جماعة "تغيرت" تتحدى الإقصاء وتلتمس التنمية بإقليم سيدي إفني

على بعد 63 كيلومترا بالجنوب الشرقي لمدينة تزنيت، تقع جماعة تغيرت التابعة لإقليم سيدي إفني، متمركزة في قلب مرتفعات قبيلة إمجاض، إلى جانب جماعات أنفك وبورطروش وإبضر وسبت النابور.

ووصل عدد سكان تغيرت، حسب إحصاء المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2014، إلى 6606 من السكان، موزعين على 1345 أسرة اختارت غالبيتها سبيل الهجرة الداخلية نحو عدة مدن بحثا عن ظروف عيش أفضل وضمانا لتمدرس جيد للأبناء.

ورغم المجهودات المبذولة قصد تحسين مؤشر التنمية بجماعة تغيرت، فإنها لا تزال بحاجة إلى عمل تشاركي بين مختلف المصالح الخارجية من أجل الدفع بعجلة التنمية نحو الأمام شأنها في ذلك شأن العديد من الجماعات المجاورة، التي تتنفس هواء الإقصاء والإهمال على عدة مستويات.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} شبح الصحة يعتبر القطاع الصحي واحدا من الإكراهات الكبرى التي تعانيها ساكنة تغيرت، حسب ما أورده العديد من المواطنين في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس خلال زيارتها للمنطقة، والذين رسموا صورة قاتمة عن الخدمات الصحية في ظل صمت مطبق لكافة الجهات المسؤولة.

وأوضح المتحدثون أن المركز الصحي بتغيرت لا يرقى إلى مستوى تطلعات الساكنة بالنظر إلى موارده الطبية والبشرية المحدودة، التي لا تتجاوز خدماتها سقف علاجات بسيطة، فيما تجد النساء الحوامل والحالات الخطرة نفسها أمام خيار واحد هو المستشفى الإقليمي لسيدي إفني، الموجود على بعد أزيد من 100 كيلومتر، بعد الرفض الذي أضحى يواجه الحالات القادمة من إمجاض من قبل إدارة مستشفى تزنيت منذ التقسيم الإداري الأخير.

ودعا هؤلاء الجهات المعنية إلى ضرورة تكثيف الجهود قصد بناء مؤسسة صحية متكاملة قادرة على تغطية الخصاص، وتقديم خدمات في المستوى المطلوب لفائدة السكان الذين يعانون بشكل متواصل من شبح التطبيب، خصوصا في فترة الصيف، التي تعرف ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات الناجمة عن لسعات الحشرات السامة.

وأشار المواطنون الذين التقتهم هسبريس إلى أن إمجاض بكاملها لا تتوفر على منتخبين قادرين على الترافع بغيرة وحرقة على الصعيد المركزي، خصوصا أن الذين يمثلون الساكنة في البرلمان لا تربطهم بالمنطقة سوى فترة الاستحقاقات الانتخابية ليعودوا بعد ذلك إلى مقرات عملهم وسكناهم بالرباط والدار البيضاء وكلميم، وفي حوزتهم مقاعد نيابية دون أن يأبهوا نهائيا بمعاناة من منحوهم ثقتهم.

كما نوهت التصريحات ذاتها بالمجتمع المدني وأفراد الجالية بالخارج، ودورهما في تمكين الدواوير بالماء الصالح للشرب، وتزويد الجمعيات المحلية بحافلات النقل المدرسي لما لهذه الأخيرة من بصمة إيجابية في محاربة الهدر ومساعدة المتمدرسين على استئناف مسيرتهم التعلمية.

إكراهات بالجملة وعلى مستوى تدبير الشأن المحلي، أوضح المحفوظ جالي، نائب رئيس تغيرت، أن المجهودات التي يبذلها المجلس الجماعي تبقى دون طموحات الساكنة باستثناء تنزيل بعض المشاريع المبرمجة سابقا كشبكة التطهير السائل، ومشروع تزويد العالم القروي بالماء الشروب، وبناء الثانوية التأهيلية، وتوسيع المركز الصحي، وبرنامج حماية المراكز من الفيضانات.

وأضاف نائب رئيس جماعة تغيرت المنسحب من الأغلبية المسيرة أن الجماعة مازالت تعاني من غياب طرق معبدة تربط الدواوير بالمركز، وهو ما يعيق فك العزلة، إضافة إلى انعدام برنامج لتوسيع شبكة الكهرباء، الشيء الذي جعل فئة كبيرة من المواطنين بدون كهرباء، وكذلك بدون ماء.

وأشار جالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن انعدام تهيئة في المستوى بالمركز يعتبر سببا رئيسيا في ما يعرفه من اكتظاظ، خصوصا يوم انعقاد السوق الأسبوعي، الذي يعرف رواجا كبيرا، فضلا عن الغياب التام للمرافق الثقافية والرياضية.

غياب استراتيجية تنموية وعزا جالي أسباب ضعف تدبير الشأن المحلي إلى غياب رؤية واستراتيجية واضحة لدى المجلس، وانفراد الرئيس بالتسيير والتدبير، وعدم الاعتماد على التواصل والانسجام والمقاربة التشاركية، إلى جانب طغيان الهواجس الانتخابية والحسابات السياسية، وغياب العدالة المجالية في البرامج المسطرة، إضافة إلى “انعدام ترافع قوي وجيد لدى مختلف المصالح والمؤسسات مركزيا وجهويا، خاصة أن دور الدولة يبقى محوريا في تحقيق التنمية على اعتبار مجموعة من الإكراهات التي تفوق إمكانيات المجلس كضعف الموارد وغياب العقار والافتقار إلى نخب محلية قادرة على صنع التنمية”، يضيف جالي.

