الفخفاخ واعلى درجات العبث بالدولة

الفخفاخ واعلى درجات العبث بالدولة

                                                                                                                                                                                                                                         شكرا على الإبلاغ!سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.

موافق الفخفاخ واعلى درجات العبث بالدولة نشر في يوم 14 - 07 - 2020 بقلم: شكري بن عيسى (*)لم تعرف الدولة تقريبا منذ القرن التاسع عشر مع مصطفى خزندار ومصطفى بن اسماعيل، عبثا مثل الذي تعرفه اليوم مع الفخفاخ حيث تصل على اعتاب الانهيار الشامل، بسقوط كل المرجعيات والاعتبارات المحددة لسير الدولة، وتصاعد اعتبار الشخص على حساب ناموس المؤسسات والقانون.

فحتى في زمن انهيار سلطة الدولة اواخر عهد بورقيبة بقي للدولة بعض هيبة، وكذلك في عهد المخلوع في قمة الدكتاتورية والفساد، لم تصل الدولة على حافة الانهيار العميق، ولم يحصل ان تصل الامور للغرق، ليخرج المتسبب الاول في الانهيار، ويعلن عدم تسليم ما بقي من مؤسسات متداعية، لانقاذ ما يمكن انقاذه حتى يأخذنا الطوفان.

ادانات من كل الاتجاهات، سياسية واخلاقية وقانونية واعلامية ومدنية، في انتظار ادانات قادمة قضائية وبرلمانية ورقابية، ومع ذلك دون حياء ولا اختشاء، يطل علينا ساكن القصبة الفائز بصفقة ال44 مليارا، ليدعي انه المنقذ الاكبر للبلد، والاحرص على "المصلحة العليا للبلد"، التي لن تتحقق بدونه.

تهديدات امنية على حدودنا الليبية في وضع متفجّر لا سابق له، وتفجر اجتماعي في الكامور حيث التهديد صار نافذا بمغادرة الاهالي الحدود او شل نشاط الشركات البترولية، ونفس الشيء في الحوض المنجمي ومع حاملي شهادات الدكتوراه المعطلين، دون نسيان القنبلة المتفجرة لعمال الحضائر، التي لا احد يمكنه تقدير خطورتها ومداها، ومع ذلك في ظل تفتت كامل للسياج السياسي للحكومة، صاحب فضيحة الصفقات يقرر الهروب الى الامام، واعتقال البلاد في مربع نزواته ومصالحه في اتجاه اسقاط السقف على الجميع.

بفضيحة مجلجلة تحيلنا للحقبة السوداء غداة تسليم البلاد للمحتل الفرنسي سنة 1881، وانهيار اقتصادي مربك مع استمرار ارتدادات جائحة الكورونا، يتمترس الفخفاخ في كرسي القصبة متحديا كل الضوابط، حيث المشروعية السياسية وصلت القاع، بنسبة ثقة من انحدرت الى اعتاب ال2% في استبيان "سيغما كونساي" المنشور اليوم، وبعجز كامل عن تحصيل اغلبية برلمانية مطلقة (109)، تهرّب من طلبها وفقا للفصل 98 فقرة 2 للدستور لمعرفته بالفشل المسبق في تحصيلها.

ولا ندري الحقيقة (وان كنا نعلم اننا على حافة الهاوية) الحجم والمستوى للدمار القادم، وقد نكّس علم بين كل البلدان، ولطّخ صورتها بفضيحته المدوية، ومع ذلك لازال متمسمرا في مكانه دون رأفة بهذا البلد وشعبه، لازال "متمسمرا" وهو العالم ان لا بلد يمكنه استقباله، ولا رئيس او رئيس حكومة يمكنه استقباله وهو في تلك الوضعية، ما يعطّل بالكامل مصالحنا الاقتصادية والسياسية مع العالم.

وليس ذلك فحسب فالصناديق والمؤسسات الدولية المانحة لن تقبل بالتعامل المالي، مع بلد تصل مخاطره الى درجة الافلاس، ولا يتوفر فيه الحد الادنى للاستقرار السياسي، بل ان الاستقرار الاجتماعي والجهوي صار غير ممكن، ويمكن للجميع حينها معرفة نوايا الاستثمار التي ستنهار للاسفل، فكل مسوحات المعهد الوطني للاحصاء والمعهد للدراسات الكمية ودوينغ بيزنس، تضع الاستقرار الاجتماعي والامني فضلا عن الشفافية على رأس محددات الاستثمار، وطبعا خسائر مواطن الشغل ستكون حينها مضاعفة.

النمو الذي سينزل الى ما تحت 6 ٪؜ سلبي، وعجز الميزانية الذي سيتعدى حاجز 7%، مثلما اعلن ذلك وزير المالية هذا الاسبوع، والارتدادات الخطيرة المنتظرة على التوازنات المالية، والتشغيل والهشاشة الاجتماعية والجهات المسحوقة فضلا عن العملة الوطنية والتضخم، لن تكون اثارها ظرفية بل ستكون بنيوية-هيكلية وارتداداتها ستكون طويلة المدى.

طبعا هذا الراي لا يعتقد في وجود مخارج وحلول لدى الطرف المقابل، او ان منظومة انتخابات 2019 لازالت تحتوي موارد سياسية لضمان الحد الادنى، بل الارجح انها استنفذت كل مواردها ومشروعياتها المتآكلة رأسا، فكل الموارد القيمية والسياسية والقانونية والمؤسساتية استنزفت تقريبا، والمشهد بطبيعته على رأس .

ولكن الفخفاخ اوصل الدمار الى منتهاه، في وقت لم يعد ثمة مجال للتراخي او التلاعب، لكن صاحب الفضيحة الكبرى يتصرّف بمنطق العبث والهلاك، دون اعتبار لاي شيء وبكل استهتار، راكبا صهوة الفراغ ويبدو انه لن يأبه بالمخاطر الا لما يسقط السقف على الجميع، او يتحرك القضاء بالسرعة والنجاعة المطلوبة للتصرف بالشكل المطلوب، حيث ازكمت رائحة الفساد كل الانوف في مملكة.

.

الدنمارك !!(*) باحث في الفلسفة السياسية انقر لقراءة الخبر من مصدره.

مواضيع ذات صلة لدينا 83560549 خبرا ومقالا مفهرسا.

تونس      |      المصدر: تورس    (منذ: 4 سنوات | 28 قراءة)
.