السوق النفطية تترقب اجتماع المنتجين غدا .. وإنعاش الأسعار مرهون بتحمل مشترك لأعباء الخفض

هبطت أسعار النفط أمس، متأثرة بتضخم في إمدادات الخام وطلب ضعيف على الوقود بسبب جائحة فيروس كورونا، وضعف الطلب العالمي، الناجم عن تصاعد حدة أزمة فيروس كورونا حول العالم.

ويواجه الاقتصاد العالمي موجة غير مسبوقة من ضغوط الركود والانكماش من جراء الجائحة وهو ما يفرض كثيرا من الأعباء على المنتجين في الاجتماع المقبل، للتوصل إلى حجم خفض الإنتاج المؤثر، الذي يمكن من تحسين معنويات السوق والدفع في اتجاه علاج الخلل بين العرض والطلب واستعادة التوازن والاستقرار النسبيين في الأسواق.

وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون "إن الأسبوع الجاري، هو أسبوع مفصلي حيث يترقب العالم نتائج مشاورات المنتجين في اجتماع استثنائي لتحالف "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا ويهدف إلى وقف انهيار أسعار النفط"، مبينين أن المنتجين يسعون إلى عدم تكرار سيناريو الشهر الماضي وإحراز تقدم مؤثر يعين الاقتصاد العالمي على تجاوز التبعات الكارثية لجائحة كورونا.

وأوضح المختصون أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى مزيد من تضامن المنتجين وليس تبادل الاتهامات، مشددين على ضرورة بلورة رؤى مشتركة وخطط عمل مؤثرة تساعد على انتشال الصناعة والسوق من هذه الأزمة الطارئة.

وأكد سيفين شيميل؛ مدير شركة "في جي آندستري" الألمانية، أن "أوبك" على قناعة تامة وعمل دؤوب منذ بدء الشراكة مع دول خارج "أوبك"، بأن الأزمات لن يتم اجتيازها إلا بالمسؤولية والعمل المشترك لكل الأطراف، خاصة أن المؤشرات الاقتصادية سلبية وليست في مصلحة أحد، فمنذ تعثر التوافق في تحالف "أوبك+" في أوائل آذار (مارس) الماضي تراجعت العقود الآجلة للنفط الخام إلى أدنى مستوياتها في 18 عاما وهو أمر كارثي للاستثمار ولاستمرارية قطاع غير صغير من الشركات.

وذكر أن سوق النفط الخام تواجه خللا في العلاقة بين العرض والطلب، حيث يتزامن العرض الوفير والمتخم مع جائحة كورونا التي أدت إلى خفض الطلب العالمي بنحو الثلث، موضحا أن الأسعار انتعشت إلى حد ما بسبب ترقب مفاوضات المنتجين، لكن لا يزال المنتجون يواجهون مخاطر واسعة متمثلة في ارتفاع المخزونات ووصولها إلى مرحلة التشبع الكامل، واستنفاد جميع القدرات، إضافة إلى احتمال إغلاق عديد من الآبار.

من جانبه، أكد روبين نوبل؛ مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن الاجتماع المرتقب لتحالف "أوبك+" أمر إيجابي في قبول المنتجين بالعودة إلى مائدة المفاوضات مع مؤشرات أولية على الحد من حرب الأسعار، لكن تبقى حقيقة أن الاتفاق بين القوى النفطية العالمية ليس مؤكدا خاصة أن وضع السوق العالمية معقد في ضوء تصاعد أزمة جائحة كورونا.

وأشار إلى أن مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات تعد أمرا ضروريا وحيويا وستسهل الطريق بالفعل نحو الوصول إلى اتفاق، على الرغم من أن الإدارة الأمريكية لا تملك توجيه شركات النفط في الولايات المتحدة، خاصة في قطاع النفط الصخري.

وذكر أن أن تأجيل السعودية إصدار قائمة أسعار النفط الشهرية التي تتم مراقبتها من كثب حتى وقت لاحق من هذا الأسبوع يعكس اهتمام السعودية بالاجتماع المرتقب ورغبتها القوية في نجاحه ووصوله إلى قرارات مهمة ومعززة لاستقرار السوق.

من ناحيته، قال ماركوس كروج؛ كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن السعودية قدمت كثيرا إلى السوق وتحملت النصيب الأكبر من التخفيضات الإنتاجية على مدار أربعة أعوام، منذ انطلاق التعاون مع دول خارج "أوبك"، مشيرا إلى أن هذه المرة على الأرجح ستطالب السعودية جميع المنتجين بتحمل أعباء مشتركة ومتقاربة حتى تتحقق الاستمرارية في الشراكة بين المنتجين ويتم التغلب على تداعيات الجائحة الواسعة التي تفوق قدرات أي دولة بمفردها.

وذكر أنه منذ تعثر تمديد خفض إنتاج "أوبك" في آذار (مارس) الماضي يركز تحالف "أوبك+" على الدفاع عن الحصص السوقية وهو ما أدى إلى زيادة الإنتاج.

