرا على قانون تعزيز مبادئ الجمهورية، التي قالت إنه يواجه تعزيز النزعات الانفصالية، ليكشف عن فصل جديد في العلاقة بين فرنسا ومواطنيها المسلمين، وقد حسم القانون بعد تصويت الأغلبية له في الجمعة الوطنية الفرنسية في فبراير/شباط الماضي.

ويرى المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج ديديه ليسكي أن القانون الذي قدمه ماكرون لا يحدد الإسلام بالاسم، كما أن جزءا من اليمين وأحزاب أقصى اليمين يعتبرون القانون غير ملزم بما يكفي تجاه الإسلام، لأنه لا يذكره بالاسم لأن الحكومة الفرنسية لا تريد تصنيف الإسلام كعدو، لكنها في الوقت ذاته تريد فرض قواعد على كل الديانات.

وأضاف أنه لا توجد إسلاموفوبيا في فرنسا، لكن هناك أعمالا عدائية ضد المسلمين، مؤكدا أن أعداد هذه الأعمال قد تراجع بشكل كبير، والتقاليد الفرنسية قائمة على نقد الدين أينما كان.

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 3 سنوات | 10 قراءة)
.