وأكد المتحدث ذاته أن تطور الوضع التنموي بتغيرت رهين بتوفر منتخبيها على روح المواطنة  إرادة سياسية مقرونة بالتكوين والتجربة السياسية، فضلا عن الإنصات إلى الشارع، والتواصل مع كل الفعاليات المحلية، وضرورة إعداد برامج تراعي خصوصيات وحاجات المنطقة، والترافع الجيد بشأنها.

الرئيس يوضح وفي توضيح له بخصوص الإكراهات التي تعانيها تغيرت، قال رئيس المجلس الجماعي عمر أمهزول إن مجهودا كبيرا قامت به كلا من جماعة آيت الرخاء وسيدي عبد الله أوبلعيد والجماعات الخمس التابعة لمنطقة إمجاض لإنجاز مستشفى القرب، وتجاوز إشكال الخدمات الصحية، غير أن الوزارة الوصية برمجت المشروع بالأخصاص، مشيرا إلى أن المصالح الجماعية ترافعت من أجل توسيع دار الولادة وتجهيزها، إلا أن مشكل انعدام طبيب قار بالمنطقة مازال قائما إلى حدود الساعة.

وفيما يتعلق بالطرق، أوضح أمهزول أن المجلس الجماعي تمكن من إنجاز مجموعة من المشاريع المهمة خلال هذه الولاية، على رأسها طرق أضرضار بأكثر من مليار ونصف، وإد داود تفو نرى، وطريق تغيرت أفا إنفلاس عبر إد بيوكار، وطريق  إكجكال عبر امي وكني جماعة سيدي عبد الله أوبلعيد، وطريق إد الحسن أوعمر عبر أفا إكرامن، إضافة إلى الطرق المؤدية إلى دواوير إد حمايد وتكنيت وأضرضورن وبوتزنيرت، كما تم إعطاء صفقة إنشاء مجموعة 10 مسالك طرقية بالجماعة.

“وبخصوص قطاع الماء تم تزويد أزيد من 47 دوارا بكل من إد بنيران وإد الحاج عم واموحدي وإد الحسن أوعمر بالماء الصالح للشرب، إضافة إلى تزويد المركز وجميع الدواوير بهذه المادة عن طريق مشروع تجاوزت كلفته الإجمالية أكثر من 4 مليارات كثمرة اتفاقية شراكة مع المكتب الوطني للقطاع، والذي ساهمنا فيه كجماعة بمبلغ 600 مليون سنتيم، إلى جانب ربط دوار بوالجير بالكهرباء، وإنجاز الدراسة التقنية للمنازل الهامشية بالمركز والدواوير التابعة للجماعة”، يقول رئيس جماعة تغيرت في تصريح لهسبريس الإلكترونية.

وتابع المتحدث ذاته قائلا: “أما بالنسبة لمشاريع البيئة والبنية التحتية، فقد قمنا بإنجاز شبكة التطهير السائل في شطره الأول بأكثر من 800 مليون سنتيم، إضافة إلى الشطر الثاني بتكلفة مالية تقدر بحوالي 200 مليون سنتيم، ومازالت أشغاله مستمرة إلى حدود اليوم، فضلا عن اقتناء مجموعة من الآليات المستعملة في جمع النفايات، وإفراغ المطمورات، وصيانة الإنارة العمومية، وحاويات للنظافة، وغيرها من المعدات اللوجستيكية”.

ونفى أمهزول أن يكون هناك أي هاجس انتخابي أو انفرادية أو عدم التواصل في تدبير الشأن المحلي بجماعة تغيرت، مشيرا إلى أن المجلس يسير وفق برنامج عمل تم التصويت عليه بإجماع الأعضاء، ويطبق في جميع تراب الجماعة حسب الاولويات.

وأضاف أن أبواب الإدارة الجماعية مفتوحة لمختلف شرائح المواطنين أسوة بأشغال الدورات، وهو ما يزكيه الإجماع في اتخاذ القرارات، وتحقيق مجموعة من الإنجازات في ظرف وجيز.

وأكد المسؤول الجماعي ذاته أن أغلبية المشاريع المنجزة بتراب تغيرت تمت بشراكة مع المصالح الخارجية بعد ترافع جيد، غير أن المجلس الإقليمي لسيدي إفني والجهوي لكلميم واد نون لم تستفد منهما الجماعة من أي مشروع، باستثناء الإنارة العمومية، وتزويد دوار واحد بالماء الشروب بعد برمجته من طرف المجلس الإقليمي السابق.

وأرجع أمهزول الجمود الذي يعرفه قطاع الشباب والرياضة، رغم قرب إنجاز ملعب بمنطقة أريون، إلى الشح الذي تعرفه تغيرت على مستوى الوعاء العقاري، مشيرا إلى أنه السبب المباشر في توقف اتفاقية بين الجماعة ووزارة الثقافة قصد بناء دار الثقافة وكذا الملعب الكبير الذي لم يخرج إلى حيز الوجود رغم موافقة الوزارة الوصية.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 17 قراءة)
.