وأوضح أن التقديرات الأولية تشير إلى اشتراط روسيا انضمام الولايات المتحدة في أي صفقة جديدة لخفض الإنتاج، بينما تهدد واشنطن بفرض تعريفات في حال استمرار تهاوي الأسعار، مبينا أن التوقعات تذهب إلى خفض إنتاج النفط العالمي بنحو عشرة ملايين برميل يوميا بمشاركة جماعية.

بدورها، أكدت مواهي كواسي؛ العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، أن الولايات المتحدة حتى الآن ليست مستعدة للانخراط بشكل كامل في تخفيضات الإنتاج المقترحة، مشيرة إلى أن أغلب الدوائر الاقتصادية تتوقع أن يتوصل الحلفاء السابقون إلى اتفاق بشأن خفض الإنتاج في ظل الضغوط الراهنة.

وذكرت أن "أوبك+" في حال إنجازها الاتفاق المرتقب سيكون ذلك داعما للسوق على نحو كبير وسيمكن من تفادي أزمة استمرار حرب أسعار النفط العالمية، مبينة أن منتجين آخرين مثل كندا والبرازيل والنرويج يمكن أن يقدموا مساهمات جيدة في الصفقة المرتقبة.

ولفتت إلى أن جميع المنتجين يدركون حاليا أنهم في القارب نفسه ويجب أن يتعاونوا لتحقيق أهدافهم المشتركة.

وفيما يخص الأسعار، هبط النفط أمس، متأثراً بتضخم في إمدادات الخام وطلب ضعيف على الوقود بسبب جائحة فيروس كورونا، بينما يتزايد أيضا حذر المستثمرين بشأن توقعات بأن أكبر المنتجين في العالم سيتفقون سريعا على تخفيضات في الإمدادات.

وأنهت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 2.

45 دولار، أو 9.

4 في المائة، لتسجل عند التسوية 23.

63 دولار للبرميل.

وأغلقت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت منخفضة 1.

18 دولار، أو 3.

6 في المائة، إلى 31.

87 دولار للبرميل.

وتسارعت وتيرة الهبوط قبل تقارير أسبوعية بشأن المخزونات البترولية الأمريكية يتوقع محللون أن تظهر زيادة قدرها 9.

3 مليون برميل في مخزون النفط الخام وقفزة في مخزونات المنتجات المكررة.

ويعتزم أكبر موردي الخام في العالم، ومن بينهم السعودية وروسيا، الاجتماع يوم الخميس؛ لمناقشة خفض الانتاج، لكن مصادر أبلغت "رويترز" أن بضعة وزراء قالوا إنهم لن يفعل هذا إلا إذا انضمت الولايات المتحدة الى التخفيضات.

وقال جين مكجيليان؛ نائب رئيس بحوث السوق في «تراديشن إنريجي» في ستامفورد "السوق تشير إلى أنها تريد مزيدا من التأكيد بشأن هل سيبرم الروس والسعوديون اتفاقا لتقييد المعروض؟".

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس، إن انتاج النفط الخام في الولايات المتحدة من المتوقع أن يهبط بمقدار 470 ألف برميل يوميا في 2020 بينما من المنتظر أن ينخفض الطلب بنحو 1.

3 مليون برميل يوميا.

وأضافت أن استهلاك البنزين في أمريكا سيصل إلى بعض من أدنى المستويات في 20 عاما في الربع الثاني من 2020.

وتراجعت أسعار النفط بشكل حاد أمس الأول إثر تأجيل الاجتماع للاتفاق على خفض الإنتاج حتى يوم الخميس.

وخفضت منظمة الدول المصدرة للنفط ودول منتجة أخرى مثل روسيا، في إطار التجمع المعروف باسم "أوبك+"، الإنتاج في الأعوام الماضية في ظل توسع سريع في إنتاج الخام في الولايات المتحدة، وضعها في المرتبة الأولى كأكبر منتج للنفط في العالم.

وثمة تساؤلات بخصوص انضمام الولايات المتحدة إلى أي خفض منسق للإنتاج.

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ أمس الأول "إن "أوبك" لم تضغط عليه ليطلب من منتجي النفط في الولايات المتحدة خفض إنتاجهم لدعم أسعار الخام العالمية"، لكنه أشار إلى أن إنتاج النفط الأمريكي انخفض بالفعل على أي حال بسبب تراجع الأسعار.

وأضاف في إفادة صحافية في وقت متأخر من مساء الإثنين "أعتقد أن الأمر يحدث تلقائيا، لكن لم يطلب مني أحد ذلك وسنرى ما سيحدث".

وأظهر أحدث مسح أن الركود العالمي الذي يقول اقتصاديون في استطلاع لـ"رويترز" إنه بدأ في الظهور سيكون أشد على الأرجح مما كان متوقعا قبل بضعة أسابيع بسبب الجائحة.

وقالت "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة "نتوقع أن تظل أسعار الطاقة عند المستويات الحالية لحين تعافي الأنشطة الاقتصادية".

من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 23.

48 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 23.

01 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أمس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 22.

61 دولار للبرميل".

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 4 سنوات | 10 قراءة)
.